viernes, 29 de abril de 2011

التعليم الديني الإســـلامي في إســـبانيا



منذ توقيع اتفاق التعاون بين الدولة الاسبانية والمفوضية الاسلامية بإسبانيا في عام 1992 ، والذي نجم عنه إصدار القانون رقم 26/1992 ، للعاشر من تشرين الثاني / نوفمبر من قِبل الحكومة الاسبانية ونشر في الجريدة الرسمية في 12 تشرين الثاني – نوفمبر لنفس العام ، والعمل دائب في سبيل إدخال التعليم الديني الاسلامي في المدارس الحكومية أسوة بغيره ..

غير أن ألأمر ليس بالسهولة التي يظنها كثير من المسلمين . إذ لم يتخلل مواد الاتفاق مع الدولة أمر التعليم الديني بتفصيل يسهل تطبيقه ، بل احتاج الأمر تشريعات تطور المادة المتعلقة به ومنها اعتماد مدرسي الدين الاسلامي في عداد المدرسين المعينين من قبل الدولة ، ثم تنظيم تعليم الدين بصورة عامة ، وبعدها نشر مضمون مادة التربية الاسلامية في الجريدة الاسبانية ، وأخيراً توقيع الاتفاق الذي يكفل تمويل المدرسين المسلمين المعينين لتدريس مادة التربية الاسلامية في عام 1996 .

غير أن اتخاذ الاجراءات القانونية بغية تعيين المدرسين ، لم يدخل حيز التنفيذ إلا في عام 2002 في كل من مدينتي سبتة ومليلية  وبعدها في عام 2004 دخل حيز التنفيذ في بعض الأقاليم الاسبانية التي مازالت تتبع الوزارة المركزية بخصوص التعليم الديني وهي كنارياس ، أندلثيا ، أراغون ، الباييس باسكو ، كانتبريا .

ثم توقف التطبيق حتى يومنا هذا على ست وأربعين مدرساً ، يدرسون مايقارب عشرة آلاف طفل في المقاطعات المذكورة آنفاً ، موزعون على الشكل التالي :
أندلثيا(16 ) – أراغون (3) – كانارياس (1) ، سبتة ( 14 ) – مليلية (11) – باييس باسكو( 1 ) .
ونود هنا تبيان المسؤوليات التي تترتب على كل طرف له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالتعليم الديني الاسلامي لكي نستطيع تطبيقه باعتباره حق من الحقوق التي ينص عليها الدستور الاسباني وقانون التعاون رقم 26/92 .

وكسائر الحقوق فإنها لاتمنح إلا بالمطالبة والإصرار والعمل الدائب والصبر الجميل ، واتخاذ السبل التي تذلل الصعوبات وتلبي الشروط الموضوعة في التشريعات الصادرة .

ولتفصيل هذه المسؤوليات نقول :

أولاً : مايتعلق بأولياء أمور الطلبة ، إذ يجب عليهم أن يقدموا الطلب الخاص باختيارمادة التربية الاسلامية المرفق بتسجيل أبنائهم في العام الدراسي المقرر . وهذا الأمر تنص عليه القوانين النافذة لأن مادة الدين مادة اختيارية يحددها آباء التلاميذ وفق رغبتهم .

إذا لم تقدم الاستمارة الخاصة من قبل إدارة المدرسة فيجب على ولي الأمر السؤال عنها وتعبئتها وتقديمها .

ذلك أن المدارس تنقل هذه الطلبات إلى الجهات العليا لتبت فيها .. وعندما نسأل هذه الجهات لعلمنا بوجود طلبة مسلمين في العديد من المدارس يأتينا الرد بأن ما مِن طلب قدم يعبر عن رغبة بتلقي مادة التربية الاسلامية .. مع العلم بأن العدد المطلوب الأدنى هو عشر تلاميذ في المدرسة .

ثانياً : دور الجمعية الاسلامية والمسجد في توعية الآباء وشرح الطريقة بأسلوب عملي وتشجيعهم على القيام بتقديم الطلبات في المدارس التي ينتمي إليها أبناؤهم .
والاخوة والأخوات الذين لهم تأثير في أوساط الجماعة ، وإمام المسجد على وجه الخصوص ، تقع على كاهلهم مسؤولية التذكير والتوعية بل وإعانة أولياء الأمور في الأوقات المحددة للتسجيل ليؤدوا واجبهم على الوجه الأكمل .

ثالثاً : دور المفوضية الاسلامية بإسبانيا يأتي تبعاً للجهود المبذولة من قبل الآباء والجمعيات ، وبقدر قيامهم بهذا الواجب ، بقدر ماتحقق المفوضية من نجاح في إقناع الجهات المسؤولة بتلبية طلب أولياء أمور الطلبة .

ويتركز دور المفوضية على إعداد المدرسين وتأهيلهم وترشيحهم في الأماكن التي يتوفر عدد ملائم من الطلبة المسلمين .

- أما دور الدولة فهو توفير المعلومات عن عدد الطلبة وتوزعهم وتزويد المفوضية بها بوقت مبكر لكي يتسنى لها إعداد المدرسين وترشيحهم للقيام بهذه المهمة .

- وللعلم فإن التنفيذ المباشر للتعليم الديني في المدارس الحكومية هو من مهمات حكومات الأقاليم ، أما تلك الأقاليم التي مازالت تتبع الحكومة المركزية ، فإن هذه الصلاحيات ستنقل إليها في وقت قريب ، كذا فإن دور المسلمين في المقاطعات سيكون له أبلغ الأثر في الحصول على هذا الحق إذا ماهم قاموا بالملاحقة الدائبة لكل من له علاقة بالتعليم من أولياء التلاميذ والجمعيات والناشطين فيها .

رياج ططري

viernes, 22 de abril de 2011

التربية .. رجال ووسائل



المسجد المحضن الرائد :

         إن الذي يعمل على التغيير في أي منحى من مناحي الحياة ، يجب أن لايعدم الوسائل المتجددة المبتكرة التي تحقق له الهدف ، وتذلل أمامه الصعاب ، وتوفر له الإمكانات في الأوساط المختلفة .ولقد كان المسجد في عصر النبوة ، منبع الخير كله ، ومن هذا الخير منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان ابتكاراً إسلامياً بحتاً حقق ومازال يحقق الفوائد العظيمة في توعية المسلمين وربطهم بدينهم وتجنيد طاقاتهم كلها في سبيل رفعة شأنهم وإعلاء راية إسلامهم ، إنه منبر إعلامي وتربوي فريد .

وفي المسجد نظمت حلقات الدرس والوعظ والإرشاد منذ العصر النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والتسليم .. وفي المسجد تأصلت المدارس النظامية الملحقه به ، والتي أصبحت في بعض المساجد الكبرى جامعات عريقة حمت المسلمين من الغزو الفكري على مر العصور بل وكانت حضناً فكرياً وروحياً منيعاً .

         غير أن الوسائل التربوية المتبعة حالياً، والتي كانت في زمانها ثورة في هذا المجال ، أصبحت في وقتنا هذا وسائل تقليدية ، فقد بقيت حلقة المسجد هي الوسيلة الأولى إن لم نقل الوحيدة في حقل التربية الدينية ، وأصبح المسجد حكراً على الحكومات ،وغدت خطب الجمعة تمر على الرقابة إن لم ترسل مكتوبة مسبقاً للخطباء ، والمدرسة تحولت لمحضن فكر الحزب الحاكم أو السلطة المهيمنة على مقاليد الأمور .

دور الإعلام الحديث :

        وقد جاءت وسائل الإعلام الحديثة من إذاعة وتلفزة وصحافة وفلم وصورة تربط علاقات إنسانية معقدة جداً ، وغدا الجيل يتقمص الشخصيات التي تقدم له ، والأبطال الذين يزينون في عيونه ، وصارت الأعمال الفنية هي صمام الأمن الذي يتم عن طريقها تفريغ العواطف والأفكار ، فالمرء يتقمص مايلائمه عندما يتصل به ، وإذا ماحقق عمل ما نجاحاً فإنه يعكس تماماً وبطريقة ما تلك الصراعات الموجودة في داخل المرء لأعداد كبيرة من الناس .

         إن هذه الأدوات الخطيرة وهذه الأجهزة الفعالة ، تحولت بالنسبة للمبادىء والأفكار لمسألة حياة أو موت ، فإن استفيد منها وسخرت للخير كانت العاقبة خيرة ، وإن كان العكس فإن التيار قوي جارف لاقدرة ولا طاقة على مواجهته إلا أن يشاء الله .

         إن التلفزيون بما يبثه من أفلام وبرامج يتسلل إلى عقل الرجل والمرأة ، والشاب والطفل ، إلى مخدعه وغرفة نومه ، وينام المرء وعيونه معلقة بالشاشة الصغيرة التي حشد لها جمهرة من المتخصصين الفنيين ، وعلماء النفس والاجتماع ، وخبراء في صناعة الإنتاج يسيرون بها من جيد إلى أجود وبكثافة تلبي حاجة الإنسان بأساليبها المتنوعة ووسائلها المتعددة .

         إن التلفزيون يشغل في بعض البلدان المتقدمة ثلث وقت الفرد ، ويكون ظله في باقي أوقاته يتحرك بإسقاطات برامجه ويتطبع بشخصيات أفلامه .

         إن هذه الأجهزة التي تفرز من المادة الإعلامية والتربوية مايعجز عن حصره الإنسان تورث تنكباً عن سواء الصراط ، وانكساراً إزاء تكاليف الحياة ، والأهداف السامية للإسلام ، لأن العقيدة نداء موصول بالسماء يدعو للارتفاع والتسامي والرشاد ، بينما هذه المادة إغراء دائم تدعو للتدني والهبوط واللصوق بالأرض .
        
أفكار مبتكرة :

        لهذا كله فنحن بحاجة لفريق من الإعلاميين من الطراز الأول يستطيع أن يلج حقل الإعلام من بابه العريض ، فيفعل فيه فعلاً منافساً ليثير في قلوب الناس خصال الخير ويثبت الوجود الإسلامي في هذا المجال بكل قوة ورسوخ .

         وإليكم مثالاً حياً في الاتجاه الايجابي للاستفادة من وسائل الاتصال الحديثة ، فلقد نظمت شركة القطارات البريطانية برنامجاً تعليمياً ، يعرض بالدارة المغلقة التلفزيونية ، على الركاب الذين يذهبون وعودون يومياً  من وإلى مكان عملهم في القطار، ومنحتهم شهادات علمية رفيعة المستوى لمواظبتهم عليه ونجاحهم في المادة التي عرضت عليهم ،فعلينا إذاً التوكيد على الدور التربوي والتعليمي كخيار أساسي لهذه الأجهزة ، وتكثيف البرامج التربوية عبر فنون الإعلام والأدب .. ولايتم هذا إلا بإعداد الخبراء والمختصين الصالحين لكي يثبتوا وجودهم في الساحة الإعلامية الشاغرة من كل أثر إسلامي رشيد .

وسائل ممكنة لابد منها :

        يجب إعادة دور المسجد من أجل القيام بمهمته التربوية ، جنباً إلى جنب مع المدرسة والمعهد والجامعة ، إذ في المسجد يتحسس المسلم خطواته الأولى نحو الطريق الصحيح ، وفيه يتلقى المبادىء التي ستعيد ترتيب نهج حياته بأكملها .

         ولابد من وضع أنظمة تربوية نابعة من صميم ثقافتنا وملبية لحاجاتنا وطموحات أمتنا بمعطياتها التاريخية والثقافية والحضارية ، وكذلك برامج التعليم النابعة من الفكر الإسلامي الخالص الذي يتميز عن غيره بنظرته الخاصة للفرد والجماعة ، وبنظرته للذكر والأنثى ، وبنظرته للحياة والكون والإنسان والمعرفة .

         إن منهج التربية في عصرنا يجب أن يكون متصلاً اتصالاً حميماً بوسائل الإعلام ، وبنوك المعلومات ، وأساليب التقنية الحديثة التي يستطيع المربي من خلالها تنفيذ برامجه والاستفادة منها إلى أبعد الحدود .
        
وليس لنا هنا إلا أن نشير إلى بعذ الوسائل المفيدة ، التي أثبتت فعاليتها في وقتنا الحاضر :

أ‌)       التعليم الذاتي : حيث تتوفر الكتب والمراجع بكثرة ، مكتوبة بأسلوب سلس عصري ، وارتفاع المستوى الثقافي لدى الفرد ووجود البرنامج المساعدة والموجهة،كل ذلك يؤهل الفرد للاستزادة من الثقافة بمفرده وبتوجيه غير مباشر .

ب‌)  الدورات العلمية : ونظراً لكون بعض العلوم الإسلامية لاتؤخذ إلا مشافهة من العلماء ، فإن الدورات العلمية التي تنظم بين الفينة والأخرى بعد مرحلة من الدراسة الفردية ، يلتقي فيها العالم مع طالب العلم فيجيب فيها على أسئلته ويعرض لأهم القضايا الصعبة في هذا العلم استعصت على طالب العلم ، ومن ثم يمتحنه ويجيزه في هذا العلم أو في جزء منه ولعل هذه الوسيلة من أنجع الوسائل وأصلحها في وقتنا الحاضر .

ج‌)    الجامعات الحرة :  إن تجربة التعليم الجامعي الإسلامي القديمة ،جددت في عصرنا الحاضر وأطلق عليها مايعرف باسم الجامعات الحرة أو المفتوحة وقد أثبتت جدواها قديماً ، وهاهي تنتشر في بلاد الغرب وينتسب إليها عشرات الألوف من الطلبة يتابعون من خلالها تعليمهم العالي أو يتابعون دراساتهم في الصفوف الدراسية المتقدمة في مختلف حقول المعرفة .

ولا يخفى على المتتبع لقضايا التربية والتعليم أن مجال التأهيل في حقوله المختلفة المهنية أو الإدارية بما في ذلك التنظيم والدعوة يجب أن يواكب عملية التعلم ، فتدرس المواهب ، ويتعرف على القدرات وتوجه في المجالات المختلفة المهنية والتخصصية .

فإذا وجدت وتوحدت هذه الطاقات والقدرات معاً وصبت في بوتقة واحدة فإنها تنتج عملاً متزناً يسد الثغور كافة ، ويصبح قادراً على الوقوف في وجه التيار العالي الذي تعاني منه أمتنا . إن واجب التعاون ضمن الفريق الواحد المتخصص المتكامل في مختلف الحقول وسائرالمستويات أضحى واجباً لامفر منه .

لابد من إعداد المربي المسلم :

(( لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين )) " آل عمران : 164 "

يتضح من هذه الآية الكريمة أن للمربي وظائف أهمها : التزكية النفسية والتعليم . ولكي يحقق المربي وظيفته التي كلفه بها رب العالمين ، يجب أن يكون هدفه وسلوكه وتفكيره ربانياً ، وأن يكون مخلصاً صبوراً صادقاً ، دائم التزود بالعلم والمدارسة له ، متفنناً في تنويع أساليب التعليم ، قادراً على الضبط والسيطرة ، محبوباً رحيماً ، وأن يكون واعياً للمؤثرات والاتجاهات العالمية وماتتركه في نفوس الجيل من آثار .

ولابد هنا من إبراز بعض الخصائص النوعية التي فعلت فعلها في تكوين الجيل الأول الذي رباه رسول الله صلى الله عليه وسلم على عينه ، ألا وهي شخصية المربي الأول الذي توفرت فيه صفات معينة أهلته لهذه المهمة الخطيرة ، والتي يجب أن تتوفر اقتراباً في كل من سيتصدى لهذه المهمة من بعده والتي ذكرها الأستاذ محمد قطب في كتابه منهج التربية الإسلامية نلخص منها مايلي :

 "اًولاً :  إحساس الشخص الذي يتلقى التربية، أن مربيه أعلى منه روحياً أو عقلياً أوأخلاقياً أو نفسياً أو كلها معاً .
ثانياً : إحساسه بأن مربيه عنده مايعطيه .
ثالثاً : أنه يحسن الإعطاء ، بالحب والحنو ولكنه حب يتصف باللين والحسم .
رابعاً: أن يكون عند المربي القدرة على الاهتمام بالآخرين ، والاهتمام بأن يعطيهم ماعنده من الخير .
خامساً : أن يكون المربي قادراً على المتابعة والتوجيه المستمر .
سادساً : أن يكون المربي قادراً على القيادة مع قدرته على المتابعة والتوجيه . "

هذه الخصال هي الكفيلة بربط أجزاء الجماعة بعضها مع بعض ، وتكفل إنفاذ منهج النبوة في حياة الناس، وربما يوجد إنسان مثالي في ذاته غير أنه لايحسن التربية ، وليس لديه الطاقة للقيام بذلك فهو حسن بذاته ، لايحسن تربية غيره .

فإذا توفر العدد اللازم من أمثال هؤلاء المربين الذين يتحلون بهذه المواصفات العالية وإذا سُلك السبيل الرشيد في استخدام الوسائل المتجددة في التربية ، وأحسن الالتحام بالناس والالتصاق بقضاياهم فإن التغيير لابد حاصل واستئناف الحياة الاسلامية والحكم الاسلامي لابد قادم بإذن الله .

رياج ططري

viernes, 15 de abril de 2011

وَداعاً لِلفرقة

المجلس الإســــــــــــــــــــلامي الإســــــــــــــــــــــباني
( وَداعاً لِلفرقة )

أقرت الاتحادات المسجلة في وزارة العدل الإسبانية دستور المجلس الاسلامي الاسباني كهيئة إسلامية جامعة لكافة شرائح الجماعة المسلمة التي تعيش في إسبانيا ، في الاجتماع الذي دعا إليه اتحاد الجمعيات الاسلامية في إسبانيا يوم الثاني من شهر نيسان / أبريل لعام 2011، في مسجد مدريد بالعاصمة الاسبانية .

وقد بادر الاتحاد باتخاذ هذه الخطوة بعد أن بذل الجهود كافة داخل المفوضية الاسلامية بإسبانيا ، وفشل في تحقيق مايصبو إليه المسلمون من وحدة الصف والكلمة والتمثيل والمشاركة ..

لهذا فقد انطلق  مؤيَّداً بإجماع أعضاء مجلس شورى الاتحاد في اجتماعه المنعقد بتاريخ 26 وَ 27 من آذار / مارس لعام 2011 الذي ناقش فيه المجتمعون الكيفية التي يجب أن يتخذها الاتحاد في هذه الظروف الحساسة التي يمر بها المسلمون في إسبانيا ، وقرر دعوة سائر الاتحادات المسجلة في وزارة العدل الاسبانية بدون استثناء للمشاركة في بناء هذا الصرح الذي يتطلع إليه المسلمون قاطبة .

يتميز المجلس بأنه هيئة مستقلة ، تعتمد مبدأ المشاركة من قبل كل الراغبين بالانتماء إليه ، وهو يعبر عن مختلف الحساسيات الفكرية والشرائح المكونة للجماعة الاسلامية  ممثلة بحجمها الحقيقي فيها .

كما يصرح المجلس في مواد دستوره الأولى بأنه مؤسسة دينية إسلامية محضة مفتوحة للمسلمين كافة بشرط الالتزام بالقانون 26/92 للعاشر من نوفمبر وهو القانون الذي ينظم الشأن الديني الاسلامي في إسبانيا والموافق عليه من قبل البرلمان الاسباني بالإجماع ، ودستور المجلس ونظامه الداخلي .

ويعمل من خلال حرصه على توحيد الكلمة من خلال اتخاذ قراراته بالتوافق بين كل أعضائه ، وبهذا الشكل يضمن تأييد المسلمين جميعاً .. وهذا لن يتحصل إلا من خلال التنظيم المؤسسي الراسخ والعمل الجماعي الذي يستفيد من كل الطاقات المتوفرة في سبيل تحقيق أهدافه وطموحاته الرامية لخدمة الاسلام والمسلمين في هذا البلد .

إن استقلال المجلس يكفل له – بعون الله – الاستقرار والقدرة على التحرك في سائر المجالات التي ينوي القيام بها وهو يملك زمام المبادرة والقدرة على اتخاذ القرارات التي تدافع عن مصالح  المسلمين ، وتدرأ عنهم الحيف والمهانة . وله أن يتعاون مع من شاء من منظور الندية ضمن برامج ومشاريع محددة ، دون أن يمس ذلك من شخصيته المتميزة .

إن الشفافية في العمل ، واطلاع المسلمين قاطبة ، بل والمجتمع الذي نعيش فيه على المواقف والخطوات التي يقوم بها المجلس تضمن له القبول من المسلمين أولاً ومن كافة شرائح المجتمع الاسباني ثانياً ، وهكذا يحظى باعترافهم بل وبتأييدهم لأن مايقوم به يصب في صالح التعايش السلمي والعيش المشترك المبني على الاحترام والتقدير المتبادلين .

وسيكون بعون الله فضاء حوار وتناصح بين سائر مكوناته بغرض تقريب وجهات النظر ، وتسديد الخطى وردم الهوة التي أدت للفرقة والابتعاد .. وبهذا الشكل يحقق المجلس أهم أهدافه وهو وحدة المسلمين واجتماع كلمتهم على البر والتقوى بإذن الله .  إن الجو المفعم بالسعادة الذي صاحب تأسيس المجلس والذي لهجت به أفواه المشاركين جميعاً ليبشر بالخير العميم لمستقبل مشرق عتيد للإسلام والمسلمين ، كل المسلمين في إسبانيا.

  رياج ططري

viernes, 8 de abril de 2011

المَواقـــع الفاعِـــلة

                    

دعاتنا بخير مادامت صحوتهم واعية يقظة تبشر بمستقبل أفضل لجيل النهضة الإسلامية . وهم بخير طالما تلمسوا المواقع الفاعلة في حياة الإنسان ، فشمروا عن سواعد الجد للتعرف عليها وفهم أبعادها في حياة البشر وتأثيرها في مجرى حياة الناس .

هذه المواقع هي التي تحرك الجماهير ، ومن خلالها يؤثر من يسيطر عليها ويتحكم بها بمصير الناس وعقولهم وبها يُشكّل آراءهم وأحكامهم . وكلما استطاع الدعاة اليقظون الالتفاف حولها والتأثير بها ، بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، تمكنوا بذلك من أداء واجبهم والقيام بدورهم على خير وجه .

المواقع الفاعلة والمؤثرة في حياة البشر ، هي التي تترك بصماتها واضحة على عقول الناس وأفئدتهم وتحرك عواطفهم وتستجيش وجدانهم .. حدثني شاب في مقتبل العمر : ( إنني لاأستطيع مفارقة المذياع ، إنه ينام معي في سريري ، لقد أصبح جزءاً من لاأقدر على فراقه ساعة ) .

وقال آخر ذات يوم : ( وكيف لاأصدق هذا الخبر ، وقد تناقلته الصحف ووكالات الأنباء ، حتى علم به القاصي والداني ) .

وجمعتني مناسبة بأحد العاملين في حقل الدعوة في إحدى اللقاءات الهامة فصرح لي قائلاً : ( إنني مازلت أتخيل أساتذتي في المدرسة والجامعة ومازالت كلماتهم حيّة في مخيلتي . وكثيراً ماأرددها دون تفكير مسبق ، إنني أعدها وكأنها مسلمات لاخلاف عليها ) .
هذه المواقع التي يؤثر أصحابها في تشكيل العقول ، وترتيب الأفكار ، وزرع العقائد عند الناس ، كل الناس ، هي التي يجب أن تكون محط أنظار الدعاة وموضع اهتمامهم حتى إذا ماعرفوها ، واكتشفوا السبيل للوصول إليها ، كانوا قد قطعوا شوطاً بعيداً على النهج القويم .

ولا يعني معرفة الشيء تمام العمل ، بل كما يقول الخطيب البغدادي : " اقتضاء العلم العمل " ، فإذا تعرفنا على مراكز النفوذ والتأثير ، استنفرنا لكل مركز رجالاً يمتلكون ناصية الخبرة والكفاءة الجادة المتزنة القادرة على شغله بجدارة وأصالة .

فإن لم يتوفر الرجال أو العدد اللازم منهم .. فيجب إعداد الفريق الكافي والمناسب لكل موقع ، حتى يحققوا الهدف المرسوم ضمن خطة تغطية شاملة . إن النواح والشكوى والتذمر ، سلوكُ ساد عند بعض العاملين لحقبةٍ طويلة من الزمن ومازال يهيمن على بعضهم حتى وقتنا الحاضر ، وهذا مايلفتهم عن التفكير الجاد والعمل المثمر النافع في استنباط الوسائل الناجعة ، وإعداد الرجال الذين يقدرون على الاستفادة منها في تحقيق أهداف الدعوة السامية .

إن الحياة تحتاج إلى أناة وصبر ، والصبر كما تعرف – زاد الدعاة – وكل بناء يحتاج لجهود مضنية ، فكيف ببناء هدفه إعادة صياغة المجتمع الإنساني برمَّته ، ليكون وفق نهج الإسلام وشريعته .

إن كل تفكير عشوائي لايأخذ للأمر عدته في استنباط مواقع التأثير والفعالية عند الناس ، واستقراء حاجات الناس المستقبلية ، وتلمس ميزان الجهد المبذول المكافئ للمردود المتحصل ، تفكير لايمكن أن يؤدي إلى نجاح ، وإن حقق بعض النجاح الظاهري ، فلا بد أن يهوي صريعاً أمام أي تنافس أو قدرة أخرى أقوى منه . ولا يغيبنَّ عن ذهن الدعاة أن إعداد الرجال مهمة شاقة لايقوى عليها إلا من نذر نفسه صادقاً لله ، محتسباً ثوابه من عنده وحده .

عرض أحد الاجتماعيين نظام جماعة في بلد أوربي ، وبيّن كيف تمكن أفرادها من احتلال مواقع النفوذ فيه بجدارة وتماسك كبيرين  دون ضجيج  مفتعل أو خداع وتزييف ، فقال: " إنهم يشترطون على من يتبنّى أهدافهم أن يبذل طاقته كلها في فرعه الذي اختاره لنفسه حتى يبرز فيه مااستطاع إلى ذلك سبيلاً ، وهم بدورهم يوفرون له كل ما يحتاجه من مساعدة مالية أو معنوية فيؤمنون له الكتب التي تصدر تباعاً ويسهرون على تقدمه ، ويتفقدونه في جوانب حياته كلها ، الأسرية ، والجامعية ، وحتى في علاقاته الحميمة مع أصدقائه وزملائه . حتى إذا ماتخرج لقي الدعم والمساعدة في ايجاد العمل المناسب في الموقع المختار له ، وبهذا يصبح لبنة في بناء متماسك يشد بعضه بعضاً " .

إن هذا النظام  وفّر لأفراده ، الجو الملائم ، والوسائل الكافية ، والتشجيع المستمر ، والمراقبة الحازمة ، والتقويم الحريص ، وكفل لهم الازدهار في حياتهم الخاصة والمهنية ، وجعل ذلك كله يصب في بوتقة واحدة يدعم كل فرد فيها بقية الأفراد .

وهكذا تمكن أفراد هذه الجماعة من الوصول إلى حكومة هذا البلد والهيمنة على أقوى المراكز الفاعلة فيه في مدة لاتزيد على خمسة وعشرين عاماً ، أي خلال جيل واحد فحسب .

إن تلمس المواقع الفاعلة ، ومعرفتها واستقراء المستقبل ، لإدراك المستجد منها ، خطوة لابدّ منها لمن أراد أن يسير وفق سنن الله في الكون والإنسان والحياة .

وإعداد الخبرات والكفاءات القادرة على شغلها بجدارة وأصالة خطوة أخرى لابدّ منها في العمل التغييري الجادّ الذي يضع أمامه أهداف الإسلام الكبرى " وأعِدّوا لَهُم مااسْتَطَعتُم مِنْ قُوَّة " .

ودعم هذا الوجود على كل صعيد لكي يؤتي أكله ، تكاملاً وتأييداً ومناصحة وتقويماً ، خطوة ثالثة لابدَّ منها لتمام مشروع القرآن الكريم :

" إنَّ اللهَ لايُغَيِّرُ مابِقوْمٍ حتّى يُغيِّروا ما بأنفُسٍهٍم "


      رياج ططري 

viernes, 1 de abril de 2011

مزيــــــد مـن الإعــــــــداد


                                                     

ما من امرئ ملم يتابع مايحدث في العالم  عموماً ، وفي البلدان العربية خصوصاً ، وإلا ويلمس زيادة الوعي  بين صفوف الناس في مستوياتهم الاجتماعية المختلفة ، كما يلاحظ أن هذا الوعي أخذ يصب في معين العمل  بصوره المتنوعة ، ولو بشكل غير منتظم .. إذ لم يعد المشروع  بالنسبة للناس خيالاً جميلاً ، ولا تفكيراً مجرداً ، بل لقد دخل مرحلة التجربة والاختبار ، وفي بعض االساحات بدأ العمل بجدية وفعالية ، بل وأثبت جدارته في مناح وقطاعات متعددة ، وذلك مايقلق أعداء الإسلام وأتباعهم في العالم  ، فأخذوا يعملون على سد المنافذ ووضع العراقيل والصعوبات ليحولوا دون نجاح هذه المجهودات ، ولإيقاف التحرك  ، والحؤول دون انتعاش الحس الحر عند المسلمين .

ولكن ستمنى هذه المساعي بالفشل على غرار ماحدث للجهود السابقة التي بذلت لوقف انتشار الوعي  ، عن طريق بث حملة الكراهية ضد الإسلام والمسلمين ، وتشويه التاريخ ونشر الفساد والرذيلة ، ومنع الشعوب الإسلامية من اتخاذ التدابير اللازمة للاعتماد الذاتي على نفسها في تسيير شؤونها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، ولتربية أبنائها وتثقيفهم بالإسلام وحضارته .

لقد كانت الحملات المنظمة والمسلحة بالمعرفة والعلم والتقنية ، والمدعمة بالوسائل السلطوية القوية ، من جيش وقوات أمن وأجهزة مخابرات تفعل فعلها في تأخير يقظة المسلمين وأوبتهم الصادقة لدينهم ، ولكنها فشلت في محاولتها لوقف تنامي الوعي  ، وتغلب الإسلام على كافة المحاولات الخارجية والداخلية ضده . ونجد الآن موجات كبيرة  تدخل في الإسلام في البلاد التي تخضع لحكم صليبي ، وتنتشر الدعوة لتطبيق الشريعة ة ، واللجوء إليها لحل مشكلات الحياة في بلداننا الإسلامية  قاطبة .
غير أن هذه الدعوة مازالت رهينة أفراد وجماعات ليست في مواقع التأثير الفاعلة في المجتمع ، ولم تتوغل بعد إلى صفوف القيادات الوسطى في معظم البلاد الإسلامية ، بصورة عميقة تمكنها من إحداث التغيير نحو المنهج  والحياة الإسلامية .

لقد كانت الحكومات والأنظمة التي تتبع أنماط التعليم والثقافة والإعلام والتربية التي أخذتها عن الغرب ، تطلق عنان وسائل الإعلام والدعاية لتبث السموم وتنشر أفكار التبعية للغرب وتمجد حضارته ، وتسكت عن جرائمه بحق البشرية ، وتقمع الحركة الإسلامية وتبطش بها ، وهي تعانق الصليبيين والصهاينة والملحدين بعد أن سحقت إرادة شعوبها المسلمة التي أبعدتها عن ميادين الحياة ومواقع التأثير فيها .

أما تلك الأصوات الناعقة ، التي نسمعها من قلة قليلة ممن يدّعون التحرر والمعرفة والثقافة .. فهي أصوات مبعثرة لاهية ، لا تجد صدىً لها بين صفوف الناس ، ولا تريحها صحوة الشعوب الإسلامية الممتلئة بالعاطفة الجياشة نحو الإسلام ، ولولا الحماية المكرسة للقادة والزعماء السياسيين المالكين لزمام الأمور في البلدان الإسلامية والراسخة تحت الوصاية الغربية ، لما وجد أصحاب هذه الأصوات والأقلام القدرة والجرأة على رفع عقيدتهم ضد الإسلام .. دين غالبية الأمة .. وضد ثقافتها وتاريخها ، ولولا حماية هذه الأنظمة ، لكانت غيرة الشعب المسلم وانتفاضته في كل مكان من أصقاع العالم  ، قادرة على تغيير هذه الأوضاع ، وإزالة الطغمة الفاسدة وزبانيتها في وقت يسير ، وما أحداث الجزائر عنا ببعيدة وهي مثال لما يحدث في أطراف بلداننا المغلوبة على أمرها .

لقد ذهب إلى غير رجعة بإذن الله التفكير الساذج والعقل التبعي القابل للاستعمار ، وتململت الشعوب الإسلامية لتنهض وتسترد حقوقها ، ولتثبت دعائم كيانها القائم على الحق والعدل والكرامة ، القائم على الإسلام عقيدة ونظاماً ، وهي واثقة كل الثقة بأن النظم القائمة والمتمركزة على الآلة الغربية بصورها المختلفة ، على ما تمليه عليها من نظم سياسية واقتصادية وفلسفات اجتماعية ، هي التي عاثت في البلاد والعباد ، الخراب والتشتت والتمزق والفساد ، وضربت أسار التبعية للفكر الغربي ، وأوجدت التضارب الفكري والحيرة الثقافية .

على أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الإعداد ، واتخاذ الأساليب الكفيلة باستمرار الصحوة الإسلامية وإنضاج ثمرتها ، ولا يتحصل هذا الأمر إلا بتفاعل الطلائع الإسلامية مع كافة شرائح الأمة بروح التعاون والتآزر والتعاضد لا بروح الاستعلاء والنخبوية والآبائية .

إن أمتنا تتطلع إلى الداعية المحتسب ، لا إلى المحاسب الزاجر ، وإلى القائد الحاني المرشد ، لا إلى السلطان الآمر الناهي ، وإلى عناصر اللحمة التي تربط أجزاء الجسم الواحد المفكك ، لا إلى من يكدس الأجزاء ، ويجمع الأضداد إلى بعضها بصورة عشواء .

لقد حان الوقت لأن ينتبه الواعون من أبناء الحركة الإسلامية إلى ضرورة التحرك من خلال قطاعات الأمة ومؤسساتها ، لنشر الوعي بين صفوف القيادات الوسطى وكسبها إلى الصف  ، ولا يكون هذا الأمر إلا بالحوار الهادف والعمل المشترك الجاد في الأهداف التي تحقق النفع للعباد وتجنب البلاد عاقبة الفساد. 

ولا يتم هذا الأمر إلا بالصبر والمصابرة على سد الثغرات ، والتعاون على البر والتقوى والعمل الدؤوب المستمر الذي يوحد الصفوف ، ويقرب الآراء ويصوبها ويرفع من إمكانيات العاملين كماً وكيفاً ، ويضعهم في أماكن التأثير الفاعلة في المجتمع ويقربهم من النصر بعون الله .
( والذين جاهدوا فينا لَنهدينهم سُبلنا وإن اللهَ لمعَ المُحسنين )
                                                        ( العنكبوت : 69 )

  رياج ططري