viernes, 29 de julio de 2011

كيف ينظم

كيف ينظم المسلمون شؤونهم 

                                                                                     
عندما شرعت الدولة الاسبانية بإعداد القانون العضوي للحرية الدينية بعد الاستفتاء على الدستور الذي أعلن قيام دولة عصرية ديموقراطية – ملكية دستورية – في عام 1978 .
شكلت الحكومة المنتخبة لجنة مكونة من خبراء في القانون وممثلين عن الأديان الموجودة في المجتمع الاسباني آنذاك ..ومن أهم النقاط التي تطرقت لها اللجنة ، الطريقة التي تمثل فيها الأديان عدا الديانة الكاثوليكية لأن طريقة تنظيمها معروفة من قبل الادارة الاسبانية وشرائح الشعب كافة .

وكان المتعارف عليه بين الناس إطلاق لفظ الكنيسة على أتباع الديانات الأخرى مثل المسلمين والبروتستانت واليهود وسواهم .أسوة بما عليه الكاثوليك في هذا البلد ، فكانوا يقولون الكنيسة الاسلامية والكنيسة اليهودية .. إلخ .توقفنا ملياً عند هذا التعريف ، وبيّنا بأن الاسم المناسب الذي يستخدمه المسلمون هو الجماعة La Comunidad ، وهي بدورها أي الجماعة سواءً كانت صغيرة أم كبيرة تنظم شؤونها باختيار من يقوم بأمورها ، إدارياً ومالياً ودينياً .. إلخ .
  
وافقت اللجنة آنئذ على إضافة عبارة " الجماعة " إلى المادة الخامسة من نص القانون التي صيغت على الشكل الآتي :


[ أولاً : الكنائس والمعتقدات والجماعات الدينية  واتحاداتها ستتمتع بشخصية قانونية عندما تسجل في السجل العام الذي سينشأ لهذا الغرض في وزارة العدل . ] .

هذا وقد تقدمت الجمعية الاسلامية في عام 1968 بناء على القانون رقم 44/1967 الذي ينظم ممارسة الحقوق المدنية للحرية الدينية . وسجلت في وقتها برقم 145 في السجل الخاص ، وبعد  صدور القانون العضوي  رقم 7/1980 للخامس من تموز / يوليو للحرية الدينية . انتقلت إلى سجل الهيئات الدينية الذي أنشأ لهذا الغرض  

- تنظيم " الجماعة " الاسلامية بإسبانيا :

تعارف المسلمون فيما بينهم على إنشاء الجمعية الدينية الاسلامية بجمع الراغبين في خدمة الاسلام والمسلمين واختيار لجنة تمثلهم وتنظم شؤون الجمعية المختلفة .
وأول الهموم كان وما زال تشييد المساجد وفتح المصليات لأداء الصلوات الخمس في أوقاتها ، وبذل الجهود التي تكفل تَمتُع المسلمين بالحقوق الدينية التي تقرها التشريعات النافذة .

وهكذا انتشرت المصليات في ربوع إسبانيا عن طريق قيام الجمعيات الاسلامية وبعدها بنيت بعض المساجد على النمط المعهود في بعض المدن الاسبانية .

عند صدور قانون الحرية الدينية عام 1980 نظمت الجميعات القائمة لقاءً أسست من خلاله اتحاد الجمعيات الاسلامية في إسبانيا ليكون الإطار الجامع لها والمتحدث باسمها في الشؤون المشتركة للمسلمين مع مؤسسات الدولة .

وأيضاً نشأت بعض الروابط المتخصصة والتي تهتم ببعض القضايا المحدودة وتتبع الجمعية الأم . ولا تحتاج للقيام بما تقوم به الجمعية ، بل تنفذ نشاطاً محدداً لصالح المسلمين في إسبانيا .

لهذا كله .. فإن التطور الطبيعي الذي واكب وجود المسلمين في هذا البلد ، قيام " الجماعة " ثم تشييد المسجد والسهر بعدها على مصالح  المسلمين في كل مدينة أو قرية يتواجدون  فيها ، هو ما تعارف عليه الناس وهذا الذي يحقق المطالب التي يسعون للوصول إليها .

غير أن ظاهرة جديدة ، أخذت في البروز وهي تسجيل الجمعيات بأعداد غير معقولة ، وبوقت قصير ولا تتناسب مع تواجد المسلمين كما لا نجد لها نشاطاً مثل بقية الجمعيات الراسخة في عملها .

إن تسخير الدين ، واستخدامه لأغراض لا تمت له بصلة سواءً كان هذا الغرض فردياً أو فئوياً أو لغير ذلك من الأغراض ، سيؤدي لا محالة إلى العبث بالشأن الإسلامي وبالتالي إثارة الشكوك لدى الجهات الرسمية ، وسيؤدي أيضاً إلى ايجاد صورة غير واقعية عن التمثيل الإسلامي الديني  ، لأنه سيوصل أناساً ليس لهم رصيد حقيقي في الشأن الاسلامي .

لذا .. وجب التنويه ولفت النظر بل والتحذير من هذا الأمر ، وإلقاء المسؤولية على من يعبث بمستقبل الإسلام والمسلمين في هذا  البلد ، لآنه سيكون مسؤولاً أمام الله والناس على ما يقوم به من أمر يَفتّ في عضد المسلمين ووحدة كلمتهم ، ويشتت شملهم بدل أن يكونوا جميعاً يعملون من خلال بوتقة واحدة تجمعهم وتوحد صفوفهم وتُعلي كلمتهم وشأنهم في المجتمع الذي يعيشون فيه .

   رياج ططري

viernes, 22 de julio de 2011

الهجرة الاقتصادية



الهجرة الاقتصادية إلى إسبانيا
                                                                                     
يحلو لكثير من الدارسين لمسألة هجرة العمال المسلمين إلى إسبانيا ، إنشاء مقارنة بين وجودهم وتوزعهم الجغرافي الحالي في شبه الجزيرة الايبيرية وبين توزع الموريسكيين قبل إخراجهم وطردهم منها في أوائل القرن السابع عشر الميلادي وبالتحديد في عام 1609 م .

هذه المقارنة توجد تشابهاً كبيراً يدعو للدهشة والعجب ، بين توزع المهاجرين المسلمين حالياً والموريسكيين فيما مضى . فقد كان الموريسكيون ينتشرون على طول الشاطىء المتوسطي ابتداءً من قطلونية وبلنسية ومرسية وحتى شرق إقليم الأندلس الحالي ، بل وفي بعض الأقاليم الداخلية ، كالآراغون واكسترمادوره وقشتالة والأندلس . وهذا ما نجده الآن حيث يتوزع العمال المسلمين ومعظمهم من المغرب العربي في نفس المناطق تقريباً .

ومقارنة أخرى تقول بأن نصيباً كبيراً من الموريسكيين كانوا يعملون بالزراعة وفي خدمة النبلاء اللاتينية ، بينما نجد العمال المهاجرين الآن يعملون في الزراعة التقليدية وفي قطاع الخدمات الذي يحتاج ليد عاملة رخيصة ونشيطة لكي يصبح قطاعاً اقتصادياً منافساً .

لهذا فإننا نجد أن عمال الزيتون في ( خايِن ) قد جاؤوا من مدينة العرائش أو من بني ملال ، بينما عمال أشجار العنب في ( لامانتشا ) منهم من فاس أو الحسيمة وعمال أشجار البرتقال في بلنسية قادمون من أماكن أبعد كتلمسان بل وحتى من الجزائر العاصمة .

وقد ظهرت أمور أخرى تميز أوضاع المهاجرين المسلمين في الوقت الحاضر منها أننا نجد أن واحداً من كل خمسة عمال من الذين كانوا يقيمون بصورة غير قانونية ثم نظموا أوضاعهم في عام 1991 ، يعملون حالياً في البناء في كل من مدريد وبرشلونة .. وبهذا فإنهم يكوّنون صورة جديدة للعمل في إسبانيا في عقد التسعينات .

ولكن الفرق القائم والجوهري بين مهاجراليوم وموريسكي الأمس : هو كون الأول أجنبي قادم من بلد آخر ، بينما الثاني فقد كان يعيش في بلده وأرضه .

وعلى الرغم من ذلك لم يعفه أصله وجنسيته من التطهير العرقي والديني فقد عانى أولاً من إكراهه على هجر دينه وعاداته وتقاليده ثم بعد ذلك وفي عام 1609 تمّ طرده من أرضه وبلده بل ومن مسقط رأسه .

وفارق آخر عددي ، هو أن عدد مسلمي إسبانيا في أواخر القرن السادس عشر كان يشكل أربعة بالمائة من إجمالي السكان وكان يصل هذا الرقم إلى عشرين بالمائة في مملكة آراغون ، بينما في الوقت الحالي يشكل أقلية ضئيلة لا تصل بالكاد إلى 0,5 % من مجموع سكان إسبانيا.

على أن المقارنة الأفضل هي التي تقوم بين المهاجر المغربي ، والمسلم المدجن     – على حد زعم أحد الدارسين – بدلاً من الموريسكي ، مع أن الأمر يتعلق بنفس الجماعة التاريخية أي المسلمين القدماء ، إذ أن الموريسكي هو المسلم الذي أجبر على ترك دينه عن طريق المراسيم الصادرة بين عامي 1525  وَ 1528 ، بينما المسلم المدجن فهو الذي كان يعيش بين النصارى في الممالك المختلفة في إسبانيا في القرون الوسطى حتى نفس التاريخ .

إن كلمة ( مُديخر ) الإسبانية ، هي عبارة عن تحريف لكلمة ( مدجن ) بالعربية ، وتعني الشخص الذي يسمح له بالبقاء ، وكان يقصد بها أن تقابل مصطلح الشخص الذي يدفع الجزية في النظام الإسلامي .

على أن الكلام عن عودة  المدجنين أو الموريسكيين يدفعنا إلى الحديث عن وجود مجموعة كبيرة من الناس أتوا من أماكن مختلفة يسمون الموروس ، وكلمة مورو كانت تستخدم حتى أعوام قليلة خلت إشارة إلى الماضي البعيد وبالذات إلى القرون الوسطى وهي كلمة ذات تاريخ عريق .

غير أنها الآن تطلق على المهاجر القادم من بلدان مختلفة ، بل وعلى عابر السبيل الذي يمر في أشهر الصيف قاطعاً شبه الجزيرة الايبيرية من شمالها إلى جنوبها ، ومن جبال البرانس وحتى الجزيرة الخضراء ، لكي يقضي شهر الصيف في بلده وثم يعود إلى موقع عمله في البلدان الأوروبية .

لم يكن العمال المهاجرين إلى إسبانيا حتى منتصف الثمانينات يشكلون تجمعاً كثيفاً ومتجانساً ، لأن التقليد الذي كان سائداً في إسبانيا هو أنها بلد حر يهاجر أبناؤه إلى أوربا وأمريكا بهدف العمل ، ولهذا فلم تكن هدف الهجرة الاقتصادية .

غير أن بعض العمال المسلمين بقوا في بعض المناطق في إسبانيا – وفي قطلونية خاصة – بعد أن أنهوا عملهم الذي تعاقدوا عليه ضمن مجموعة من العمال المغاربة
الذين أتوا إسبانيا في الستينات للمساهمة في إعمار البلاد . ولكن هذا العدد لم يشكل
واقعاً اقتصادياً واجتماعياً في هذه الفترة .

 وإثر إصدار قانون الأجانب عام 1985 ، ودخول إسبانيا السوق الأوروبية المشتركة، جرت أول عملية تنظيم للأجانب عام 1986 فأثبتت وجود جماعة من المهاجرين المغاربة قُدر عددها بِـ 6000 شخص ، وتضاعف هذا العدد إلى 12000 في عام 1987 ( 92% منهم من المغرب الأقصى ) وبعد عملية التنظيم الشاملة في عام 1991 بلغ عدد المهاجرين المقيمين بصورة قانونية 72000 مغربي وَ 3000 جزائري ، يضاف إلى هذا العدد 8000 مهاجر يقيم بصورة غير نظامية وَ 15000 يعملون في خفية ولم يتقدموا لتنظيم أوضاعهم لدى السلطات ، وبهذا نستطيع أن نتحدث عن عدد يقدر بِـ  100.000 مهاجر .

من العرض السابق نرى حضور الذاكرة التاريخية واضحاً وبروز العمق التحليلي لظاهرة هجرة المسلمين إلى إسبانيا .

وإذا نظرنا إلى الخلفيات الايجابية والسلبية لكيفية هجرة المسلمين إلى إسبانيا لرأيناها تتفق في كثير من جزئياتها مع الخلفيات الموجودة في البلدان الأوروبية ، وطرق معاملتها للهجرة الإسلامية باستثناء البعد التاريخي الذي تنفرد به إسبانيا عن باقي أوروبا .

لذا فإننا نرى ربط صورة العرب والإسلام بالإرهاب والعنف ، بكل أشكال المواد التي تقدمها وسائل الإعلام حتى تختلط الصورة في أذهان الأفراد العاديين أيضاً لأنها تقدم هذه الصورة بتكرار وتنوع إلى حد يدعو للعجب والسأم معاً .

أما الصورة الأخرى فهي التي تربط الإسلام والعرب بالنفط وملاكي النفط الذين يبذرون الأموال بينما الشعوب الإسلامية ترزح تحت مطارق الجوع والفقر .الى أن أهم ربط يعتمد عليه الخطاب الغربي في أوروبا حالياً هو ربط الإسلام بالمهاجرين .

وهنا يرز بوضوح التناقض في مضمون الخطاب ، فهم مرغوبون من أصحاب العمل كَيَد عاملة رخيصة تعمل بالخفاء في الزراعة والخدمات والمعامل الصغيرة والبناء ولا تطالب بحقوقها وخاصة في الضمان الاجتماعي لأن أفرادها يقيمون بصورة غير قانونية ، هذا على مستوى العمل وأصحابه .أما على مستوى السلطات فإن هؤلاء المهاجرين يمارسون العمل بصورة غير قانونية ويروجون الاقتصاد الخفي الذي لا يدفع الضرائب .وهم من ناحية أخرى هدف الحركات العنصرية التي تبحث لها عن مشجب تعلق عليه أفكارها الهزيلة الضائعة.

على أن صورة التناقض تتضح تماماً عندما تسوغ السلطات ووسائل الإعلام معاملة المهاجر وكأنه كائن مرفوض ، لأنه يحتل أماكن العمل فيزيد من البطالة ويحرم أهل البلد من فرص العمل . بل ويصرح بعض المسؤولين " بأننا لم نَدْعُ المهاجرين إلى بلادنا ، لقد جاؤوا دون استدعاء منا ، فالأفضل أن يعودوا إلى بلادهم " . في الوقت نفسه نجد أن الأعمال التي يقوم بها معظم المهاجرين هي الأعمال الشاقة والصعبة المهينة ، لذلك يمتنع عن القيام بها أهل البلد .

فالمهاجرون المغاربة يشغلون حيزاً كبيراً في قطاع الفلاحة ، حتى أصبحت نسبة المنتسبين إلى نقابة العمال العامة في هذا المجال مايزيد على 40% من مجموع العمال . وهذا الأمر يتكرر في قطاعات أخرى ، الباكستانيون في المناجم ، النساء المغربيات في الخدمات المنزلية ، وآخرون في الحفر والبناء ، وغيرهم في المقاهي والمطاعم .

إن هذا الأمر يدركه تماماً أرباب العمل وأصحاب المزارع ويعيه المسؤولون تماماً وهم من يدعمون بصورة خفية الهجرة دون أن يظهروا ذلك علانية ، بل ويخشون من ردود فعل قد تدفعهم للاستغناء عن المهاجرين وبالتالي سيؤدي ذلك إلى تأثر بالغ في الاقتصاد الاسباني الذي يرجى منه أن يكون منافساً بسبب رخص أجور العمال المهاجرين .

تناقض آخر يبرز إلى الساحة يتعلق بزيادة حجم المهاجرين المسلمين والخشية من نمو واضطراد الهجرة السرية حتى أن أصواتاً ارتفعت تبين بأن الدين الاسلامي أصبح الدين الثاني وكأن في ذلك غمز إلى ضرورة أخذ الحيطة والحذر من هذا الأمر الذي قد يهدد البلاد في ثقافتها ووحدتها بل ودينها .

وفي الوقت نفسه تشير الإحصائيات والدراسات العلمية بأن نسبة الولادات قد انخفضت في ربع القرن الأخير بصورة مذهلة . فقد كانت إسبانيا في عداد الدول ذات الولادات المرتفعة .وكانت نسبة المواليد فيها 2,9  ولد لكل امرأة في عام 1970 ، وانحدرت هذه النسبة إلى 1,32  في عام 1992 ، وقد أصبحت إسبانيا مع ايطاليا الدولتان الأقل نسبة في الولادات في أوروبا . الأمر الذي سيحول المجتمع .

إلى مجتمع كهول وشيوخ وسيستلزم عدداً أكبر من السواعد الفتية الشابة المهاجرة  – التي جاءت ناضجة ولم تكلف الدولة المضيفة مصاريف التربية والتعليم والنشأة – لكي تدير عجلات المصانع وتحفر الأرض وتزرعها وتقدم الخدمات المتعددة التي منها رعاية المتقاعدين وكبار السن الاجتماعية كما يصرح العديد من الباحثين المنصفين الإسبان . إنه التناقض بعينه : الخوف من أن يشكل المهاجرون وأجيالهم المستقبلة نسبة عالية من السكان مع أنهم الآن يشكلون 0,25  % من السكان .

وفي نفس الوقت الإحساس بالحاجة الماسة لهم لحل مشكلات العمل والتقاعد والخدمات الاجتماعية من جانب آخر .

وهذا مضمون تصريح وزير الاقتصاد الإسباني الأخير ، بأن قدرة التأمينات الاجتماعية لن تفي بحاجة المتقاعدين نظراً لقلة اليد العاملة الشابة وذلك اعتباراً من العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين .

إن الأمر يتطلب شجاعة من المسؤولين الإسبان وللإنصاف فإن منهم من وقف وقفات جليلة وجريئة شارحاً الصورة الصحيحة للدور الذي يؤديه المهاجرون ، بل والضرورة الملحة لايجاد اعتبارات حضارية جديدة تتعامل معها كافة الشرائح الاجتماعية ، فالدعوة إلى فسح المجال لحضارات أخرى موجودة في أوروبا كان موضوع خطاب وزير الخارجية الإسباني في البرلمان الأوروبي الذي قال فيه : " إن وجود ثقافات غير ثقافتنا في أوروبا يجب اعتبارها كثقافتنا تماماً لأننا نؤمن بحق الاختلاف " .

كما يقف محامي الشعب في إسبانيا مواقف جليلة في الدفاع عن حقوق المهاجرين وإنصافهم .

وختاماً : أهمس في أذن كل مهاجر مسلم قائلاً : أما علينا أن نلتزم بأخلاقنا ومبادئنا لنكون خير رسل لديننا وعقيدتنا كما كان أسلافنا ممن حملوا الإسلام إلى أصقاع الدنيا فبلّغوا الرسالة وكانوا خير قدوة للناس ، فكانوا سبباً لدخول كثير من أهل البلاد في دين الله أفواجا .

                                                                                 رياج ططري
                                                                                           

                                                                            

viernes, 15 de julio de 2011

التَرْبِيَة

التَرْبِيَة : مَفهومها وَمَكانتها

                                                                                                                             
تعود كلمة التربية إلى أصول لغوية ثلاثة هي :

- رَبَا  : بمعنى نَما ينمو .
- ورَبِيَ : بمعنى نَشَاَ وترعرع .
- ورَبَّ : بمعنى أصلح وساس وتولى ، وقام على ، ورعى .

فالتربية إذاً : إنشاء الشيء حالاً فحالاً إلى حد التمام ، كما يقول الراغب ..
وهي تعهد الشيء ورعايته بالزيادة والتنمية والتقوية ، والأخذ به في طريق النضج والكمال الذي تؤهله له طبيعته ، كما قال الدكتور دراز رحمه الله .

وإذا عرفنا معنى التربية ، وأدركنا النتائج ، فإن ذلك يؤدي بنا إلى معنى الشرع والدّين .

لأن التربية تستمد جذورها منه ، وطبيعة النفس الإنسانية طبيعة متديّنة ، والإنسان في حقيقته كائن مُتديّن ، كما بين الأستاذ الباني حفظه الله .

وعليه فإن التربية الإسلامية هي التنظيم .. " أو مجموعة النُظُم النفسية والاجتماعية التي تؤدي إلى اعتناق الإسلام وتطبيقه كلياً في حياة الفرد والمجتمع ..

وهي ضرورة حتمية لتحقيق الإسلام كما أراد الله أن يتحقق ، وبهذا المعنى : تهيئةُ النفس الإنسانية لتحمل هذه الأمانة ، وهذا يعني بالضرورة أن تكون مصادر الإسلام هي مصادر التربية الإسلامية .

فالقرآن الكريم يحاكي النفس ويربيها على القيم السامية ، ويحملها عليها حملا ، رغباً ورهبا .. ويرسّخ فيها الايمان وينمي في سلوكها العمل بمقتضى أوامر الله .

التربية في ســــيرة محمّد صلّى الله عليه وسلّم

وكان الرسول صلّى الله عليه وسلّم شخصيّةً تربيويّةً فذّة يراعي مواهب الإنسان ، ويلتمس دوافعه الغريزية ، ويوجه الطاقات ، طاقات العقل والجسم والرّوح معاً ، للتجاوب مع الهدف الأعلى ، الذي يسمو بالفرد وينهض بالمجتمع .

ولهذا فقد كانت التربية التي تعهّد بها النبيّ صلّى الله عليه وسلم أصحابه ، هي لبّ عمليّة التغيير وأساسه ، قال المودودي :

( أنظروا قليلاً فيما تحرّى النبيّ  صلّى الله عليه وسلم ، من التدرّج والترتيب للبلوغ إلى هذه الغاية – تحقيق العبودية لله – فقد قام بدعوة الناس – أولاً وقبل كل شيء –

إلى الايمان وأحكمه في قلوبهم ، وأتقنه على أوسع القواعد وأرحبها ، ثم نَشّأ في الذين آمنوا تعليمه وتربيته طبقاً لمقتضيات هذا الايمان تدرّجاً بالطّاعة  العملية ، أي الإسلام ، والطهارة الخلقية ، أي التقوى ، وحبّ الله والولاء له ، أي الإحسان .

ثم شرع بسعي هؤلاء المؤمنين المخلصين ، المنظَّم المتواصل في تحطيم النظام الفاسد ، للجاهلية القديمة واستبدال نظام صالح به ، قام على القواعد الخلقية والمدنية المقتبسة من القانون الإلهي المنزل من الربّ تعالى .

ثم لمّا أصبح هؤلاء الذين آمنوا ولبّوا دعوته في كلّ وجهةٍ بقلوبهم وأذهانهم وأخلاقهم وأفكارهم وأعمالهم – مسلمين مُتَّقين مُحسنين بالمعنى الحقيقي – أخذ النبي صلى الله عليه وسلم يرشدهم إلى ما يزيّّن حياة المتقين المحسنين من الآداب والعادات المهذّبة في الهيئة والملبس والمأكل والمشرب والمعيشة والقيام والجلوس ، وما إلى ذلك من الشؤون الظاهرة ، وكأنني به فَتَنَ الذّهب ونقّاه من الأوساخ والأدران أولاً ، ثم طبع عليه بطابع الدينار .. ودرَب المقاتلين أولاً ثم كساهم زيّ القتال .. وهذا هو التدرّج الصحيح المرضي عند الله في هذا الباب ، ( كما يبدو لكل منْ تأمل القرآن والحديث وتبصّر فيهما ) .

نظرية التربية التغييريّة الإسلامية :

إن عملية التغيير الاجتماعي ، التي تجري وفق سنن التغيير لِما بالأنفس ، تقوم وفق منهج تربويّ متكامل متجدّد مواكِب لِما يحدث في النفس والمجتمع من تغييراتٍ دائمة ..
والبرنامج الطبيعي لتحقيق التغيير الشامل ، يقوم :

-  على تربية الجيل من خلال الايمان والثّقة بالله ، والجهاد المستمر ، مع الرؤية الواضحة للأهداف .. كلّ ذلك في ضوء القرآن والسنة .

- وعلى تلاحم الجيل المنظّم المتعاون الذي يكوّن التغيير وخميرته في المجتمع .

- وعلى قيام هذا الجيل المنظّم بالتطبيق العملي الطّوعي وقيامه بالمؤسسات المستقلّة التي يشرف عليها بنفسه .

- بعدها يأتي التغيير القيادي بأوسع مفهوم للكلمة ، أي القيادة الفكريّة والاقتصادية والاجتماعية وأخيراً السياسية .

الفرق بين التربية والتعليم :

كثيراً ما يُطلَق لفظ التعليم على ما يُقصَد من كلمة التربية ، ولكن تحرير المصطلح يفرض علينا بيان أن التعليم يتناول غالباً المعلومات ، أي من الناحية العقلية ، وقد يتناول إتقاناً لمهارةٍ من المهارات ، أما التربية فتتناول ما هو أهم من ذلك ، إنها تتناول السلوك والعاطفة ، والاتجاهات الأخلاقية ، وايقاظ المشاعر السامية ، والتدريب على الخلق الجميل .

فالتربية تشمل جميع جوانب الشخصية الإنسانية ، وهي تستعين بوسائل ، منها " التعليم "  ، أي التعليم بمعناه المحدود .

لذلك فقد ربّى الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه جميعاً تربية ، ولم يُلقنهم فنّاً أو علماً حتى قال قائلهم : " كنّا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نجاوز السورة من القرآن حتى نحفظها ونعمل بها .. فتعلّمنا العلم والعمل جميعاً " .

فالتربية إذاً ، تقتضي خططاً متدرجة تسير فيها الأعمال التربوية والتعليمية ، وفق ترتيب منظم صاعد ينتقل بالمرء من طور إلى طور ومن مرحلة إلى مرحلة ، مُراعياً الجوانب النفسية والبيئية وعمر الإنسان وقدرته الطبيعية على التَّلّقي والنّمو .


رياج ططري    
        

viernes, 8 de julio de 2011

نهج واضح



نهج واضح وخط مستقل
                                                                                       
اتخذ اتحاد الجمعيات الاسلامية في إسبانيا منذ نشأته في عام 1980 خطاً واضحاً تجاه المسلمين والمجتمع الاسباني ، بأن أوضح بأن دستوره المسجل في وزارة العدل الاسبانية هو الوحيد المعمول فيه تنظيماً وتنفيذاً للأعمال والنشاطات التي ينهض بها الاتحاد .

 وكان الاتحاد واضحاً بخصوص الحركات والجماعات والتيارات الفكرية التي ينتمي إليه بعض المسلمين ، حيث نبه بأن هذه الحساسيات تتعلق بالفرد فحسب ، ولا يلزم بها الاتحاد تنظيماً وفكراً ونشاطاً .

وثابر الاتحاد على هذه الخطة إلى يومنا هذا ، وهو يدفع بتصرفه هذا كثيراً من الاتهامات التي توجه لبعض الجماعات كالتشدد وعدم الاندماج في المجتمع لما يقال عنها من بعض الناس أو من آلة الاعلام الذي يحاول الايقاع بين المسلمين لتفريق صفهم وتشتيت شملهم .

فكانت الجمعية هي النواة التنظيمية التي يقوم الاتحاد عليها دون أي اعتبار آخر سوى الاسلام .. هذه الجماعة الصغيرة تحتاج لإدارة فتختارها بنفسها وتقوم هذه الإدارة بتنظيم شأن هذه الجماعة ، وإدارة مسجدها وتعين إمامها إن تمكنت من ذلك وتلتقي مع مثيلاتها في الاتحاد الذي يمثلها في الأمور المشتركة والمتعلقة بالقانون 26/1992 المنظم للحقوق الدينية المتعلقة بالمسلمين في إسبانيا .

كما ثابر الاتحاد على ترسيخ البنية الذاتية ، والاعتماد على النفس من خلال المبادئ التي قام عليها وهي الاستقلال المالي ، والانسجام مع نظام الدولة الاسبانية بمراعاة مكانة الدين في المجتمع ، فتبوأ هذا المكان ودافع عنه ، ولم يتعداه لغيره ، والمبدأ الثالث هو الالتزام بمبادئ الاسلام وتعاليمه لا يحيد عنها قيد أنملة .

وإن الاتحاد وهو يراعي هذه المبادئ حرص أشد الحرص على عدم قبول التدخل في شؤونه  سواء من الدول أو التنظيمات أو سواها وبدل ذلك شرع بالتعاون مع المؤسسات العالمية المشهود لها بالحياد والتوازن في القيام ببعض الأنشطة وتنفيذ بعض البرامج والدورات العلمية والتكوينية .

إن ابتعادنا عما يثير الشك والريبة لدى مواقع القرار في الدولة وكذا بتجنبنا لبعض الانتماءات الفئوية يدفع عنا هجوم الآلة الاعلامية المغرضة التي تستهدف المسلمين في كل أمر .

ورب سائل يقول : ولكن على الرغم من ذلك فإن الاتهامات مافتئت توجه للاتحاد وقيادته .. ونحن نجيب بأن هذه الاتهامات لا ولن تقوم ، طالما أن ليس لها رصيداً في الواقع وستبقى تتردد الفينة بعد الفينة ، ولكن الصبر والأناة والعمل الدائب المحتسب مع الإصرار والثبات كل هذا كفيل بأن يدفع عنا غائلة هؤلاء ومكرهم ، إذا ما التزمنا بالخط الذي نسير فيه عن قناعة ووعي وايمان وبأنه السبيل الذي يقودنا – بإذن الله – لتحقيق الأمن والسلام والتعايش للمسلمين والمجتمع الاسباني ككل .

إن حرصنا على هذا التوجه ، هو بدافع تنمية القوة الذاتية للمسلمين في إسبانيا ، بحيث يمتلكون ناصية أمرهم لا يحركهم أحد من الداخل ولا من الخارج لمصلحة معينة أو لهدف محدد .

إن الإصرار على هذه الخطة ، من شأنه أن يوحد كلمة المسلمين ، ويقوي من شوكتهم ، ويمكنهم بعون الله من إحسان البناء ومؤسساته ، لكي يقوم بذاته دون التدخل من أي جهة .. وسيدفع بهم نحو استكمال العدة لكي يحققوا أهداف  الإسلام  ويحصلوا على حقوق المسلمين التي تنص عليها التشريعات النافذة في النظام القائم . ولن يتم ذلك إلا بالتضحية والبذل ونكران الذات بغية تحقيق المصالح العليا للإسلام والمسلمين في إسبانيا .
رياج ططري 

viernes, 1 de julio de 2011

تَحديان قائِمان

تَحديان قائِمان : الوحدة والاتقان
                                                                                                                               
أمران تعمل آلة السياسة وبعض أجهزة الأمن على إلصاقها بالمسلمين في هذا البلد .. تروج لها .. وتذكر خفية أحياناً وعلانية أحياناً أخرى .

أولها أن المسلمين منقسمون على بعضهم ، مختلفون فيما بينهم ويثيرون الحيرة لدى المسؤولين في كل مستوى ، عندما يحتاجون لمتكلم ناطق عنهم يمثلهم جميعاً .

وقراءة  للواقع نجد بأن بعض هذا الأمر فعلاً قائم بين المسلمين ومرده المواقف المتعصبة لرأي أو لفئة أو لحساسية فكرية أو دفاعاً عن مصلحة خاصة ، تعمي صاحبها عن الأهداف السامية النبيلة ، حيث يتصور أحدهم بأن تحقيق مصلحته الخاصة هو تحقيق مصلحة الاسلام بعينها ..

لكل هذا فقد لجأ الاتحاد إلى نبذ هذه اللافتات التي تفرق صف المسلمين ، ووضع آلية سهلة الفهم ، سهلة التطبيق .. عن طريق تكوين الجمعية النواة باختيار طائفة تسهر على إدارتها وكذا وضع الشروط التي تتوفر في أعضائها والتي أولها حب الإسلام والعمل له .. ثانياً بذل المال والوقت والجهد في سبيل تحقيق مراد الجمعية كل حسب طاقته ، وكل مما آتاه الله من خير .

وبتلاؤم جهود الجمعيات قام الاتحاد ونما وتطور وأصبح مؤسسة تشمل كافة أقاليم إسبانيا دون استثناء ..
كانت هذه خطة الاتحاد في مواجهة ما يروج عن انقسام المسلمين وفرقتهم .. على أننا نود التنبيه بأن ممن يتهمون المسلمين بهذا السلوك هو من ينمي هذا الشقاق بحكم موقعه وما يمتلك من وسائل لتحقيق ذلك ، وقراءة للواقع تبين لنا المقصود بكل جلاء ووضوح .

أما الأمر الثاني فهو إلصاق تهمة عدم قدرتهم على التسيير .. تسيير أمورهم الإدارية ، والمالية وغيرها ..
وأيضاً نجد بأن النقص قائم في هذا المجال ولذا فقد نشط الاتحاد في تكوين الأطر الإدارية في الجمعيات وتدريبها على تسيير شؤون الجمعية في مختلف وجوه النشاط  الذي تقوم به وخصوصاً إدارة الأمور الاقتصادية .

إلا أن الصعوبات مازالت قائمة ، منها : دوام التنقل بحثاً عن العمل لدى الناشطين في الجمعيات الاسلامية ، فكثيراً ما نرى خلو الإدارة من ممثليها المسجلين في سجل الهيئات الدينية ، بسبب رحيلهم عن البلد الذي يسكنون فيه بحثاً عن العمل الذي يسد رمقهم ورمق أسرتهم .

وكذلك تقاعس بعض المسؤولين عن المشاركة في الدورات التأهيلية التي ينظمها الاتحاد ، واعتمادهم على ما يعرفون من أمور واكتفائهم بها .

أيضاً .. يزهد الإخوة في الجمعيات في نقل تجربتهم للأجيال المولودة في هذه البلاد ، والتي تمتلك قدرة كبيرة في استخدام التقنية المعاصرة ، فهي تشكل جزءاً من حياتها نشأت معه واعتادت عليه .

وإغفال هذا السلوك بدمج الشباب في مسؤولية الجمعيات سيترك فراغاً عاجلاً أم آجلاً ، وسيبعد بالتالي الشباب عن مواصلة مسيرة آبائهم في تحمل الدعوة والالتزام بها ، ولا أظن أن أحداً من الاخوة العاملين يرغب بهذا الأمر .

على أنه يجب التنويه بأن الهجرة التي حصلت في العقدين الأخيرين بكثافة كبيرة ، لم تمكن الدولة من استيعابها بالشكل المطلوب والمفيد سواءً للمهاجرين أو للدولة المضيفة ..

ولم يشفع هذا للمسلمين من توجيه النقد لهم بأنهم لا يحسنون تسيير شؤونهم ومنها الشؤون الدينية، فيوجه إليهم النقد الشديد دون الأخذ بأي اعتبار يبرر هذا النقص .

فإلى إخواننا جميعاً نتوجه بقلب عامر بالحب والثقة بأن يولوا هذين الأمرين اهتمامهم ، أولاً: بابتعادهم الكلي عن الفرقة والخصام ، واعلموا أن وحدة المسلمين " فرض " أمرنا به الله ..  ثانياً : إحسان العمل والبذل في سبيل ذلك الغالي والرخيص للرفع من سوية المسلمين في هذا البلد قلباً وقالباً وهذا مطلوب منا جميعاً لأن الله تعالى قال :

" وَقُلِ اعْمَلُوْا فَسَيَرَىْ الْلَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُوْلُهُ وَالْمُؤْمِنُوْنَ * وَسَتُرَدُّوْنَ إِلَىَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالَشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُوْنَ "  ( سورة التوبة : الآية 105 "(  .
 رياج ططري