viernes, 30 de diciembre de 2011

الحوار بين الأديان


الحوار بين الأديان
دور المؤسسات الإسلامية في تفعيل الحوار بين الأديان

تَدَخّل رئيس الاتحاد في الورشة تحت العنوان أعلاه
السبت 17/12/2011 من الساعة 9,30 إلى 11,00

القرآن الكريم خطاب الرحمن الأخير للبشرية قاطبة .. نصوصه مليئة بالحوار ، إبراهيم عليه السلام يحاور في أمر العقيدة والله سبحانه وتعالى يدعو الإنسان ليتأمل في كل قضية مع من يثق به أو بمفرده فحسب ..

وبما أننا نعيش في مجتمع غالبية أفراده كاثوليكي المعتقد ، وهناك أيضاً بعض الأديان التي أرست رحالها في إسبانيا بالإضافة لمن لا يعتقد أو أنه باحث عن الحقيقة ..

أمام هذه الصورة فإن الواجب يلحّ علينا بأن نقوم بدور فعّال في هذا الصدد وأن نكون من الذين يبادرون بالحوار .. بغية القضاء على المزايدات التي تلقي التهم جزافاً على المسلمين بأنهم لا يحاورون ولا يتعاونون ولا يندمجون ... إلخ ..

والمسلمون أمام مسألة الحوار ينقسمون إلى ثلاث فئات :

- فئة ترى بأن لا فائدة ولا جدوى من الحوار فهو إضاعة للوقت والجهد وهم قلة  .
- وفئة ترى بأن الحوار يستخدم لأغراض دعائية وسياسية ولهذا فتتحفظ من إجرائه ، وهم شريحة نافذة .
- أما الفئة الثالثة وهي تمثل أغلبية المسلمين فإنها تجد أنه لا بُدّ من الحوار لتقريب وجهات النظر ولِسدّ الذرائع .

على أننا يجب أن نميز بين أنواع الحوار الذي نتصدى له .

- فهناك حوار في العقائد وهذا يحتاج لمتخصصين كل في مجاله من الجهات المتحاورة .. وهذا الحوار هو الأصعب والأدق .

- وهناك حوار التعارف ، ليقف أصحاب الأديان على بينة مما عند غيرهم منهم أنفسهم وليبنوا جسوراً من الثقة قائمة على المعرفة والعلم بما عند الآخرين .

- أما الحوار الممكن والمُحبذ بل ومن الواجب القيام به هو حوار التعاون في المجالات التي تهم الناس قاطبة ، ومثاله الدفاع عن الحقوق ، والحفاظ على البيئة ، والمشاركة في القضايا الاجتماعية – مثل التبرع بالدم وبالأعضاء ، والعناية بالمهاجرين .. إلى آخر هذه المجالات التي تنفع  سائر البشر ..

على أننا لكي لا نقع في المزالق ، فعلينا تخطيط العمل وانتقاء الأشخاص والأهداف لكل حوار ومن ثم تقويمه وإذاعة كل ذلك بين الناس لتعم التجربة على الآخرين وللحصول على الفائدة المرجوة .. والله ولي التوفيق .

                                                                                 رياج ططري

miércoles, 28 de diciembre de 2011

المؤتمر الإسلامي الثامن

المؤتمر الإسلامي الثامن في كاتلونيا

كلمة رئيس الاتحاد في حفل افتتاح المؤتمر الثامن الذي نظمه اتحاد الجمعيات الاسلامية في كاتلونيا في برات ديل جوبريغات في الأيام 16-17-18 من شهر كانون الثاني / ديسمبر 2011 .

أعبّر عن بالغ سعادتي للمشاركة في المؤتمر الثامن لاتحاد الجمعيات الاسلامية بكاتلونيا وأقول إن توالي العمل على السنين يدلّ على نمو واستقرار الاتحاد وهو عنوان لنشاطات متفرقة قام بها الاتحاد والجمعيات الأعضاء فيه على مدى العام الذي شارف على الانتهاء .. ولتجمع الحصيلة في هذا اللقاء الذي يُتوج مجمل هذه الأعمال .

يأتي دور الاتحاد ضمن مشروع مستقبلي متكامل للمسلمين في إقليم كاتلونيا خاصة وإسبانيا عامة .. لِيلبي الحاجات المتجددة للمواطنين المسلمين .. وليرسخ البنى التحتية التي هم بأمس الحاجة لها .. لتؤدي الدور المنوط بها على مستوى الإقليم ، وفق تنظيم سهل ميسر مقدور عليه ، يستفيد من جميع الطاقات المتوفرة وينمي العناصر الشابة لترفد العمل وتطوره شيئاً فشيئاً مع الأيام .

لقد استفاد الاتحاد من العنصر النسائي ، فقد بذل جهداً كبيراً لكي تنخرط المرأة المسلمة في العمل الجمعوي حتى أصبحت جزءاً لا يتجزأ من العمل الدعوي والتنظيمي والتربيوي والثقافي .

وقد قام الاتحاد من خلال دعمه وتأييده لأنشطة الجمعيات بدور فعّال في انخراط المسلمين في نسيج المجتمع ، بل وأصبح يشارك في مختلف الأنشطة التي تنظمها مؤسسات المجتمع المدني  ، مما يدل على رغبة صادقة في التعايش والتعاون في سبيل بناء متماسك يقوم على الوِدّ والوئام .

لكل ذلك ليس مُستغرباً اختيار موضوع المؤتمر بهذا العنوان ليعمق الحوار القائم بين الاتجاهات الفكرية السائدة ، ويزيل بينها اللبس والإبهام ويفتح صفحة الحوار المستمر على مصراعيها لكي يبني جو التفاهم والتعاون ويقضي على التجاهل والتنافر ..

الكلمة موصولة بالشكر لحكومة الإقليم ممثلة بشخص المدير العام للشؤون الدينية الذي يشارك بحماس ملموس ورغبة صادقة بالتعاون بل والدعم والتأييد .
وكذلك للجنة المنظمة لهذا الجهد المحمود وأيضاً إدارة المؤسسة المضيفة التي وضعت كل إمكاناتها تحت تصرف الاتحاد .

وفق الله الجميع لخير العمل وَكَلّل الجهود بالنجاح مع الأمل الكبير بمزيد من التعارف والتآلف بين المشاركين وضيوف المؤتمر بغية قطف الثمرات اليانعة من هذا الجهد المبارك بإذن الله .

lunes, 19 de diciembre de 2011

ســَـبيل السَّـــلام -7


 ســَـبيل السَّـــلام  -7

نقاط جديرة بالملاحظة :

قد ينجم بين أبناء المنهج الواحد ، منهج الله ، الذين يقتدون بسيرة محمد صلى الله عليه وسلم ، سوء تفاهم ، قد يبدأ بأفراد ، وينتهي بين أمم وشعوب .. ومرجع هذا الخلاف يرجع إلى :
        - تفاوت إمكانيات الناظرين في الفهم والإدراك ، والقدرة على الرؤية الواضحة .
        - سيطرة الوسط الذي يعيشون به ، بحيث يؤدي إلى الجهل بالوسط الذي يحيا به الآخرون .

        وبما أن الإنسان ليس هناك من يضبط أعماله " سوى الله " خالقه فإن البشر والآلات التي اخترعت ، والأدمغة التي ركبت ، تقف عاجزة حيال الحل ، لأن مغذيها والمتحكم بها ، يوقعها بنفس الأخطاء التي يقع بها هو ، لأنها نتيجة مباشرة لتفكيره .

        ومن طبيعة الإنسان " النسيان " واسمه يدل على ذلك ، فهو كثير النسيان ، ولذلك سمي إنساناً .. ولكن للنسيان ميزة جليلة النفع تمنح الإنسان حيوية فائقة ، بالقدرة على التزود بالجديد ، برفع القديم قليلاً .. ولكن هذه العملية بالذات توقع الإنسان في الخطأ من جرّاء نسيانه لواقعه ، الذي يحيا فيه ، وكذا واقع الآخرين ، فيقصر مدى الرؤية لديه ، ويخطئ في استعمال المقاييس ، فيقع في حبائل الوسط والواقع الذي يعيش فيه .
       
        إن الإنسان المؤمن ، هو داعية للآخرين ، إما بعين الرحمة ، لأنهم لم يصلوا إلى النعمة التي يعيش بها ، وينعم ويستعد من جرائها ، وإما ينظر إليهم بنظرة التعجب والتأفف ، لأنهم لم يسلكوا الطريق الصحيح الذي يشقه لنفسه ، ولم يهتدوا إلى الصراط المستقيم الذي يسير عليه ، وهو بهذه الحال يكون قد غفل عن واقعه الذي هو فيه ، وعن الجهد الذي صرفه على نفسه من تأديب وتهذيب ، وصبر وتضحية حتى وصل إلى ما هو عليه .. طالباً من الآخرين أن ينقلبوا وفق ناموس فجائي حتى يسايروه ويدركوه دون أن يخطوا نفس الخطوات التي خطاها .. وبنسيان هذه الحقيقة يخشى على ذلك الإنسان من اليأس والقنوط .

        والإنسان الداعية الفطن يستخدم نظرة الشمول ، متَخلصاً من سيطرة الواقع الذي يعيش فيه وينتسب إليه ويستعمل المقاييس المثلى ، ويدرك تماماً كل هذه الأمور فيتصرف بخبرة ودراية ، ويعذر الآخرين .. فيكسب بذلك النجاح والتوفيق في دنياه وآخرته .

        وانطلاقاً من هذه النقاط .. يمكننا القول ، بأن الحركات الإسلامية المعاصرة ، مازالت تضيع الجهود وتبدد القوى ، بسبب توجهها للمنازعات الجانبية في الفرعيات التي لا طائل من الوقوف عندها الآن .. لذا فإننا نرى الخلافات قائمة على قدم وساق بين عالِمَين جليليْن ، أو بين فئتين إسلاميتين رائدتين .. وهذا يحصل في الأوطان الإسلامية كافة دون استثناء .

        إن الاختلاف في أسلوب العمل ، لا يستدعي مطلقاً الحرب الشعواء يشنها طرف على آخر .. بل يجب أن تكون نقاط التفاهم هي ركائز الالتقاء ، وأما نقاط الاختلاف فتترك حتى يحين وقتها ، وعامل الزمن وسعة المدارك هما كفيلان بإزالتهما شيئاً فشيئاً إن شاء الله - .

        ولكن يجدر التنبيه هنا بأن الطائفة المؤمنة واحدة .. تستقيم كلها أفراداً وجماعات وفق منهج الله بكافة أبعاده ، وتنهل من معين النبوة بكل أعماله وكل مخالف لذلك .. فهو ليس من الطائفة المؤمنة .

        وبما أن الخلاف جزئي – لايمكن الاستغناء عنه – إذ أنه ضرورة من ضرورات النماء والدفع نحو الأفضل .. فإنه لا ينبغي أن يكون عاملاً في تشتيت الجهود وبث الفرقة في أعضاء الجسد الواحد .. بل على العكس يجب أن يكون مثار تحميس ، وحث في التنافس الصحيح لخدمة دين الإسلام ورفع رايته عالية خفاقة .  

الطائفة المؤمنة – هي الوصي الشرعي – على الإنسانية قاطبة :

لقد ألقى الله سبحانه وتعالى على عاتق المؤمنين ، واجباً سامياً ، وكلفهم مهمة راقية ، ألا وهي هداية البشر إلى الحق ، وإرشاد الناس جميعاً إلى الخير ، وإنارة العالم كله بشمس الإسلام .

قال تعالى " ياأيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ، وجاهدوا في لله حق جهاده ، هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سمّاكم المسلمين من قبل ، وفي هذا ليكون الرسول عليكم شهيداً وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هُوَ مولاكم فنعم المولى ونعم النصير " .

ومن هذا نستنتج أن الله سبحانه ، قد كلف المؤمنين بالوصاية على البشرية القاصرة ، وأعطاهم حق الهيمنة والسيادة على الدنيا لخدمة هذه الوصاية النبيلة ، ثم بين تبارك وتعالى أن المؤمنين في سبيل هذه الغاية قد باعوا لله أنفسهم وأموالهم فليس لهم فيها شيء ، وإنما هي وقف على نجاح الدعوة هذه ، وايصالها إلى قلوب الناس وذلك قوله تعالى :

" إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنّة " .

 إن الدعوة إلى الإسلام هي واجب الجماعة الرائدة التي خصها الله تعالى بهذا الفضل ، وأنعم عليها بهذه المنّة ، والمسؤولية الملقاة على كاهلها عظيمة .. فإن هي قامت بها على خيرِ وجه ، وأكملِ صورة ، فقد فازت برضوان الله وبنعيم الجنة ، وإن تقاعست عن أداء واجبها وركنت إلى الدنيا ومتاعها الزائل فإن الله سبحانه سيُقيِض جماعة لا تكون مثلها بل تعمل بأوامره وتسعى في سبيل مرضاته .
       
قال تعلى : " ها أنتم هؤلاء تُدعوْن لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل على نفسه ، والله الغني وأنتم الفقراء وأن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم " محمد 38 .


                                          رياج ططري                          

miércoles, 14 de diciembre de 2011

الاجتماع العادي الثاني لمجلس شورى اتحاد الجمعيات الاسلامية بإسبانيا

بيان من الادارة العامة
عن الاجتماع العادي الثاني
لمجلس شورى اتحاد الجمعيات الاسلامية بإسبانيا


 عقد مجلس شورى اتحاد الجمعيات الاسلامية في إسبانيا اجتماعه  العادي الثاني في مقر الاتحاد بمدريد في يوم 26 تشرين الثاني / نوفمبر من عام  2011 .

بعد تلاوة من أي الذكر الحكيم ، استهل رئيس المجلس كلمته بالترحيب بالإخوة الأعضاء وطلب منهم الموافقة على جدول الأعمال المرسل لهم مسبقاً . وبعد مناقشته أقر المجتمعون الجدول كما هو ..

وقد بدأ المجلس بمناقشة آخر التطورات التي طرأت على مسألة التمثيل الإسلامي بناءً على التقرير المرسل .. وشرح الأخ رئيس الاتحاد بالتفصيل مجريات الأمور إلى تاريخ يوم الانعقاد .

فأقرَ الأعضاء ضرورة متابعة  الجهود  للوصول إلى حل يفضي لقبول الجمعيات  كافة  في المفوضية
الإسلامية وكذا تعديل نظامها ليفي بحاجات التمثيل الاسلامي في الوقت الراهن .

كما شكل المجلس لجنة لتعديل النظام الداخلي لمجلس الشورى وكذلك سائر الأنظمة التي تحتاج لإعادة صياغة على أن تقدم جميعها قبل انعقاد المجلس القادم لإقرارها .

أقر المجلس ضرورة وضع خطة لتفعيل الاتحادات الجهوية وتنظيم العلاقة بين الإدارة العامة ولجان مجلس الشورى ، كذلك تحديد أعضاء المجلس وأعضاء الإدارة العامة ذلك لكي تتضح المسؤوليات ونقصد إشراك أكبر عدد ممكن من الإخوة في القيام بالواجبات الكبيرة الملقاة على كاهل الاتحاد من جمعيات وإدارات جهوية وعامة ..

بدأ الاجتماع في الساعة التاسعة واستمر حتى الساعة السابعة عشرة حيث انفض بالدعاء المأثور .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .



مدريد في 02/12/2011
الإدارة العامة

sábado, 10 de diciembre de 2011

ســَـبيل السَّـــلام - 6

ســَـبيل السَّـــلام  - 6


الالتزام بالقدوة هو الطريق الوحيد للتطبيق الصحيح للمنهج الرباني :

إن من أهم آثار الاقتداء بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم هو إزالة الخلاف الذي يقوم نتيجة غياب القدوة .. فإذا كانت القدوة عاجزة ، فإن ذلك يؤدي إلى عجز في التطبيق والفهم .. وعندها يأخذ التفرق سبيله إلى كيان الجماعة .

وقد كمّل الله سبحانه وتعالى نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم لكي يسعى الإنسان للوصول إلى درجته ، فقال تعالى اسمه " وإنك لعلى خلق عظيم " .. فلن يصل المرء مهما اوتي من علم وعمل وفضل ، لدرجته صلى الله عليه وسلم .. لقد تحلى بطابع النبوة وخاتمها وحمل الرسالة فبلغها وأدّاها على خير وجه .. لذا قال تعالى

" لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنة " .

وهنا يجب أن ندرك بأن الأسوة المحمدية ، أرادها الله تعالى على هذه الصورة ، لكي يتدرج المرء في كمالها باقتباس أنوارها وهو كلما سار في الدرب ازداد حُباً لها ، فيسرع  الخطا ، ويسمو في سلم المجد يعلو ويعلو .

الجديرون بالاتباع هم الأقرب من القدوة المحمدية :

ويجب أن يدرك المرء بأن القيادات ، والقدوات البشرية ، يجب أن تكون أكثر الناس قرباً من شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم ، والمقياس البشري ، حاكماً أو محكوماً ، قائداً أو مقودا ، أميراً أم مأمورا ، عليه أن يجعل قدوته شخصية الرسول بكل صفاتها وميزاتها .. ذلك لأنها ليست بغريبة عن المرء ، بل هي شخصية مؤثرة .. والفطن من الناس من يسعى بكل طاقاته لأن يبقى على صلة مباشرة ودائمة بها .

ورُب قائل يقول ، إنك لا تستطيع أن تنهل من النبع مباشرة وأنت في المدينة .. ولذا تحتاج إلى أنابيب توصل ماء النبع إليك .. لا أكثر .

أقول نعم .. القدوة في الإسلام من أفضل وسائل التربية  بل هي من أجداها نفعاً ، ولا غنى للدعوة عنها ، إذ لها أثر كبير في البناء كمّاً ونوعاً ، وهي ختاماً حق لاجِدالَ فيه .. ولكن الذي نطلبه ونلح عليه هو أن تكون القدوة على اتصال يقيني ومستمر بشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم .. فالإنسان الداعية القدوة ، يطلب أسوته حثيثاً ، ولا يستمد تعاليمه إلا منه .. فهو حامٍ لها وناقل أمين كالأنابيب تماماً ، ليس له أن يضع أو يفسر أو يحرف .. بل له أن ينقل ويصون ويبلغ فحسب .

                                                                            رياج ططري

martes, 29 de noviembre de 2011

ســَـبيل السَّـــلام 5


 ســَـبيل السَّـــلام  5

لا بدّ من منهج كامل يتوافق مع كمال الصنع الإلهي :

وكما أن وحدة المعتقد والشريعة هما الوسيلة الوحيدة لإزالة الاختلاف ، فإن كمالهما هي الوسيلة المفردة لدوام الوئام واستمرار الحياة  .

( ولما كان البشر لا يملكون أن يدركوا جميع السنن الكونية ولا أن يحيطوا بأطراف الناموس العام ، ولا حتى بهذا الذي يحكم فطرتهم ذاتها ويخضعهم له ، رضوا أم أبوا ، فإنهم ، من ثم ، لا يملكون أن يشترعوا لحياة البشر نظاماً يتقق به التناسق المطلق بين حياة الناس وحركة الكون ولا حتى التناسق بين فطرتهم المضمرة وحياتهم الظاهرة ، إنما يملك هذا خالق الكون وخالق البشر ومدبر أمره وأمرهم وفق الناموس الواحد الذي اختاره وارتضاه ) .

لذا فإن العمل بمنهج الإسلام أصبح واجباً لتحقيق هذا التناسق ، لفشل كل ماعداه في توفير ذلك .. وهذا ما نراه في توفير ذلك .. وهذا ما نراه بأم أعيننا حيث يجري تطبيق الشرائع الإنسانية في أوطاننا فيكون نتيجة ذلك / الفوضى والخراب والتشتت والضياع .   

لا بدّ من نموذج يحتذى :

                وكما أنه لا تقوم لحياة الإنسان قائمة إلا باتباعه لمنهج الله .. فإنه أيضاً يحتاج إلى نموذج ، هو من الكمال والتمام بحيث لا يمكن تجاهله .. ولكن ضمن النطاق الإنساني بحيث يكون بمقدور كل إنسان أن يقلد القدوة ليعلو ويتدرج في مسالك الكمال ، لذا فقد اقتضت الحكمة الربانية أن تكون القدوة من جنس البشر ، وأن تكون قد بلغت أعلى درجات الكمال الإنساني الممكن .

إن من كمال القدوة ضربها المثل الأفضل ، للحياة الإنسانية بكل تفصيلاتها .. ( لأن السيرة التي يحق لصاحبها أن يتخذ الناس من حياته ، أسوة حسنة ومثلاً أعلى ، يشترط لها قبل كل شيء :
                -  أن تكون سيرة " تاريخية " أما السِيَر القائمة على الأساطير وأحاديث خرافة لا تدعمها الروايات الموثوق بصحتها ، فإن من طبيعة الإنسان أن لا يتأثر بما يحكى له من سيرة لشخصية مفترضة لا يعرف لها التاريخ أصلاً صحيحاً .

                - أن تكون " جامعة " أي محيطة بأطوار الحياة ومناحيها وجميع شؤونها .
               - أن تكون " عملية " أي أن تكون الدعوة إلى المبادئ والفضائل والواجبات بعمل الداعي وأخلاقه ، وأن يكون كل ما دعا إليه بلسانه قد حققه بسيرته ، وعمل به في حياته الشخصية والعائلية والاجتماعية فأصحبحت أعماله مُثلاً عُليا للناس يأتون بها .
                - أن تكون " كاملة " أي أن تكون متسلسلة لا تنقص شيئاً من حلقات الحياة .
               
                وليس في الدنيا سيرة اجتمعت لها الصفات السابقة كسيرة القدوة المثلى عليه الصلاة والسلام ، وهذا من أصدق البراهين على كونه خاتم النبيين ولا نبي بعده .

 " ماكان محمدٌ أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين  " الأحزاب 40 .

رياج ططري

4 ســَـبيل السَّـــلام


4  ســَـبيل السَّـــلام



الاختلاف بين الناس ، منشؤه  اختلاف المشارب :

إن الدين عند الله الاسلام منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى آدم عليه السلام ، وتطورت البشرية ونمت ، وبقي إسلام واحد على لسان كل الرسل ، بينما كانت تختلف الشرائع بحسب كل أمة ، ومدى تطورها إلى أن ختمت بشريعة الإسلام على يد خاتم المرسلين محمد (ص), حينما نضج العقل الإنساني وبلغ شأواً بعيداً .

وما نجده من اختلاف بين الناس ، إنما مرده اختلاف المشارب التي يسقون منها ، وتباين التصورات والقدرات بين فرد وآخر ، وأمة وأخرى .. هذا الاختلاف ، وذاك التباين ، هما سبب تشتت الناس وتصارعهم ، ذلك أنه لو اتجهوا جميعاً نحو إله واحد ، ورسالة واحدة ، وشريعة فريدة ، لما حدث هذا الذي نراه في واقعنا الحاضر .  
    
وهنا نقف برهة لنتساءل .. وهل يجب أن يتم التلاؤم والوفاق في كل شيء .. الجواب على ذلك هو أن لا بدّ من اختلاف في الفرعيات نظراً لتنوع المواهب ، وبتنوع المواهب ، تتنوع الوظائف ، ولا بد من اختلاف في الاستعداد بسبب الاختلاف في الحاجات .

        " ولا يزالون مُختلفين – إلا من رَحِم ربك – ولذلك خَلَقهم "

        ( هذا الاختلاف في الاستعدادات والوظائف ، ينشئ بدوره اختلافاً في التصورات والاهتمامات والمناهج والطرق .. ولكن الله يحب أن تبقى هذه الاختلافات المطلوبة الواقعة داخل إطار واسع عريض يسعها جميعاً حين تصلح وتستقيم .. هذا الإطار هو إطار التصور الايماني الصحيح . الذي ينفسح حتى يضم جوانحه على شتى الاستعدادات وشتى المواهب وشتى الطاقات ، فلا يقتلها ولا يكبحها ، ولكن  ينظمها وينسقها ويدفعها في طريق الصلاح . ومن ثم لم يكن بيد من أن يكون هناك ميزان ثابت يفيء إليه المختلفون ، وحكم عدل يرجع إليه المختصمون ، وقول فصل ينتهي عنده الجدل ، ويثوب إليه الجميع إلى اليقين ).

        " فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ، وأنزل معهم الكتاب بالحق ، ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه " .


وحدةالمعتقد والشريعة هما الوسيلة الوحيدة لإزالة الاختلاف :

إن الوسيلة الوحيدة لإزالة الاختلاف بين البشر ، هي الايمان بإله واحد أحد ، خلق هذا الوجود كله بإرادته ، وحركه بقوانينه .

" إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون " يس 82 .
        " وخلق كل شيء فقدره تقديرا " فرقان 2 .
       
وهو الذي سن للإنسان " شريعة " تنظم حياته الإرادية تنظيماً يتوافق ويتناسق مع حياته الطبيعية ، وأي خروج عن هذه الشريعة هو تخريب وإفساد للناموس الإلهي العام .

        " ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن " المؤمنون 71 .
إذاً .. لكي تزال أسباب الفرقة ، وتحل محلها أسباب الرضى والاتفاق ، لا بدّ أولاً من التلاؤم مع طبيعة الوجود ، والخضوع للفطرة الإنسانية ومواكبتها في طريقها الصحيح الذي وضعه لهما خالق الكون برمته .

 رياج ططري

lunes, 28 de noviembre de 2011

ســَـبيل السَّـــلام 3

ســَـبيل السَّـــلام 3


هـ ) – جنوح الحضارة الإنسانية لدى فقدانها للتوازن الصحيح .

-  منذ غابر الأزمان ، وركب الإنسانية يتهادى في بحر الزمن ، يسير بتؤدة وسكينة طالما أنه ينقاد للناموس الإلهي ، ويجنح ويرتطم كلما شَذ عنه وانحرف .

- واستقراء التاريخ يدلنا على الكثير من الأمثلة ومصداق ذلك ما جاء في الذكر الحكيم عن أقوام مكّن الله لها في الأرض عندما أقامت بنيانها على التقوى وقوضها جلّ وعلا اسمه عندما باءت بذنوبها وأحاطت بها خطيئتها . " ألم يروا كم أهلكنا من قرن مكناهم في الأرض ما لم تمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا ، وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم . فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرناً آخرين . " ( الأنعام –6 ) .

- ولم يختلف عصرنا الحاضر عن سوابقه ، فشذوذ الحضارة الغربية بشقيها الشرقي والغربي أدى إلى الصورة المفزعة التي نراها عليها الآن والمتمثلة خير تمثيل ، بصرخات علمائها الواعين المتبصرين بحقائق الآمور .
- إن الشيوعية والرأسمالية ، جعلتا من المادة أساساً للحياة الإنسانية فسلخت الجانب الروحي في الإنسان عن شطره وتركته يلهث وراء الكسب الرخيص .. حتى أفقدته معاني الحياة .. والناظر للإحصائيات التي تملأ الكتب .. يستطيع أن يدرك بوضوح وجلاء مدى التعاسة التي يعيشها الغربيون من جراء جنوحهم عن الصراط المستقيم وإخلالهم بطبيعتهم الإنسانية .

- إن الإسلام بوقفته المتزنة ، يبقى راسخاً صامداً ، وتسقط دونه كل النظم الخربة ، فليس فيه تفريط بالحرية كما يجري في الدول الرأسمالية بل هو نظام أرسى قواعد الحرية كما يجب أن تكون .. وكم حاول الآخرون اقتباس نظامه ، ولكنهم فشلوا لأنهم أخذوه جزءاً لا كُلاً ونصاً لا روحَ فيه وشكلاً لا جوْهراً .

- وقد كان الإسلام وسيبقى دوماً المشعل الذي يضيء الحق للآخرين ... فمنذ اللحظة الأولى أعلنت الثورة الفرنسية حقوق الإنسان ، تلك الحقوق التي وقف عقب إعلانها خطيب الثورة الفرنسية " لافاييت " ليتوجه في الخطاب إلى روح عمر بن الخطاب ويقول " إنكَ أنتَ أيها الرجُل العظيم الذي أوجدتَ العدالة كما هي " وذلك إقراراً منه باستمداد الحقوق الإنسانية الخالدة من سيرة رجال الإسلام ومن قولَةِ عمر بن الخطاب في حرية الإنسان التي خلّدها له الدهر حين قال لوالي مصر : " متى استعبدتم الناس وقد وَلَدتهم أمهامتهم أحرارا " .

- وفي المجال الاقتصادي ترى تخبط العالم كل يوم ، فما من شهر يمضي دون أن يحدث خلل اقتصادي يرج العالم بأسره ، ويقف علماء الاقتصاد حِيال ذلك مشلولي القدرة قاصري الفكرة يعللون ويحللون .. ثم ليعودوا ثانية لنفس العملية بعد برهة وجيزة من الزمن .

- وهذا صوت من قلب بلاد الغرب المسيحية الفرنسية ، هو " جاك اوسترى " يؤلف كتاباً بعنوان " الاسلام أمام التطور الاقتصادي " يستنجد فيه بالاسلام وهو الفرنسي المسيحي قائلاً " " ليس هناك في الحقيقة طريقة وحيدة وضرورية لا بد منها للإنماء الاقتصادي كما تريد أن تقنعنا المذاهب القصيرة النظر في النظامين الاقتصاديين السائدين " .

- ثم ألحّ المؤلف المذكور على التماس المذهب الثالث في الإسلام نفسه ، لأنه ليس فردياً ولا جماعياً ولكنه يجمع بين الحسنيين ، غير أنه شكى من صعوبة البحث على من كان غريباً عن الاسلام لاستخراج مواطن القوة والإبداع التي يمكن أن توجه هذا النظام الجديد ، وأن تعبر فيه عن مشكل التنمية الاقتصادية بلغة جديدة .
  رياج ططري

martes, 22 de noviembre de 2011

ســَـبيل السَّـــلام 2


ســَـبيل السَّـــلام  2


ب ) – الناس كانوا أمة واحدة يعبدون الله :

12- قال تعالى : " كان الناس أمة واحدة .. " هذه حقيقة حكاها سبحانه وتعالى عن قصة البشر منذ أن وطأت أقدامهم الأرض ، لقد كانت أسرة واحدة ، ومن ثم تفرعت .. تفرقت في المكان .. كانت أسرة صغيرة مؤلفة من آدم وحواء وذريتهما يعبدون الله .. فلما نمت وتعددت .. وانتشرت في الأرض .. تطورت طريقة حياتهم وبرزت فيهم الاستعدادات الكامنة المختلفة ، التي فطرهم الله عليها لحكمة يعلمها ويعلم ما وراءها من الخير والنفع في حياة البشر .

ج ) – الأنبياء ما أتوا إلا للحفاظ على سلامة الفطرة من أن تفسد :

13- " .. فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ، وأنزل معهم الكتاب الحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه .. " .
عندما تباعدت الشقة بين الناس ، واختلفت طرق معايشهم ، وتقادم عليهم الزمان عندها اختلفت التصورات ، وتباينت وجهات النظر ، وتعددت المناهج وتنوعت
المعتقدات ، عندئذ بعث الله النبيين مبشرين ومنذرين " وأنزل معهم الكتاب بالحق
ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه " .

14- إن الله سبحانه قد فطر الناس على الايمان به وعلى عبادته وحده ، ولكن تراكم الخرافات والأساطير ، كان يبعد الناس عن الأصل السليم عن التوحيد المطلق ، لذا فقد كانت رسالة الأنبياء عليهم السلام رسالة واحدة هدفها الحفاظ على سلامة الفطرة الإنسانية ، ألا وهي الايمان بالله وعبادته وحده ..

" لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره .. " ( الأنعام – 59 ) .
" وإلى عاد أخاهم هوداً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون .." ( الأنعام – 65 ) .
" وإلى ثمود أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره .. "            ( الأنعام – 173 ) .
" وإلى مدين أخاهم شعيباً قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره .. " .                          " وإبراهيم  إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم  " ( الأعراف – 85 ) .
" وإبراهيم  إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم  " ( العنكبوت  – 16 ) .
" وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإن الله لغني حميد  "  ( إبراهيم – 5 ) .

" وقال المسيح اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار " ( المائدة – 76 ) .

 د ) – دور الرسل ما هو إلا الإبقاء على على التوازن في طبيعة الإنسان ....
 - كانت مهمة الرسل عبر التاريخ الإنساني مهمة هدفها الإبقاء على التوازن بين جزئيه الروحي والمادي ، بين الروح والجسد ، بين إشراقات الروح ورغبات الجسد ..
- كانت مهمتهم هي تقويم وتعديل ، وإعادة لحياة الإنسان لنصابها الشرعي بعد أن أصابها الغلو والانحراف والتطرف .
- لقد أخطأ النصارى عندما أطروا نبيهم عليه السلام فكان نتيجة فعلهم هذا خروجهم عن الحق فجاء خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم ليرد هذا الوضع الشاذ إلى حالة التوازن كي لا يقع الناس في شراك الانحراف مرة أخرى ..

- وقد أكّد الرسول الحبيب ذلك عندما قال : " لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم ، إنما أنا عبد الله ، فقولوا عبد الله ورسوله " ( البخاري ) .
- كما أنه صلى الله عليه وسلم قد نبّه للانحراف الذي ينجم عادة عن مبالغة الناس بالتعظيم فدعا ربه على ملآ الناس قائلاً : " اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد "
وحذر الناس من ذلك قائلاً : " لا تتخذوا قبري عيداً ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً وصلّوا عليّ حيثما كنت فإن صلاتكم تبلغني " ( أيو داوود وأحمد ) .
- إن في الاسلام وفي نبي الاسلام المثال الأكمل والنموذج الأفضل للتوازن الواجب ايجاده في حياة البشر .. إن الرسول صلى الله عليه وسلم يفضل الآخرين فيسمو عليهم بأخلاقه وصفاته التي فاق بها البشر .. فكان سيد ولد آدم صلوات الله وسلامه عليه .. ولكنه لم يرتفع عن حقيقة الانسانية بل كان يؤكدها ويعمق أبعادها في كل فرصة وفي كل مناسبة .. إني عبد الله .. ولست بالملاك .. إني بشر .. ولست غير ذلك .

وقد أكد القرآن الكريم هذا :

" قُل إنما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إلهٌ واحد فمن كان يرجو لقاء ربّه فلْيَعْمل عملاً صالحاً ولا يُشرِك بعبادة ربه أحداً " ( الكهف 110 ) .
إنه الإنسان الذي تهفو إليه القلوب ، تبغي اللحاق بركبه الجليل .. إذ أنه أسوتها المثلى ومثلها الأكمل .

رياج ططري