miércoles, 11 de abril de 2012

الفَرْدِّية وَالجَماعِية


الفَرْدِّية وَالجَماعِية
                                      
إن الفردية والجماعية طبيعتنان مندمجتان  في كيان الفرد .. والحاجة ملحة الآن وفي كل وقت ، لتربيتهما تربية توافق روح الإسلام ، وتُقيم توازناً رائعاً بينهما .. مما يكفل للمسلم حياة متزنة تضمن له الشعور بالفردية المتميزة وتكلف له الميل المقابل للاندماج في الحياة الاجتماعية .

والأصل أن الشريعة تدور حول حماية الكليات الخمس للفرد وهي : الدين والنفس والعقل والنسل والمال ، كما أن المسؤولية تقع على كاهله كفرد ( ولا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزرَ أخرى )  ، بالإضافة إلى كون تأثير الفرد في المجتمع ايجابياً ، يكون بأداء دَوْر الرِيادة والإرشاد ، وهذه سنة الأنبياء والمصلحين .

لذا فإن الميزات التي يَتَربّى عليها المسلم ، ليكون شخصية مؤثرة فاعلة هي : التقوى ، والاستقامة ، والعلم ، والمسؤولية ، والايثار ....

وأما عن خصائص الحياة الجماعية ، فهناك عناصر هامة ، تمتاز بها الحياة الجماعية في الإسلام ، تستنبط من الآيات الكريمة التي تبرزها ، وأهمها الحياة الجماعية لكائِنيْن ضَعيفيْن ، النحل والنمل .

1- التنظيم : فالتنظيم في حياة الفرد المسلم ، مرتبط بتكوينه النفسي والعملي ، إذ أن جذوره عميقة في كيانه ، وأصيلة في تفكيره ، وهذا مما يكفل :

-         الراحة العملية عند التنفيذ .
- والوحدة الرصينة بين الأفراد .
- ويسهل العمل الهَني بين الناس .

                وهو يجمع بين البساطة والحكمة ، والأحكام ، فلا هو مقيد ( بيروقراطي ) ولا مائع ( ديماغوجي ) . لذا فمن يمعن النظر في تعاليم الإسلام وتكويناته ونظمه ، يرى دون مجال للبس أو إبهام ، صورة دقيقة عملية ونموذجية تبدأ من الفرد وتنتهي بالدولة ، وفق تناسب عجيب ، بين الايمان والعبادة والمسجد والمعاملات والأحكام ... مما يوفر هيكلاً عملياً مُريحاً ليس له نظير .

                2- التخطيط : لقد حَثّ القرآن الكريم ، في سورة يوسف ، عند تفسير الرؤيا ، على التخطيط ، ذلك أن طبيعة الحياة الاجتماعية تستدعي ذلك ، وبكافة الأبعاد .. لِتَجنّب الظلم ، والوفاء باحتياجات الناس ، ولتأمين الفرص المتكافئة لهم جنيعاً .

                3- التحديد : ويكمن في دقة التحديد الوظيفي ، بحيث يتمكن الفرد من القيام بدوره على أكمل وجه ، وبذلك يستفيد المجتمع من كافة الكفاءات المتوفرة حين يضع الرجل الكُفؤ المناسب ، في مكانه الملائم لقدراته وإمكاناته .

                إن الإنسان المسلم – في المجتمع الإسلامي – عندما يؤدي دوره المجدي والمحدد ، في المجتمع المترابط والمعقد ، يشعر بأنه بقف على ثغر من ثغور الإسلام ، يَذود عن قلعة من قلاعه ، لذا فهو مطمئن لعمله يرى فيه جهاداً صادقاً ، عندما يؤديه على أكمل وجه .. وهو يشعر أيضاً بأنه متعاون بإحكام مع إخوانه في أداء المهمات الحياتية ، والمتشابكة ، مدركاً بوضوح مكانه في المجموع العام .

                4- الاهتمام : إن الاهتمام ، في الحياة الاجتماعية ، يكفل لها النماء والازدهار ، وأول هذا الاهتمام يَصبّ على قيام الخلية الأولى ( الأسرة ) ، وبعده تتصاعد الاهتمامات وتحدد ، فمنها ما يكون واجب على كل فرد ، ومنها ما هو واحب كفائي ، إذا قام به البعض سقط عن الآخرين – فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( مَن لم يَهتَمّ بأمر المُسلمين فليسَ مِنهم ) .

                5- الوضوح : إن التصور الصحيح الواضح للبناء الاجتماعي في الإسلام ، وضوح أهدافه وأغاياته ووسائله .. يسمح للفرد الوُلوج إليه بيُسْر وسهوله ، فيتأثر بروحه ويندمج بنظمه ، ينفعل به ويفعل ، وهذه خصيصة لا تتواجد بصورتها الجلية ، إلا في نظام الإسلام ( صِبْغَةَ اللهِ ، ومَن أحسَن مِنَ اللهِ صبغة ونحنُ لَهُ عابِدون ) .

                6- الوَعي : وهو أهم عنصر وأخطره في بناء الحياة الاجتماعية الرائدة ، ففيه يظهر الفهم العميق لمقاصد الإسلام ومراميه ، فلا يُخدع مسلم  بما يأتي من الحضارات الفاسدة المزيفة .
                   والوعي يضمن الفهم الصحيح في التطبيق العملي .. ويوجب على الأفراد إسناد الأمر لأهله بمسؤولية .. من خلال تصور اجتماعي واحد متكامل ، تنتفي فيه التًحَزُبات  والعصبيات ، وتَشَبُث المرء برأيه ، واعتزازه بما يقول .

                   إن الموجة التي يمتطيها بعض الناس ، تدفعنا لمزيد من الوعي والالتزام بشرع الله ، والاحتكام إليه في كل صغيرة وكبيرة ، لكي نستطيع أن نبقى على وعي كامل في سائر أمورنا .

                وبعد :
                إن الحياة الاجتماعية بخصائصها الهامة المبينة آنفاً ، تبدو لنا مُنظمة ، مُخططة ، مُحددة الأهداف والمرامي ، مسؤولة ، واضحة الأسلوب والوسائل ، واعية في نهجها وحركتها .  


                                                                                                                                                     رياج ططري

No hay comentarios:

Publicar un comentario