lunes, 28 de noviembre de 2011

ســَـبيل السَّـــلام 3

ســَـبيل السَّـــلام 3


هـ ) – جنوح الحضارة الإنسانية لدى فقدانها للتوازن الصحيح .

-  منذ غابر الأزمان ، وركب الإنسانية يتهادى في بحر الزمن ، يسير بتؤدة وسكينة طالما أنه ينقاد للناموس الإلهي ، ويجنح ويرتطم كلما شَذ عنه وانحرف .

- واستقراء التاريخ يدلنا على الكثير من الأمثلة ومصداق ذلك ما جاء في الذكر الحكيم عن أقوام مكّن الله لها في الأرض عندما أقامت بنيانها على التقوى وقوضها جلّ وعلا اسمه عندما باءت بذنوبها وأحاطت بها خطيئتها . " ألم يروا كم أهلكنا من قرن مكناهم في الأرض ما لم تمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا ، وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم . فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرناً آخرين . " ( الأنعام –6 ) .

- ولم يختلف عصرنا الحاضر عن سوابقه ، فشذوذ الحضارة الغربية بشقيها الشرقي والغربي أدى إلى الصورة المفزعة التي نراها عليها الآن والمتمثلة خير تمثيل ، بصرخات علمائها الواعين المتبصرين بحقائق الآمور .
- إن الشيوعية والرأسمالية ، جعلتا من المادة أساساً للحياة الإنسانية فسلخت الجانب الروحي في الإنسان عن شطره وتركته يلهث وراء الكسب الرخيص .. حتى أفقدته معاني الحياة .. والناظر للإحصائيات التي تملأ الكتب .. يستطيع أن يدرك بوضوح وجلاء مدى التعاسة التي يعيشها الغربيون من جراء جنوحهم عن الصراط المستقيم وإخلالهم بطبيعتهم الإنسانية .

- إن الإسلام بوقفته المتزنة ، يبقى راسخاً صامداً ، وتسقط دونه كل النظم الخربة ، فليس فيه تفريط بالحرية كما يجري في الدول الرأسمالية بل هو نظام أرسى قواعد الحرية كما يجب أن تكون .. وكم حاول الآخرون اقتباس نظامه ، ولكنهم فشلوا لأنهم أخذوه جزءاً لا كُلاً ونصاً لا روحَ فيه وشكلاً لا جوْهراً .

- وقد كان الإسلام وسيبقى دوماً المشعل الذي يضيء الحق للآخرين ... فمنذ اللحظة الأولى أعلنت الثورة الفرنسية حقوق الإنسان ، تلك الحقوق التي وقف عقب إعلانها خطيب الثورة الفرنسية " لافاييت " ليتوجه في الخطاب إلى روح عمر بن الخطاب ويقول " إنكَ أنتَ أيها الرجُل العظيم الذي أوجدتَ العدالة كما هي " وذلك إقراراً منه باستمداد الحقوق الإنسانية الخالدة من سيرة رجال الإسلام ومن قولَةِ عمر بن الخطاب في حرية الإنسان التي خلّدها له الدهر حين قال لوالي مصر : " متى استعبدتم الناس وقد وَلَدتهم أمهامتهم أحرارا " .

- وفي المجال الاقتصادي ترى تخبط العالم كل يوم ، فما من شهر يمضي دون أن يحدث خلل اقتصادي يرج العالم بأسره ، ويقف علماء الاقتصاد حِيال ذلك مشلولي القدرة قاصري الفكرة يعللون ويحللون .. ثم ليعودوا ثانية لنفس العملية بعد برهة وجيزة من الزمن .

- وهذا صوت من قلب بلاد الغرب المسيحية الفرنسية ، هو " جاك اوسترى " يؤلف كتاباً بعنوان " الاسلام أمام التطور الاقتصادي " يستنجد فيه بالاسلام وهو الفرنسي المسيحي قائلاً " " ليس هناك في الحقيقة طريقة وحيدة وضرورية لا بد منها للإنماء الاقتصادي كما تريد أن تقنعنا المذاهب القصيرة النظر في النظامين الاقتصاديين السائدين " .

- ثم ألحّ المؤلف المذكور على التماس المذهب الثالث في الإسلام نفسه ، لأنه ليس فردياً ولا جماعياً ولكنه يجمع بين الحسنيين ، غير أنه شكى من صعوبة البحث على من كان غريباً عن الاسلام لاستخراج مواطن القوة والإبداع التي يمكن أن توجه هذا النظام الجديد ، وأن تعبر فيه عن مشكل التنمية الاقتصادية بلغة جديدة .
  رياج ططري

No hay comentarios:

Publicar un comentario