jueves, 24 de febrero de 2011

المرأة المسلمة والمشروع الإسلامي المنشود

في كثير من الأحيان ، عندما نناقش قضايا معينة ، ننهي كلامنا بقولنا : نميل للشيء الفلاني ، أو لا نميل إلى الشيء الفلاني ولا نصل إلى جواب شاف يروي غليل السامع المتلهف لحل يرتاح إليه ويطمئن لحكمه ويعمل به .
وكثيراً ما يكون تعرضنا للقضية المطروحة - أي قضية - من خلال الجانب النظري البحث المنبت عن الواقع المُعاش ، نرجع فيه إلى أحكام مجردة عن الزمان والمكان والظروف والأحوال .
نحن مطالبون باستشراف المستقبل من خلال رؤيتنا للواقع ، هذا الواقع الذي يهيمن على بلادنا العربية والإسلامية ، هذا الواقع في العالم كله له متطلبات للمستقبل ، ويفرض علينا جميعاً ، وعلى المرأة المسلمة موضوعياً واجبات كثيرة .
بل إن الحقيقة الجلية ، تفرض علينا بأن ننظر إلى متطلبات الإسلام في ظروفنا هذه ، ونحن نرى العالم كيف يتطور - وهو يمضي سريعاً - وإلى أي حد وصلت العلوم والتقنية وعلوم الإنسان .
إن الدنيا لم تعد تحتمل السير البطيء ، وهي لا تنتظرنا لوضع مخططات لعشر سنوات لأن الواقع يفرض علينا ظروفاً ومستجدات في حياتنا اليومية ، يجب أن نتفاعل معها شئنا أم أبينا .
لهذا فإن حاجتنا لمشروعنا الإسلامي العملي المتكامل الملتحم بالزمان والمكان والظروف ، المنسجم مع الإنسان رجلاً كان أم امرأة ، ومخطط مرتبط بذلك لا بالميل أن تفعل زوجتي أو ابنتي هذا أو ذاك ؛ لأنه يروق لي وينسجم مع ذوقي ، أو لأني ألفته وتعودت عليه فأرتاح له وأطمئن إليه ، اطمئناني للعادة التي درجت عليها حتى أصبحت هي الأصل والعرف والقانون ، وفي بعض الأحيان الدين بعينه . ولكن يجب أن ننطلق مما يفرضه الإسلام من واجبات ضمن رؤية مستقبلية مدروسة ، وإطار أساسي واضح قائم على المعايير السليمة والأصول الصحيحة .
لا بد إذاً للمرأة المسلمة من أن تخطو خطوات كبيرة ، ونحن بدورنا علينا أن نساعدها على القيام بواجبها ، لأنها لا تستطيع أن تقوم ضمن الظروف والمعطيات الحالية بأبسط دور من أدوار المرأة المسلمة ، إن استمرت على وضعها ومستواها الحاليين .
خذوا مثالاً : أم في أوروبا ، كيف تساعد أبناءها في تكوينهم العلمي إن لم تكن على نصيب من الثقافة والتعليم ؟ كيف تواجه مجتمعاً أوروبياً معقداً إن لم تكن لديها ألوان من النضج والمعرفة بهذه المجتمعات والأفكار التي تدور فيها وتتحكم بعقول أبنائها ، وكيف تمتلك القدرة على إقناع الأولاد ؟!
نحن نعيش في ظروف يجب أن نعي كنهها ، وندرك معناها ، فعندما تجد المرأة المسلمة تنزل إلى السوق وتلتقي بالناس عامة كل الناس ، فهي طالبة في المدارس والجامعات تجلس مع أقرانها ، وقد تكون طبيبة وصيدلانية ، وقد تمارس كل المهن ، نرى ذلك ونقربه ، إلا فيما يتعلق بالجانب الإسلامي فإننا لا نجدها إلا على الطرف البعيد والهامشي .
أفلا نكون موضوعيين وننظر إلى الأمور بصورة أدق وأشمل ، من أجل أن يكون للمرأة المسلمة دورها المنوط بها في الحياة ، بل يجب أن نقتنع ونقنع الآخرين بأن لها دوراً نحتاجه نحن في حياتنا جميعاً ، إنه ضرورة حياتية ، نحتاجه في تصميم خطابنا الإسلامي المعاصر الذي نوجهه للدنيا قاطبة ، فكيف نغفل عن المرأة في البيت والمجتمع ؟
إن هشاشة مكانة المرأة ، وعدم الاعتراف بدورها الأساسي والهام في بناء المجتمع ، لا يقتصر على عدم تطوير إمكاناتها البشرية ، بل يأخذ الطابع التعطيلي المقصود لنصف المجتمع .
كما أن سبب التخلف والانحراف السائدين في مجتمعنا يرجع في جزء كبير منهما إلى تهميش دور المرأة وإلغاء كينونتها فيه .
وننبه هنا إلى أنه لا مستقبل لمشروع إسلامي قادر على القيام بواجبات الأمة الإسلامية بدون مشاركة فعالة للمرأة . ولا مستقبل للمجتمعات الإسلامية التي تتبنى سياسة معادية للحقوق التي منحها الإسلام للمرأة ، وعلينا أن نقف ملياً أمام المشكل الاجتماعي الذي يجب أن يحظى بالأولوية القصوى إن كنا جادين في رسم معالم مستقبل المجتمع الإسلامي ، وراغبين في تفجير طاقاتنا البشرية وتشجيع الإبداع لفهم وحل الإشكاليات المعاصرة والمستقبلية .
ونشير هنا إلى أن وضعية المرأة وضعية عالمية ؛ فهي مهانة شرقاً وغرباً ، غير أننا نقصد المرأة المسلمة لأن وجودها مكون أصلي في البناء الإسلامي وهو أمر بدهي لا يحتاج إلى دليل ، وإنما يحتاج إلى رسم محاوره في إطار المشروع الإسلامي للإنسان .
إن بعض النساء يقفن مواقف دونها الرجال الكبار فلماذا لا تؤهل المرأة المسلمة ليكون لها هذا الدور الريادي في العمل الإسلامي ؟!
ولنقف على بعض النقاط في معالجة هذه القضية :
1. أن لا ننطلق من نقطة الصفر ، لأن لدينا نحن العاملين للإسلام قضايا مشتركة ، واقتناعات مشتركة ، نعمل بها ومن خلالها ، وإنما نحاول أن نتممها ، فننطلق من النقاط الكثيرة المتفق عليها ، ونضعها قيد التنفيذ ، ونطلق الأيدي والقدرات ، ونشجع الكفاءات والإمكانات ، بصدق وحماس ونزيل العراقيل والعقبات ، حتى يقوم البنيان شيئاً فشيئاً ، ونتمم المشروع بالمتابعة والمراقبة يوماً بعد يوم .
2. لا شك بأن الجلوس والنظر في كل المسائل المتعلقة بالمشروع الإسلامي ، وبدور المرأة فيه ، سيؤدي إلى الوصول إلى خطوات عملية لا بأس بها في شق طريق العمل النسائي الإسلامي ، ومن خلال التجربة نعتقد جازمين بأنه إذا انطلقنا جميعاً من الموقف الإيجابي العملي ، فإن الخطوات ستتلاحق وستفرض نفسها على جميع شرائح مجتمعاتنا الإسلامية وستؤتي أكلها بإذن الله .
3. نعم .. يجب أن يكون للمرأة المسلمة الدور الفعال والمشاركة العملية الحية في صياغة وتخطيط هذا المشروع ، بل ومتابعته ونقده .. يجب أن لا تكون المرأة المسلمة بمعزل عن القيام بهذا الدور الكبير .
رياج ططــــري

No hay comentarios:

Publicar un comentario