martes, 19 de noviembre de 2013

عبد الرحمن: لا أرى بين المسلمين إلا فراغَ الفكر وقحطَ الروحِ



هسبريس - هشام تسمارت
الاثنين 18 نونبر 2013 - 14:45
رغمَ إقلالهِ عن الظُّهور منذ عودتهِ من رحلات العلاج بالولايات المتحدَة، لمْ يتخلفْ فيلسُوف الأخلاق المغربِي طه عبد الرحمن، أمسِ الأحد، عن حضور موعدٍ جمعهُ بثلَّة من الباحثِين ضواحيَ الربَاط، فِي ورشَة نظمهَا مركز مغارِب للدراسات فِي الاجتماع الإنسانِي.
صاحب "سؤال الأخلاق" لمْ يبدِ مرتاحًا لمَا آل إليه وضعُ الإنسان، الذِي تحول إلى آلة، مطلقًا تحذيرهُ ممَّا يرافق ذلك من تجلٍّ وَتجزيء، وخفضٍ للوجود الإنسانِي في صورة تسائلُ السبل الممكِنة لتجدِيد الإنسان وإحيائه، وإخراجهِ من وضعِ الآلة إلى نطاق الآية، يقول طهَ عبد الرحمن.
الفيلسوف المغربِي أوضحَ أنَّ نقل الإنسان من وضع الآلة، الذِي أضحَى عليه اليوم، يتمُّ على عدة مراحل أولها إخراج الإنسان من وضع السلعة إلى ما يناقضُها؛ باعتبارهِ هبة ذَات قيمةِ تحظَى بالتكرِيم، ثمَّ نقل الإنسان من وضع المعلومة إلى نقيضها، أيْ وضع النفخة التي مبناهَا الفطرة والحقيقة، على اعتبار أنَّ الأخذَ بتلكَ المعانِي، من شأنهِ أنْ يرفعَ الإنسانَ ووجودَهُ، لما يترتبُ عنهُ من تكامل.
المفكر ذاته رصدَ ما عرفهُ الإيمان فِي الحضارة الإنسانيَّة من تحول بانتقالهِ من رسمٍ إلى نقلٍ فَوهم، حيث يستغنِي الرسمُ بالقشور عن اللب، ويسوِي النقل بين الإيمان وعدمه، فيما يجعلُ الوهمُ الإيمانَ خاضعًا للهوَى، وهيَ عناصرٌ قال المتحدث إنهَا تعطلُ الحقيقة الإيمانيَّة.
الفيلسُوف المغربِي أوضحَ أنَّ التجديد يكونُ بإخراج الإيمان من الرسم إلى نقيضه، ممثلًا فِي الروح الوجودِي، وبإخراج الإيمان من وضع النقلِ من الأعمال إلى وضعِ الحاجة الإنسانيَّة، التِي لا محِيد عنها. وكذا إخراج الإنسان من وضعِ الوهم الزائف إلى الوضع الجماعِي، الذِي يتحققُ فيه الإيمان كقيمةٍ فِي الوُجود.
فِي المنحَى ذاته، زاد الأستاذ عبد الرحمن أنَّ هناك حاجةً إلى تجدِيد الإنسان بإنشاء الإنسان الموسع، موازاةً مع تحقيق إيمانٍ مشغل وفعال، ذاهبًا إلى أنَّ تحقيق الإنسان الموسع والإيمان المشغل، لا يتحققُ إلَّا بتحصيلِ يقظةٍ رُوحيَّة وفكريَّةٍ شاملة، "لكن، ويا للأسف لا نرى بين أضلعنَا نحن المسلمِين، إلَّا فراغًا فكريًّا وقحطًا روحيًّا.
عبد الرحمن أردفَ في سياقِ قراءته لما يعتملُ في الساحة، حاليا، أَنَّ خطاب الدعوة والفتوَى، اكتسحَ مجال الفكر والروح، وهو خطابٌ لا يمكنُ أنْ يواجهَ التحديات التي أفقرتْ الإنسان وعطلتْ الإيمان، ولا تأسيس فضاء فكرِي وروحِي يكون أوسع من الفكر المادِي الذِي أنتجَ تلك التحديات.
وفي مضمَارٍ ذِي صلة، أردف المفكر المغربيُّ، أنَّ الإشكال الكبير، في يومنا هذا، يكمنُ فِي كيفيَّة جعلِ إبداعنا الفكرِي والروحِي يوسعُ إنسانيتنَا، ويوسعُ الإنسانيَّة بوجهٍ عام، وكيفَ نجعلُ إبداعنا الفكرِي يشعلُ إيماننا من جهةٍ أخرى، لأنَّ الآفتين الخطيرتين المهددتين للإنسانية لا تخرجان عن الإيمان المعطل والإنسان المضيق.
في غضون ذلك، قال عبد الرحمن إنَّ هناكَ أربعة شروط ضرورية للإبداعِ، أولهَا أنَّ لا إبداع من غير تخلص الباحث من عقدة النقص، فِي احتقاره لنفسه وتعظيمه لغيرها، بحيث لا يمكن للإنسان أن يبدع دون أن يكون واثقًا من نفسه.
أمَّا الشرطُ الثانِي فيظهرُ أنَّ لا إبداع من غير أنْ ينمِّي الباحثُ أفكارهُ ونتائجه على قاعدة المجال التداولِي الذِي يختصُّ به، فِي عمدهِ إلى استنباطِ الاستدلالاتِ والإشكالات، انطلاقًا من حقله، بالنظر إلى كون الإنسان موصُولًا غيرَ مفصولٍ، فِي الوصلِ الذِي ينعكسُ على صلته بالآخرين.
ثالثُ تلك الشروط يقوم، فقَ عبد الرحمن، على ما مؤداهُ أنَّ لا إبداع من غير تجاوز الإحاطة بالمضامين الفكريَّة والمعرفيَّة المنقولة، والتمكن من الآليَّات التِي صيغتْ بها، على اعتبار أنَّ الأصلَ في النصِّ مفاهيمه واستدلالاته.
زيادةً على ذلك، يقول فيلسوف الأخلاق إنَّ الشرطُ الرابع يفرضُ تقديم بدائل، لأنَّ لا إبداع من دون القدرة على تصور الأخيرة، التي أضحَى تقديمها نادرًا اليوم، ضاربًا المثل بالإعلام، الذِي غالبًا ما يلجأ إلى محاكاةِ أفكار برامج أخرى، فِي سياقٍ أضحتْ سمته الجوهريَّة فقدان القدرة على التخيل، "ومشكلَة الأمَّة أننَا لمْ نعدْ نعرفُ طريقًا إلى الإبداع" يقول عبد الرحمن.
وعن كون العلمانيَّة متخفيَّة فِي العلم، قال عبد الرحمن إنَّ العلمَ انبنَى أساسًا على العلمانيَّة، لأنَّ أولَ من فصلَ بين العلم والإيمان هو ابن رشد، فأصبح العلمُ مستقلًا منذُ ذلك الحين عن الإيمان، وَأصبحنَا نسمعُ ما مفادهُ أنَّ لا أخلاقَ فِي العلم، فلمْ يعد العالم يشغل بالآيات بقدر ما يشغل بالظواهر، فوقعَ طلاقٌ مع المعالجة الآياتيَّة.
التصورُ المذكور ليسَ علميًّا حسب المفكر، وإنمَا تصورٌ إيديلوجِيٌّ، فضلًا عن كونه قرارًا تعسفيًا ينقطعُ عن مساءلَة ما وراء الظاهر ومخاصمة الحقيقة الإلاهية، بالرغم من الإقرار بوجود حاجةٍ لدى الباحث إلى الحديث عن مستويات الواقع.
إلى ذلك، خلُصَ المفكر إلَى أنَّ لا وجودَ لفكرٍ إسلامِيٍّ حديث، منبهًا إلى اعتبار البعض الإسلامَ مجردَ فقهٍ ودعوة، فيما يستدعِي الفكر خلقَ خطابٍ استدلالِي على القضَايَا العقديَّة.
"الموجود لا يتجاوز الخطاب الوعظِي الإرشادِي، القائم على دغدغة العاطفة، وهو ما لا يمكنُ أنْ يُسْتعان به لمواجهة الخصم، "الساحةُ أحوج إلى الفكر منها إلى الموعظة". يزيد المتحدث.
وبشأن ما يثارُ حول عودة الدين بقوة إلى الواجهة، لمْ يبد عبد الرحمن آبهًا، لما قالَ إنَّها روحانيَّات بلا إله فِي كثير من مناحيها، وانتشارٍ لجماعات متطرفة، فِي الوقتِ الذِي كان جديرًا بالمسلمِين أنْ يضعُوا تصورًا للإيمان يخرجُ الإنسانيَّة من التِيه الذِي تتخبطُ فيه، لوْ أنهم قعدُوا لنظريَّاتٍ أخلاقيَّة إسلاميَّة.

domingo, 24 de marzo de 2013

بيان إلى الشعب السوري العظيم



بيان إلى الشعب السوري العظيم

بسم الله الرحمن الرحيم

شعبَ سورية الصابرَ المجاهد .. سلام الله عليكم وبعد ؛
فإننا نُذبح تحت سمع العالم وبصره منذ عامين ، من قِبل نظام متوحش غير مسبوق.
كثيرون هم من قدَّموا يدَ عون إنسانية صرفة ، ونشكرهم جميعاً.
إلا أن هناك واقعا مراً وهو ترويض الشعب السوري وحصارُ ثورته ومحاولة السيطرة عليها.
كل ما جرى للشعب السوري من تدمير في بنيته التحتية ، واعتقال عشرات الألوف من أبنائه ، وتهجير مئات الألوف ، والمآسي الأخرى ليس كافياً كي يُتخَذ قرارٌ دولي بالسماح للشعب أن يدافع عن نفسه.

من هو مستعد للطاعة فسوف يدعمونه ، ومن يأبَ فله التجويع والحصار. ونحن لن نتسوّل رضا أحد ، وإن كان هناك قرار بإعدامنا كسوريين فلنَمُت كما نريد نحن، وإن باب الحرية قد فُتح ولن يُغلق ، ليس في وجه السوريين فقط بل في وجه كل الشعوب.
لقد أضاع النظام برعونته أثمن الفرص من أجل مصالحة وطنية شاملة ، وحاولت العديدُ من الجهات الدولية والإقليمية جرَّ المركب السوري إلى طرفها.

رسالتنا إلى الجميع أن القرار السوري سوف يتخذه السوريون ، والسوريون وحدَهم.
وكنتُ قد وعدت أبناء شعبنا العظيم ، وعاهدت الله أنني سأستقيل إن وصلت الأمور إلى بعض الخطوط الحمراء ، وإنني أبَرُّ بوعدي اليوم وأعلن استقالتي من الائتلاف الوطني ؛ كي أستطيع العمل بحرية لا يمكن توفرها ضمن المؤسسات الرسمية. وإننا لَنفهمُ المناصب وسائلَ تخدم المقاصد النبيلة ، وليست أهدافا نسعى إليها أو نحافظ عليها.

سنتابع الطريق مع إخواننا الذين يهدفون إلى حرية شعبنا ، وستكون هناك رسائل وتفاهمات مع كل الأطراف التي تشاركنا الآلآم والآمال.
قليلاً من الصبر يا شعبنا .. أليس الصبح بقريب ..

والسلام عليكم ورحمة الله

أحمد معاذ الخطيب

martes, 12 de marzo de 2013

الجاليات الاسلامية في الغرب



الجاليات الاسلامية في الغرب والأوضاع في العالم العربي
د. كمال الهلباوي

2012-12-30



سافرت الى أسبانيا يوم الجمعة 21.12.2012 لحضور مؤتمر إتحاد الجمعيات الاسلامية في فالينسيا ( بلنسية ). جاء سفري في اليوم السابق على الجولة الثانية من الاستفتاء على الدستور يوم السبت 22.12.2012.
وكنت قد استفتيت في الجولة الاولى في القاهرة في الاسبوع السابق.
قبل الحديث عن المؤتمر والأوضاع في مصر والعالم العربي أود أن أعبر عن شكري للدكتور باسم يوسف الناقد الفذ الذي يفضح التقصير والنفاق بروح مرحة وجميلة في مصر دون إنحياز أو تعصب أو خوف أو تردد.
وقد تألمت وأتألم إذ أن بعض الإسلاميين يظنون أن الأمر قد إستتب لهم بالإستفتاء على الدستور بكلمة نعم وإستكمال مجلس الشورى بالتعيين وتحويل مساره ليكون هيئة تشريعية ونقل سلطة التشريع له مؤقتاُ حتى يتم إنتخاب مجلس شعب (برلمان جديد) ولكن الأمر لن يستتب في مصر حقاً إلا إذا رجع الشعب إيد واحدة وساد الإنصاف والمساواة والحريات ومراعاة حقوق الإنسان كاملاً أياً كان إنتماء ذلك المواطن بعيداً عن الإتهامات الكاذبة والتعصب الأعمى والتصنيف الخاطئ في ظل التنوع والإختلاف.
الانقسام الحاد والاستقطاب لازال ظاهرة واضحة في المجتمع المصري وقد تستمر لعدة سنوات حتى تهدأ الأمور، ويدرك الجميع في السلطة وفي المعارضة، أن الوطن يستحق أداءً أفضل في ظل ديموقراطية واعية وتنافس سلمي على السلطة.
لم يهدم الصحابة ولا السلف الصالح - رضوان الله تعالى عليهم- في غزواتهم الكنائس ولا المعابد(لكم دينكم ولي دين) ولو أمنا بذلك حقاً لأحترمنا دور العبادة، ولأصبح الإخاء الإنساني حقيقة واسعة وكانت الحروب والصراع إستثناءاً ولتعمقت حقوق الإنسان ولأدركنا مغزى كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه (الناس إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق).
بعيداُ عما حدث في أسبانيا وبعيداُ عن ما حدث في الحروب الصليبية وما حدث في غيرها من حروب وأخطاء وقع فيها الجميع فإن ما يحدث في سورية اليوم من مجازر بين المسلمين أنفسهم وماقد يحدث أكثر بسبب الطائفية والعرقية- لا يكاد يصدقه عقل.
المواطنون يذبحون بعضهم بعضاُ من الوريد إلى الوريد وكأنهم طيور أو ماعز.
وما يحدث في الصومال منذ سنوات بين مواطنين مسلمين وبعضهم من الإسلاميين وتحت حكومة إسلامية لا يكاد يصدقه عقل. خشيتي على مصر والعالم العربي كبيرة رغم الفوارق الثقافية والحضارية ولكن معظم النار من مستصغر الشرر.
إن كل اللذين قالوا 'نعم' أو قالوا 'لا' لا يتجاوزون ثلث من يحق لهم التصويت.عجز الجميع عن تحريك الغالبية ولا ينبغي المقارنة في الإستفتاءات بين ماقبل الثورة ومابعدها.
أفيقوا أيها العقلاء.الشرعية التي تتكلمون عنها هي شرعية الأقلية التي عمقت الإنقسام المجتمعي في وطن جريح ظل ينزف بقوة 30 سنة أو أكثر.العقل العقل يامن قال نعم والصبر الصبر يا من قال لا، مصر أكبر من كل أولائك.والدين أكثر رحابة وسماحة مما يفعل بعضهم.
ومن الظواهر الشاذة والخطيرة التى تعد من الفوضى - وليس الحرية ـ أن تمتلك جماعات بشكل جماعي أسلحة ولو مرخصة، ومن ذلك حصار مدينة الإنتاج الاعلامي والدستورية، والاتحادية وما صاحب ذلك من أعمال عنف تصل الى حد الإرهاب، ومن ذلك ايضا إحراق مقرات الاخوان، وإحراق مقر حزب الوفد، ومحاصرة النائب العام الذى جاء تعيينه من رئيس السلطة التنفيذية، والاعتداء على المستشار الزند، وإستقالة النائب العام ثم تراجعه تحت ضغط ولكن للحفاظ على هيبة القضاء، ومن التحديات والفوضى ايضا استحلال هيبة الدولة أو غيابها، وتصريحات البرهامي ضد مواقف الازهر، ومن ذلك ايضا، تصريحات المرشد في الرسالة الاسبوعية التي أثارت ضجة في القوات المسلحة عندما قال: جنود مصر طيبون لكنهم يحتاجون الى قيادة رشيدة توعيهم بعد أن تولى أمرهم قيادات فاسدة.
فجاءت الردود قوية من وزير الدفاع مما أدى ببعض الاخوان المسئولين وبالمرشد نفسه ان يحاول الخروج من المأزق الذي وضع نفسه ووضع الجماعة فيه.
وعلى مستوى دول الخليج كان هناك مؤتمر القمة الخليجي الثالث والثلاثين في المنامة بالبحرين، وكم كانت صادمة تصريحات وزير الخارجية السعودي عندما قال: إن إيران لم تكف عن التدخلات في الشؤون الخليجية وفي الشؤون الداخلية للدول العربية لإثارة الفتنة، ولا يقبل أحد أي تدخل من إيران او غيرها في شؤون الدول الاخرى، ولكننا نسأل الامير فيصل عن الوجود الامريكي في الخليج بهذه الكثافة دون إشارة واحدة من مؤتمر القمة الخليجي الى ذلك الاحتلال وتلك القواعد العسكرية الامريكية ولا متى سترحل، ولكننا اعتدنا تلك التصريحات من وزير الخارجية السعودى في مثل هذه الأزمات عندما صرح بأن مواجهة حزب الله في لبنان لإسرائيل كانت من قبيل المغامرات غير المحسوبة.
وفي المملكة العربية السعودية أيضاً رأينا بعض المحتسبين والمنتسبين إلى هيئة كبار العلماء وهم يحذرون وزير العمل السعودي بالدعوة عليه شهراً كاملاً في الحرم وأن يصيبه الله تعالى بالسرطان إذا قام بتوظيف النساء حتى في محلات الملابس والأدوات النسائية ولم يمنعهم من العمل خشية التحرش بالزملاء من الرجال أو المشترين.
أما على الساحة العراقية فلا يزال الأمر خطيرا منذ الاحتلال الامريكي لبغداد في 2003 وإعدام صدام حسين الذى لم ينه التحديات ولا المشكلات، ولم يستتب معه الامن المنشود ولا الوحدة الوطنية المطلوبة، مما يشير الى خطورة الامر خصوصا عندما نتخلص من الديكتاتوريات العربية بمساعدة خارجية لدول لها مصالح في بلادنا.
والوضع في سورية حتى بعد زوال الاسد ونظامه بإذن الله تعالى، وقد يتم ذلك ـ للأسف ـ على اطلال بل وحطام سورية مما يجعل سورية كيانا ـ بعد التحرير ـ لا يستطيع حراكا حراً وكاملا، إذ ان جميع الاطراف خاسرون، والمستفيد فقط من الصراع هم أعداء الأمة.
ونحن نشهد صراعاً شبه عالمي في سورية بحضور روسي وأمريكي وكأن ذلك عودة إلى الحرب الباردة التى عانت منها الدنيا بأسرها.
هذا شيئا مما يدور على الساحة العربية والمصرية مما يدل على شئ وافر من الإفلاس السياسي والأخلاقي والوطني مما قد يمهد بشكل سريع للإفلاس الإقتصادي.
كان سفري إلى إسبانيا لحضور مؤتمر إتحاد الجمعيات الإسلامية في فيلنسيا ضمن إهتمامتي بالجاليات الإسلامية في الغرب منذ أوائل السبعينات.حضر المؤتمر في أسبانيا مجموعة من الضيوف منهم الشيخ الدكتور جمال عبد العزيز ـ مبعوث الأزهر إلى فالينسيا ـ وألقى محاضرة جميلة عن تفاعل الاسلام مع الحضارات والثقافات العالمية.حمدت الله تعالى أن يكون للأزهر و لمصر وللعالم الاسلامي مبعوثون وأئمة وخطباء على مستوى عال من العلم، للتعريف بالاسلام الوسطي.
ولزيادة الفائدة تمنيت ان يقوم الازهر بإعداد المبعوثين والائمة والخطباء وتعليمهم لغات البلاد التي يوفدون اليها بتعليمهم اللغة الاجنبية ولو لمدة سنة قبل البعثة، وذلك في كليات اللغات والترجمة والألسن حتى تكمل الفائدة، أو ان تقوم الجمعيات والمراكز الاسلامية في البلاد التى يوفدون اليها بتعليمهم اللغة الاجنبية لمدة سنة منذ البداية أو الوصول، حتى يتسلح الدعاة بسلاح اللغة في تلك البلاد فتزداد الفائدة.
وتمنيت أن يعتبر أولئك العلماء والائمة والدعاة تلك البعثات دعوة وليست وظيفة، فيكون لهم منهج تعليمى تربوي دعوي في المراكز والبلاد التي يوفدون اليها فضلا عن الإمامة والخطابة والمحاضرات العامة.
وقد تمنيت أن نهتم اهتماما بالغا بالمسلمين الجدد من الغربيين خصوصا لأنهم أعلم ببيئاتهم، بعد ان استمعت الى صرخة الشباب المسلم في الغرب وصرخة المسلمين الجدد بأن حاجتهم شديدة الى الإعداد التربوى والتكوين الشامل.
تذكرت الدورات التدريبية التى تعلمنا فيها القرآن على ايدي كرام الدعاة، والدعوة واساليبها، والحديث وعلومه، والفقه ومدارسه ومذاهبه، وأصول الفقه، والتاريخ الاسلامي والتحديات التى تواجه الاسلام والدعوة الاسلامية، ودراسة الحركات الهدامة والاستعمار والاستشراق....الخ.
تذكرت ذلك كله وأنا أدرك حاجة الشباب المسلم في الغرب ولو لمقدمات في تلك العلوم.
تناولت في محاضرتي ثم في الندوة التى شاركت فيها مع المسؤلين على الاتحاد في أسبانيا ومنهم الاستاذ رياج الططري والاستاذ إيهاب فهمي وغيرهم، التحديات والمشكلات التي تواجه دول الربيع العربى وخاصة مصر، ومنها الانقسام الحاد في المجتمع حتى بعد الجولة الثانية من الاستفتاء، الذي كان يجري في نفس يوم المؤتمر.
تقع مدينة فالينسيا في بلاد الأندلس التى حكمها المسلمون ثمانية قرون في جنوب شرق أسبانيا اليوم، وفي الوسط تقريبا بين ملقا وبين برشلونه المشهورة بكرة القدم.
كان الرومان في سنة 138 قبل الميلاد يسمون تلك المدينة فالينسيا ـ القلعة وكذلك الفأل الحسن -.
دخل الاسلام المنطقة في سنة 709 وبدأت الحروب ضد الاسلام في 1094، ثم نجح الملك جيمس الأول في سنة 1238 في إخضاع فالينسيا بعد خمسة اشهر من الحصار الشديد.
ثم جاء طرد الموريسكيين وحلت محلهم عائلات وأسر من مناطق أخرى معظمها من كاتالونيا التى تسعى للإنفصال حاليا وأراجون وكذلك تم إجبار من بقي من الموريسكيين على تغيير اسمائهم وإعتناق المسيحية في عهد فيليب الثالث وبقرار منه.
وقد اصبحت فالينسيا في عهد ألفونس المعظم إحدى أهم المدن الاوربية في القرن الخامس عشر لحضارتها وجمالها.
من سماحة الحكومة الاسبانية القائمة أنهم لم يزوروا هذا التاريخ بل لازالوا يكتبون ذلك التاريخ حتى في كتب وأدلة السياحة.
من أهم ما يشاهده الزائرون للمدينة برج ميكاليت الذي يزين كاتدرائية فالينسيا ويبلغ إرتفاعه 51 متراً.
والذي يمكن رؤيته من أى مكان في المدينة القديمة.أما الجدران والابراج والبوابات والتحصينات فمنها ما هو روماني ثم إسلامي موريسكي ثم غربي حديث.
وكل ذلك يذكرنا بالآثار الرومانية أو الاسلامية في البلاد التى فتحها الاسلام.
كانت هذه الكاتدرائية مسجداً من قبل وكانت كنيسة أيام الرومان قبل ان تكون مسجدا ايام المسلمين.هل نستقي دروساً مفيدة من ذلك التاريخ أن تستمر طرق التفكير السلبية ونحن نعالج قضايانا في العالم العربي وقضايا الجاليات المسلمة في الغرب.
وفي النهاية أخشى على دول الربيع العربي وفي مقدمتها مصر، أن تشهد ضغطاً من أصحاب الهيمنة العالمية، في مجالات عدة منها الأمنية والاقتصادية خصوصا وقد لا تستطيع معه ان تتحرك بحرية كاملة أو تحافظ على استقلالها التام.
وقد رأينا ضغوطا وتحزبا واستقطابا على الساحة العربية والاسلامية، نأمل الخير للجميع وبناء مستقبل يليق بالثورة المصرية السلمية الحضارية العظيمة.

' كاتب مصري

domingo, 7 de octubre de 2012

تفجيرات النّرويج



تفجيرات النّرويج كانت لتأجيج الصراع مع الإسلام

الدكتور العربي كشاط عميد مسجد ''الدعوة'' في فرنسا لـ''الخبر''

الأربعاء 10 أوت 2011 سطيف: عبدالرزاق ضيفي
 

دور مسجد باريس تراجع كثيراً

أكّد الدكتور العربي كشاط، عميد مسجد الدعوة بفرنسا في حوار خصّ به ''الخبر''، أنّ الغرب صار مذهولاً بالعدد الكبير للمسلمين في مختلف الدول العالمية والأوروبية خاصة، وانتقل في المرحلة الحالية من مواجهة الإسلام والصدام والعنف المبرمج، إلى محاولة احتوائه وذوبان الأقلية المسلمة في الغرب بدل مطالبته بالرّحيل.

باعتباركم أوّل إمام بفرنسا يلقي خطبة الجمعة باللغتين العربية والفرنسية، ألاَ ترى حالياً  أنّ دور مسجد باريس بدأ في التّراجع عن تمثيل الأقلية المسلمة هناك؟

  المسلم يحمل هم ربط الصلة بين النّاس جميعا وبين رسالة الإسلام التي تخاطب النّاس، ومن أجل جعل هذه الرسالة تصل بشكل سليم إلى الطرف الآخر، فلابدّ من اللغة السليمة، وحالياً مسجد باريس لم يواكب التطور الكبير للأقلية المسلمة هناك، ومَن لا يتطوّر يتم تطويره من طرف الغير، وهو ما ينطبق على مسجد باريس، فإذا طوّره الغير يكون حسب أهوائهم وأهدافهم المبرمجة، وبالتالي يعطي المقود إلى غيره. يجب على المؤسسات الدينية في فرنسا أن تلتزم بدورها في تنشئة جيل مسلم حتّى ولو كان في الغرب، وكلّ تهاون عن هذا الدور يعتبر جريمة حقيقية.

من دون شك تابعتم الانفجارات المهولة التي حدثت بالنرويج في المدة الأخيرة؟

 في الحقيقة لقد صدمنا وانتابتنا موجة من الخوف من هول ما شاهدناه، خاصة أن النرويج لم يسبق أن حدث بها أيّ عمل من هذا النوع. لكن الحمد لله فالفاعل لم يكن مسلماً ولا حتّى عربياً، والمهم أن المؤامرات السابقة التي كانت تهدف إلى إلصاق تهمة العنف بالإسلام بدأت في التّراجع، وخططهم لتأجيج الصراع مجدّداً بين الإسلام والغرب فشلت.

على ذِكر الصراع بين الغرب والإسلام، هل مازال الغرب يخاف من المد الإسلامي؟

 الغرب فوجئ بالعدد الكبير للمسلمين الذين يعتبرون أوربيين أيضاً، فهناك حالياً شريحة أوروبية إسلامية، فالخوف والتّخويف من الإسلام أو الإسلاموفوبيا نوع من الخوف المرضي النّاجم عن الأوهام الغربية، فالغرب مريض بها، وعلى الإسلام أن يكون الطبيب الهادئ. العالم يحتاج إلى مخلص حقيقي ويقلّب وجهه في السّماء، لأنّه فقد البوصلة وفقد الثقة في جميع الحلول التي قدّمتها الحضارات السّابقة. الغرب قدّم كلّ شيء واستنفد كلّ الحلول، ولَم يعد يتطلّع سوى للإسلام، فالإسلام حاضر لكن المسلمين غير حاضرين. فأنا أقول دائماً إنّ ساعة الإسلام دقّت، لكن لم تدُق بعد ساعة المسلمين، الغرب بحاجة إلى الإسلام المبني على العقل والحوار.

ما رأيك في الأزمات الحالية التي يمر بها الغرب، والتي كانت في وقت مضى حكراً على العرب والمسلمين مثل المديونية والبطالة وأزمات السكن والعلاج، خاصة في دول مثل إسبانيا، اليونان وحتّى إسرائيل؟

 التّحذيرات الكثيرة من الإسلام والإرهاب والعنف والمد الإسلامي، كانت لتغطية الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الكثيرة، لكن وبمجرد أن تنجلي السحب حتّى تظهر تلك الأزمات مجدّداً، بدليل المظاهرات الكثيرة التي تحدث في مختلف دول العالم. وعليه يجب على المسلمين في الغرب أن يكونوا قدوة لغيرهم في الالتزام بتعاليم تلك الأوطان ونظمها، لأنّهم صاروا جزءاً لا يتجزأ من تلك الأوطان.

domingo, 30 de septiembre de 2012

هزيمة بلا قاع


هزيمة بلا قاع



 ... في معركة حنين أمسك أبو سفيان بطنه ضحكاً على المسلمين، وهم يولون الأدبار، وقال مع قهقهة: لن يردهم سوى البحر ولغة أبو سفيان تلاقي نفس المصير اليوم؛ فهي تعاني من هزيمة بدون قاع.

 وأقرب الأشياء الثلاثة للإنسان هي: اسمه الذي به ينادى، ولغته التي بها ينطق، ودينه الذي به يعتقد، فهي أسوار الحماية الثلاثة.. والذي دفعني للكتابة أن المدير الطبي الهندي كان يتفقد ملفات المرضى عندي، فانزعج حين قرأ اللسان العربي في بلد عربي أمين، فأرسل لي يحذرني من ارتكاب مثل هذه الخطيئة الشنيعة مرة أخرى.

 وقلت في نفسي: تصور أن هذا الهندي الذي يرطن باللغة الإنجليزية المكسورة، كان في بلد آخر! تصور أنه في ألمانيا ويقول لطبيب ألماني أن يتجنب الكتابة باللغة الألمانية؟! في ألمانيا لم يكن يسمح لنا بلمس المريض (الألماني) قبل التمكن من اللغة الألمانية نطقاً وكتابة، وبالنسبة لي فقد أرسلوني إلى معهد (جوته) لتعلم اللغة الألمانية، على حسابي وليس حسابهم، فمن أراد قبض راتبه عليه أن ينطق لغتهم، أما عندنا فيُسخر من لغتنا وتنهب أموالنا! وهي ضريبة التخلف على كل حال، لأمة تعاني من الهزيمة حتى قاع اللاوعي! قصصنا مع الهنود والنيجيريين والطليان والفيليبينيين وأهل مدغشقر ونيبال…

 في أرض العروبة أكثر من أن تحصى. وأذكر العديد من الحالات، ونحن نفك الاشتباك بين طبيب نيجيري ومريض سعودي، حتى لا يصلح فتقاً في المكان الغلط، أو يستأصل مرارة بدون مبرر، أو يفتح على مكان الزائدة، والزائدة قد استؤصلت! وهي كوميديا تعجز عنها مسارح أثينا أيام سوفوكليس وصولون…

 وحين تبدأ الأمة تتكلم بغير لغتها، فهي تفقد ذاكرتها، كما قال توينبي عن كمال أتاتورك. قال توينبي: إن ذلك الرجل لم يفعل كما فعل النازيون مع الكتب في الساحات العامة، كما هو في ليلة برلين المشهورة مع اليهود عام 1938، أو كما فعل ملك إسبانيا فيليب مع الثقافة العربية؛ بل قام بما هو أدهى وأمر فقتل الحرف العربي بدون لمسه، حين قلب الحرف التركي من العربي إلى اللاتيني، وترك باقي المهمة للغبار والرفوف كي تلتهم كل التراث العثماني المخطوط بالحرف العربي في آلاف المجلدات خلال خمسة قرون، وبذلك أصبحت تركيا بين عشية وضحاها بدون ذاكرة! ولولا الروح الصوفية الذكية والتوقد الإيماني، لدخلت تركيا العلمانية وودعت الإسلام إلى غير رجعة، لكنها روح الإيمان التي تتقد من روح الله الذي لا تأخذه سنة ولا نوم

… وفي قناعتي أنه سوف يأتي اليوم الذي يبدأ الأتراك في مراجعة تاريخهم مع كارثة الانقطاع… ولنتصور أنفسنا اليوم ونحن نرطن باللغة الإنجليزية المكسرة، فتختنق الأفكار باختناق الكلمات، ونبقى بدون ذاكرة. إن اللغة هي ذاكرة الأمة، وهي اللاوعي العميق، وهي الذات… وصاحبنا الهندي لا يلام، لكن من يلام هو من استقدمه دون أن يشرط له استلام راتبه المغري بالنطق باللسان العربي.

 إنه حتى اللغة العبرية تم أحياؤها، في الوقت الذي تقتل فيه اللغة العربية، في خيانة ما بعدها خيانة. وابن خلدون تعرض لهذه الأزمة منذ أيامه، والفتح العربي يتقلص ويتراجع أمام حروب الاسترداد الإسبانية، فذكر أن المغلوب مولع بتقليد غالبه لاعتقاده بالكمال فيه، وهو ما يفعله الأطفال مع آبائهم، والعرب مع أميركا. واللغة هي لسان الأمة في التاريخ فإن هانت، هانت لغتها، وإن سمت وارتفعت انتشرت لغتها فقرأها قوم آخرون، حتى الجن الذين جاؤوا يوماً ينصتون للقرآن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به.. 

 ولولا القرآن لكان مصير العرب مثل مصير أهل الشيشان والدومينيكان، لكن القرآن منح الخلود للغة العربية، ولسوف تستعمل رغم تفاهة مناوئيها واضمحلال العقل العربي في بركة الضفادع… ويقول في هذا محمد إقبال إن من أراد أن يكتب وثيقة ويدفنها في الأرض فيقرأها الناس بعد ألف جيل، فليكتب باللغة العربية، فهي لغة الخلود من القرآن الخالد


lunes, 17 de septiembre de 2012

الثورة السورية


كيف يتعامل الغرب مع الثورة السورية؟

نتابع يوميا سيلا من التصريحات المتعلقة بالثورة السورية (الأزمة بحسب التعبير الدبلوماسي السائد)، يتطوع بإطلاقها حشد من الدبلوماسيين الأميركان والغربيين، وهو ما يثير حيرة المراقب العادي وأسئلته بشأن حقيقة موقف الغرب من الثورة السورية، لاسيما أن صراخ البعض وترديدهم لحكاية المؤامرة لا يكاد يتوقف.

بين يوم وآخر نسمع أحدهم يقول إن التدخل العسكري ضرورة، بينما يتطوع آخر برفض الفكرة، وثالث يقول إن الأمر قابل للتفكير، وهكذا دواليك.

يدينون المجازر بشكل شبه يومي ويكررون أن على النظام السوري أن يرحل، ثم يتحدثون عن الخلاف مع الموقف الروسي، لكنهم لا يقدمون أي شيء للثورة مما يمكن تقديمه دون قرار من مجلس الأمن، ذلك الذي يُتخذ ذريعة لرفض التدخل في الشأن السوري، الأمر الذي يمنح النظام فرصة الاستمرار في سياسة القتل والتدمير اليومية.
"
يذرف مسؤولون غربيون دموع التماسيح على الضحايا السوريين، ثم يشرعون في استعراض ما قدموه من دعم لهم. وحين تستمع إليهم لا يخطر ببالك غير أن تقول لكل واحد منهم "تبا لك، أهذه مساعدات تستحق الذكر؟

يتخذ الاتحاد الأوروبي قرارات يقول إنها تشدد العقوبات على نظام دمشق، في حين يعلم الجميع أنها لا تؤثر كثيرا عليه في ظل الدعم الإيراني السخي، ومعه الروسي، فضلا عن أن سياسة العقوبات هذه لم تجد نفعا مع إيران وقبلها العراق لكي تكون فاعلة في سوريا في ظل خطوط الإمداد الكثيرة، من دون أن يعني ذلك أنها لم تؤثر على الوضع الاقتصادي الذي يعاني الاختناق بفعل الكلفة الباهظة للمواجهة مع الثورة.

يذرف مسؤولون غربيون دموع التماسيح على الضحايا السوريين، ثم يشرعون في استعراض ما قدموه من دعم للسوريين. وحين تستمع إليهم لا يخطر ببالك غير أن تقول لكل واحد منهم "تبا لك، أهذه مساعدات تستحق الذكر؟!"، وهي التي لا تتعدى بضع عشرات من الملايين من الدولارات التي يسمع الناس بها ولا يرونها مع بعض أجهزة الاتصال كما يتردد دائما، وهي أجهزة تستخدم للمراقبة أكثر منها لدعم الثوار.

في ظاهر المواقف الغربية هناك قدر من التعاطف اللفظي، وهناك بعض فتات الدعم الذي يذهب الجزء الأكبر منه إلى اللاجئين (ما دفعته دول أوروبية لا يساوي أحيانا ما دفعه واحد من كبار المحسنين العرب للاجئين)، وهناك انتقاد دائم للمواقف الروسية والصينية والإيرانية وتحذير من استمرار الدعم العسكري (لاسيما الإيراني) مع إشارات لطبيعة ذلك الدعم وحجمه ونقاط مروره، وتحذير من بعضها كما هو حال الممر العراقي، لكن باطن تلك المواقف يبدو مختلفا إلى حد كبير، فثمة رفض قوي لأي شكل من أشكال التسليح الذي يعين الثورة على الحسم وليس مجرد الصمود.

لا نعني هنا بالرفض، رفض تزويد الثوار بالسلاح، بل عدم السماح للجهات الداعمة للثورة بتزويدها بالسلاح أيضا، أي أن هناك فيتو غربي على رفع سقف التسليح، وهذا الفيتو يكبل يد تركيا ويد بعض العرب أيضا، لأن أيا من هؤلاء لا يريد تحمل المسؤولية وإغضاب واشنطن والغرب.

لا يتوقف الأمر عند ذلك، بل يضاف إليه التركيز المفرط على مسألة الجهاديين في الثورة السورية. فبينما يتحدث العارفون عن نسبة لا تتجاوز خمسة في المائة في أعلى التقديرات (وهم مقاتلون متدينون ينتمي بعضهم للتيار السلفي الجهادي)، تصر الدوائر الغربية على رفعها إلى حد مذهل، حتى وصل الحال بجراح فرنسي إلى حد القول لوكالة رويترز إن نصف من عالجهم في حلب كانوا من الجهاديين.

ولا تكاد وسائل الإعلام الغربية تخلو في أي يوم من تقارير تركز على هذا الجانب، وبالطبع في سياق من تبرير رفض الدعم، بل في سياق من التخويف من الثورة ومآلاتها أيضا.

هناك إلى جانب ذلك العمل الاستخباري اليومي الذي تقوم به الأجهزة الأميركية والبريطانية لاختراق المجموعات العاملة في الثورة بدعوى تدريبها وتأهيلها لمرحلة ما بعد الأسد، وهناك بعض الاستقطابات التي تحول دون تشكيل قيادة موحدة للكتائب العاملة على الأرض، فكلما تحاور الغربيون مع ضابط كبير وأشعروه بالدعم "كبر رأسه" وفق التعبير الدارج وأصبح يتحدث كأنه زعيم الثورة.
"
هناك أيضا ذلك التركيز المفرط على مسألة السلاح الكيمياوي، وربما دخل هذا في الجانب المعلن من الدبلوماسية الغربية الذي يفضح عمليا نوايا الغرب حيال الثورة، والذي يركز على حماية الكيان الصهيوني أكثر من حماية الشعب السوري من المجازر والتدمير

في هذا السياق يأتي الإصرار الفرنسي على سبيل المثال على إيجاد دور لمناف طلاس رغم أنه لا يبدو أن هناك أحدا مقتنعا به في دوائر الثورة، مع أن الأمر لا يتعلق بشخصه، وإنما بعموم التدخلات التي تأتي بنية الاختراق أكثر من نية مساعدة الثوار.

هناك أيضا ذلك التركيز المفرط على مسألة السلاح الكيمياوي، وربما دخل هذا في الجانب المعلن من الدبلوماسية الغربية الذي يفضح عمليا نوايا الغرب حيال الثورة، والذي يركز على حماية الكيان الصهيوني أكثر من حماية الشعب السوري من المجازر والتدمير.

هذا هو البُعد الأهم، الذي تحدثنا عنه عشرات المرات، أعني البعد المتعلق بالمصلحة الصهيونية التي تركز على أسئلة المستقبل المتعلقة بسوريا، وحيث لا يريد الصهاينة مما يجري غير إطالة أمد المعركة من أجل تدمير البلد وإشغاله بنفسه لعقود.

لو أرادت واشنطن تغيير الموقف الروسي والصيني لما أعجزها ذلك، ولو أرادت مد الثورة بالأسلحة التي تعين على الحسم لما احتاجت إلى قرار من مجلس الأمن، ولكن مصلحتها في استمرار الوضع، أعني مصلحة الكيان الصهيوني التي تحكم قرار السياسة الخارجية في الولايات المتحدة.

من هنا يمكن القول إن تحولات موقف واشنطن والغرب مرتبطة بقراءتهم لتطورات الوضع على الأرض، إذ إن إمكانية تدخلهم المباشر في اللحظات الأخيرة للسيطرة على الأمور ليست مستبعدة، اللهم إلا إذا فاجأتهم الثورة بحسم سريع، أو فاجأهم النظام بانهيار مماثل أيضا.

لذلك كله تشعر بالازدراء من تلك الأصوات التي لا تزال تتحدث عن "المؤامرة الكونية" على نظام المقاومة في سوريا، لأن المؤامرة الحقيقية هي على سوريا بنية تدميرها. ومن يدمرها هو المسؤول وليس الشعب الذي خرج يطلب الحرية ويردد "سلمية"، "سلمية"، قبل أن يتساقط الآلاف من أبنائه شهداء في الشوارع والساحات، الأمر الذي اضطره إلى الدفاع عن نفسه بحمل السلاح.
ياسر الزعاترة

sábado, 15 de septiembre de 2012

شاهدت الفيلم


شاهدت الفيلم.. وهذه انطباعاتي .. 

بعد تردد طويل، قررت ان اشاهد مقاطع من فيلم الفتنة الذي يسيء الى الاسلام والرسول محمد صلى الله عليه وسلم، واعترف بأنني شعرت بالاشمئزاز والتقيؤ لما احتواه من تهجم رخيص، ولم اكن اتصور ان هناك انسانا يمكن ان يقدم على مثل هذا العمل، بغض النظر عن حجم احقاده على هذا الدين الحنيف ورسوله، الذي يجسد رمز التسامح والايمان واحترام ديانات الآخرين 
وانبيائها جميعا، الذين هم انبياؤنا ايضا.

لا اريد ان اكرر هنا البذاءات، والتطاول الهابط، خلقا وفنا، لهذا الفيلم المفبرك المستفز، وانا متأكد انه لو شاهده الملايين من المسلمين في مختلف انحاء العالم لكان رد الفعل الغاضب الذي شاهدناه في اليومين الماضيين من اقتحام للسفارات الامريكية وحرقها مجرد نزهة، واحتجاج ناعم.

من انتجوا هذا الفيلم يعرفون ماذا يفعلون، وخططوا للفتنة جيدا، وتوقعوا ردود الفعل الاسلامية والعربية الغاضبة، لأنهم درسوا النفسية الاسلامية، وحساسيتها تجاه هذا الأمر، مثلما وعوا جيدا مكانة الرسول لدى مليار ونصف المليار من اتباعه في مختلف ارجاء المعمورة.

الفتنة التي ارادوها، والضرر الذي خططوا لإلحاقه بالعالم الاسلامي ارتد عليهم، وعلى الولايات المتحدة الامريكية حاضنتهم، وعلى دبلوماسييها وسفاراتها في مختلف انحاء العالم.
' ' '
فإذا كان هدف هذه الفتنة احداث شرخ وصدامات بين المسلمين والمسيحيين في مصر وبلدان عربية اخرى، فما حدث هو العكس تماما، وشاهدنا الاشقاء المسيحيين يتقدمون المظاهرات الاحتجاجية امام السفارات الامريكية، جنبا الى جنب مع اشقائهم المسلمين، ولا نبالغ اذا قلنا ان بعضهم كان اكثر غضبا واستياءً.
ومن المفارقة ان هذا الفيلم المسيء والمقزز وحّد جميع ابناء الطوائف الاسلامية، وازال الخلافات والانقسامات التي استفحلت بينهم في الاشهر الاخيرة، على ارضية الأزمة السورية، والخلاف مع ايران. وكان لافتا ان العراقيين الأكثر انقساما، نزلوا الى الشوارع، سنة وشيعة، للتعبير عن غضبهم ضد الولايات المتحدة التي من المفترض ان تكون قد 'حررتهم' من الديكتاتورية.
احد حراس القنصلية الامريكية في بنغازي قال عندما سئل عن عدم دفاعه عنها والتصدي للمهاجمين الذين اقتحموها وقتلوا السفير وثلاثة من الدبلوماسيين الآخرين، انه كان متعاطفا مع هؤلاء، وانه عندما يكون خياره بين المهاجمين المسلمين الغاضبين المحتجين على اهانة الاسلام والسفير الامريكي وقنصليته، فإنه سيختار اشقاءه المسلمين، لان ولاءه الاول والاخير للرسول، وليس للقنصلية وسكانها.

ردة الفعل البسيطة العفوية هذه لا تفهمها السيدة هيلاري كلينتون، ولا معظم مراكز الابحاث والدراسات التي تزعم فهمها لشؤون الاسلام والشرق الاوسط، ولهذا كان استغرابها من ردة فعل الليبيين الذين 'حررتهم' قوات وطائرات بلادها وهجوم بعضهم على القنصلية مستغربا ايضا.

المسلمون شبعوا إهانات ولطمات حتى تورمت خدودهم، فتارة رواية، وتارة ثانية رسوم كارتونية، وثالثة حرق كتابهم المقدس، ورابعة التبول على جثامين قتلاهم وشهدائهم، وخامسة احتلال اراضيهم، وسادسة دعم تهويد أقصاهم، وسابعة الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة غاصبة محتلة فاجرة.

نأسف لوقوع قتلى بسبب الاحداث الدموية وردود الفعل الغاضبة، مثلما نشعر بالحزن والألم لاقتحام سفارات يجب ان تكون آمنة ومحمية وفق العهود والمواثيق الدولية، ولكن أليس احتلال الدول وقتل مئات الآلاف من ابنائها انتهاكا لهذه المواثيق ايضا؟
نحن لا نبرر القتل، ولا نشجع الفوضى، ونطالب بان تكون الاحتجاجات سلمية وحضارية في الوقت نفسه، ولكن كيف يتأتى ذلك عندما يكون جرح الاذلال عميقا غائرا نازفا، ويكون اهله من المؤمنين البسطاء المسحوقين الذين لا يجدون لقمة العيش لأطفالهم؟
' ' '
أليس من اللافت للنظر ان اعنف الهجمات على السفارات الامريكية وقعت في عواصم دول تحررت من الديكتاتوريات وانتخبت حكومات اسلامية، تعبيرا عن استيائها من سنوات القهر والهوان على يد حكام مدعومين من الولايات المتحدة الامريكية مثل الرئيس المصري حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي؟

هذا الفيلم البذيء، سيىء الاخراج والتمثيل، ربما يؤدي الى صياغة جديدة لمفاهيم قديمة حديثة، وتحالفات جديدة، ويضع قوى حاكمة امام اختبارات صعبة للغاية، وهي التي ما زال عودها طريا، وايامها في الحكم معدودة، وما زالت تتحسس طريقها وسط حقل من الالغام شديدة الانفجار، بعضها امني، وآخر اقتصادي، وثالث عقائدي.

لا احد يستطيع ان يتنبأ الى اين ستتطور الاحتجاجات، ومتى تتوقف، وحجم الخسائر السياسية والاقتصادية المترتبة عليها، ولكن ما يمكن التنبؤ به ان العالم الاسلامي لم يعد يسكت على الإهانات، فالشعوب الاسلامية يمكن ان تتحمل الجوع والبطالة، بل وحتى الحكام الديكتاتوريين الفاسدين، ولكنها لا يمكن ان تتحمل التطاول على دينها وعقيدتها ورسولها وصحابته الكرام.

وسط زلزال الكرامة هذا الذي يجتاح العالمين العربي والاسلامي، وتتصاعد فيه ألسنة اللهب من السفارات الامريكية والغربية، سيكتشف الحكام الاسلاميون الجدد ضخامة حجم مسؤولياتهم، وسيترحمون على ايامهم في المعارضة، فما اسهل المعارضة!

عبد الباري عطوان