martes, 29 de mayo de 2012

في تبليغ الدعوة


في تبليغ الدعوة

فهم جيل الصدر الأول ، الذي رَبّاه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على عينه ، الدعوة إلى الله فَهْماً عملياً يرتبط بكيان الفرد والأمة على حد سواء .. فحملوها بكل جد وعزم ، ورعوها بكل صبر وتؤدة ، وتفننوا في الوسائل والأساليب التي تكفل لهم القيام بواجبها على أكمل وجه .. وما كان ذلك إلا تصديقاً لنهج النبي الكريم في الدعوة على هدى وبصيرة .

المرحلية في الدعوة :

أنظروا قليلاً في ما تَحَرّى النبي صلى الله عليه وسلم من التدرج والترتيب للبلوغ إلى هذه الغاية – تحقيق العبودية لله – فقد قام بدعوة الناس - أولاً وقبل كل شيء – إلى " الايمان " وأحكمه في قلوبهم ، وأتقنه على أوسع القواعد وأرحبها ، ثم نشأ في الذين آمنوا تعليمه وتربيته طبقاً لمقتضيات هذا الايمان تَدَرّجاً بالطاعة العملية ، أي " الإسلام " والطهارة الخلقية ، أي " التقوى "، وحب الله والولاء له، أي " الإحسان " .

ثم شرع بسعي هؤلاء المؤمنين المنظم المتواصل في تحطيم النظام الفاسد للجاهلية القديمة واستبدال نظام صالح به ، قام على القواعد الخلقية والمدنية المقتبسة من القانون الإلهي المُنزل من الرب تعالى .

ثم لما أصبح هؤلاء الذين آمنوا ولَبّوا دعوته من كل وجهة – بقلوبهم وأذهانهم وأخلاقهم وأفكارهم وأعمالهم – مُسلمين مُتقين مُحسنين بالمعنى الحقيقي ... أخذ النبي صلى الله عليه وسلم يُرشدهم إلى ما يزين حياة المتقين المحسنين من الآداب والعادات المهذبة في الهيئة والملبس والمأكل والمشرب والمعيشة والقيام والجلوس ـ وما إلى ذلك من الشؤون الظاهرة وكأنني به فَتَنَ الذَّهَب ونَقّاهُ من الأوساخ والأدران أولاً ، ثم طبع عليه بطابع الدينار . ودَرَّبَ المقاتلين أولاً ، ثم كساهم زي القتال .  
وهذا هو التدرج الصحيح المرضي عند الله في هذا الباب كما يبدو لكل مَن تَأمّل القرآن والحديث وَتَبَصّرَ فيهما . " 1

حقيقة الايمان :

وقد كان صدق الايمان في قلب المرء ، يدفعه لأن يُكرِّس حياته كلها في سبيل الدعوة إلى الله .. يعيش لها في كل خطرات فكره ، وحركات جوارحه .
وحقيقة الايمان لا يتم تمامها في قلب حتى يتعرض لِمُجاهدة الناس في أمر هذا الايمان ، لأنه يجاهد نفسه كذلك في أثناء مجاهدته للناس وتتفتح له في الايمان آفاق لم تكن لتتفتح له أبداً وهو قاعد آمن ساكن ، وتتبين له حقائق في الناس وفي الحياة لم تكن لتتبين له أبداً بغير هذه الوسيلة ، ويبلغ هو بنفسه وبمشاعره وتصوراته ، وبعاداته وطباعه ، وانفعالاته واستجاباته ما لم يكن ليبلغه أبداً بدون هذه التجربة الشاقة العسيرة .
       وهذا بعض ما يُشير إليه قوله تعالى :
        " وَلَولا دَفْعُ النّاسِ بَعضهم بِبَعض لَفَسَدَت الأرْض  "
وأول ما تفسد : فساد النفوس بالركود الذي تأسن معه الروح وتسترخي معه الهمة ، ويتلفها الرخاء والطراوة ، ثم تأسن الحياة كلها بالركود ، أو بالحركة في مجال الشهوات وحدها ، كما يقع للأمم حين تُبتلى بالرخاء . " 2  .

 الدعوة ضرورة وحاجة :

لقد غدا خلق الدعوة إلى الله ضرورة وحاجة ، ذلك أن الأمة الإسلامية ما تقدمت ونشرت مبدأها وعقيدتها إلا بعد أن بَثّت في أبنائها روح الدعوة والتقدم ..
وقد ظهر أن أمة أو جماعة ليس فيها روح الدعوة ، والتقدم والهجوم لا تحافظ على وجودها ، وعلى مبدئها وعقيدتها ، وأن موقف المُدافع موقف الضعيف المُعَرّض للخطر ، وكل مَن لا يكون داعياً يكون هدفاً لدعوة أخرى ، وقد ثبت بالتجربة أن خير وسيلة للايمان بالمبدأ والثبات عليه ، ومتانة العقيدة .. والاستماتة في سبيلها ، هي الدعوة إليها ، فالداعي دائماً قوي الايمان بمبدئه ، مُتَحمس في عقيدته ، ونشيط في عمله ، مُستهين بغيره ، فإذا أردنا أن توجد في طَلَبتنا هذه الصفات وأن يخرجوا من الخطر على دينهم ، ونأمن عليهم الاندماج في غيرهم ، والوقوف في المعسكر المخالف فينبغي أن نجعلهم دعاة ، فإذا أردنا أن نجعلهم متدينين ، فينبغي لنا أن نجعلهم دعاة إلى الدين "  3 .

والواقع الماثل أمام أعيننا يفرض علينا الوعي التام لطبيعة الدعوة إلى الله وروحها .. والضرورة ملحة لتجديد الفهم لها كما أرادها الله تعالى لأننا – معشر المسلمين – بأمس الحاجة لإحسانها والعمل بها ، بل وتربية أنفسنا وأبنائنا عليها ففيها إن شاء الله – فَلاح الدُنيا والآخِرَة .
______________________
1- الأسس الأخلاقية للحركة الإسلامية  ، أبو الأعلى المودودي .
2- معالم في الطريق ، سَيِّد قُطب .
3- التربية الإسلامية الحرة ، أبو الحسن علي الحسني الندوي .
               
                                                                             رياج ططري

jueves, 24 de mayo de 2012

خــــاطِـــرَة


خــــاطِـــرَة


قال : أوَ يجب على الأمير أن يتدخل في كل صغيرة وكبيرة ؟
قلت : ذلك واجبه ، إن كانت الصغيرة أو الكبيرة تَمس الجماعة من قريب أو بعيد .
قال : ولكننا قِلّة ولا نحتاج لهذا التقييد الصارم .

قلت:أوَ ما سَمعتَ قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( إذا كُنْتُم ثَلاثة فأمِّروا أحدَكم ) ، وهذا في حال السفر ، حيث المدة وجيزة والحادثة طارئة ، فكيف في حال الاستقرار والإقامة ، أفلا نكون أحوج إليها ؟

قال : وهل نقوم بما لايقوم به ، بل يتقاعس عنه المسلمون قاطبة ؟
قلت : وماذا تعني ؟

قال : إن المسلمين يفتقدون القيادة الصالحة ، القادرة على العمل الراشد .
قلت : إن المسلمين هم الذين يصنعون القيادة الصالحة ، ويُرَشِّدونها ، إذ ليس هناك حجة لإنسان يَدّعي فقدان القيادة .

فما دام هناك مسلمون ، فإنهم يستطيعون أن يخرجوا من أنفسهم القيادة ، وإذا كان في القيادة شيء من نقص أو قصور ، فما من شيء إلا ويمكن اكتسابه .
قال : إنك تدعو لأن نبدأ بأنفسنا .. ؟

قلت : نعم .. – إنّ أمامنا حَليْن ، إمّا أن يبقى المسلمون بدون قيادة بحجة فقدان القيادة وانعدام الخلافة ، وهذا لا يجوز ، حيث يقول فقهاء الشافعية : " إذا فقد الخليفة تنتقل أحكام الخلافة إلى أهل عِلم زمانه " وهذا يعني أن المسلمين لا يصح أبداً أن يبقوا في حالة من الحالات بلا نظام ولا إمرة .. – وإما أن نبدأ بتكوين الجماعة وإخراج القيادة من بيننا .

قال : ومَن مِنّا يستحق القيادة ؟
قلت : إن كنت تقصد باستحقاق القيادة أن يكون مَن يليها كاملاً .. فهذا حق ليس مِنّا مَن يستحقها .. ولكن أن لا يوجد من بيننا مَن هُوَ الأفضل للقيادة ، فذلك غير صحيح ، واعْلَم بأن التجربة مِحَك ، وعامل هام في تكوين الشخصية ، والنواقص يمكن استكمالها إذا صَحّت النِيّة وعرف الطريق .. ولكن حَذارِ .. حَذارِ من الترخيص بإعفاء أنفسنا من ايجاد القيادة .

قال : في حالنا هذا الذي نحن عليه .. إننا متساوون في الأعمار وفي الدراسة ، وحتى في الثقافة .. أفنخضع للأمير في كل شيء .. ؟
قلت : أفلا تذكر معي بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قد أمَّرَ أسامة بن زيد رضي الله عنهما ، وعُمره سبعة عشر عاماً على جيشٍ ضَمّ كبار الصحابة رضوان الله عليهم جميعا ؟

إذا ذكرت ذلك .. فاعلم بأن القيادة ليست مرهونة بِعُمر .. وإنما هي مقدرة يهبها الله لِعبدٍ مِن عباده ، والقاعدة في ذلك أن يُؤَمّر الأحسن إسلاماً .. لقوله صلى الله عليه وسلم :
( مَن استَعْمَلَ رجلاً على عصابة وفيهم مَن هو أرضى لله منه ، فقد خانَ اللهَ ورسولَهُ وجماعة المُسلمين ) .

كما قال الرسول الكريم لأبي ذَر رضي الله عنه ، عندما سأله الامرة : ( إنكَ ضعيفٌ وإنها أمانَة ) ، ومنه ندرك أن الأقوى هو الذي ينبغي أن يُعطاها .    

               
                                                                              رياج ططري       


miércoles, 23 de mayo de 2012

لا .. بَل الطيب


لا .. بَل الطيب


        يعتصر الأسى قلوب الشباب المسلم الواعي الصادق ، حين يرون المخادعين ، ومستغلي الإسلام والمتاجرين به ، ينشطون هنا وهناك من الأرض .

        ويتألمون حين يرون أن اولئك المخادعين يجدون مَن يلتف حولهم ، إمّا طَمّعاً في تحصيل مَغنمٍ عن طريقهم ، ولكنه يُغلف أهدافه الحقيقية بِادّعاءات مناسبة ، وإمّا انخداعاً باولئك ، نظراً لِجهله بالإسلام ، وانجرافاً وراء " الراية " المرفوعة دون مَعرفةٍ بِمَن يَرفعها ومدى علاقته بتلك الراية .

        ونتيجة لما يرونه من تحركات المخادعين ، يتردد في مجالس كثير من الشباب  الكلام عن ضرورة قيام المُخلصين بِرَدّ فِعلٍ مُناسبٍ يَكشف الحقائق ويضع النقاط على الحروف .
        فإلى هؤلاء الشباب الصادقين ، نتوجه اليوم بالكلام .. صريحاً لِيكونوا على ثقة بمسيرتهم النظيفة ، مُطمئنين إلى طريقهم الذي لا يَسلكه إلا مَن رُزِقَ مَعَ الايمان والعَمل الصالح .. العِلم ، والوَعي ، والتضحية .

        إنَّ " مُسْتخدمي " الإسلام يُجيدون لُغةَ عصرهم ، ويتحركون بأسلوب يلفت أنظار الناس إليهم .. وخاصة اولئك الذين تُحركهم العاطفة الإسلامية الفَيّاضة وما أكثرهم .

        وفي هذه الفترة من تاريخ الدعوة الإسلامية أدرك هؤلاء أن لغة التفاهم بين المسلمين هي .. العمل مِن خلال حركة إسلامية .. فعملوا على التغلل من خلالها .. وسَخروا مُؤسسات بل سُخِّرت لهم مؤسسات ضخمة ذات إمكانيات كبيرة لاحتواء العمل الإسلامي وتنظيماته ، وربطه بها وبالتالي ربطه بالأنظمة التي تمد هذه المؤسسات وتديرها بحنكة ودراية .

        وبما تملكه هذه المؤسسات من وسائل دعائية ، وإمكانيات مالية كبيرة .. استطاع الأدعياء الأقزام أن يتحركوا بحرية وسرعة فائقة .. وكفلت هذه المنظمات نفخ هؤلاء وإظهارهم بمظهر العاملين الكبار .

        بَيْدَ أن مَكْر هؤلاء المخادعين الصغار المسخرين ، سُرعان ما ينكشف ومهما بلغ من أذاهم الظاهري ليسوا كمن وراءهم من الكبار ممن تَمَرّس على استغلال الإسلام ولبس لكل فترة أو منطقة لبوسها .

        هؤلاء الكبار ، المُتَخَفّون وراء المنتفعين الصغار هم الذين يؤذون الإسلام ، وأذاهم أبعد وأغوَر أثراً .
       
        ولن يعدم المستغلون المخادعون من يستمع إليهم ، لِضعف تقواه ، وتقصيره في فهم إسلامه .. ألا ترى المنافقين قد أوقعوا في شباكهم عدداً من المؤمنين الصادقين في قصة الإفك .. لذا يجب أن نذكر في هذا المَوْضع قول الله تعالى :
        ( بَل الإنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصيرة ، وَلَوْ أَلْقى مَعازيرَه ) .

        وأما الذين أخلصوا النية لله ، وصدقوا في عملهم خالصاً لوجهه فنقول لهم بقلوب ملؤها الثقة بالله . بأنه ليس علينا أن نتحرك بردود الفِعل .. بل علينا أن نستمر في البذل الكريم والعطاء السخي .. مُعَمقين خط البناء المستقل الذي يقوم على الطَيّب من القول والعمل من أصله إلى منتهى فروعه .
( واللهُ غالِبٌ على أَمْرِهِ ، وَلكنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعلَمون   ) .
               
                                                                   رياج ططري       


domingo, 13 de mayo de 2012

حِـــــــــــــوار


حِـــــــــــــوار


       سكت بُرهة ثم قال : " ولكن ألست تتعب نفسك في نُصح الخلق ، وتحرص على هدايتهم كما لو أنك ستنال جزاءً عاجلاً على فِعلك ، أو كأنك ستحصل على مَنفعة آنِيّة من جَرّاء صنيعك هذا ؟

        قُلت : ( سُبحانَ مَنْ ألقى في قلبي نُصح الخلق ، وجعله أكبرَ همّي ، أني ناصحٌ ولا أريد على ذلك جزاءً ، أجرتي قد حصلتْ لي عند رَبّي عَزَّ وجَلَّ ، ما أعبد إلا الخالق الواحد الأحد القديم ) لِسانُ حالي يقول : ( فَرحي بِفلاحكم وغمّي لِهلاككم ) .
        حَرّكَ رأسَه يُمنةً وَيُسرةً وفي فمه تساؤل .. يتردد في طَرحه .. وَلَبثَ على حاله هذه هنيهة .. ثم أردف قائلاً :

        " وكأني لا أدري مَغزى كلامك السابق .. وكأنك تقولُ لي بأنك لست تفعل ما تفعل إلا وغايتك الله لا سِواه .

        نعم هُوَ ذاك ( فالعبدُ إذا عرف الله عَزَّ وجّلَّ سقط الخلق مِن قلبه ، وتناثروا عنه كما يتناثر الورق اليابس من الشجر ، فيبقى بلا خلق في الجملة ، يعمى عن رؤيتهم ، ويَصمّ عن سماع كلامهم من حيث قلبه وسره ) .

        ولكن قُلْ لي بحق الله عليك ، وهل إلى ما أنتَ عليه .. مِن سبيلٍ للوصول إليه ؟
        وكيفَ لا ؟! والطريق واضح .. طويلٌ طويل .. ولكنه يبدأ بخطوة واحدة إنه ( فَنٌّ مُتقَن غايةَ الإتقان ، ونظامٌ دقيق صارم ، يبدأ بالزهد أولاً ، إذ أنه من المستحيل على الإنسان أن يَلِج المملكة الرَّبّانية دون التدريب على الزهد متاع الدنيا ، مثلما هُوَ مُستحيل على الإنسان أن يُصبح رياضياً دون أي تدريب بدني ، ولما كان التدريب على الزهد شاقاً للغاية فإن رجالاً قلائلَ جداً هم الذين يملكون الشجاعة الكافية على التقدم " للربّانِيَة " ، فإن الرجل الذي يعتزم القيام بهذه المهمة الصعبة ، والرحلة الشاقة ، يجب أن ينبذ متاع هذا العالم ، وأخيراً ، نفسه .

        ورُبّما كان عليه بعد ذلك أن يعيش طويلاً في ظلال الليل الروحي ، وبينما هُوَ ينشد السُموّ الروحي مِن خالقه ، ويَحزن لفساد نفسه وَضَعَتها ، فإنه يُكابد تنقية حواسه ، وتلك هي أول وأخطر مرحلة من مراحل الرحلة الربانية ، وهكذا يُعظم الرباني نفسه من نفسه .. فتنقلب صلاته تأمُلاً ، ويدخل الحياة المثيرة ، ولكنه لا يستطيع وَصْف ما يَمر به مِن تجارب لأن عقله يهرب من الفراغ والزمن ) .
        - إني جد حائر من إجابتك المباشرة هذه ، لقد أخذتني بعيداً بعيداً ، وأنا لم أقف بعد على المحجة البيضاء في صِدق النبوة ، أفليس لديك دليلاً خارجياً تُعينني فيه ، لكي يطمئن قلبي ، ويكون لي حجة على غيري ؟

        -  أما حيرتك من الإجابة المباشرة فربما لك الحق بها ، ولكن ما أتيت به بعد ذلك لا تقوم له قائمة إذ ( أن المؤمن ليس بحاجة إلى دليل خارجي على صِدْق إذا كان صحيح المزاج ، مستقيم الطبع ، إذ دليله في نفس المستمع ، وعلى ذلك يقوم نظام الحياة ، فهل إذا دعوت عطشان إلى الماء وقلتَ له إن هذا القدح ماء ، هل يقول لك : أينَ الدليل وكيف أؤمن بدعوتك وأصدق كلامك ؟ ..

        وهل إذا دعت الأم الحنون طِفلها الرضيع لِيرتضع مِن ثديها ، قال الطفل ، هاتِ الدليل ياأمي أروي نفسي وأشبعها ؟

        إن وجود العطش في نفس العطشان  ، ووجود الجوع في الرضيع ، ووجود الإخلاص في الداعي لَكفيلٌ بالتصديق ، مُغنٍ عن كل دليل ) .

        - ولكن ألا تسمع كلامً المنكرين ؟ ..

        - نعم ... ولكن علينا أولاً أن ندرك أن ( المعارضة كالموازنة والمكايلة فمتى قوبلت بأخبار من وزن أخبارك ومخرجها ومجيئها فتلك هي المعارضة.

        - وهذا ما نحفل به ونعول عليه – وأما الإنكار فليس بحجة كما أن الإقرار ليس بحجة .. إنما الحجة في المجيء الذي لا يمكن في الباطل مثله .. ) .

        أرأيت حقاً أنصع ، وحجة أبهر وسبيلاً أقوَم من ذلك الذي أتى به القرآن الكريم .. إن الله يدعو القلب الضعيف لكي يتعلق به ويشتد به أزره في مقابلة الصِعاب  ومكافحة نوائب الدهر ، وَنَوازِله .. إذ أنَّ ( في القلبِ شَعْثٌ لا يَلمُّهُ إلا الإقبالُ على الله ، وفيه وِحشةٌ لا يُزيلها إلا الأنْسُ بِهِ في خَلْوته ، وفيهِ حُزنٌ لا يُذهِبُهُ إلا السُرور بمَعْرِفته وَصِدْق مُعامَلَتِهِ ، وفيه نيرانُ حَسَراتٍ لا يُطْفِئها إلا الرِضى بأمره وَنهيِهِ وقضائهِ ، وَمُعانقةِ الصبْر على ذلك إلى وَقتِ لقائِهِ .. وفيه قَلقٌ لا يُسكِتُهُ إلا الاجتماع عليه والفِرار منهُ إليهِ ، وفيهِ طَلَبٌ شديدٌ لا يَقِفُ دونَ أن يكونَ هُوَ وَحْدَهُ مَطلوبه .. وفيهِ فاقةٌ لا يَسُدّها إلا مَحَبَّتهُ والإنابة إليه ودوام ذِكرهِ وَصِدْق الإخلاص لَهُ وَلوْ أعطِيَ الدُّنيا  وما فيها لَمْ تُسدّ هذه الخلة أبداً .. فالَتفرقُ يوقِعُ وحشَةَ الحجاب ، وألمٌ أَشَدُّ من ألمَِ العَذاب ) .     
  
رياج ططري       


                                                                                                       

domingo, 6 de mayo de 2012

ما هو الحل ؟

ما هو الحل ؟

نعود الآن للسؤال المُلِحّ الضروري : ما هو الحل ؟
       
وهل هو حل وحيد .. أم هناك حلول كثيرة ؟

        ولكن .. كما تبين آنفاً .. لا يحق لأحد أن يطرح هذا السؤال إلا إذا آمن بكل المراحل السابقة .. فإن مّرّ بها وآمن بجدواها تبين له أن الحل يكمن في طريق واحدة تنتهج ..

        والواقع يؤكد أن كثيراً من الشباب أصبح فاهماً لمعنى الايمان بالله والعمل بأحكامه .. والمشكلة أمامهم الآن .. في كيفية التطبيق والوصول للمجتمع المسلم .
        وعند هذا الحدّ نصل إلى بداية الطريق ، لا إلى نهايتها ، وبهذا الفهم والإدراك تبدأ مرحلة الجهاد والكفاح في حياة المسلم .

        فإذا كانت مهمة الإسلام أن يقضي على الأنظمة الرجعية التي تدور في فلك الشيطان ، فعليه أن يواجهها بتجمع قوي منظم يستطيع أن يتغلب على تجمعاتها المختلفة .

        إن الأنطمة التابعة لحزب الشيطان لا تتمثل في مجرد نظريات  وأفكار ، وإنما لها وجود قائم مسيطر ، ولذلك لن يجدي أن نواجهها بمجرد أفكار ومبادئ لا تتمثل هي الأخرى في وجود مستقل يحمي تلك المبادئ ويقيم عليها دولة تحمل الفكرة الإسلامية ، وتجاهد في سبيل إبلاغها للناس .

        وهكذا فإن بداية الطريق تكون في بروز تجمع حركي قوي منظم ، هو النواة لعودة سيطرة الطائفة المؤمنة .

        إن الإسلام لم يحكم ، ولم يكن ليستطيع أن يحرر البشرية بدون تجسيد أفكاره في دولة قوية بدأت بتمرد المسلمين على مجتمعهم الجاهلي ورفضهم لقوانينه وتشريعاته ..

        رفض المسلمون الوضع الجاهلي ، وانفصلوا عنه ، وكَوّّنوا أو تجمع إسلامي مستقل – في المدينة – ثم انتشروا منه يحررون العباد من سيطرة حزب الشيطان .

        إن أسلوب الدعوة لهذا التجمع يختلف وتتعدد مراحله حسب الظروف والأحوال ، وقراءة السيرة النبوية العطرة تُوَضح كيف بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم دعوته سِرّاً ، وإلى أقرب الناس إليه ، ثم جهر بها مع الاستفادة من حماية عَمّه له ، وحينما اشتَدّ ايذاء الكفار للمسلمين سمح لهم بالهجرة ، ولم تقتصر الدعوة على أهل مكة ، وإنما امتدت لتشمل العرب الوافدين على مكة في مواسم الحج والتجارة . وعندما كثر عدد المؤمنين من أهل المدينة ودانت لسيطرتهم ، هاجر – عليه السلام – إليها وأقام هناك المجتمع الإسلامي الأول  . واليوم ينتشر المسلمون في بقاع الأرض ، ولكن بدون سيطرة ، ولذلك نجحت التجمعات الشيطانية في فرض نظمها وقوانينها على الإنسان حتى لو كان مسلماً .

        وسيظل الوضع هكذا .. حتى تقوم الطلائع الإسلامية المنظمة في سائر أقطار الأرض ، وحتى تتجمع في تكتل واحد .. وحتى تنبعث في نفوس المسلمين روح الجهاد وحُبّ الاستشهاد في سبيل نصرة الله ، والايمان بالقوة والقدرة الربانية لتحقيق النصر لنا ما دمنا قد أخذنا بالأسباب .. وبدأنا الطريق .        
       

                                                       رياج ططري