viernes, 25 de febrero de 2011

نظرات في العمل الجماعي



عندما تقرأ بحثاً في موضوع “ العمل الجماعي ” ، في آدابه وشروطه وحث النصوص الكريمة عليه والأمثلة الحية التي تضرب من حياة الصحابة في تطبيق ذلك، تنتشي أنفسنا وترتاح أفئدتنا ، فمنّا من يعقد العزم على تمثل ما قرأ في شخصه حالاً ، ومنّا من يرى ما يقوم به من عمل إنما هو مثال صادق لما يقرأ ، ومنا من يرى في ذلك ضرباً من النظرية لا تطبيق له في واقعنا الحالي .

ونحن - في كلامنا هذا - لن نخوض في تحليل كل موقف أسبابه ودوافعه فلذلك مقال آخر بإذن اللَّه ، إنما نعرض الآن لأمر نراه حيوياً في عملية نقل الفكر النظري المسبوك في قوالب مختلفة في معظمها قوالب تقريرية وصفية ، أي تقرر الآداب واحداً فواحداً ، وتعرض الشروط التي يجب أن تتوفر فيمن يمارسون العمل الجماعي ، ونضرب أمثلة من هنا وهناك ، جلّها مستقى من حياة الرعيل الأول الذي رباه رسول اللَّه r على عينيه ولكنها في كثير من الأحيان منتزعة من سياقها مما يفقدها كثيراً من الفائدة التي تتحصل عند دراستها في جوها وأشخاصها وما سبقها من حوادث وما نجم عنها من وقائع ، أي أن عرضها منزوعة من جوها الحي الذي حدثت فيه يفقدها الأبعاد الحقيقية للحادثة والفوائد التي يمكن أن نستنتج منها . ذلك أنه عند استلال المثل من سياقه ، يربط في كثير من الأحيان بخيال المتحدث وما يريد أن يدلل عليه بإيراده للنص ، وفي ذلك ليٌّ لأعناق النصوص وتسخيرها لما يريد ، مما قد يؤدي إلى الابتعاد عن جوهر النص ومبتغاه ، وفي ضرب المثل - بالإضافة لما ذكرنا آنفاً - ملاحظات :

أولها : اقتصار الأمثلة على كبار الصحابة مما يولد في نفس الإنسان شعوراً بعدم إمكانه الوصول إلى هذه القمم الشاهقة ، وبأنه لا طاقة له ولأمثاله على الاقتداء بها ، بله أن تكون شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم هي المحور وهي مضرب المثل الأوحد .

ثانيها : عدم إكثار الأمثلة من حياة الصحابة “ المغمورين ” الذين كانوا - هم أيضاً - محور الحياة اليومية ومضرب المثل في كثير من تفاصيلها وجزئياتها .

ثالثها : التركيز على الأمثال في الأمور الجلل ، وعدم ذكر أو الإقلال من ذكر القضايا التربوية البسيطة التي كان لها الدور الأبلغ في صقل النفوس وتثقيفها
رابعها : إهمال كثير من الجوانب العملية في الحياة الأسرية فيما يتعلق بجانب التربية على العمل الجماعي على الرغم من أنها هي المحضن الأساسي في هذا الجانب من التربية كما هي في سائر أمور التربية .

العمل الجماعي عمّ جميع المناحي :

والمطلع على جوانب التنفيذ والتربية - الإدارية والتنظيمية - وما حدث فيها من تطور في العقود الأخيرة ، يرى إدراج هذه الملاحظات وغيرها كثير ، في التطبيقات التي تأخذ مجراها في حياة الفرد والجماعة في المستويات كافة ، في البيت والمدرسة والمصنع والحقل والمكتب ، وفي جهاز الدولة الإداري ، وفي مجال النقابة والجمعيات ومختلف الأنشطة التي تمتاز بكونها لا تقوم إلا بروح جماعية يسودها التفاهم وينظم مسارها وعي بأهدافها مستوحى من خلفية ومعلومات يلتقي عليها جميع أو جلُّ من يساهم بالنشاط مهما كان نوعه .

لكل ما سبق فإننا نرى أن تسليط الأضواء على الجوانب الدقيقة والحوادث اليومية بأجزائها التفصيلية للتطبيقات التي تمارس في أعمالنا حلوها ومرها ، صحيحها وخطؤها ، نجاحها وفشلها ، كل هذه الوجوه تغني ثقافتنا في هذا المجال وتزيد من وعينا في الممارسة الواقعية للعمل الجماعي .

تنزيل المثال على الواقع :

في سرد حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على فئة من الشبان : وكيف لم يستثنِ المصطفى نفسه من المساهمة في العمل  الجماعي عندما كان وأصحابه خارج المدينة فتوزعوا بينهم العمل واستثنوا رسول اللَّه ، فاستنكر ذلك صلوات اللَّه وسلامه عليه وقال : « وعليّ جمع الحطب » .

إن هذا السرد الحي يولد الاستجابة بدافع وحماس كبيرين ويدفع الناس لتمثل حياة الرسول صلى الله عليه وسلم والبحث عن تفاصيلها ويصل بعدها إلى أنه يستطيع أن يحتذي بسيرته وحياة الصحابة الكبار ويصبح بمقدوره الصعود إلى الأعلى دوماً وأبداً .

من حصيلة التجارب اليومية :

- مشاركة أفراد الهيئة - أي هيئة - في اتخاذ القرار - لكي يكون قراراً جماعياً - ولو أن ذلك الرأي كان رأي فرد واحد منه لأن تبنيها له يجعله رأياً جماعياً ويتلقى تأييد الأفراد كلهم له .

- يجب وضع اللوائح المنظمة قريبة المتناول واضحة الأسلوب ، مرتبة المادة ، قريبة المأخذ ليسهل التعامل معها بل وحفظها إن أمكن .

- عندما يطرح الرأي أخ معين ، يبسط فيه قناعته لا يعني هذا إلزام الآخرين به ، بل يجب أن يكون مفهوماً لدى الطارح وسائر الإخوة أنه مجرد عرض لرأي فإن تلقى القبول منهم أو من معظمهم أصبح ملكاً لهم جميعاً وغدا رأياً جماعياً .

- لأن مشاركة الآخرين نجاح وتعليم وتكريس لفكرة العمل الجماعي وخاصة إذا كان العرض بهدوء مع التحلي بالصبر والتؤدة في الشرح والبيان .

- كثير من الأحيان نغفل ونملّ من التعريف بالعمل الذي نقوم به ، ربما سهواً ، أو ربما لأن العمل يستغرق جهود من يجب أن يقوموا بالتعريف به ، مما يبعدهم وينسيهم القيام بهذا الأمر الضروري وهذا تقصير كبير لأن التعريف بالعمل والنشاط مجلبة لتعاون الآخرين ، وزود عنه وخاصة تجنب الاتهام لعدم العلم والمعرفة به فالمرء عدو ما يجهل .

- وإذا عرض التعريف في قوالب واضحة وسهلة من قبل أفراد ومؤسسات هم موضع ثقة الناس فإنه لا محالة إن لم يكسب التأييد القوي والتعاون فإنه أقل تقدير يدفع الأذى عن العمل . إن الخطأ الذي يقع فيه كثير من الإخوة القائمين على العمل - لمعرفتهم به وانغماسهم بأجزائه - أنهم يظنون أن الآخرين يدركون ذلك ولكن كيف ؟!

نصائح يجب أن توضع موضع التنفيذ :

- إن من أوجب واجبات العمل الجماعي ، بل يقف نجاحه وفعاليته على ذلك ، أن يوجد البدائل المكافئة والمتعددة ، وأن يعمل على عدم تركيز العمل في شخص واحد أو عدة أشخاص ، حتى إذا ما غادر الفرد أو هذه المجموعة الصغيرة اندثر العمل و اهتز ، أو على أضعف الاحتمالات يتأثر تأثراً ملموساً .

ونحن ندرك الصعوبات في هذا الأمر ، ولكن لا مندوحة عنه ولا مناص ولا بد من التذكير به مراراً وتكراراً حتى نتلافى الوقوع فيه .

- إدراك أن لكل أخ فترة “ شرة ” فيجب الانتباه لذلك من فعل إخوانه من أصحاب الهمة والإرادة والسابقة ، ومساعدته على التغلب على ذلك ، وعدم مساعدة الشيطان عليه .. ولا شك بأن من السلبيات التي تؤثر على العمل الجماعي وقوع الإخوة فريسة الفترات بين الحين والآخر ، مما يولد الملل والتراجع

- إن نقل المعلومات ، وإعطاء وقت كافٍ لكي تستوعب من سائر الإخوة بطريقة صحيحة ومبسطة ، بعد ربطها بما قبلها وما يراد منها لاحقاً كفيل بنجاح التعاون في تنفيذها ، وحذار حذار من الوقوع في خطأ الأحاديث الجانبية واستبدالها عن الموضع التي يجب أن تذكر فيه كالهيئة المعنية أو القناة التنظيمية .

- إحياء نية الاحتساب في العمل الجماعي والتذكير بثوابه الكبير ، وخاصة بتحمل المصاعب الناجمة عنه ، لأن الممارسة تنتج كثيراً مما يكرهه الفرد وما يسمع وخاصة أولئك الذين يتمتعون بحساسية كبيرة .
- إن نكران الذات والصبر على المكاره من شروط العمل الجماعي ، فليوطن كل عامل نفسه على التحلي بهذه الخصال ، لأنها كفيلة برأب الصدع ، وتلافي النقائص ، وسد الثغرات .

- ولا بد من إخوة يختاروا من قبل إخوانهم ليتفرغوا للعمل الذي يحتاج لصرف الجهد والوقت ، والمتابعة المتواصلة ، ليكونوا في مركز تنسيق الجهود التطوعية المحتسبة ، القادرين على الاستفادة منها وتوظيفها توظيفاً حسناً ، وبذلك تتضاعف الإمكانيات وتحسن إدارتها وتوزيعها ، ويتشجع كثير من الناس الراغبين في المشاركة في أي عمل من الأعمال من عرض ذواتهم للانخراط في هذا العمل عندما يرون نجاحه وتعدد الوجوه التي ينشط فيها ، فيجد مكانه المناسب بالقدر الذي يستطيعه دون إفراط ولا تفريط .

- ولعل الملاحظة الأخيرة تكمن في عملية تقويم العمل - أي عمل - بعد إنجازه ، أو خلال مراحل تنفيذه ، لأن عملية التقويم ترشد العمل كله ، وتجنبه الأخطار وتختصر الطريق في أعمال مستقبلية أخرى .

- وجميل في نهاية المطاف أن تصدر مذكرة بنتيجة العمل ونشرها ليطلع عليها من قاموا بتنفيذها أولاً ومن شارك بها والناس أجمعون
رياج ططــــري

No hay comentarios:

Publicar un comentario