jueves, 23 de junio de 2011

الخوف


الخوف يُغَيّر مَوقِعه
                                                                                    
اعتاد الناس في البلاد المقهورة ، أن يخافوا من السلطان  ، فيحنوا رؤوسهم له صاغرين لأوامره ، مهما كانت هذه الأوامر ، مجحفة بحقوقهم الأساسية في الحرية والمساواة والقدرة على التعبير عما يجول بخاطرهم دون خوف من انتقام أو وَجَل من ملاحقة أو تعذيب ..

تعودت الشعوب العربية على الطاعة للمستبد ، وغدا جلّهم يبرر له أعماله ، وعكف الآباء يحذرون أبناءهم من أن الخروج عليه فيه خطر على حياتهم ومستقبلهم .. ترى أي حياة يقصدون ؟! حياة العبودية والاستكانة والذل أم حياة الاستجداء والفقر والمهانة ؟! 

بل أي مستقبل يخافون عليه ؟ وهل لهم مستقبل غير ذلك المحفوف بالذل والقهر والاستعباد ؟ ! .

لقد شبَّ الجيل الجديد عن الطوق ، وخرج بصدره العاري ينادي بالحرية – الحرية .. الحرية .. لم يمسك عصا ولا أداة جارحة ، بل كان ينادي بحرقة أنه يرفض العنف ويريد السلام .. سلمية سلمية .

هذا الجيل الذي تَفَتّح على ما يجري في العالم ، وأصبح يعي ما يدور فيه ، ووجد نفسه أن لايَتَمتع بأبسط الحقوق التي يحظى بها الناس في كل مكان ..

أصبح لديه من معلومات وأخبار ، تنقل إليه عبر الوسائط الكثيرة والمتعددة ، تفوق في يوم واحد ما كان يحصل عليه أبوه في سنين .. فكان يتساءل كل يوم بل وكل ساعة أين أنا ؟! وما هو دوري في هذه الحياة أنا وأمثالي من الشباب ؟! الذي يمثل غالبية الشعوب العربية ، ومع ذلك لا يدري ماذا يقول ويحار في الجواب ملايين من الشباب أعدت وتكونت ، ولكن لم تجد طريقاً يعينها في حياتها إلا إذا تذللت للطاغية الذي يمسك زمام اقتصاد البلاد ويتحكم في الخلق والعباد وكأنه السيد المطاع الذي لا يرد له قول ولا فعل .. إذ يكفي أن يشير بالبنان فيركض العبيد لتلبية رغبته وإرضاء نزوته العنجهية.

فاق الشباب وقارن بينه وبين أمثاله في معظم البلاد .. فقرر أن يعيد الأمور وضعها الطبيعي فانتفض .. وجدد كما جدد إخوانه في انتفاضة الحجر التي ردت لهم اعتبارهم وأعادت إلى نفوسهم جذوة النصر والصحوة ..

خرجوا جميعاً زرافات ووحدانا ينادون حرية .. كرامة .. فأخذت الجموع من كل حدب وصوب تؤيدهم وتهب منادية معهم تملأ الشوارع والساحات ، ترفض الذلة والمهانة والاستعباد ، فاليوم لا مكان للخوف .. الخوف ممن ؟! من الإنسان الذي تَألّه ومن آلته الحربية التي تفتك بأرواح العباد ؟ .

الخوف لم يعد له مكان في قلبه ، فإن هو استشهد فسيأتي بعده إخوانه يحملون الراية .. ويصرخون بملء أفواههم .. في وجه الطغاة المستبدين حرية .. حرية .. كرامة .. كرامة ..

لقد أصبح هؤلاء المستبدون ومن لف لفيفهم من منتفعين يخافون من هذه الصرخات ، وأصبح الخوف يملأ قلوبهم فتراهم يرتعدون لمجرد سماع هذا النداء حرية  ..كرامة .

لقد غيّر الخوف موقعه فبَدَل أن يخاف الناس من الحكام الطغاة المستبدين غدا هؤلاء هم من يخاف من الشباب الذين ينادون فقط نريد الحرية والكرامة .. الحرية ..والكرامة .

رياج ططري

No hay comentarios:

Publicar un comentario