jueves, 5 de mayo de 2011

هَزّة لابُدّ مِنْها


                                                                                     

" الهزة " حركة غير طبيعية تؤثر على الفرد  وعلى الجماعات ، فعلى مستوى الفرد تؤثر الهزة على مصالحه وأمنه وتحدث تغييراً في مجرى حياته سلباً أو ايجاباً ، وكذلك على مستوى الجماعة والمجتمع تؤثر الهزة فتحدث فيها انقلاباً قد يؤدي إلى تبديل في طبيعة الجماعة أو أهدافها ، وقد تسبب هجرات وتغير نظاماً أو ترفع ظلماً أو تزيد منه .

وقد تكون الأسباب والعوامل التي تسبب الهزات ، اقتصادية أو سياسية أو فكرية ، وقد يكون منشؤها من صلب المجتمع أو خارجة عنه . ويمكن أن تكون في نطاق ضيق وفي منطقة محددة أو تشمل شعوباً وأمماً وتعم الدنيا كلها .ومن الهزات مايؤثر تأثيراً يغير مجرى حياة الفرد والجماعة بكاملها .

إذا نظرنا إلى طبيعة التأثيرات التي تحدثها الهزات في الأمم نراها تؤثر في استقرار الأمة المرفهة المستقرة فتعيث فيها الخراب وتحدث الانقسامات وتضيع هيبتها أمام العالم .

أما إذا كانت الأمة متخلفة فإنها تزيد من انحطاطها وركودها وإذا ماأحدثت فيها تغييراً ايجابياً فإنه يكون بطيء الخطى مثقل الحركة لايساعد على قومة الأمة واستيقاظها .

وأما واقع الأمم المغلوبة على أمرها والتي تملك رصيداً من الثقافة والحضارة والطموحات فإنه لاشك يكون للهزات فيها تأثير اجتماعي وحضاري بصورة ايجابية تدفعها نحو الاستيقاظ والنهضة .

فكيف إذا كان الأمر يتعلق بأمة ذات رسالة حية إلهية كالأمة الاسلامية لديها من القوة الذاتية والحضارة الخالدة والثروات الطائلة والمناخ المتنوع والوحدة الجغرافية المتكاملة الممتدة عبر القارات ، والقدرات المتعددة التي تجعلها تتبوأ مكانة عالية بين الأمم ؟!

إن هذه الحالة حالة فريدة ، لمواصفات أمة تستحق الريادة والسيادة ولكنها تعيش حالة من الانبهار والبحث عن الذات ، وهي تتحرك باحثة على غير هدى من جراء الضربات المتلاحقة التي تصيب أجزاءها في خضم التلاطم العالمي في المصالح والأفكار والمبادئ ، ولذلك فإن الأمة الاسلامية تعيش منفعلة بالأحداث غير فاعلة فيها ، تنتظر من يملي عليها ما يجب أن تفعله !! .

هذه الأمة تتحرك باحثة عن الأمل وتتعلق بكل من يظهر بمظهر الإخلاص والجد لمقاومة الاستعمار بأنواعه كلها ، وتلتف حول من يقاوم الطغاة بالقلب واللسان واليد حسب المكان والزمان .

ومن استقرائنا للتاريخ نجد بأن الحركات المناهضة للاستعمار على مدى القرن الجاري كان منبعها ومحركها ودافعها الأول والوحيد هو هذه الذخيرة الحية من الايمان ، وهذا النتاج الحضاري المتراكم على مدى القرون .. هذا هو الذي أنقذ الأمة وما زال منقذها تلتف حوله الجماهير المسلمة وتتفاعل معه بكل اندفاع وإخلاص .

إن ماحدث في الخليج أصاب أعماق أعماق كل فرد من أفراد أمتنا الإسلامية من الفليبين إلى المغرب ، ومن قازاخستان إلى جنوب أفريقيا .. أصاب المجتمع بكل فئاته وتنظيماته بهزة في نظرته للأمور كلها إلى من حوله من قريب وبعيد ، وإلى أفكار من حوله وعلاقات من حوله .

إنها هزة عنيفة ستؤثر – بعون الله – على أمتنا ومشكلات أمتنا وستزيد من وعيها وإدراكها للأمور بل ستوقظها بعنف من سباتها العميق .. لأنها استيقنت بأن أمرها بيدها هي ، وليس بيد أحد سواها ، وبأن حريتها المسلوبة يجب أن تسترجعها بادئ ذي بدء بكل وسيلة لكي تملك زمام أمورها وبحق وعندها تراجع حصيلتها وتستقيم على الهدى .

هناك حقيقة لابد من ذكرها ، وهي أن هذه الهزة عرت كل شيء ووضعته واضحاً جلياً كفلق الصبح أمام أعين الناس ، فأيقظت روح النهضة والاستبسال وبدأت الأمة تتحسس من خلال ذلك التحدي الحضاري المصيري الموكول أمره إلى سواعد أبنائها .

 ورب ضارة نافعة ، وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً ، ولعل جهود الطلائع الاسلامية في كل مكان التي تبذل لتوعية الأمة وايقافها على الحقيقة بصبر وتخطيط وحماس كانت تحتاج إلى من يحدث وعياً تلقائياً يهز جميع أفراد الأمة وعندها تلتقي الجهود وتلتحم الإمكانات وتسير كلها كتيار جارف يعيد للأمة أمجادها ويؤهلها مرة أخرى لقيادة البشرية ( واللهُ غالبٌ على أمرِه ولكنَّ أكثرَ الناسِ لايعلمون ) .

  رياج ططري   

No hay comentarios:

Publicar un comentario