domingo, 22 de abril de 2012

الــطِّــفْــل-2/2



الــطِّــفْــل-2



أمَرَ الأم بالتفَرّغ لِرعاية الطفل :

        وهل هناك أعظم من دور الأم في تربية أطفالها وإعدادهم إعداداً متكاملاً  لِخوض معركة الحياة ؟
        إن الطفل إذا لم يجد أُمّاً تحنو عليه ، وتسبغ عليه من عطفها وحمايتها ما هو بحاجة إليه ، فإنه يتحول إلى دمية ، وتتكون عاداته بعيداً عن القلب الذي يخفق بحبه ، ويعمل من أجل تكوينه .

        والمتناقضات التي يعيشها شباب اليوم في كل مكان ، أليس من المعتقد أن أسبابها ، أنهم عاشوا حياتهم بعيدين عن أحضان أمهاتهم وصدورهن المليئة بالحب ؟ قضوها في دور الحضانة ، أو لدى مُربيات يمارسن عملهم كما يمارس الموظف عملاً يعتبره وسيلة لِكسب عيشه دون أن يشعر بمتعة ممارسته له ، ويتساءل المرء ، هل احتياج الأطفال ينحصر في إعطائهم أقداراً من الحليب ، ووضع الملابس على أجسامهم ؟ .

        وهل يكفي ذلك ليكون الطفل سَوِيّاً مُتكامل المشاعر ؟ .

        والإجابة واضحة في السلوك الماثل في واقع الأطفال الذين يَحيَوْنَ بين أحضان أمهاتهم وآبائهم وينعمون بحنانهم وحُبهم .. وأولئك الذين حُرموا من تلك النعمة .. لا يصعب على المرء أن يلحظ ما يكتنفهم من اضطراب ، وما يشمل حياتهم من شذوذ  .
        لذا فإن من النعم العظمى التي أسداها الله تعالى للأسرة ، رسالة المرأة في تكوين الطفل ، وشغلها به ، وبصحته النفسية والجسدية والعقلية لِيَشبّ بعدها مُكتمل الشخصية ، رابط الجأش ، هانئ النفس ، مُرتاح البال .. وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( والزوجةُ راعيةٌ ومسؤولةٌ عن رَعيتها ) ، فأعظم بها مِن مسؤولية وأكبر .

الحَنان والحُب أصلٌ إسلامي :

        لقد كان العرب يأنفون أن يداعب الرجل وليدته أو يسمح لها أن تمرح بين يديه ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يداعب الولائد من بناته ، وبنات أصحابه . فقد حدّث البخاري عن أبي قتادة ، قال : ( خَرَجَ علينا النبي صلى الله عليه وسلم ، وأمامة بنت أبي العاص على عاتقه ، فصلى فإذا ركع وضعها ، وإذا رفع رفعها .. ) .
        إن أهمية الحب والحنان ، والتسامح مع الأطفال ، وعلاقة ذلك بالنمو الصحي والنفسي يعتبر شيئاً صحيحاً .. عرفه المسلمون منذ زمن بعيد غير أن الغربيين يعتبرونه اكتشافاً جديداً .

        إن القرآن والأحاديث الشريفة ، وحياة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم جميعاً مليئة بالتعليمات المباشرة والضمنية التي تَحثّ الإنسان على أن يكون حانياً رقيقاَ تجاه الأطفال .. وأن يعاملهم كأطفال وليس كبالغين صغار ، وذلك هو المفهوم الصحيح للتساهل .. يُروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه سأل أحد الأطفال بقوله : ( يا عُمَيْر ما فَعَلَ النُّغّيْر ) فهو بذلك يُصغّرُ إسمه مُتَحَبّباً ، ويسأله عن عصفوره الصغير ..

        إن حُبّ النبي للأطفال واتجاهه المتساهل معهم ليس له مثيل . وهو ذات مرة أطال وقت سجود في الصلاة إلى أن شعر أصحابه بالتعب ، وعندما سألوه عن سبب ذلك بعد انتهاء الصلاة ، قال لهم : إن حفيدَه كان يَعلو ظهره المبارك عندما كان ساجداً ، وأنه لم يرغب في القيام قبل أن يُكمل الطفل لعبه .

        وكان صلى الله عليه وسلم ، يبتسم للأطفال ، ويُحَييهم مُنَمِّياً بذلك شخصيتهم لكي يُعَوِّدهم على الجُرأة والألفة .. وكان يأمر أصحابه بتكنِيَتِهم بأجمل الكنى حيث قال ( كنّوا أبناءكم قبل أن يكنوهم الكُفّار) .

        إن الإسلام يضع قاعدة عامة في التعامل مع الفرد صغيراً كان أم كبيراً ... فهو يحارب التمييز العنصري ، واللوْني ، والطبقي ، وأيضاً يُحارب التمييز في العمر والذي نراه مُستشرياً في المجتمعات الغربية ، وقد أخذ يستفحل أمره فنرى البُغض نحو الشيوخ يستشري في فكر الشباب  ، ونرى الشيوخ قد أصابهم العي من الشباب ، ونسمع الآن تسمية " العمر الثالث " لإبعاد أثر كلمة الشيوخ عن الأذهان .
        بينما الإسلام يُقرر : ( ليس مِنّا مَنْ لَمْ يَرْحَم صَغيرنا ، وَيُوَقّر كبيرنا ) .

تَحريم الزِّنا ، حمايةٌ للطِفل ، ومُنتهى العِناية به :

        ولكن الإسلام بعد أن وضع الأسس الايجابية التي تُعين الطفل على النشأة الصالحة ، فَحَثَّ والديه على تسميته بأجمل الأسماء ، وتعليمه أمر دينه ودنياه ، وكانت من فِعاله الطيّبة صلوات الله وسلامه عليه ، أنه وضع مُقابل فدية أسرى بدر ، تعليم عشرة صِبية من أبناء المسلمين لكل أسير ، ولكن الأمر الهام ، الذي جعله الإسلام أماناً للطفل ودرعاً يدفع عنه هَمّ المستقبل ،  وتَهَجّم المجتمع بسبب جريمة لم يقترفها / فَحَرَّم الزِنا ووضع العقوبات الرادعة ، ولم يتساهل في تطبيقها حال ثبوت الجريمة .. وهو بهذا الصنيع .. يقتلع جذور الرذيلة ويحفظ المجتمع من التردي والانحلال ، وَيَصون النفوس البريئة التي تحمل أوزار فِعْلٍ لم ترتكبه .
قال صلى الله عليه وسلم : ( إرحَموا مَنْ في الأرضِ يَرحَمُكَم مَنْ في السماء  ) .

                                                       رياج ططري

No hay comentarios:

Publicar un comentario