lunes, 30 de abril de 2012

كَيْفَ نَبْدَأ

كَيْفَ نَبْدَأ

التقيت به على غير موعد .. ودار بيننا حديث شجون ..
قال : إننا في مضيعة للعمر سائرون .. نسير ونعلم أننا تائهون .. ولكننا نجدّ السير دون أن نسعى لإصلاح النهج الذي فيه ماضون .

        إننا نعمل .. ولا نجد في عملنا راحة .. ونكدّ ونتعب ، ولكن  لا نسعد برضى النفس وهناءة العيش ، فما هو الحل ؟ ؟ .

        سؤالٌ طرحه ويطرحه الكثير من الشباب المسلم ، المنتبه لأوضاع أمته ، المدرك لطبيعة منهجه ..
        وجوابه يَتَطلب المناقشة التفصيلية ، من منطلق الواقع ، بعيداً عن الأحلام والأمنيات .

أولاً : من الخطأ الجسيم أن نطالب الإسلام ، بِحلّ مشاكل مجتمع لا يحكم بالإسلام ، ولا يتخلّق بأخلاقيات الإسلام ، وليس مطلوباً – ولا مُمْكناً – أن يحل الإسلام جزئية من المشكلة العامة .
        وقد يصح أن تأخذ النظرية الرأسمالية بجانب من النظرية الاشتراكية لِحل جزئية اقتصادية لم تستقم مع التطبيق الرأسمالي ، ولكن الأمر يختلف بالنسبة للإسلام ، فهو دين متكامل ، ونظام للحياة لا يطبق إلا بأبعاده كلها . فالإسلام ليس  نظرية تقدم حلولاً لوضع معين في مشكلة محددة .

        هذا أمر هام وفي منتهى الخطورة ، ويجب أن نَتَنبه له جيداً . وعلى المسلم أن يتجنب مناقشة فرعيات المشاكل . وما عليه – عندما يُطلب منه حلّ جزئي – إلا أن يسأل :
        إذا كنتم تريدون الحل الإسلامي فلماذا لا ترضون بالإسلام كنظام شامل للحياة ، حيث لا تظهر في مجتمعه أي صورة لهذه المشاكل التي تعانون منها ؟! .

 ثانياً : عيلنا أن نحدد موقفنا من الدين منذ الآن ..
        هل نشعر بحاجتنا إليه ؟ هل نحن سعداء في حياتنا ؟ ..

        إن السعادة ليست مجرد ماديات نتلمسها ونتعامل بها .. إنها الشعور بالرضا ، والرضا لا يكون إلا إذا اقتنع الإنسان بمفهوم معين في حياته ، يعيشه في كل لحظة ولا ينفصل عن إطاره أبداً .. يعيشه غير مرتبط بنزوات أو بعلاقات يخضعه لها فإن توافق معها سار معه وإلا ..
        فالبداية إذاً تنطلق من إحساسنا بالحاجة للإسلام وإلا فسنتعامل معه كنظرية نرفضها أو نقبلها حسب الظروف والأحوال .. والنزوات والأهواء .
ثالثاً : النجاة بالدين تتطلب تعميق العلاقة بين الإنسان وصاحب هذا الدين .. الله سبحانه وتعالى ، الخالق المهمين على سائر كونه . ومن البلاهة أن نتصور إنساناً يبحث في أحكام الدين وهو لا يرتبط بالله ولا يخضع له خضوعاً كاملاً .

رابعاً : بعد ذلك تأتي الأحكام الإلهية كنتيجة لمعرفة هذه الحقيقة السابقة ، وليست الحقيقة بعينها .

 خامساً : إذا عاش الإنسان هذا المفهوم وأدرك هذه الحقائق ، عليه – كضرورة منطقية – أن يبحث في أحكام هذا الدين ، ويعمل على تطبيقها ويبرزها ويوضحها لكل مَن آمن بالله . وهذا واجب علينا جميعاً ، أطباء ومهندسين ومحامين وعُمّالا .. فهذه هي حياتنا ، فكيف نمضي دون أن نتدبر أحكامها ونحن نعيش فيها ؟ ! .    

        إن هناك هدفاً رئيسياً للحياة ، تظهر بجانبه أهداف أخرى ثانوية ، فالمهندس مثلاً لا يعيش حياته من أجل تعبيد الطرق وإقامة المباني والجسور بل يعيش أولاً لعبادة الله والعمل بأحكام دينه ، وما العمل الهندسي إلا ضرورة ثانوية تأتي كنتيجة لعبادته لله ، حيث أمرنا – سبحانه وتعالى – بتعمير هذه الأرض ، وفي هذا المجال نحتاج للعمل الهندسي والطبي .. إلى آخر مظاهر العمل الدنيوي .

        يقول تعالى " قُلْ هَلْ نُنبئكُم بالأخْسَرينَ أعْمالاً ، الذينَ ضَلَّ سَعيُهُم في الحياةِ الدُنيا وهُمْ يَحسبونَ أنَّهُم يُحسنونَ صُنعاً ، اولئِكَ الذينَ كَفروا بآياتِ رَبِّهم  وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أعمالهم فلا نُقيمُ لَهم يَوْمَ القِيامَةِ وَزْناً ، ذلكَ جزاؤهُم جَهَنّمّ بِما كَفروا واتّخذوا آياتي وَرُسُلي هُزُواً "             ( الكهف 103 – 106 ) .          
       

                                                       رياج ططري


No hay comentarios:

Publicar un comentario