viernes, 30 de septiembre de 2011

هذا بيان للناس


هذا بيان للناس

مُقدمة :
لم نكن في يوم من الأيام ممن يصدر عنهم بيان عن الصعوبات والمشاكل التي تكتنف العمل الإسلامي المنظم في إسبانيا ..

كما لم نكن نحسب أن ندفع مضطرين لبيان بعض التفاصيل التي تمت مباشرة بهذا الموضوع .. ليقيننا بأن العمل الدؤوب الصابر والجاد هو خير وسيلة تُعرف الناس بالعمل والعاملين ، وتدحض الافتراءات وأكاذيب المغرضين والمبهتين .

على هذا دأبنا نعمل وهكذا عرفنا كل من عاصر بدايات هذا العمل وتطوره في إسبانيا .
ولكننا اليوم ، وقد تطورت وسائل الإعلام والاتصال الاجتماعي – نجد أنفسنا مجبرين على تبيان العديد من الأمور التي بهتنا بها آخرون ، ونشروا أكاذيبهم وافتراءاتهم دون وازع من ضمير يمليه الدين الحنيف والخلق القويم ..

ونظراً لنمو عدد المسلمين وأصبحت جماعتهم مترامية الأطراف في كل أرجاء إسبانيا ، وكثير منهم حديث عهد بهذه البلاد انضووا تحت جناح الجماعة المسلمة في إسبانيا ، فقد وجدت بعض هذه الافتراءات والأكاذيب صدى عند بعض المسلمين ، وخاصة أنه لم ينشر ما يدحضها على مدى الأعوام الطويلة المنصرمة .
لذا وجب علينا أن نوضح كثيراً من النقاط التي التبست على الناس ، وصدقها بعضهم على مضض وكذّبها آخرون دون معرفة الدليل على ذلك .

نفعل ذلك والأسى يعتصر قلوبنا لما آل إليه حال بعض المسلمين ، الذين يعطون صورة للإسلام والمسلمين لا تليق بمكانة ديننا ولا تعين المسلمين على الوفاء بحق الدعوة في بلاد الغرب بل تؤذي وتشوه سمعة الإسلام والمسلمين في هذا البلد .

نفعل ذلك ولنا في قوله تعالى : (لَّا يُحِب الْلَّه الْجَهْر بِالْسُّوءِ مِن الْقَوْل ، إِلَا مَن ظُلِم )      " سورة النساء : 148 "  نِعم السلوى ونِعم العزاء .

نبذة تاريخية :

لقد سعت الجمعية الإسلامية في إسبانيا ، منذ قيامها على التزام العمل الهادئ الصامت المحتسب ، فكانت تعمل بجد ومثابرة على خدمة الإسلام والمسلمين في هذا البلد -  إسبانيا – دون الالتفاف للمواقف المثبطة والتصرفات غير المتزنة التي كانت تصدر عن بعض المسلمين هنا وهناك ، كما لم تدخل في أي صراع دنيوي مع أحد .

كان هذا هو النهج الذي جعل الجمعية الاسلامية في إسبانيا النبتة الطيبة التي أسست على التقوى والصلاح وعملت بمقتضاهما على مدى السنين والأيام .

وبعد الحصول على الترخيص الرسمي كأول مؤسسة إسلامية على مستوى إسبانيا في آذار / مارس 1971 ، بدأت تنتشر فروعها في غرناطة وبلنسية وسرقسطة وسنتندير وأستورياس وغاليثيا ثم أليكانتى وبرشلونة وسبتة ومليلة وباداخوث .. وكثير غيرها ..

ومضت الأعوام الطويلة ولم تكن هناك مؤسسة إسلامية على المستوى الاسباني سواها ، ونظراً لصدور قانون الحرية الدينية في عام 1980 واتخاذ الدولة الاسبانية لشكل إداري جديد ، اجتمعت الجمعية العمومية للجمعية الاسلامية في نفس العام ، وقررت اعتبار الجمعية نواة لاتحاد يضم الجمعيات المنتمية إليه ، تتمتع بالإدارة الذاتية ، وتعمل في نطاق المحافظة التي تنشط فيها ، ويربطها ببعضها مجلس شورى الاتحاد الذي يمثل أعلى سلطة فيها ، وأطلق على التشكيل الجديد إسم " اتحاد الجمعيات الاسلامية في إسبانيا " .

وقد ظهر فجأة وبدون مقدمات منطقية ، وعلى مدى سنوات قليلة ، عدد من الجمعيات في جنوب إسبانيا ، نجمت عن اختلافات داخلية بين أعضاء ( جمعية العودة الاسلامية ) في مدينة غرناطة بسب مطامح ومطامع شخصية ومادية .

خلال الأعوام التالية لتأسيس الاتحاد ، بدأ السعي حثيثاً للاعتراف الرسمي بالإسلام في إسبانيا ، كخطوة أساسية لا بدّ منها لتوقيع اتفاق تعاون مع الدولة الاسبانية ، كما ينص على ذلك قانون الحرية الدينية .

وبالفعل فقد قدمت الجمعية الاسلامية في إسبانيا في نيسان / أبريل من عام 1989 ، طلباً رسمياً لوزارة العدل الاسبانية للقيام بالاجراءات القانونية الكفيلة بإعلان الهيئة الاستشارية للحرية الاسلامية ، ( الإسلام : ديناً واضح الوجود والجذور في المجتمع الاسباني ) ، ودعت المؤسسات الاسلامية القليلة الموجودة آنئذ والمسجلة في سجل الهيئات الدينية بوزارة العدل لتأييد هذا المطلب .

وبالفعل فقد لبت الهيئة الاستشارية ، الطلب وعقدت اجتماعات عدة لمناقشته بعد تكليف بعض أعضائها بتقديم دراسة ضافية عن الواقع الإسلامي في إسبانيا .

وبالفعل فقد صدر الاعلان الرسمي بإجماع أعضاء الهيئة الاستشارية بأن ( الإسلام واضح الوجود والجذور في المجتمع الاسباني ) وذلك بتاريخ 14 تموز / يوليو من عام 1989 .

وجاء في نفس القرار بأنه لا يمكن البدء بالمفاوضات مع كل جهة إسلامية على حِدة ، وأنه لا بدّ من وجود تمثيل مُوَحد للمسلمين في إسبانيا يضم الراغبين بعقد هذا الاتفاق مع الدولة الاسبانية .

وعملت الجمعية على تسجيل الاتحاد مراراً ، ولكن في هذه الفترة كان الأمر ملحاً لتكوين هيئة تمثيلية وحيدة ، فدعت سائر الجمعيات الراغبة بذلك للانضمام إليه ، وجددت طلب التسجيل ولكن الصمت كان الجواب على مدى شهور طويلة .   


                                                                                رياج ططري

هيا وعبد الرحمن

هيا وعبد الرحمن
                                                                                    
عندما حطت بنا الطائرة في مطار الدوحة الدولي ، لنبدأ رحلة فريدة من نوعها .. هدفها الوحيد دعم مشروع بناء مسجد مدريد الأول في العاصمة الاسبانية .

ومن الأمور التي حفرت رسمها في الذاكرة ، أن دعينا لإفطار في بيت أخ كريم هو الأخ المهندس محمد سعود الدليمي .. وكان وجودنا في قطر في شهر رمضان المبارك ، ونزلنا ضيوفاً على الشيخ اسماعيل غريب الكيلاني ..

قبل أن نغادر البيت مودعين شاكرين لأهله حفاوتهم واهتمامهم بل ودعمهم لنا – فقد كان الأخ محمد الدليمي يصحبنا في كل زيارة نقوم بها لأهل الخير ويروي لهم قصته حيث كان بزيارة لمدينة مدريد ، وصلى معنا – وما كنا نعرفه – صلاة التراويح وسمع نقد الجيران لنا لأننا نرفع صوتنا في قراءة القرآن الكريم بل وصراخهم المحتج علينا .

فكان يردد هذه الحادثة التي تركت في ذاكرته ندوباً ، ويلح على ضرورة بناء مسجد في مدريد ليسلم المسلمون من صنوف الإزعاج والأذى ، وليستطيعوا أداء الشعائر الاسلامية براحة وهدوء .

قلت استوقفني الأخ المهندس قليلاً وإذا بفتاة دون الرابعة وفتى يكبرها بعام أو أكثر بقليل .. وقال هذان هيا وعبد الرحمن أبنائي يريدان المساهمة في بناء مسجد أبي بكر الصديق  بمدريد .

وكانت المفاجأة أن أخرجا حصالتا نقودهما وأفرغاهما في يدي ، فما كان مني إلا أن أخذت أعانقهما وأقبلهما لهذه البادرة الطيبة التي تدل على المنبت الأصيل والتربية الفاضلة لهما في بيت عرف بالتدين والبذل والعطاء .كانت كلماتهما قليلة – هذه حق مسجد مدريد – أي أن النقود لصالح بناء مسجد مدريد . شكرتهما والدموع تنهمر من الإعجاب والفرح .

دارت الأيام ، ورُفع الأذان في مسجد مدريد ، ولم أعد إلى قطر إلا من عامين ، فالتقيت الأخ المهندس محمد وأول ما سألته عن هيا  وعبد الرحمن ..

فأخبرني بأنهما تزوجا وعرفني بزوج هيا الذي كان من استقبلنا عند دخول بيته .
وبعدها دخل عبد الرحمن شاباً مليئاً بالحيوية والنضارة ، فذكرته بالحادثة فذكرها ، وهو يبتسم ابتسامة السعادة والرضا ممزوجة بالحياء والرزانة .. وما فارقني في مجلس والده حتى غادرت البيت . 

   رياج ططري  

lunes, 19 de septiembre de 2011

المدرسة التكميلية


العام الدراسي الجديد
في المدرسة التكميلية العربية الإسلامية بمدريد


عندما بدأ أطفال المسلمين ينمون ويترعرعون في مطلع الثمانينات من القرن الماضي .. هبّ عدد من الإخوة بالأخذ بزمام المبادرة وأسسوا نواة مدرسة لتعليم اللغة العربية ومبادئ الدين الحنيف .

جاءت هذه الخطوة في حضن الجمعية الاسلامية في إسبانيا ، حيث كان المسجد الصغير يتحول إلى مدرسة صباح السبت والأحد من كل أسبوع فتوضع الكراسي والطاولات ولوح التدريس ويبدأ العمل خلال ساعات الصباح من هذين اليومين .

وشاء الله سبحانه وتعالى ، أن تأتي هذه المبادرة مع صدور قانون الحرية الدينية عام 1980 ، وكذلك قيام اتحاد الجمعيات الاسلامية في إسبانيا بنفس العام .

بدأت " المدرسة التكميلية العربية الاسلامية بمدريد " التي تدخل عقدها الرابع من حياتها المديدة إن شاء الله ، وقد أسست مسيرتها في العام الدراسي 1980/1981 ، بتسعة أطفال ومدرس واحد فقط في مقر الجمعية الاسلامية في شارع فرانكوس رودريغيث رقم 64 .

وبعد أن بني المسجد الأول في العاصمة الاسبانية في شارع أناستاسيو إيرّيرو رقم 5 ، قفزت المدرسة قفزة نوعية عام 1988/1989 حيث توفر لها العدد المناسب من الصفوف الدراسية وتهيأ الوسط المناسب للطلبة فتجاوز عددهم في عام افتتاح المسجد الـ 150 طفلاً .

وهذا العام الدراسي 2011/2012 يبدأ بعدد يقارب الأربعمائة طفل ، تتراوح أعمارهم بين الخامسة والثامنة عشرة ، يتوزعون على عشر مستويات دراسية ، ويضم بعضها عدة صفوف في المستوى الواحد .. وخاصة في المستويات الأولى مع فريق من المعلمين والمعلمات مكون من ثلاثين فرداً . الدوام في المدرسة ينقسم إلى قسمين صباحي من العاشرة وحتى الثانية ظهراً ، ومسائي من الرابعة مساءً وحتى الثامنة . ويداوم الطلبة في أحد الدوامين حسب المستوى والعمر .

وقد انتقلت هذه التجربة الرائدة ، التي توفر لأبنائنا المعرفة الكافية باللغة العربية وبمبادئ الدين الإسلامي ، حيث يزود الطلبة بالمقررات الحديثة التي تراعي قدرة الطفل الاستيعابية حسب عمره ومدى إدراكه لمبادئ اللغة العربية .

انتقلت هذه التجربة إلى مدن عديدة ، وفي بعض هذه كَبلنسيَة وسرقسطة اتخذت مبنى مستقلاً ليفي بالدور الريادي الذي تضطلع به الجمعيات المنتشرة في سائر التراب الاسباني .

وأما الجمعيات الناشئة فقد اكتفت بالصفوف الدراسية في المساجد حيث يشرف عليها أئمة المساجد ومن يساعدهم ممن لديه الخبرة والدراية ، يُدرسون فيها أبناء المسلمين في البلد الذي هم فيه ، االلغة العربية وتحفيظ القرآن الكريم .

ويبدأ هذا العام الدراسي 2011/2012 في أول تشرين الأول / أكتوبر وينتهي في حزيران / يونيو من العام القادم .

ونغتنم هذه المناسبة لنتوجه بالشكر العميم والتقدير الكبير للذين بذلوا الجهد والصبر الدائمين حتى أخذت هذه المبادرة مكانها ، وسدت الفراغ – نسبياً – بخصوص تدريس اللغة العربية والتربية الاسلامية ، لأطفالنا الذين يدرسون في المدارس الإسبانية .

كما لا ننسى شكر الآباء والأمهات الذين يبذلون الوقت والجهد لإحضار أولادهم ومرافقتهم وتشجيعهم على الاستمرار بتلقي هاتين المادتين بغية الحفاظ على صلتهم بلغة القرآن وبدينهم والتي تحفظ عليهم هويتهم .ونتوجه إليهم بمواصلة الجهد والتضحية لكي يجنوا ثمار تعبهم بعون الله .

ونحب أن نلفت النظر  للدور الكبير الذي تقوم به اللغات في حياة أبنائنا ومستقبلهم الثقافي والمهني ، وقليل من التبصر بأوضاع من شقوا سبيلهم في مختلف مجالات الحياة ، كيف أدى معرفتهم للغات من القبول لهم بل والامتياز الذي حصلوا عليه لأنهم يتقنون اللغات وخاصة العربية .

                                                                                 رياج ططري


viernes, 16 de septiembre de 2011

الهيئة الاستشارية


الهيئة الاستشارية للحرية الدينية

أنشأت الدولة الاسبانية ، إثر إصدار قانون الحرية الدينية عام 1980 ، جهازاً استشارياً مساعداً لوزارة العدل للعناية بالحرية الدينية في إسبانيا وحماية تطبيقها في المجتمع الاسباني .

تتكون هذه الهيئة من ممثلي الأديان المعترف بها من قبل الحكومة الاسبانية، ومن خبراء بصفتهم الشخصية والمهنية لمعرفتهم في المجالات ذات الصلة بموضوع الحرية الدينية ، وكذلك من ممثلي الوزارات التي تمت بعلاقة مباشرة بهذا الشأن .

وكان عدد الممثلين في هذه الهيئة واحد وعشرون عضواً ، سبعة منهم لكل قسم من الأقسام المذكورة آنفاً .
وممثلو الأديان فيها كانوا على الشكل التالي 3 للدين الكاثوليكي ، وواحد لكل من الإسلام والبروتستانتية واليهودية والأرثوذكسية .

ثم يرأس هذه الهيئة مدير الشؤون الدينية ولها أمين يعمل للدعوة للدعوة إليها وكتابة محاضر لقاءاتها .
منذ سنوات وسعت هذه اللجنة ليصبح عددها 27 عضواً وجاء تمثيل الأديان فيها 3 للكاثوليك ، 2 للمسلمين ، 2 للبروتستانت ، 1 لليهودية ، و1 للأرثوذكسية ، أي تسعة ممثلين . وفي هذه التوسعة اصبح لكل من الاتحادين اللذين يمثلان في المفوضية الاسلامية بإسبانيا عضواً فيها.

والعمل حاز الآن لتعديل جديد لكي يضم الأديان التي أعلنت كأديان متجذرة في المجتمع الاسباني كطائفة المرمون ، والكنيسة الأرثوذكسية والبوذية وشهود يهوه .

وسيخول التعديل الجديد الهيئة بالقيام بمهام ذات فاعلية في مجال الحرية الدينية كمتابعة مرصد التعددية الدينية في إسبانيا الذي أنشئ هذا العام 2011 ، ومؤسسة التعددية والتعايش التي أنشئت عام 2005 ، كذلك تكليف الهيئة بالقيام بالدراسات التي تدرس الخارطة الدينية في المجتمع الإسباني ..
تعمل هذه الهيئة الاستشارية للحرية الدينية التي بدأت أول اجتماعاتها عام 1981 ، كمساعد لوزارة العدل وقد مثل رئيس الجمعية الاسلامية في إسبانيا ، المسلمين فيها منذ تكوينها ..

وقد قام بدور هام في عرض قضايا المسلمين والدفاع عنها من خلال الدراسات المقدمة  ومناقشة المواضيع التي عرضت عليها لدراستها وإبداء الرأي فيها ، وكلها متعلقة بأمور دينية بحتة .

وقد كانت البادرة الفردية المدعومة من الجمعية الاسلامية بإسبانيا ثم من بعض الجمعيات المسجلة آنئذ ، إذ لم يكن هناك أي اتحاد أو فيدرالية مسجلة في سجل الهيئات الدينية بوزارة العدل .

لهذا فقد كانت البادرة هذه التي أسست للمطالبة بالاعتراف الرسمي بالإسلام في إسبانيا ، وكانت ثمرتها النتيجة الصادرة عن هذه الهيئة في 14/7/1989 بإجماع أعضائها بأن الإسلام دين واضح الجذور ليس تاريخياً فحسب إنما في الواقع المعاش في الزمن الراهن .

وهذا أيضاً دليل على نجاح موقف الممثل الإسلامي في هذا الصدد وكذلك في إقرار نص اتفاق التعاون للدولة الاسبانية مع المفوضية ألإسلامية في إسبانيا بعدئذ .

ليس لقرارات هذه الهيئة أي صفة تقريرية ولا تلزم أي أحد بها ، إنما هي قرارات استشارية تفيد في توضيح المسائل التي تعرض عليها عن طريق إدارة العلاقات مع الأديان بوزارة العدل الإسبانية ، قانونياً واجتماعياً وفي تلك الحقول التي لها علاقة بالشأن الديني بإسبانيا .

والعضوية في اللجنة شخصية بحتة ، ولوزير العدل الحق في تسمية المرشحين لشغل المناصب فيها سواءً في ثلث التمثيل الديني أو ثلث الخبراء ، وأيضاً ثلث التمثيل الحكومي .

ولا يتلقى أفرادها أي مقابل مادي لقاء أعمالهم وتمثيلهم سوى نفقات تنقلاتهم إن كانوا يعيشون خارج العاصمة مدريد .

                                                                                 رياج ططري


viernes, 2 de septiembre de 2011

مؤتمر السكان


ماذا بعد مؤتمر السكان ؟

لن يدخل مؤتمر " السكان والتنمية " الذي نظمته الأمم المتحدة في الآونة الأخيرة في العاصمة المصرية عام 1992 التاريخ لأصالة طروحاته الفنية والعملية . بل سيدخل التاريخ لما طرأ فيه من نقاش عميق للأفكار التي طرحت في برنامجه ، وليس لمحتوى هذا النقاش بعينه وإنما لخصائصه التي برزت واضحة جلية ، وخاصة التحالف العفوي الذي نشأ بين الأديان الكبرى وعلى وجه التحديد بين الإسلام والكاثوليكية بقصد ايقاف الساسة والحكومات المختلفة عن المضي قدماً في مخططاتها بل والسعي لإخضاعها عملياً للالتزام بالمبادئ الدينية .

إن هذا التصرف سيترك في ذاكرة التاريخ بصمة ، بل بصمات ، لن تمحوها الأيام في المدى القصير . لقد أصبح الموقف حدثاً تاريخياً يحمل في طياته معان بعيدة الغور ، تحتاج  لتفكير عميق من كل الأطراف المعنية .

إن الطروح التي دار حولها النقاش ليست بسيطة – كما يعرضها بعض الساسة – فالمشكلة العويصة لا تكمن في " الإجهاض " ، الذي هو بحد ذاته موضوع معقد ودقيق ، بل إن الأمر يذهب إلى أبعد من ذلك ، فهو يؤثر على عملية التناسل البيولوجي ، وعلى الجنس بحد ذاته ، وعلى وضع المرأة ، وبالتالي وضع الرجل ، وحقوق الشباب .. ومعنى ذلك تعريض بنية الأسرة للهدم من القواعد .

بل قد يصل الأمر إلى محتوى التربية الجنسية ، وبالتالي تربية الشخصية الإنسانية ، وفي نهاية المطاف سنصل إلى تحديد العلاقة بين الدولة والأسرة والفرد وفق منظور جديد يستغني كلياً عن مفهوم الدين وقميه .

إن دفع المرأة – تحت شعار المطالبة بحقوقها – لتهدم نظام الأسرة المستقر المتضامن الذي يقوم على التكافل والتراحم والسكن في إطار توزيع المسؤوليات بين أفرادها ، يهدف لجعلها أداة طيعة في أيدي تجار الإغراء وأصحاب النزعة الفردية المطلقة التي لا حدود لها .

كما أن دفع الشباب للنهم من الجنس الحر ، بلا رباط ولا نظام ، سيؤدي لا محالة إلى تجاوز كل الممنوعات ، وتحطيم كل القيم ، في عالم يتغير بسرعة فائقة مما سيقود إلى انهيار عام في الأخلاق والنظم الاجتماعية الخيرة .

إن الموقف الديني المتضامن ، على الرغم من عدم التخطيط المسبق له هز أركان الحملة الشعواء التي تهدف إلى تغيير السلوك الاجتماعي لدى الشعوب ، وذلك بتبني هذه البرامج المطروحة من قبل الحكومات وفرضها شيئاً فشيئاً ، لكي تصبح مقبولة بمقتضى القانون ومحمية من قبل السلطة .

إن الطرح اللائكي في مؤتمر السكان ينبع أصلاً من تصور خاص للدين ولدوره في الحياة ، كما ينبع من مفهوم أوربا والغرب عامة له ، على أساس أنه علاقة بين الإنسان وربه – أي علاقة فردية بحتة – لا تَدَخل للدين فيها .

كما ينبع من الموقف السلبي من الكنيسة وتدخلها في الحياة الاجتماعية وأجهزة الدولة ، من جراء الذاكرة التاريخية للتجربة التي عانتها الشعوب الأوروبية من الكنيسة الكاثوليكية وممارساتها الخاطئة على مدى قرون طويلة .

إن الذي حدث في القاهرة ، إنما هو عملية " جس نبض " للشعور الديني وللقيم الأخلاقية ، لمعرفة مدى تأثيرها على سكان المعمورة . وهو أيضاً محاولة لتمرير عمليات تغييرية ثقافية مناقضة تماماً للمبادئ الدينية وخاصة مبادئ الإسلام ، الذي يصيغ الحياة وفق تفسير دقيق وعميق لمعاني القرآن والهدي المحمدي .

إن الأمر لا يتعلق فقط بموقف المسلمين والكاثوليك ، إنما يتعداهم ليشمل الاتجاه البروتستانتي القوي في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها . فكما نعرف ، فقد قتل في الفترة الأخيرة ، عدة أطباء كانوا يجرون الإجهاض ، بأيدي مناهضات لهذه العملية ، وطبعاً فإن هؤلاء حكم عليهم مسبقاً من الكنيسة البروتستانتية ، لهذا فإننا نرى العيادات الطبية التي تقوم بعمليان الإجهاض ، تحت حماية رجال الشرطة بشكل دائم .

كما لا يغيب عن أذهاننا ، بأن الكنيسة البروتستانتية قوة من القوى السياسية الحالية الأكثر تأثيراً في الانتخابات المحلية الأمريكية ، ولذلك فإن البرامج الانتخابية تشمل بوضوح المطالبة بالإشراف الديني على المدارس الحكومية ، ومنح رخص لأقنية التلفزيون بالدارة المغلقة لبث التعاليم الدينية بواسطتها .

وأما الكنيسة الكاثوليكية فإنها تقوم بمبادرة سياسية عالية المستوى للتأثيرعلى الدول والحكومات عن طريق التأثير في تيارات الرأي العام ، وذلك من خلال مؤسسات قادرة وممولة تمويلاً قوياً يمكنها من القيام بمهامها على أفضل وجه ، وهي في كل حال مدعومة من الدوائر ذات النفوذ في البلدان المختلفة .

إن قدرة المؤسسات الدينية تنبع من اعتمادها على الميول العميقة عند الناس في عالمنا المعاصر ، فنمو البحث عن الروحانية وخاصة لدى الشباب ، وبشكل مواز ، تدهور الصورة السياسية والحزبية بسبب الفساد المستشري في معظم الدول الديمقراطية ، واهتزاز مجتمع الرفاهية الذي تتباهى به الحكومات الغربية .

بالإضافة لوجود تيار ديني يستقطب الطبقات المستضعفة ، ويطالب بإنصافها سواءً على مستوى الأفراد أو المنظمات غير الحكومية التي تلتقي في نمط خطابها مع الخطاب الديني بصورة عامة .

كل هذا جعل المبادئ الديمقراطية التي تقوم أصلاً على مبدأ الإغراء ، فاقدة المعنى والمضمون ، كما أن خطاب صاحبات النزعة النسوية أصبح عبارة عن تجريدات تمثل أقلية محدودة من أصحاب الامتيازات الاجتماعية فحسب .

إن العقلانية الفردية التي يؤسس عليها الغرب نظامه التربوي ، وعملية التطور التقني المبالغ فيه ، والقائمة على إقصاء العالم الثالث ، جعلت الخطاب الدني متفوقاً وخاصة الإسلامي منه بما يتمتع به من رسالة بسيطة شاملة ، تعتبر الأسرة قيمة بحد ذاتها ، تقوم على التكافل والتعاون لا كما يريدها الخطاب المغاير أسرة مفككة الأوصال تشيد على مقدار الوفرة المادية وعلى كمية المتعة واللذة المحصلة للفرد فيها .

وبما يقدمه الغذاء الروحي ، والايمان بالبعث والجزاء والحياة الأبدية ، يوفر الراحة النفسية والطمأنينة والأمن المادي والمعنوي .

كما أن الشعور بالاحترام الذاتي عند المسلم جاء نتيجة للتفوق الأخلاقي الذي يتحلى به المتدينون عادة ، والذي يدفعهم إلى السمو في العلاقات الاجتماعية ، ويعطون بذلك دليلاً على حاجة الإنسان لفطرة التدين .

بعد كل ما سبق ، فإن اللحظات التاريخية التي مرت بالعالم أثناء انعقاد مؤتمر السكان في القاهرة ، تبرهن بالدليل القاطع ، على أن الخطاب الديني الذي أساسه العدل والتضامن بين البشر قد تفوق بصورة واضحة على الخطاب التكنوقراطي المقنع والقائم على التنمية الحرة والتنافس  الفردي .

إن الفائدة المعلمة والهادية مما حدث في القاهرة  ترشدنا إلى اتجاهين واضحين : اتجاه نحو نمط التنمية الديناميكي وهو خاص بجزء قليل من السكان ، ويحاول أصحابه بما لديهم من قدرات عسكرية واقتصادية وعلمية وتكنولوجية أن يفرضوا شروطهم ومثلهم على العالم كله .

وفي الطرف الآخر اتجاه يمثل غالبية السكان في العالم ، التي تعيش ظروفاً قاسية وصعبة على صعيد الحكم والاقتصاد والحياة الاجتماعية .

وهنا يكمن دور الإسلام الريادي في استنقاذ البشرية ، من براثن المادية المجحفة عن طريق تقديم الحلول التي يطمح إليها العالم ، حلول تلبي حاجات المجتمعات الإنسانية وهي بعينها تنمي في الإنسان روحانيته وترد عليه إنسانيته المضيعة .. إنها فرصة سانحة ، وهي بمثابة تنبيه وإنذار ، تطالبنا – نحن المسلمين – بأن نؤدي حق دورنا الحضاري على أكمل وجه لنكون كما أراد الله لنا أمة وسطاً : ((وَكَذَلِك جَعَلْنَاكُم أُمَّة وَسَطاً لِتَكُوْنُوْا شُهَدَاء عَلَى الْنَّاس وَيَكُوْن الْرَّسُوْل عَلَيْكُم شَهِيْدا )) ( البقرة 143 ) .
                                                                                                                                                                    
                                                       رياج ططري