jueves, 16 de junio de 2011

هل بدأ التحول


هل بدأ التحول في أفكار الغربيين


لم تعد أفكار  المستشرقين وتلامذتهم هي المؤثر الوحيد في الأوساط الثقافية الغربية ووسائل إعلامه المختلفة . فقد ظهرت في الآونة الأخيرة طبقة من المفكرين والباحثين والصحفيين تمارس عملها من خلال وسائل الاتصال الاجتماعي من صحافة وإذاعة وتلفزة ، وتقدم نتيجة أبحاثها ودراساتها الميدانية من خلال مقالات أو تحقيقات أو مقابلات تصل إلى عدد غفير من الناس يفوق مئات الأضعاف قراء المستشرقين المعروفين ، خاصة وأن ظهور دراسات جادة طعنت في آراء كثير منهم في الآونة الأخيرة أفقدهم كثيراً من المصداقية .

وفيما يلي نستعرض بعض أفكار هذه الطبقة لنرى أهمية ما تقول ولنقف على التحول في أفكار الدارسين الغربيين من الإسلام .

فهم الإسلام وروحه :

يقول الصحفي الإسباني " خابيير بالينثويلا " مراسل جريدة الباييس أوسع الصحف الاسبانية انتشاراً وهو من عايش الأزمات العربية في مواقعها المختلفة ميدانياً ، فانتقل من المغرب العربي إلى مشرقه ، فعاش حرب لبنان والخليج وأمضى سنوات عديدة في طول العالم العربي وعرضه :

" إن الغرب استطاع أن يتطور نحو رؤية في التفريق النصراني بين ما هو لقيصر وما هو لله . ففي كلمات المسيح نفسها تسويغ للدولة العلمانية ، والتعايش مع العقائد الدينية كأمر شخصي مطلق ، إذ أننا لا نجد في الأناجيل أقل ما يمكن الدفاع به عن الدولة الثيوقراطية " الدينية " .

ولا نرى أي أثر في حياة المسيح يبرهن على أنه كان قائداً سياسياً أو يطمع بأن يكون كذلك ، ولم يخطط مطلقاً لثورة ضد سلطة الامبراطورية الرومانية في الأراضي المقدسة .

وليس الحال هكذا في القرأن ، ففي ثالث الكتب السماوية الكبرى ، يبدو بوضوح أن الله تعالى هو المهيمن على الدول كلها ، وبأن كافة الحكام يجب أن يحكموا باسمه ، كما هو الحال بالنسبة للرؤساء ورؤساء وزراء الدول الديمقراطية الذين يحكمون باسم شعوبهم المستقلة . ولإعطاء مثل على ذلك ، فإن محمداً لم يكن قائداً دينياً فحسب ، بل أيضاً رئيس أول دولة إسلامية " .

وكان المستشرق الإنكليزي المعروف " مونتغمري واط " قد أصدر كتاباً منذ مدة قريبة عنونه بـ " محمد نبي ورجل دولة " دلّل فيه على التلاحم بين الدين والدولة في الإسلام .

ويذكّر " جيل كيبل " ، الأستاذ في معهد الدراسات السياسية في باريس وعضو المركز الوطني للأبحاث العلمية في مقابلة أجرتها معه صحيفة اللوموند ، بضرورة إعارة المصطلحات الأهمية المناسبة حيث أكد بقوله :

" إن الأصولية والتكاملية مصطلحان مختلقان على الإسلام وينسبان إليه مع أنهما ينتميان لثقافات أخرى متباينة . فالتكاملية هي ظاهرة في عالم الكاثوليكية ، حيث أن الأب لوفيغر يعد تكاملياً .
أما الأصولية فهي تنتسب لمفردات البروتستانت الأمريكان الشماليين ، وظهرت في أوائل القرن الحالي بصدد الجدال المعارض للداروينية ، وعندما تطبق هذه الصفات على العالم الإسلامي فإن هذه العملية تخفي وراءها أكثر بكثير مما توحي به " .

وهذه التفاتة ذكية من الباحث الفرنسي كيبل ، فهو وعدد من أمثاله يطالبون بالاعتراف " بالمذهبية الإسلامية " والتعامل معها كثقافة مستقلة لها دورها الأساس وموضعها الطبيعي في عالمنا هذا .
وفي هذا الصدد يشرح بالنثويلا الموقف بقوله :

" إن المذهبية الإسلامية ، لا تخضع لأي من الهياكل الغربية ، بل تثير رفضاً لها من الأعماق . فلا يمكن شرحها من منظور الفكر الليبرالي الذي استلهمته الثورة الفرنسية ، ولا من المنظور الماركسي اللينيني الذي قاد الثورة الروسية .

وبما أنه لا يمكن شرحها من خلال هاتين الفرضيتين ، فإن الجواب السهل جداً بالنسبة للغربيين هو نعت رجاله وأتباعه بأنهم مجانين متعصبون وإرهابيون ورجعيون " .

الموقف من الإسلام وحقوق الإنسان :

وأما عن المؤشرات التي تحدد موقفاً ايجابياً من الإسلام فيقول بالينثويلا :
" ربما حان الوقت لإنجاز توسعة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، لكي تضاف إليه المشكلات الكبرى التي تواجه الإنسانية في نهاية هذا القرن . وربما

يكون هذا الطريق الكبير لإعادة بناء اليسار الذي يستطيع الحد أو التخفيف على الأقل من النتائج الممزقة التي ستحصل من جراء النصر المطلق للّيبرالية : التوحيد الشكلي للثقافة ، تقسيم الكرة الأرضية إلى شمال غني جداً ، محمي بجدار من التأشيرات ، والحواجز الألكترونية والصواريخ ، وجنوب فقير جداً فقد كل مؤشرات هويته ، ويحلم فقط بالتقاط فتات الخبز ، معرض للكوليرا ، وهو مصدر دائم للإرهاب والمشاحنات العسكرية ، والتحكم الوراثي الذي يجعل الكائن البشري آلة منتجة بشكل صناعي ، وفي ذلك خراب الأرض المحقق " .

ويشرح مدير معهد العالم الغربي في باريس " ادجاربيساني " في نفس الموقف ويطالب بصورة جديدة لحقوق الإنسان فيقول :

" إن المفهوم الحالي لحقوق الإنسان هو في النهاية نتاج تاريخي ، وبالتالي خاضع لأن يكون معدلاً . إذ أن المفهوم المتولد عن الثورتين الأمريكية والفرنسية يجنح بصورة كبيرة نحو الدفاع عن الفرد ، والآن جاء دور الاهتمام  بالدفاع عن الجماعة ، وبهذا الإطار يمكن استيعاب وإضافة حقوق الثقافات الأخرى المختلفة " .

 الدفاع عن الإسلام :

        أما الكاتب الاسباني المعروف " خوان غويتيسولو " الذي يمضي \اوقاته متوزعاً بين باريس ومراكش فإنه يصرح قائلاً :
        " إننا خاضعون لغسل دماغ كامل   ضد العرب والإسلام " .
        ويوجه النصح لضرورة معاملة الاسلام ، ديناً وثقافة ، معاملة تليق به ، والتعرف إليه من خلال مفكريه وعلمائه فيقول :
        " إن على المفكر واجب نقد ثقافته الذاتية ، وبالتالي عليه ترك نقد الثقافات الأخرى لمفكريها أنفسهم ، وأمام ثقافة غريبة ، من الحكمة العمل على اكتشاف ما يمكن أن تملكه من أشياء هامة " .
        وأما عن طبيعة الإسلام وقربه من أوروبا وصفاته التي تفوق قدرة الاحتواء والتهميش يقول غويتيسولو :

        " إن نظام الإسلام فيما يتعلق بالنصرانية أو العالم الغربي ، مختلفاً تماماً عن الأديان الأخرى والثقافات الأخرى ، وهذه الأخرى بعيدة جداً حتى أنه يمكن النظر إليها بنظرة الدهشة والاستغراب . أما الإسلام فإنه قريب جداً منا فكيف نستغرب منه ، وهو الجريء جداً والمتناسق والمتلاحم فكيف يمكننا مضغه أو اختزاله أو احتواؤه . هذا هو الجدل الدائم القائم بيننا وبين الإسلام " .


المستقبل للإسلام :

        وأخيراً .. يقول بالينثويلا : " في دار الإسلام لم يقضوا على الذات الإلهية ، وربما لهذا السبب نرى نحن بمنظارنا السلبية في التقدم المادي ، وتخلف المرأة المزمن وعدم احترام حقوق الإنسان كلها أمور سلبية بتقديرنا ورؤيتنا .
       
        ولكن الايجابية حصلت في الإبقاء على مبادئ الكرم حية ، واحترام كبار السن والحرية التي تمنح للأطفال ، والتوازن البيئي ، وتضامن الأسرة والجيران ، وفلسفة أننا نعمل لكي نعيش وليس العكس " .
        ويعلق توكيداً على كلام مالرو : " ربما يكون القرن الحادي والعشرون ديناً أولاً " . فيقول : " إن الإسلام هو وحده القادر على إعطاء البديل الصالح للبشرية بقيمه وتناسقه وتشريعه الحي " .

رياج ططري          

No hay comentarios:

Publicar un comentario