lunes, 28 de marzo de 2011

داخل الأمر وخارجه

خاطرة

        قلت : لقد أنهك الأخ المسؤول  في أعمال يمكن أن يقوم بها غيره ، بل ويحسنها عدد كبير من العاملين معه في تحضير هذا النشاط الكبير ، مما ترك على وجهه بصمات الإعياء والشرود من شدة الإجهاد والتعب وتشابك المسؤوليات التي يقوم بها ، وترك انطباعاً سيئاً على الإخوة الذين حوله لجهلهم بسبب عبوسه وتقطب حاجبيه .

        فجأة ، ودون انتظار ، عَقّب مربٍ كبير ، وداعية ممارس خبير كان يسمع كلامي بقوله : سبحان الله .. أترون كيف يكتسب المرء الخبرة ، فتصبح لديه المقاييس غير المقاييس التي كان  يزين بها ، ووجهات النظر غير وجهات النظر التي كان عليها من قبل أن يمارس العمل ذاته !!

        نعم .. إن الذي يمارس العمل من داخله ، ويتذوقه ، ويعرف مشكلاته ليس كمن ينظر إلى الأمر من بعيد فيطلق أحكامه على الأمور والأشياء دون سبر لغورها أو تفحص لتفاصيلها ... إنه لايعرف مشكلات الطيران التي يعاني منها العصفور إلا عصفور مثله .

        قرأت في أحد الكتب التربوية أن من أهل المشرق من الصينيين واليابان من يتعهدون أبناءهم بصنف من العناية فريد من نوعه . إنهم يربونهم على التمهل في إبداء الرأي إن كان الأمر نظرياً بحتاً ، فهم لا يدلون بدلوهم في مسألة ما إلا بعد طول تأمل وتدبر .

        أما إذا كان الأمر بتعلق بشيء عملي فإنهم لايرضون لهم أن يتحدثوا فيه إلا عن تجربة قاموا بها وممارسة خبروا بمقتضاها طبيعة العمل الذي يبدون رأيهم فيه ، وهم يقدمون دوماً صاحب الخبرة القديمة الطويلة على صاحب الخبرة الضحلة المنقطعة .

        إن من البلاء الذي أصابنا أننا نجد الواحد منا يدلي بدلوه في كل موضوع ، ويصدر الأحكام في كل أمر ، طلب منه ذلك أم لم يطلب ، ولو كان الأمر يقتضيالدراية والعلم والخبرة .

        كثيرة هي الأحوال التي لايدرك كنهها إلا من عاش داخلها ومارسها ، فلا يستطيع التحدث عن الجوع من يعيش حياته متخماً من كثرة الطعام والشراب ولا يعلم قبح الرأي إلا من أوتي الحكمة والعلم ..
        إن بعض الأمور لايدركها المرء إلا إذا كان متلبساً بها معانياً لها ومنها ما لا يعرفها إلا إذا كان خارجاً عنها ناظراً إليها بمنظار العلم والخبرة والدراية .

        وما أجمل وأعمق ما قاله ابن حزم في " مداواة النفوس " :

        ( الوجع والفقر والنكبة والخوف ، لايحس أذاها إلا من كان فيها ، ولا يعلمه من كان خارجاً عنها  .
        وفساد الرأي والعار والإثم ، لا يعلم قبحها إلا من كان خارجاً عنها ، وليس يراه من كان داخلاً فيها .
        الأمن والصحة والغنى ، لا يعرف حقها إلا من كان خارجاً عنها ، وليس يعرف حقها من كان فيها .
        وجودة الرأي والفضائل وعمل الآخرة لايعرف فضلها إلا من كان من أهلها ، ولا يعرفه من لم يكن من أهلها . ) "*"
ـــــــــــــــ
"*" ابن حزم : مداواة النفوس ، وتهذيب الأخلاق والزهد في الرذائل ، تحقيق : أبو حذيفة ابراهيم بن محمد ، الطبعة الأولى 1987 – مكتبة الصحابة بطنطا .
رياج ططري

miércoles, 23 de marzo de 2011

هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهـكـذا عـادت القـدس " * "


كتاب في مقال

" في هذه الظروف الحرجة ، التي تلتبس فيها المفاهيم ، وتختلط الصور ولا تبين الحقائق على وجهها الصحيح نقدم للإخوة القراء ، مطالعة لكتاب الدكتور ماجد عرسان الكيلاني في مقدمته وفصوله العشرين ، وهو محاولة طيبة لدراسة عملية تغييرية هامة في تاريخنا الاسلامي ".


حين نناقش التحديات التي تواجه المسلمين اليوم كثيراً مايستشهد الباحثون والدعاة والمفكرون بانتصارات صلاح الدين ليدللوا على أهمية الروح الاسلامية في مواجهة هذه التحديات والأخطار .
  
        
والأسلوب الذي يتم به هذا الاستشهاد يبدأ باستعراض الحملات الصليبية والمجازر والأهوال التي رافقتت هذه الحملات ، ثم يقفز مدة نصف قرن من الزمان ليتحدث عن حركة الجهاد العسكري التي قادها آل زنكي ثم صلاح الدين والتي انتهت بتحرير البلاد وتطهير المقدسات .
       
  وهذا أسلوب يقود إلى الاستنتاج: إن ماتحتاجه الأمة في معاركها مع التخلف من داخل ، والقوى الطامعة من خارج هو قائد مسلم يستلهم روح الجهاد ويعبئ الصفوف ويعلن المعركة وهذا فهم له خطورته لأسباب :
أولها : أنه يصطدم بالقوانين  القرآنية التي تقرر أن التغيير إلى الأفضل أو الأسوأ لايحدث إلا إذا سبقه تغيير جماعي يقوم به " القوم " لا " الأفراد " لما بالأنفس من مفاهيم واتجاهات ، وإن آثار هذا التغيير تنعكس على ما بالقوم من أحوال سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية في المجالين الداخلي والخارجي بالقدر الذي  يحدث به التغيير المذكور .
والسبب الثاني :  أن هذا الفهم يصرف الأنظار بعيداً عن الأمراض الحقيقية التي تنخر في جسم الأمة من داخلها فتعزز فيها القابلية للتخلف والهزيمة ، ويشغلها بالأعراض الخارجية الناجمة عن تلك الأمراض . أي أن هذا الفهم يضع العاملين أمام خطة من العمل يستحيل إنجازها لأن الأمة ضعيفة من الداخل يستحيل أن تتغلب على الخطر من خارجها ولكن الخطوة الممكنة في حالة الضعف هي معالجة الضعف نفسه ، فإذا شفيت الأمة من أمراضها صارت الخطوة المستحيلة ممكنة .
والسبب الثالث :  أن هذا الفهم يفرز صورة خاطئة قاتلة لدور كل من  القادة والأمة في تحمل المسؤوليات ومواجهة التحديات ، فهو فهم ينمي في نفوس القادة الفردية والانفراد بالتخطيط والتنفيذ ، ويزجهم في صراع مع كل من يحاول المشاركة في الرأي أو العمل في الوقت الذي لايستطيع هؤلاء القادة الانفراد في الرأي أو العمل فينتهون إلى الفشل والإحباط ، أما الأمة ، فإن هذا الفهم يستبعد دورها في المسؤولية ويطمس في عقولها مفهوم المسؤولية الجماعية ويشيع التواكل على القيادات وحدها ، فمهما دعيت إلى التضحية والمشاركة أجاب لسان حالها : إذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون !! ومهما تتالت أمام عيونها صور العجز والفشل والهزيمة فإنها تظل متثاقلة إلى الأرض تنتظر حدوث المعجزة وظهور القائد المخلص .. وتتسامر في هويته وشخصيته فلعله المهدي المنتظر ... ولعله .. ولعله ؟!!
         إن البحث في تفاصيل التغيير الحقيقي الذي حدث  في الفترة التي سبقت صلاح الدين ، ونقل الأمة من حالة الاسترخاء والتبلد السلبي إلى المواجهة ، تستدعي الإجابة عن عدد من الأسئلة أهمها :
         ماهي المفاهيم والتصورات والقيم السلبية التي كانت تسود الأمة ؟
         لقد سادت المذهبية في الفكر الإسلامي وحدث الصراع بينها فنشأ عن ذلك الابتعاد عن الأصل ، " الكتاب والسنة " ، وتعددت المفاهيم فتركت آثارها على التربية والتعليم والحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، وعملت الطرق الصوفية نخراً في جسم الأمة ، وأخذت في الانحراف والانقسام فأبعدت الناس عن الصواب ، وازدهرت الحركة الباطنية ، وانتشر دعاتها دعاتها في غرب العالم الاسلامي وشرقه ، وأخذوا يثيرون الفتن والقلاقل ومضوا يغتالون الشخصيات التي تعارضهم فقتلوا مئات القادة من الوزراء والعلماء والسلاطين ونشروا الرعب في كل مكان .
         هذا كله أدى إلى فساد الحياة الاقتصادية فقامت وسائل الكسب على أسس غير مشروعة ، فالدولة تفننت في الضرائب حتى أن الحجاج كانوا يدفعون ضريبة مرور في كل بلد يمرون به ، وتفنن التجار في رفع الأسعار ، وأهملت المصالح العامة وانتشرت المجاعات والأوبئة وسادت الرشوة والفساد ، وأصبحت المصائب والفقر والأمراض سمة المجتمعات الاسلامية .
         ومع فساد الحياة الاقتصادية فسدت الحياة الاجتماعية ، فساد اللهو والزنا وشرب الخمر وانتشرت الملاهي والجواري والمغنيات . وأما في الحياة السياسية فانقسمت الدولة إلى دويلات ودب الصراع بينها وسادت الفتن ..
         كل هذا أدى إلى " الاستعداد للهزيمة " وإلى دخول الصليبيين يذبحون الأهالي حتى خاضت خيولهم بدم
الضحايا من الرجال والنساء والأطفال .
       
  يقول  إبن تغري واصفاً الحال :
أحلَّ الكـفر بالإســلام ضيماً
يطول عليه للديـن النحيبُ
فحقُ  ضـائعُ وحـمى مبـاحُ
وسيفُ قاطعٌ ودمٌ صـبيبُ
وكم من مســلم أمسـى سليباً
ومسلمةٍ لها حرمٌ ســليب
أمـورٌ  لو  تأمَّـلـهنّ  َ طفلٌ
لطفّل في عوارضه المشيبُ
أتسبى المســـلماتُ بكل ثغرٍ
وعيشُ المسلمين إذاً يطيبُ
فَقُل لذوي البصائر حيث كـانوا
أجيبوا الله ويحـكم أجيبوا

         وكان دخول الصليبيين هزة اصابت الأفراد والجماعات فأحدثت في مجرى حياتهم تغييراً ، وطرحت التساؤل الكبير هل من حلّ ؟ فنحن أمام مصيرين لاثالث لهما :  فإما أن يغير المجتمع أوضاعه جذرياً من داخله ، وإما أن يستسلم للتحديات التي تنذر بتدميره والإجهازعليه .
         لقد قام في العالم الاسلامي مدرستان إصلاحيتان قادتا عملية التجديد : مدرسة الغزالي ومدرسة الشيخ عبد القادر الجيلاني ولقد نبذ كل من المدرستين التعلق بالدنيا ، والتعصب المذهبي وتلاحمت جهودهما وتكاملت مع بقية المخلصين .
         فأما الغزالي ورواد نهجه ، فقد شخصوا المرض وحددوه بفساد العلماء وانتشار التدين السطحي ، فعملوا جهدهم في تحديد الدواء فكانت ميادينه :
-         العمل على ايجاد جيل جديد من العلماء لايخشى إلا الله .
-         ووضع منهاج جديد للتربية والتعليم .
-         وإحياء رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
-         ونقد السلاطين  ومحاربة الدويلات وتوحيد الكلمة.
-         ومحاربة المادية الجارفة والسلبية الدينية .
-         الدعوة للعدالة الاجتماعية .
-          محاربة التيارات الفكرية المنحرفة .
وأما الجيلاني ومدرسته القادرية ، فقامت على أسس التعليم والتربية دينياً وثقافياً وروحياً واجتماعياً ، ثم من خلال الوعظ انتقدت العلماء والحكام وأخلاق العامة الاجتماعية ودعت لإنصاف الفقراء ، ثم نسقت بين جماعات المسلمين وجعلتهم على كلمة واحدة ، وتصدرت للتيار الباطني والفكري المنحرف .


 وكان من نتائج الإصلاح والتجديد لهاتين المدرستين أن قامت الدولة الزنكية بتولية آق سنقر ، الذي عرف بجهاده وإخلاصه ، ثم خلفه ابنه عماد الدين زنكي ، والذي سار على خطى والده وأظهر نفس الدرجة من الكفاءة والخصال . فتدخل في إزالة الفتنة عام 521 هـ في دار الخلافة بغداد وعاود الكرة مرات ثم ساد التفكير بالحاجة لبناء قيادة جديدة .. فأخذت هذه الدولة تنمو غير أن المتآمرين قتلوا عماد الدين عندما أدركوا أهدافه فخلفه ابنه نور الدين الذي أكمل للدولة الجديدة طابعها المميز وتهيأت لحمل رسالتها الكاملة .


ومنذ أيام نور الدين أصبحت دولة آل زنكي هذه كياناً التف حوله أصحاب الاتجاهات الاصلاحية وتلامذة المدرستين الغزالية والقادرية ، وجعلوا منها دار هجرة تداعوا إليها من جميع الأقطار وفتحوا أبوابها لكل مخلص راغب في العمل في سبيل الله ، مهما تباينت مذاهبهم وانتماءاتهم . ثم وزعوا الأدوار على الأشخاص والجماعات الذين قاموا بمهمة التنفيذ في حدود المفاهيم الادارية السائدة في ذلك العصر .


اعتبرت الدولة الإنسان المسلم هو الدعامة الرئيسية التي يقوم عليها بناء الأمة الاسلامية ومن أجل ذلك تبنت خطة شاملة لإعداد الشعب إعدادً إسلامياً ، وفي هذه اللحظة تكاملت المؤسسات والهيئات فاشتملت على التعليم الذي ركز على الأجيال الناشئة ، واشتملت على التوجيه والإرشاد الذي استهدف توجيه جماهير العامة ، واشتملت على الإعداد العسكري الذي استهدف تعبئة قوى الأمة تعبئة عامة لمواجهة الأخطار والتحديات القائمة ثم انضمت الممالك الأخرى للدولة الجديدة وعبر نور الدين مصر التي استنجد حكامها بالصليبيين وبنور الدين بعضهم على بعض وتابع إلى أن ألغى الخلافة الفاطمية وضم مصر إلى الدولة الاسلامية .


ثم عزم نور الدين على فتح بيت المقدس وأعد منبراً جديداً للأقصى ، ولكن المنية وافته في غمرة الاستعدادات فآل الأمر إلى صلاح الدين كبير رجاله فمضى على نفس الطريق فنازل الصليبيين في موقع إثر موقع حتى دخل القدس الشريف وطلب إلى ابن زنكي أن يلقي الخطبة فبدأ بقوله تعالى" فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين " ثم قال :" الحمد لله معز الإسلام بنصره ، ومذل الشرك بقهره ، ومصرف الأمور بأمره ، ومستدرج الكفر بنكره " ثم راح يهنئ الحاضرين بما يسره الله على أيديهم من فتح بيت المقدس الذي من شأنه كذا وكذا ، فذكر فضائله ومآثره ، وأنه أولى القبلتين وثاني المسجدين ، وثالث الحرمين " .


هذه صورة عامة عن الفترة بين احتلال الصليبيين لبلاد المسلمين وبين استعادة صلاح الدين لبيت المقدس ، نصف قرن من الزمان أغفلها الناس وهي تفسير وتحليل لكيفية الإصلاح والتجديد ومساراته التي تقودنا إلى ملاحظة أمرين :


الأمر الأول : أن فترات القوة والمنعة في تاريخنا الاسلامي إنما ولدت حين تزاوج العنصران : الإخلاص في النية والصواب في التفكير والعمل ، فإن غاب أحدهما أو كلاهما ، أو طلق أحدهما الآخر فلا فائدة من الجهود التي تبذل والتضحيات التي تقدم .


الأمر الثاني : أن التاريخ كله – الاسلامي وغيره – برهن على أنه حين تقوم شبكة العلاقات الاجتماعية على أساس الولاء للفكرة فإن  كل فرد في المجتمع يصبح محترماً ومقدساً ، مهما اختلفت آراؤه مع الآخرين ، ويوجه الصراع  إلى خارج المجتمع وتتوحد الجهود وتثمر ، أما حين تتشكل شبكة العلاقات الاجتماعية طبقاً لمحاور الولاء الفردي والعشائري والمذهبي والإقليمي فإن الإنسان يصبح أرخص شيء في داخل المجتمع وخارجه ، ويدور الصراع في داخل المجتمع نفسه ويمزقه إلى شيع يذيق بعضها بأس بعض .


إن وقوفنا على تفاصيل هذا التغيير ومظاهره ومراحله التي جرت في المجتمع الاسلامي سواء في المرحلة التي مهدت للغزو الصليبي آنذاك ، أو المرحلة التي هيأت الأمة لدفعهذا الغزو يقدم لنا الدرس المفيد في محنتنا التي نواجه ، إزاء عوامل الضعف التي تعمل في كياننا من داخل ، والأخطار التي تهددنا من خارج .

( إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) ( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعملمون ) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس د. ماجد عرسان الكيلاني الطبعة الأولى 1405 هـ - 1985 م  ، الدار السعودية للنشر والتوزيع – جدة . 

رياج ططري
  

martes, 22 de marzo de 2011

المؤتمر الثاني لمجلس التعاون الإسلامي الأوروبي

تأسس مجلس التعاون الإسلامي الأوروبي انطلاقاً من الحاجة إلى الحوار والتنسيق والعمل المشترك بين المسلمين على النطاق الأوروبي وكذلك للتعبير عن مصالح المسلمين في الغرب ، وقد صدر البيان التأسيسي بتاريخ 29/09/1996م ووقع عليه ممثلو خمسة عشرة مؤسسة إسلامية أوروبية .
وقد عقد المجلس مؤتمره الأول في مقر البرلمان الأوربي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية يومي 17و 18 رجب 1418هـ الموافق لـ 28-29 تشرين الثاني /نوفمبر 1996 م تحت عنوان “ الإسلام والمسلمون في أوروبا
أما المؤتمر الثاني فقد عقد بمدينة طليطلة الإسبانية يومي 9 و 10 رجب 1419 الموافق لـ 29-30 أكتوبر تشرين الأول 1998م وكان موضوعه “  المسلمون والبناء الأوروبي
ولكي لا يمر هذا الحدث التاريخي دون أن يعلم به المسلمون في العالم الإسلامي توجهت الدار الإسلامية للأعلام إلى عين مكان انعقاد المؤتمر لتقوم بدورها فأعدت التقارير التالي حول فعاليات المؤتمر :
شارك في المؤتمر عدد كبير من الشخصيات الرسمية والعلمية والصحفية من معظم الأقطار الأوربية، كما شارك إلى جانب ذلك هيئات ديبلوماسية عربية و إسلامية ، و ممثلوا الطوائف الدينية في إسبانيا وأوربا و مسؤولو الاتحادات و المنظمات والمراكز الإسلامية و شاركت وفود من   الجالية الإسلامية قدموا  من فرنسا، ألمانيا ، الدانمارك، بريطانيا ، المجر ، بلجيكا و هولندة ، وبطبيعة الحال إسبانيا القطر المنظم للمؤتمر.
كان برنامج المؤتمر مكثفا حيث تضمن عددا من المحاضرات والندوات التي من خلالها تمت مناقشة موضوع المؤتمر ( المسلمون والبناء الأوربي ) ولقد شارك فيها عدد كبير من المتحدثين ، من مختلف الاختصاصات والمجالات والميادين والجنسيات والأديان ، بالإضافة إلى جولات في مدينة  طليطلة  ولقاءات لمسؤولي المؤسسات والمنظمات الإسلامية في أوربا ، ولقاءات للمكتب المسير لمجلس التعاون الإسلامي في أوربا . وكان أكبر حدث طبع المؤتمر وأضفى عليه طابعا روحانيا وتاريخيا ، و أعاد للمدينة ذاكرتها القديمة وذكرها بأجدادها الأوائل ، هو أداء صلاة الجمعة  في مسجد المدينة ، أو المسمى بمسجد السوق ، أو ما يطلق عليه حاليا مسجد الأقواس  MEZQUETA DE LAS TORNERIAS    حيث أن هذا المسجد لم تؤد فيه الصلاة طيلة خمسة قرون ، منذ أن أغلق بقرار ملكي .
شرع المؤتمر في أعماله صبيحة يوم الخميس 29 تشرين الأول / أكتوبر 1998 م بكلمة افتتاح للأمين العام للهيئة الإسلامية في إسبانيا السيد رياج ططري - عضو المكتب التنفيذي لمجلس التعاون الإسلامي في أوربا ورئيس اتحاد الجمعيات الإسلامية في إسبانيا ، وعضو الهيئة الاستشارية للحرية الدينية في وزارة العدل الإسبانية ، وموقع اتفاق التعاون الدولة الإسبانية مع الهيئة الإسلامية في إسبانيا عام 1992م - حدد فيها أهداف المؤتمر وقدم لفقراته المتعددة ورحب بالحضور .
ثم تلتها مداخلة السيد خواكين منتيكون سانشو ممثل وزارة العدل في إسبانيا الذي افتتح كلمته بشكر السيد رياج ططري على سهره وجهوده لتنظيم هذا المؤتمر الثاني لمجلس التعاون الإسلامي في أوربا، حيث عبر للحاضرين عن الصداقة المتينة التي تربطه مع السيد رياج الططري. كانت مداخلته وجيزة ومركزة قال فيها : عنوان هذا المؤتمر " المسلمون والبناء الأوربي " يعبر عن لحظة تاريخية تؤكد أن مواطني أوربا أو المقيمين فيها ، آتون من ثقافات أخرى غير أوربية ، ويحاولون تقديم جهود للبناء الأوربي ، فعلى الأوربيون غير المسلمين أن يعملوا جاهدين لتفهم الآخرين، كما  على المسلمين أن يفهموا أساسيات هذا المجتمع الذي أرادوا أن يعشوا فيه. وها هي إسبانيا تفتح أبوابا للحوار و التفاهم حتى يستطيع المسلمون الاندماج في هذا المجتمع ، اندماجا دون انصهار"
ثم كانت كلمة مجلس التعاون الإسلامي الأوروبي ، والتي ألقاها مقرر الهيئة التنفيذية الدكتور محمد الهواري فشكر السلطات الإسبانية لدعوتها مجلس التعاون الإسلامي في أوربا لعقد مؤتمره الثاني بمدينة طليطلة، وتقدم بكلمة شكر للبرلمان الأوربي الذي سمح بعقد هذا المؤتمر. حيث أكد من خلال كلامه على أن الوجود الإسلامي - الذي هو جزء من المجتمع الأوربي - أصبح حقيقة، وأن المسلم أصبح مواطنا أوروبيا كما أكد على أن الإسلام قادر على أن يقدم للغرب ما لديه من حضارة وتراث . وفي نهاية مداخلته دعا الدكتور محمد الهواري  المجتمع الغربي إلى أن ينتبه وأن يعي الوجود الإسلامي في الغرب ، كما دعا إلى التعايش السلمي بين جميع الأديان و الثقافات والحضارات.
وتكلم في الجلسة الأولى كل من :
     السيدة  فرانسسيسكا ساوكيو  Francisca Sanquillo Perez del Arco  - عضو اللجة التنفيذية لفدرالية للحزب الاشتراكي الإسباني و المسؤولة عن مشروع السلام والتعاون على المستوى الأوربي - وكانت كلمتها بعنوان     ( أوربا متعددة الثقافات ) فأشارت إلى أن أوربا أصبحت فعلا متعددة الثقافات ، و هناك ضرورة للتعامل مع هذا الواقع ، وبينت بأن الإسلام دينا وثقافة قادرا على إعطاء روحا جديدة للقيم الذابلة في المجتمعات الأوربية . وأنهت كلمتها قائلة بأن هذا المؤتمر يساهم في إغناء أوربا فلهذا  يجب أن ندعمه من أجل أوربا أفضل  : يجب أن نجتمع لنتحاور.
     الدكتور منصور خيريثJose Luis Jerez Riesgo -  دكتور في الحقوق بجامعة ألفونسو العاشرالعالم بمدريد - الذي تحدث تحت عنوان  (حاضر المسمين في إسبانيا ) حيث قال : "  إن الإسلام لأوربا يمثل تمازجا بين الثقافات ، و هو نقطة الدعم الإنساني في أوربا التي تعيش في فراغ روحي كبير ، و أن النظرة السلبية الغير الصحيحة الموجودة في أوربا حول الإسلام هي من عمل الفاشية. كما أشاد بما قامت به الدورة الإسبانية من توقيع اتفاق للتعاون مع المسلمين وبذل الجهود لإعادة التعددية الدينية كما كانت في عهد المسلمين . وكانت كلماته عاطفية مؤثرة .
     والسيدة إينار كوربي  Henar Cobri Murgui  وهي عضو برلمان مدريد والناطقة باسمه بخصوص حقوق الإنسان ، فتحدثت تحت عنوان (مدريد حدود الثقافات) نقلت درساً من واقع التجربة التي تعاونت فيها حكومة مقاطعة مدريد وبرلمانها مع اتحاد الجمعيات الإسلامية في إسبانيا ، والدور الذي قامت به الحكومة المحلية والبلديات في فتح حوار مع المسلمين ، ومساهمة الجمعيات الإسلامية في مختلف وجوه النشاطات الثقافية والاجتماعية والرسمية بالإضافة لدورها الديني ، ودعت سائر الدول الأوربية للقيام بهذا الدور الفعال في بناء أوربا.
وتحدث في الجلسة الثانية كل من :
     الدكتور توماس ليمن  Thomas Lemen  -دكتور بجامعة اللاهوت بمدينة كولونيا بألمانيا ، وهو ناشط كاثوليكي مختص بالعلاقات الإسلامية- وكانت كلمته بعنوان (  المسلمون في المجتمعات الأوريبة : وجوه متقابلة ) بين فيها ما يجب أن يكون عليه التعامل بين المسلمين وغيرهم في المجتمعات الأوربية.
     والدكتور ميكش  Micksch   ممثل مجلس التبادل الثقافي الألماني الذي تحدث عن (الروحانيات متعددة الثقافات في أوربا) فأكد أنه يجب إعطاء المجموعة الأوربية روحا جديدة ، خاصة وأنها توجهت توجها اقتصاديا ، فالبعد الديني يمكن أن يحول من يقيم بأوربا إلى عناصر تخدم أوربا. ثم تطرق  للاختلاف الموجود بين الأديان فقال : إن هذا الاختلاف يجب أن لا يُتجاهل ، بل يجب العمل على إيجاد فكر جديد يعترف بهذا الاختلاف ويحول الاختلاف إلى عناصر جديدة  يمكن أن تكون عوامل التقاء بين الأديان، لأن أوربا ليست فقط تبادل الحضارات بل تعايش ديني كذلك ، حيث يرى أن ضمن هذا البعد يجب على أوربا أن تعرف نفسها وأن تتميز بالروح الدينية في القرن الواحد والعشرين.
     الدكتور أيوب كوهلر  A.Kohler    مستشار  المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا ، فتكلم عن ( اندماج المسلمين اقتصاديا في أوربا ) وبين الدور الكبير الذي ساهم به المسلمون اقتصاديا في الماضي والحاضر  وتطلعه ، لأن يقوموا بدور أكبر في المستقبل.
عقدت بعد ذلك ندوة حوار بعنوان ( المسلمون في أوربا) شارك فيها :
     الدكتور نديم عطا إلياس - رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا وعضو اللجنة التنفيذية لمجلس التعاون الإسلامي في أوروبا - حيث استهل حديثه عن دور المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا في إنشاء مجلس التعاون الإسلامي في أوربا وعن الدور الذي يمكن أن يلعبه مجلس التعاون الإسلامي في أوربا في التعبير عن مصالح المسلمين والمطالبة بحقوقهم ، إلى أن قال : عندما نتحدث عن المسلمين والبناء الأوربي يجب أن لا نقصد المسلمين في العالم الإسلامي ، بل يجب أن تتجه الأصابع إلى المسلمين في أوربا، وهي أصابع اتهام وأصابع تكليف ، ان السؤال موجه للمسلمين في أوربا عن دورهم في البناء الحضاري الأوربي ، دورهم اليوم و ليس الدور الذي سمعنا الكثير حوله، وأيضا أصابع تكليف بمعنى أننا يجب أن نسأل أنفسنا :ماذا يجب أن نقدم للبناء الأوربي ، ماذا ينبغي أن نقدم وكيف يمكن أن نقوم بها التقديم...يجب أن نتجه إلى المفكرين من المسلمين ، وان نتجه إلى العلماء من المسلمين ، وإلى التجار من المسلمين المقيمين في هذه البلاد، نتجه إليهم بتكليفنا إياهم أن يقوموا بهذا الدور وألا يشدهم ذلك الثقل الكبير ، ثقل تلك القاعدة الموجودة في أوربا التي مستواها للأسف ليس هو المستوى اللائق إسلاميا..بل يجب أن يكونوا هم النخبة الفاعلة المتحركة التي تشق الطريق ، والتي يجب أن تشق طريقها أيضا ضمن مجالات التأثير الأوربي ، ليكون للمفكرين المسلمين دورهم أيضا في دائرة المفكرين الأوربيين ...
     الأستاذ أبو بكر الأنجادي ، رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في بلجيكا وعضو التنسيق في مجلس التعاون الإسلامي في أوربا ، الذي تعرض من خلال مداخلته إلى نبذة تاريخية عن الوجود الإسلامي في بلجيكا الحديث العهد ، حيث أن بلجيكا ليس لها ماض تاريخي مع العالم الإسلامي مثل بعض الدول الأوربية الأخرى ، يضاف إلى ذلك كون بلجيكا من الدول السباقة التي اعترفت بالديانة الإسلامية كباقي الديانات الأخرى ، وذلك سنة 1974 م ، فبلجيكا عندما تعترف بدين من الديانات تعمل على تمويل مؤسساته  إلا أن هذا بالنسبة للدين الإسلامي إلى حد الآن لم يتوفر ، وذلك لسبب واحد هو أن ا|لإسلام والمسلمين لم يمثلوا التمثيل الكامل والسليم. ثم انطلق إلى الجزء الثاني من كلمته التي حاول من خلالها أن يخبر الحضور ويعرفهم  بالتجربة التي تخوضها بلجيكا ، تجربة انتخاب مجلس تنفيذي يمثل كل الجنسيات التي تتكون منها الجالية المسلمة في بلجيكا حيث قال: إن من أهم ما يمكن أن ينجزه هذا المشروع هو تمثيل المسلمين وليس طائفة معينة...
     الدكتور عزيز باشا ، رئيس اتحاد الجمعيات الإسلامية في المملكة المتحدة وأيرلندة ، وعضو اللجنة التنفيذية لمجلس التعاون الإسلامي الأوروبي الذي حاول أن يرسم صورة للأوضاع التي يعيشها المسلمون في المملكة المتحدة وعن حياتهم الدينية في ظل دولة مسيحية ، موضحا من خلال ذلك المسيرة التي قطعها المسلمون في الدفاع والمطالبة بحقوقهم الأساسية ، ومبينا الدور الذي قام به اتحاد الجمعيات الإسلامية في المملكة المتحدة و أيرلندة في تمثيل الجالية المسلمة عند السلطات البريطانية والدفاع عن حقوقها كطائفة دينية ، حيث عمل الإتحاد على إيجاد أماكن للصلاة في أماكن العمل وداخل المعاهد والجامعات ، مع إعطاء وقت أوسع يوم الجمعة للتمكن من أداء صلاة الجمعة مع الجماعة، كما عمل على توفير الأكل للطلبة المسلمين داخل مطاعم المدارس والمعاهد و الجامعات ، كما حاول الاتحاد أن يضع حلا نهائيا لمشكلة عطلة عيد الفطر وعيد الأضحى. وأنهى كلامه بالتأكيد على أن المسلمين في بريطانيا مواطنون لهم حقوق وعليهم واجبات فهم يؤدون هذه الواجبات ويريدون أن يحصلوا على تلك الحقوق.
          السيد موسى سيدار سليبي Musa Cedar Celebi   وهو مسئول عن إحدى الهيئات الإسلامية التركية في ألمانيا ، استهل حديثه مذكراً بالدور الذي لعبته تركيا في البناء الحضاري الأوربي، حيث قال: اسمحوا لي أن أتحدث هنا معبرا عن الوجه الآخر للحضارة الإسلامية في أوربا ،وكان له أثر فعال في بناء الحضارة الأوربية ألا وهو الجانب التركي الذي ساهم أيضا في البناء الأوربي من جهة أخرى. وبعدها انتقل إلى الشطر الثاني من مداخلته التي أرد من خلاله التركيز على أن الإسلام هو البديل لإنقاذ البشرية من أمراض الإدمان وأمراض التفكك الأسري.. وأن الإسلام هو التطور الطبيعي المنطقي لهذه البشرية التي يجب أن تسلك طريقا لتنقذ نفسها مما هي فيه .. وأن من أهم الواجبات الملقاة على المسلمين في هذا المضمار هو المحافظة على الهوية إسلامية ونقل هذه الهوية الإسلامية بنقائها وصفائها للأجيال المقبلة ، التي ستتابع السير في أوربا . وفي النهاية قال: ولكي يكون لنا دور فعال في الجسم الأوربي لا بد من إيجاد جماعة إسلامية قوية و هذه الجماعة الإسلامية القوية تحتاج إلى مؤسسات قوية ، إلى شبكة علاقات متينة ، فلا بد من إيجاد جميع هذه المتطلبات لنقوم بدورنا في المستقبل.
أما الجلسة الأخيرة من اليوم الأول من أعمال المؤتمر فقد ضمت كلا من عالم الاجتماع المقيم بستراسبورغ  بفرنسا خوان ماتاس   Juan Matas     الذي ألقى كلمته بعنوان ( الاندماج وهوية الشباب في فرنسا اليوم ) وكانت بطبيعتها مداخلة حية مليئة بالتجربة استقبلت بالاستحسان والمشاركة في كثير من أجزائها..
ثم تلتها  محاضرة الدكتور نجيب أبو وردة - أستاذ في كلية الإعلام بجامعة مدريد المركزية - وكانت تحت عنوان : ( المفهوم الإسلامي للعلاقات الدولية)
وأنهى المؤتمر الثاني لمجلس التعاون الإسلامي في أوربا أعمال يومه الأول بجولة في مدينة طليطلة حيث تمتع الكل برؤية معالم المدينة التاريخية العريقة والتي مازالت تتحدث عن روح التسامح والتعايش بين المسلمين وغيرهم.
واستهل اليوم الثاني من المؤتمر نشاطه بمداخلة السيد أحمد سعيد ولد الباه ممثل المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ، وقد حاول أن يظهر الدور الذي تقوم به المنظمة ، خاصة في مجال التعليم وتطوير البرامج ومراقبة ما يكتب حول الإسلام من قبل المستشرقين .
ثم تلتها مداخلة السيد Jesus Riosalido  السفير السابق لإسبانيا في عدد من الدول العربية وممثل الاتحاد الأروبي في منظمة حقوق الإنسان ، الذي تحدث حول “ الإسلام وحقوق الإنسان : نظرة تاريخية والواقع القائم ” ثم تحدث السيد Alfredo Abad  أحد المسؤولين عن حوار الأديان داخل البناء الأروبي الذي أشار إلى أهمية الدين كقوة محركة للتغيير وكدليل ومنير للطريق .
كانت هذه أهم أحداث الفقرة الصباحية ، ثم توجه الجميع إلى مسجد المدينة - أو مسجد الأقواس - لأداء صلاة الجمعة ، بعد أن ظل هذا المسجد مغلقاً لخمسة قرون ، فقام السيد رياج الططري خطيباً في هذا الجمع وقال : “  إننا الآن أمام حدث تاريخي يربط الماضي بالحاضر بل بالمستقبل في هذا المسجد الذي بني منذ عدة قرون ، وبالتحديد في النصف الثاني من القرن الحادي عشر الميلادي ، بني في مركز المدينة طليطلة من قبل تاجر تقي حرص على أن يكون مكانه في السوق ولذلك سمي بمسجد السوق ، وكان يرتاده معظم الناس في السوق واصبح مدرسة لكثير من التجار ، وكان سبباً في صلاحهم بعد أن ساد الفساد كثير بينهم ... ونحن اليوم أيها الإخوة نصلي هنا بعد أكثر من 500 عام من إغلاق المسجد الذي نزعت منه الصفة الدينية اعتباراً من نهاية القرن 15 الميلادي ... أيها الإخوة نحن ننطلق من قيم الإسلام الصافية النقية ومهما حاول غيرنا أن يصفنا بالإرهاب أو سواه من الصفات فنحن والحمد لله براء من ذلك تماما تماماً ، بل نحن أهل السماحة ، أهل التعايش ، أهل السلام ، ونعتبر العمل الذي قامت به حكومة قشتالة الجديدة عبارة عن دليل واعتراف وفسحة أمل في حرية التعايش بين المسلمين وسائر المواطنين في إسبانيا . نحن نقدر هذا العمل ونعاهد الله سبحانه وتعالى على أن نقوم بتوطيد معاني السماحة والتعايش والإخاء بين أفراد المجتمع ...و إذا كان هناك ما نريد أن نقوله للعاملين في حقل الأديان خاصة وقد كانوا معنا في المؤتمر ، مؤتمر مجلس التعاون الإسلامي في أروبا ،  إن وجودكم لدليل ساطع على أننا نريد أن نعمل معاً لما فيه خير الناس جميعاً… ” وقال مخاطباً المسلمين : “ في هذه المناسبة الطيبة التي نجتمع فيها من كل أقطار أوروبا ، نجتمع في هذا الركن الذي يدل على السماحة ويدل على عبادة الله سبحانه وتعالى ، نتوجه بالشكر  الخاص إلى السلطات الإسبانية التي سمحت لنا بهذا العمل ، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون عملنا هذا صفحة ناصعة البياض في سبيل التعايش والتسامح والسلام بين كل أبناء المجتمع في إسبانيا و أوربا وفي العالم كله ...  ”
وبعدها توجه الحضور إلى قاعة المؤتمر لمتابعة نشاطاته وفعالياته ، حيث عقدة ندوة شارك فيها السيد محمد باقر الأنصاري ، مدير المركز الإسلامي في هامبورغ ، فسلط الأضواء على موضوع التربية الإسلامية التي تنقص الكثير من أبناء الجالية المسلمة في أوروبا بسبب الحاجة إلى علماء متخصصين. وأشار في مداخلته إلى أن الحوار الناجح بين الأديان هو الذي تتساوى أطرافه .
ثم تحدث فلاح صلاحة ، رئيس المجلس الاستشاري للمسلمين في المجر ، ومؤسس مكتب الدفاع عن حقوق المسلم ، فقال “  يجب علينا كمسلمين وأوروبيين أن نشارك في هذا البناء بكل طاقاتنا العلمية والثقافية والاقتصادية ، لنثبت للجميع أننا شركاء في المجتمعات الأوروبية ، شركاء في العيش بأمان وشركاء في البناء الأوروبي ، علينا أن نثبت للآخرين أننا لسنا من كوكب آخر ، وأن أخلاقنا الإسلامية تستوعب الجميع ...”
أما المشارك الأخير السيد محمد بوليف ، عضو المجلس الأعلى للمسلمين في بلجيكا ، فكانت مداخلته حول “ دور المسلمين في البناء الإقتصادي الأوروبي ” 
وفي الأخير كانت الكلمة الختامية للسيد Jose Tambrana   نائب وزير العدل الإسباني الذي دعا إلى فتح صفحة جديدة ، متخطية كل العراقيل والعقبات التي تعترض مثل هذه الخطوة التي تقدم الصورة الإيجابية لكل الأديان التي ساهمت في بناء أوروبا في القديم وفي الزمن الحديث.
والجدير بالذكر أنه تم الإتفاق على أن يكون المؤتمر القادم في مدينة بروكسيل وتم تشكيل لجنة للمتابعة .

domingo, 20 de marzo de 2011

وسام الاستحقاق المدني الاسباني لرئيس اتحاد الجمعيات الاسلامية الاسبانية


منح الملك الإسباني خوان كارلوس وسام الاستحقاق المدني للسيد رياج ططري على أعماله الكبيرة في خدمة الإسلام والحرية الدينية في إسبانيا على مدى عشرين عاماً مضت . وقد ذكر قرار المنح الذي نشر في الجريدة الرسمية بأن التفاني والثبات والتجرد والإخلاص الذي أبداهم السيد رياج ططري خلال هذه المدة الزمنية كانت دافعاً قوياً لملك إسبانيا لاتخاذ هذا القرار بعد ترشيحه من قبل وزارة العدل الإسبانية.

ويعني منح الوسام - ولأول مرة - لغرض ديني بحت أموراً عدة :
ترسيخ التعددية الدينية في المجتمع الإسباني ، وقبول المسلمين فيه كجزء لا يتجزأ ، وبالتالي عدم اعتبارهم على هامش التنظيم الديني والاجتماعي ، بل أصبحوا يشكلون جزءاً فاعلاً في البنية الاجتماعية الإسبانية .

ويعني - أيضاً - اعترافاً ضمنياً بمكانة المؤسسة الإسلامية التي يمثلها ، وبأعمالها التي تلقى الترحيب والقبول من مختلف شرائح المجتمع الإسباني ومؤسساته .

وكونه يمنح من قبل ملك إسبانيا ، السلطة التي تمثل الدولة بجميع مؤسساتها ، دليل على تقدير المشروع الإسلامي الذي يطرحه المسلمون في إسبانيا ، وهو ما صرح به الملك نفسه في خطابه الشهير في المدينة الزاهرة في ختام عام الأندلس 1992م ، حيث عبر عن فخره بالمسلمين وبأنهم يشاركون مع أبناء البلد الواحد في البناء والتفاهم في جو من الحرية والتعاون .
بعض الأعمال التي قام بها السيد رياج ططري في إسبانيا :

- شارك السيد رياج ططري في إعداد قانون الحرية الدينية الإسباني ، وهو أول قانون عضوي صدر بعد الدستور الإسباني الحديث ، ويعتبر من القوانين المتسامحة والمنفتحة ، وبه دخلت إسبانيا عصراً جديداً يسمح بتعدد المعتقدات ووجود تنظيماتها ، ويمنحها حقوقاً مماثلة ويقف منها موقفاً إيجابياً مؤيداً .

- اختير عضواً في اللجنة الاستشارية للحرية الدينية التي شكلت في عام 1981م عن الجانب الإسلامي ، وتسهر هذه اللجنة التابعة لوزارة العدل الإسبانية على تطبيق قانون الحرية الدينية وتقدم الدراسات حول الأمور التي تطرحها عليها هيئة الدولة في هذا المجال .

- قام مع إخوانه بتأسيس اتحاد الجمعيات الإسلامية في إسبانيا عام 1981م مسايراً التطور القانوني والتنظيمي للدولة الإسبانية .

- كما كان مع إخوانه سبباً في تشييد أول مسجد في العاصمة الإسبانية ، ببادرة ذاتية مستقلة ، ومساعدة من جميع المسلمين وذلك عام 1988م .

- قدم باسم الجمعية الإسلامية في إسبانيا طلباً رسمياً لوزارة العدل الإسبانية للاعتراف بالوجود الإسلامي في إسبانيا كمرحلة سابقة لبدء المفاوضات لتوقيع اتفاق تعاون بين المسلمين والحكومة الإسبانية . وقد جاءت الموافقة بإجماع أعضاء اللجنة الاستشارية للحرية الدينية بتاريخ 12/3/1996م بالاعتراف بالإسلام ديناً واضح الجذور في المجتمع الإسباني .

- فاوض الحكومة الإسبانية مع وفد من المسلمين لصياغة نص اتفاق التعاون ، وتوصل لصياغة نص في أربع عشرة مادة تشمل الأمور الدينية الإسلامية ؛ كالتعليم والمساجد والأئمة والزواج والأعياد والذبح الشرعي والرعاية الدينية الإسلامية… الخ .

- وقع اتفاق التعاون عن الجانب الإسلامي مع وزير العدل باسم الحكومة الإسبانية في 28/4/1992م . حيث صدر القانون الذي يتضمن نص الاتفاق تحت رقم 26/92 للعاشر من تشرين الثاني / نوفمبر بعد أن صوت عليه البرلمان الإسباني بالإجماع ونشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 12/11/92 بعد أن وقعه الملك الإسباني خوان كارلوس.

- تابع السيد ططري عمله فقدم برنامجاً للتعليم الإسلامي في المدارس الحكومية ، وتوصل لتوقيع اتفاق بتاريخ 12/3/1996م مع وزارة التربية لتمويل معلمي التربية الإسلامية .

- شارك في تأسيس مجلس التعاون الإسلامي في أوروبا ، وانتخب عضواً في مكتبه الإداري… ويشارك في كثير من النشاطات الإسلامية التي عقدت في أوروبا محاضراً ومدافعاً عن الوجود الإسلامي فيها ، ومؤيداً لفتح مجالات الحوار والتفاهم مع المواقع المؤثرة في الفكر الأوروبي وأنظمته المختلفة .

وما زال السيد رياج ططري يواصل جهاده الصابر للحصول على سائر الحقوق التي تنص عليها الأنظمة الإسبانية ، لكي يتمكن المسلمون في إسبانيا من ممارسة نشاطاتهم كاملة في جو من الحرية والمساواة والتعاون .

    viernes, 18 de marzo de 2011

    رجل هادئ وسط العاصفة



    لا نجد عبارة نبدأ بها هذه النظرة لشخصية السيد رياج ططري بكري إلا القول بأنه رجل يعيش على حد السكين، ويكافح على وهاد وعرة، ولكنه يفعل ذلك بهدوء كبير يثير الإعجاب.

    ولد السيد رياج ططري بكري في مدينة دمشق، سنة 1948، وانتقل إلى إسبانيا سنة 1970، شأنه شأن كثير من الطلبة السوريين والفلسطينيين ودرس الطب في جامعة سنتاندير. غير أن هواه لم يكن في الطب، وبذل كل وقته منذ وصوله للسهر على إيجاد تنظيم تمثيلي قوي ومستقر للمسلمين في إسبانيا.

    منذ ذلك الوقت، "جرت مياه كثيرة تحت النهر" كما يقول الإسبان، فقد سعى السيد ططري عبر الجمعية الإسلامية في إسبانيا، التي كانت أول من قدم طلب التسجيل في وزارة العدل الإسبانية 1967 من باب الوفاء للتاريخ، ثم أول جمعية إسلامية يتم تضمينها في سجل الهيئات الدينية التابع لوزارة العدل الإسبانية سنة 1971، إلى لم شمل المسلمين في هذا البلد والدفاع عن مصالحهم وحقوقهم بالطرق السلمية.

    ومنذ البداية، كانت الجمعية تتقدم بكل ثبات وأناة لتوسيع موطئ القدم للإسلام المعتدل، الوسطي، والحركي من أجل تطبيع الوجود الإسلامي بها. ولم يكن الأمر هينا، فالوجود الإسلامي في إسبانيا منقطع منذ قرون، وثمة قوى تقليدية معادية لكل وجود إسلامي في هذا البلد. وبدأت المعركة القانونية التي دامت سنينا عديدة، توجت في الأخير بالتوقيع على اتفاقية التعاون بين الدولة الإسبانية والجمعيات الدينية سنة واحد وتسعين.

    ويحب رياج ططري أن يذكر دوما أنه بعد التوقيع مباشرة على نص الاتفاقية، قال له أحد الشخصيات الرفيعة التي أشرفت على الاتفاق "الآن انتهينا من النص، وبدأت المعركة " أي معركة انتزاع هذه الحقوق التي نصت عليها الاتفاقية.

    وتوالت السنون، وبدأت المعركة الأبدية مع الحكومات المحلية والبلديات في قضايا تعليم الدين الإسلامي والمساجد والمقابر للمسلمين، في بلد "الطوائف" هذا الذي يبدو فيه أن كل واحد يحكم بمزاجه وهواه.

    وعلى الرغم من التغييرات الجذرية التي مست الوجود الإسلامي في إسبانيا في العشرين سنة الأخيرة، من خلال الزيادة الكبيرة في عدد المسلمين عن طريق توافد المهاجرين على إسبانيا من المغرب أساسا ومن بعض دول إفريقيا ما دون الصحراء، مما جعل الرقم يقفز من أقل من ثلاثين ألفا في بداية الثمانينات إلى ما يقارب مليون و مائتي ألف في الوقت الحاضر، فإن ذلك لم يغير من مبادئ الاتحاد شيئا. هذا وقد كان رد الاتحاد هو إحداث اتحادات جهوية حسب الأقاليم الإسبانية بمنسقين جهويين لتوزيع المهام وتحسين الأداء.

    ومما زاد الطين بلة كثرة الخلافات التي تصل إلى حد الفرقة والخصام والتطاحن بين مختلف الهيئات التنظيمية الإسلامية، والتي لا مثيل لها في الهيئات التمثيلية لباقي الأديان.

    ففي وجه المؤسسات الإسبانية، اعتمد رئيس الاتحاد سياسة العمل المؤسساتي المنظم وطول النفس مع الحكومات المتعاقبة، على الرغم من أن حكومة الحزب الشعبي تميزت ب"جفاء شديد" كما يحب التعليق بابتسامة عريضة. غير أن هذا النهج لم يكن ليثنيه عن إعلان "التمرد" على الإدارات الإسبانية عند وجود حيف لا مبرر له.

    وعلى المستوى الداخلي، اعتمد سياسة "اجمع ولاتفرق" في وجه التيارات المتواجدة من تبليغيين وسلفيين وغيرهم، إضافة إلى الحساسيات المذهبية والقطرية في الجمعيات، فوضع المبادئ الثلاثة العامة التي تنص على كونها جمعية أو هيئة دينية لا تتدخل في الأمور السياسية والاقتصادية والنقابية إلخ، ثم انسجامها مع شكل الدولة الإسبانية المبني على الأقاليم المحكومة ذاتيا وثالثا الالتزام بمبادئ الإسلام.

    وبذلك أوجد متسعا لكل الحساسيات. ولا يخفى حجم الصعوبات التي من الممكن أن تحدث داخل الجمعيات من جراء عدم وعي البعض أو مطامحه الشخصية، غير أنه اعتمد الحوار الهادئ لإيجاد حلول ملائمة.

    غير أن ما يثير الدهشة في الرجل، الذي يجب اعتباره بكل تواضع الرجل الأكثر تأثيرا في الوسط الإسلامي في إسبانيا، هو البساطة الشديدة التي تطبع تعامله اليومي، فهو يتحرك في حدود علمنا، دون هاتف محمول وليست لديه سيارة خاصة بل يذهب رفقة أولاده في سياراتهم أو في النقل العام.

    إضافة إلى ذلك، فقد شهد له القريب قبل البعيد بدبلوماسية كبيرة في الحديث وانتقاء شديد للألفاظ مع القريب والبعيد، وجعل ذلك منه محاورا متمرسا مع السلطات الإسبانية تعرف حقه وتقدره قدره.

    وفوق ذلك، فهو رجل لا يعرف شيئا اسمه "عطلة" ويعمل طيلة أيام السنة دون كلل ولا ملل، وهو متابع شغوف جدا لأخبار إسبانيا ورجالاتها إلى حدود مدهشة بالفعل، كما أنه ألف عدة كتب ومقالات نشرت في إسبانيا وفي الخارج، ويكتب باستمرار على المدونة الخاصة بالاتحاد.

    بقي الرد في الختام على بعض الشبهات التي تثار حول الاتحاد، وأهمها دون شك أنه يتم قيادته من قبل نخبة من "السوريين" بينما غالبية من يضمهم بين صفوفه من المغاربة، يرد دوما أن التمثيلية الدينية غير التمثيلية السياسية وهي مبنية على الكفاءة وعلى كون الأشخاص مسلمين بغض النظر عن ألوانهم وأوطانهم التي قدموا منها، ومع توسع هيئات الاتحاد ثمة قيادات جهوية أصولها بالكامل من المغرب، ثم إن وجود رئيس لا يثير حفيظة إسبانيا نظرا لحساسية الجوار مع المغرب، وفي نفس الوقت لا يحجر على الانتماء القطري والولاء الوطني والمذهبي لأحد يجعل الاتحاد في مأمن من توجس السلطات الإسبانية، ويسحب ذخيرة نفيسة من بين يدي المعارضة اليمينية.

    بقلم بوعزى عسام


    lunes, 14 de marzo de 2011

    وحـــدة المســــلمين : غاية وضرورة



    وحـــدة المســــلمين : غاية وضرورة
    لقوله تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا " ولآنه ( مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب )

    وَحّـدنا الاســـلام .

    -  عقيـدة ، برب واحد ونبي واحد ورسالة واحدة  .
    - وعبــادة واحدة ، قبلة واحدة وصلاة وصوم وحج وزكاة لايختلف عليها إثنان .
    - وجعلنا على شريعة من الأمر ..
            وسخر من بيننا من ضحى وبذل وعمل وسهر لكي تكون تفاصيلها سهلة المتناول لكل مسلم ومسلمة .
    -  وكان إلى عهد قريب إمام واحد يجمع صف المسلمين ويوحد كلمتهم وينأى بهم عن الخلاف والشقاق ، ويوحد عملهم في اتجاه واحد يدفعهم دفعاً حثيثاً نحو القوة والمجد والسؤدد .
            وطبيعة البشر ليست على وتيرة واحدة وثبات واستقرار على الجادة والصراط المستقيم .
            " ونفس وما سوّاها فألهمها فجورها وتقواها ، قد أفلح من زكّاها وقد خاب من دسّاها " .
            وسعى من عزّ عليه أن تتشتت كلمة المسلمين وأن يصبح بأسهم بينهم بعد أن نجحت قوى المكر والخديعة في تفكيك عرى اتحادهم وإزالة الخلافة في نظامهم ، لإعادة البناء وجمع الشمل من جديد . .
            فاجتهد كل حسب رأيه وطاقته ونظرته للأمور وتحسبهم جميعاً يبغون مصلحة الاسلام والمسلمين .

            غير أن تعدد المشارب ، واختلاف المناهج في الوصول إلى الغاية المنشودة تركت مجالاً لحظوظ النفس فيمن نشط في صفوف الحركات والتنظيمات والتجمعات الاسلامية التي ترفع شعار وحدة المسلمين وحامية الاسلام وأنها تتبع القرآن والسنة .
            وفرق كبير بين الادعاء والعمل الصائب الذي يؤدي إلى الضالة المنشودة .
    -  نمت النعرات والعصبيات المذهبية والفكرية والعرقية والقبلية وانضمت إليها عصبية اللغة والوطن ... إلخ .
    - واستغل ضعاف النفوس هذه الظروف فحطبوا بليل تحقيقاً لمآربهم الوضيعة ونفوسهم الخسيئة .
    - وانضم إلى ركبهم أصحاب المصالح الخاصة ممن يرون في كل ركب مطية لهم يعلونه ليحصلوا مايصبون إليه من جاه وسلطان ومال .
    - واجتمع إلى ماسبق حال المسلمين المليء بالجهل وضعف الايمان ، فأصبح مرتعاً لنمو كل ماسبق من آفات ومصائب .   
    ماالعمل ؟! والحال على مانحن عليه من ضعف وفرقة وجهل وتخبط .
    - جمع المخلصين الواعين على هدف وغاية يجتهدون مع بعضهم البعض لتحقيقها في كل مكان ..
    - الاجتهاد في توعية المسلمين وتربيتهم على تعاليم الاسلام وخلقه ومثله السامية. من خلال منهج مناسب للعمر والمستوى والقدرة .
    - اختيار الوسائل المتاحة وتطويرها والاستفادة من الخبرات المتوفرة ، وتوظيفها بحنكة ودراية لكي تتحصل الفائدة القصوى في الوقت الأقل .
    - عدم بعثرة الوقت والجهد والمال فيما لاطائل من ورائه .
    - وضع الخطط المناسبة بدءاً من الخطة العامة إلى الخطط المرحلية ، وتنفيذها بدقة وتقويمها مرحلة بعد مرحلة لتلافي النقص والتقصير والخطأ .

    وأخيراً لابد من إدراك أمر على غاية الأهمية / ..

    - العمل يجب أن يكون جماعياً ، لأن الدعوة تحتاج كل العاملين ، والناس عندها من المشاغل والأعمال الذاتية مايأخذ جل وقتها واهتمامها ..
    - والدعوة إلى الله تحتاج في وقتنا هذا أكثر من أي وقت مضى لبناء المؤسسات التي تكفل استقرار العمل ونموه وتوسعه بحيث يشمل الأعداد الفقيرة من العاملين كل في مجاله كخلية النحل التي ضربها الله لنا مثلاً في القرآن الكريم .

    -  ومن الملاحظات التي يجب أن تكون حاضرة في ذهن كافة العاملين بأنهم :

            1 – جزء من العمل وليسوا العمل بذاته .
            2 – يجب أن يؤدوا عملهم بدقة مع  معرفة بالأعمال التي يقوم بها الآخرون
            3 – الناس يختلفون في أساليب تفاعلهم وأدائهم وعليه فيجب الاتفاق على قواعد للعمل مقدور عليها من قبل العاملين وموافق على اتخاذها منهم قبل البدء في التنفيذ .


            4 – توطين النفس على أن الأمر ليس حكراً على فرد معين بل سيأتي اليوم الذي ينتقل فيه المرء إلى موقع آخر أو يدفعه المرض وحتى الموت إلى التخلي عن هذا الموقع .. فليكن متأهباً دوماً لنقل عمله لغيره في أي وقت يطلب فيه ذلك  ..

            5 – إن احتساب العمل لله تعالى يجب أن يكون مرافقاً لنا في كل لحظة وعمل ، وهو من باب إحياء النية وإخلاص العمل .
            6 – ليحذر الإخوة من تبرير الأخطاء فالاعتراف بالخطأ فضيلة ، ويكبر من يعترف بخطئه في عين الناس ، ويرغبون بالعمل معه أما الذي يصر على أن رأيه هو الصواب وأنه لايخطأ أبداً .. فإنه سيبقى وحده مع مرور الأيام .
            7 – العمل على إحياء نية الاحتساب في كل عمل نقوم به ، وبأن واجب الدعوة كل بقدر طاقته واستطاعته قائم إلى قيام الساعة ، والذين يقودون العمل عليهم مسؤولية إذكاء هذه الروح عند الناس ، وشرح الأمر لهم وتكليفهم بما يطيقون ، ولو كان الأمر بسيطاً ، فالقليل مع القليل كثير ، والعمل الدائم خير من العمل المنقطع وأجدى على مر الأيام .

            8 – الصبر الجميل ، والتواضع هما خلق الداعية الناجح .
     رياج ططــــري