jueves, 23 de junio de 2011

الخوف


الخوف يُغَيّر مَوقِعه
                                                                                    
اعتاد الناس في البلاد المقهورة ، أن يخافوا من السلطان  ، فيحنوا رؤوسهم له صاغرين لأوامره ، مهما كانت هذه الأوامر ، مجحفة بحقوقهم الأساسية في الحرية والمساواة والقدرة على التعبير عما يجول بخاطرهم دون خوف من انتقام أو وَجَل من ملاحقة أو تعذيب ..

تعودت الشعوب العربية على الطاعة للمستبد ، وغدا جلّهم يبرر له أعماله ، وعكف الآباء يحذرون أبناءهم من أن الخروج عليه فيه خطر على حياتهم ومستقبلهم .. ترى أي حياة يقصدون ؟! حياة العبودية والاستكانة والذل أم حياة الاستجداء والفقر والمهانة ؟! 

بل أي مستقبل يخافون عليه ؟ وهل لهم مستقبل غير ذلك المحفوف بالذل والقهر والاستعباد ؟ ! .

لقد شبَّ الجيل الجديد عن الطوق ، وخرج بصدره العاري ينادي بالحرية – الحرية .. الحرية .. لم يمسك عصا ولا أداة جارحة ، بل كان ينادي بحرقة أنه يرفض العنف ويريد السلام .. سلمية سلمية .

هذا الجيل الذي تَفَتّح على ما يجري في العالم ، وأصبح يعي ما يدور فيه ، ووجد نفسه أن لايَتَمتع بأبسط الحقوق التي يحظى بها الناس في كل مكان ..

أصبح لديه من معلومات وأخبار ، تنقل إليه عبر الوسائط الكثيرة والمتعددة ، تفوق في يوم واحد ما كان يحصل عليه أبوه في سنين .. فكان يتساءل كل يوم بل وكل ساعة أين أنا ؟! وما هو دوري في هذه الحياة أنا وأمثالي من الشباب ؟! الذي يمثل غالبية الشعوب العربية ، ومع ذلك لا يدري ماذا يقول ويحار في الجواب ملايين من الشباب أعدت وتكونت ، ولكن لم تجد طريقاً يعينها في حياتها إلا إذا تذللت للطاغية الذي يمسك زمام اقتصاد البلاد ويتحكم في الخلق والعباد وكأنه السيد المطاع الذي لا يرد له قول ولا فعل .. إذ يكفي أن يشير بالبنان فيركض العبيد لتلبية رغبته وإرضاء نزوته العنجهية.

فاق الشباب وقارن بينه وبين أمثاله في معظم البلاد .. فقرر أن يعيد الأمور وضعها الطبيعي فانتفض .. وجدد كما جدد إخوانه في انتفاضة الحجر التي ردت لهم اعتبارهم وأعادت إلى نفوسهم جذوة النصر والصحوة ..

خرجوا جميعاً زرافات ووحدانا ينادون حرية .. كرامة .. فأخذت الجموع من كل حدب وصوب تؤيدهم وتهب منادية معهم تملأ الشوارع والساحات ، ترفض الذلة والمهانة والاستعباد ، فاليوم لا مكان للخوف .. الخوف ممن ؟! من الإنسان الذي تَألّه ومن آلته الحربية التي تفتك بأرواح العباد ؟ .

الخوف لم يعد له مكان في قلبه ، فإن هو استشهد فسيأتي بعده إخوانه يحملون الراية .. ويصرخون بملء أفواههم .. في وجه الطغاة المستبدين حرية .. حرية .. كرامة .. كرامة ..

لقد أصبح هؤلاء المستبدون ومن لف لفيفهم من منتفعين يخافون من هذه الصرخات ، وأصبح الخوف يملأ قلوبهم فتراهم يرتعدون لمجرد سماع هذا النداء حرية  ..كرامة .

لقد غيّر الخوف موقعه فبَدَل أن يخاف الناس من الحكام الطغاة المستبدين غدا هؤلاء هم من يخاف من الشباب الذين ينادون فقط نريد الحرية والكرامة .. الحرية ..والكرامة .

رياج ططري

lunes, 20 de junio de 2011

الإجازة

الإجازة في العلوم الشرعية

دعت الجمعية الاسلامية في إسبانيا ، الشيخ عصام موسى هادي إمام وخطيب مسجد التكروري في عمان للمشاركة في البرامج التي أعدتها لفائدة طلبة العلم الشريف في إسبانيا بالتعاون مع اتحاد الجمعيات الاسلامية في إسبانيا ..

عكف الشيخ الضيف على تذكير المسلمين بواجباتهم الدينية في عدة مدن زارها وألقى في مساجدها المحاضرات والدروس حاثاً المسلمين عامةً والعاملين منهم خاصة على التعاون على البر والتقوى ، وكذلك وحدة كلمتهم وصفهم أمام التحديات التي تواجههم .

غير أن أهم ما قام به .. وهو المجاز من العديد من علماء المشرق والمغرب على حد سواء ، نشر العلوم الشرعية والإجازة فيها على ما تعوده العلماء جيلاً بعد جيل إلى جيل الصحابة رضوان الله عليهم جميعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقد شرح للمشاركين في الدورات العلمية عن المقدمات الأساسية في العلوم الشرعية وكذا مصادر التشريع الإسلامي ، كيف كانت تنتقل هذه العلوم الشريفة من جيل إلى جيل عن طريق الإجازة والتلقين المباشر ، وكيف كان طلبة العلم يجتهدون للحصول عليها ونقلها لمن بعدهم استجابة لدعوة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه .

وقد أجاز الشيخ الكريم عدداً ممن أتقن قراءة القرآن الكريم ببعض ما يحفظ على أن يتعهده ويضيف إليه المزيد شيئاً فشيئاً . وكان لهذه الطريقة الفعل المؤثر لدى الناشئة والشباب ، عندما علموا أنه بمقدورهم أن ينمّوا معرفتهم وحفظهم للقرآن الكريم وللحديث الشريف بل وأن يجازوا بما لديهم من علم .

وكان مما وضحه في شرحه للإجازة كونها وسيلة لحفظ القرآن الكريم ونشر علومه بين الناس ، وكذلك وسيلة لحفظ كتب الحديث ، وأهمية الإجازة عموماً في نشر العلوم الإسلامية بين المسلمين .

إن هذه البادرة الطيبة التي أقدمت عليها الجمعية الاسلامية في إسبانيا  منذ سنوات ، بدعوتها للعلماء العاملين ، والسعي لنشر العلم الشريف وإحياء هذه السنة المباركة ، وتسهيله للإخوة والأخوات حيث يقطنون ، لمدعاة فخر واعتزاز لها ولسائر العاملين المخلصين الساهرين على الحفاظ على هوية المسلمين وثقافتهم العربية والإسلامية ، في إسبانيا وفي كل مكان من العالم .

ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن ندعوا الله أن يثبت العلماء على بذلهم وعطائهم وأن يجزيهم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء ، وأن يلهم العاملين المخلصين ما ينفع الناس في دينهم ودنياهم آمين . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
                                                                                                   رياج ططري           

jueves, 16 de junio de 2011

هل بدأ التحول


هل بدأ التحول في أفكار الغربيين


لم تعد أفكار  المستشرقين وتلامذتهم هي المؤثر الوحيد في الأوساط الثقافية الغربية ووسائل إعلامه المختلفة . فقد ظهرت في الآونة الأخيرة طبقة من المفكرين والباحثين والصحفيين تمارس عملها من خلال وسائل الاتصال الاجتماعي من صحافة وإذاعة وتلفزة ، وتقدم نتيجة أبحاثها ودراساتها الميدانية من خلال مقالات أو تحقيقات أو مقابلات تصل إلى عدد غفير من الناس يفوق مئات الأضعاف قراء المستشرقين المعروفين ، خاصة وأن ظهور دراسات جادة طعنت في آراء كثير منهم في الآونة الأخيرة أفقدهم كثيراً من المصداقية .

وفيما يلي نستعرض بعض أفكار هذه الطبقة لنرى أهمية ما تقول ولنقف على التحول في أفكار الدارسين الغربيين من الإسلام .

فهم الإسلام وروحه :

يقول الصحفي الإسباني " خابيير بالينثويلا " مراسل جريدة الباييس أوسع الصحف الاسبانية انتشاراً وهو من عايش الأزمات العربية في مواقعها المختلفة ميدانياً ، فانتقل من المغرب العربي إلى مشرقه ، فعاش حرب لبنان والخليج وأمضى سنوات عديدة في طول العالم العربي وعرضه :

" إن الغرب استطاع أن يتطور نحو رؤية في التفريق النصراني بين ما هو لقيصر وما هو لله . ففي كلمات المسيح نفسها تسويغ للدولة العلمانية ، والتعايش مع العقائد الدينية كأمر شخصي مطلق ، إذ أننا لا نجد في الأناجيل أقل ما يمكن الدفاع به عن الدولة الثيوقراطية " الدينية " .

ولا نرى أي أثر في حياة المسيح يبرهن على أنه كان قائداً سياسياً أو يطمع بأن يكون كذلك ، ولم يخطط مطلقاً لثورة ضد سلطة الامبراطورية الرومانية في الأراضي المقدسة .

وليس الحال هكذا في القرأن ، ففي ثالث الكتب السماوية الكبرى ، يبدو بوضوح أن الله تعالى هو المهيمن على الدول كلها ، وبأن كافة الحكام يجب أن يحكموا باسمه ، كما هو الحال بالنسبة للرؤساء ورؤساء وزراء الدول الديمقراطية الذين يحكمون باسم شعوبهم المستقلة . ولإعطاء مثل على ذلك ، فإن محمداً لم يكن قائداً دينياً فحسب ، بل أيضاً رئيس أول دولة إسلامية " .

وكان المستشرق الإنكليزي المعروف " مونتغمري واط " قد أصدر كتاباً منذ مدة قريبة عنونه بـ " محمد نبي ورجل دولة " دلّل فيه على التلاحم بين الدين والدولة في الإسلام .

ويذكّر " جيل كيبل " ، الأستاذ في معهد الدراسات السياسية في باريس وعضو المركز الوطني للأبحاث العلمية في مقابلة أجرتها معه صحيفة اللوموند ، بضرورة إعارة المصطلحات الأهمية المناسبة حيث أكد بقوله :

" إن الأصولية والتكاملية مصطلحان مختلقان على الإسلام وينسبان إليه مع أنهما ينتميان لثقافات أخرى متباينة . فالتكاملية هي ظاهرة في عالم الكاثوليكية ، حيث أن الأب لوفيغر يعد تكاملياً .
أما الأصولية فهي تنتسب لمفردات البروتستانت الأمريكان الشماليين ، وظهرت في أوائل القرن الحالي بصدد الجدال المعارض للداروينية ، وعندما تطبق هذه الصفات على العالم الإسلامي فإن هذه العملية تخفي وراءها أكثر بكثير مما توحي به " .

وهذه التفاتة ذكية من الباحث الفرنسي كيبل ، فهو وعدد من أمثاله يطالبون بالاعتراف " بالمذهبية الإسلامية " والتعامل معها كثقافة مستقلة لها دورها الأساس وموضعها الطبيعي في عالمنا هذا .
وفي هذا الصدد يشرح بالنثويلا الموقف بقوله :

" إن المذهبية الإسلامية ، لا تخضع لأي من الهياكل الغربية ، بل تثير رفضاً لها من الأعماق . فلا يمكن شرحها من منظور الفكر الليبرالي الذي استلهمته الثورة الفرنسية ، ولا من المنظور الماركسي اللينيني الذي قاد الثورة الروسية .

وبما أنه لا يمكن شرحها من خلال هاتين الفرضيتين ، فإن الجواب السهل جداً بالنسبة للغربيين هو نعت رجاله وأتباعه بأنهم مجانين متعصبون وإرهابيون ورجعيون " .

الموقف من الإسلام وحقوق الإنسان :

وأما عن المؤشرات التي تحدد موقفاً ايجابياً من الإسلام فيقول بالينثويلا :
" ربما حان الوقت لإنجاز توسعة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، لكي تضاف إليه المشكلات الكبرى التي تواجه الإنسانية في نهاية هذا القرن . وربما

يكون هذا الطريق الكبير لإعادة بناء اليسار الذي يستطيع الحد أو التخفيف على الأقل من النتائج الممزقة التي ستحصل من جراء النصر المطلق للّيبرالية : التوحيد الشكلي للثقافة ، تقسيم الكرة الأرضية إلى شمال غني جداً ، محمي بجدار من التأشيرات ، والحواجز الألكترونية والصواريخ ، وجنوب فقير جداً فقد كل مؤشرات هويته ، ويحلم فقط بالتقاط فتات الخبز ، معرض للكوليرا ، وهو مصدر دائم للإرهاب والمشاحنات العسكرية ، والتحكم الوراثي الذي يجعل الكائن البشري آلة منتجة بشكل صناعي ، وفي ذلك خراب الأرض المحقق " .

ويشرح مدير معهد العالم الغربي في باريس " ادجاربيساني " في نفس الموقف ويطالب بصورة جديدة لحقوق الإنسان فيقول :

" إن المفهوم الحالي لحقوق الإنسان هو في النهاية نتاج تاريخي ، وبالتالي خاضع لأن يكون معدلاً . إذ أن المفهوم المتولد عن الثورتين الأمريكية والفرنسية يجنح بصورة كبيرة نحو الدفاع عن الفرد ، والآن جاء دور الاهتمام  بالدفاع عن الجماعة ، وبهذا الإطار يمكن استيعاب وإضافة حقوق الثقافات الأخرى المختلفة " .

 الدفاع عن الإسلام :

        أما الكاتب الاسباني المعروف " خوان غويتيسولو " الذي يمضي \اوقاته متوزعاً بين باريس ومراكش فإنه يصرح قائلاً :
        " إننا خاضعون لغسل دماغ كامل   ضد العرب والإسلام " .
        ويوجه النصح لضرورة معاملة الاسلام ، ديناً وثقافة ، معاملة تليق به ، والتعرف إليه من خلال مفكريه وعلمائه فيقول :
        " إن على المفكر واجب نقد ثقافته الذاتية ، وبالتالي عليه ترك نقد الثقافات الأخرى لمفكريها أنفسهم ، وأمام ثقافة غريبة ، من الحكمة العمل على اكتشاف ما يمكن أن تملكه من أشياء هامة " .
        وأما عن طبيعة الإسلام وقربه من أوروبا وصفاته التي تفوق قدرة الاحتواء والتهميش يقول غويتيسولو :

        " إن نظام الإسلام فيما يتعلق بالنصرانية أو العالم الغربي ، مختلفاً تماماً عن الأديان الأخرى والثقافات الأخرى ، وهذه الأخرى بعيدة جداً حتى أنه يمكن النظر إليها بنظرة الدهشة والاستغراب . أما الإسلام فإنه قريب جداً منا فكيف نستغرب منه ، وهو الجريء جداً والمتناسق والمتلاحم فكيف يمكننا مضغه أو اختزاله أو احتواؤه . هذا هو الجدل الدائم القائم بيننا وبين الإسلام " .


المستقبل للإسلام :

        وأخيراً .. يقول بالينثويلا : " في دار الإسلام لم يقضوا على الذات الإلهية ، وربما لهذا السبب نرى نحن بمنظارنا السلبية في التقدم المادي ، وتخلف المرأة المزمن وعدم احترام حقوق الإنسان كلها أمور سلبية بتقديرنا ورؤيتنا .
       
        ولكن الايجابية حصلت في الإبقاء على مبادئ الكرم حية ، واحترام كبار السن والحرية التي تمنح للأطفال ، والتوازن البيئي ، وتضامن الأسرة والجيران ، وفلسفة أننا نعمل لكي نعيش وليس العكس " .
        ويعلق توكيداً على كلام مالرو : " ربما يكون القرن الحادي والعشرون ديناً أولاً " . فيقول : " إن الإسلام هو وحده القادر على إعطاء البديل الصالح للبشرية بقيمه وتناسقه وتشريعه الحي " .

رياج ططري          

viernes, 10 de junio de 2011

الأمل والعمل


المجلس الإسلامي: الأمل والعمل
                                                                                      
أسس المجلس الإسلامي الإسباني، ليحقق أهدافاً منها وحدة كلمة المسلمين في إسبانيا، والسعي لتحقيق مصالحهم المشروعة والمقننة في التشريع الاسباني .

وكل مشروع لا يصاحبه الأمل في تنفيذ أهدافه مآله الفشل لامحالة إما بالمراوحة في عين المكان ، وإما بالتخبط في متاهات لا تمت بصلة لما يراد تحقيقه ، ويصبح بالتالي وبالاً على المسلمين بدل أن يجلب لهم النفع والخير .

ولعل العمل الرشيد الذي يرافقه الأمل بالوصول لما ينشده المجلس هو السبيل الذي يكفل النجاح لا محالة . كما أن العمل المقرون بأهداف معينة هادية في السير وضابطة له من أن يقع في أي خلل أو انحراف هي القادرة على جعله يسير بخطى ثابتة وئيدة نحو تحقيق مراده .

وسنتطرق إلى بعضها بايجاز :

- الانفتاح :

 المجلس يفتح أبوابه للمسلمين كافة ، بكل تياراتهم الفكرية والتنظيمية التي لا يرى الإسلام فيها رأياً سلبياً ، ولكن لا بد من ضوابط وقواعد يجب أن توضع عند قبول طلبها ، من منظور عادل ومنصف لحجمها ونشاطها والتزامها بأخلاق الإسلام وتعاليمه .

إذ لا يعقل أن يتصرف امرؤ ما بسلوك وأخلاق لا تمت إلى الإسلام بصلة ، ويترك دون محاسبة أو جزاء . كما لا يقبل أن نجعل من مؤسسة دينية إسلامية رهينة لمن يريد تحقيق مصالحه ومآربه الخاصة أو الفئوية ، ويدعي أنه يخدم الإسلام والمسلمين.

كما لا يجب السكوت على من يريد حرف بوصلة المجلس عن أهدافه التي قام من أجلها .. سواءً بتجيير عمله لحساب ليس له علاقة به أو بتسخيره لأمور هي أبعد ما تكون عن أهدافه وأغراضه .

لكل ما سبق لا بد من وضع نظام متكامل يحدد الشروط ويرسم القواعد التي تكفل السير على سكة أهداف المجلس وغاياته دون سواها .. ومع تحقيق كل هذا لا بد من البقاء على يقظة تامة من كل ما يمكن أن يحدث من خطأ أو انحراف شخصي أو جماعي .

- المشاركة :

سيعمل المجلس – بعون الله – على الاستفادة من الإمكانات المتوفرة كافة والطاقات المتخصصة للرفع من سوية أدائه إلى أعلى مستوى ممكن ..

ولكن هناك تحفظات يجب مراعاتها ، وهي أن المجلس يقوم أصلاً على العمل التطوعي المحتسب لرضوان الله تعالى .. فكما أن الجمعيات الاسلامية يسهر عليها أفرادها ويبذلون الغالي والرخيص لتقوم بأداء مهمتها على خير وجه وكذلك المجلس بأعضائه ومكوناته يقوم على التضحية والبذل بالجهد والوقت والمال .

غير أن سعة العمل والحاجة الملحة لأهل الخبرة والتخصص ممن سيبذل كل وقته في تحقيق أهداف المجلس الاسلامي يدفعنا إلى تفريغ بعض الأشخاص للقيام بهذه المهام التي تحتاج إلى متابعة ودقة مع الخبرة والدراية .

ومع هذا فإن تعيين هؤلاء يكون من طرف المؤسسة مراعية الشروط المعمول بها في هذا المجال .. ونحن ندرك بأن هذه الأمور حساسة وشائكة ولكن علينا الأخذ بالأسباب التي تجعلها مفهومة من قبل الجميع .

والمعروف شرعاً بأن الولاية لأمر ما لا تعطى لمن يطلبها ، إنما يرشح لها الكفوء من قبل من يعرفون إمكانات الشخص وقدراته . وأخذ بهذا كثير من التنظيمات المدنية والسياسية من أجل تلافي المحسوبيات التي تؤدي إلى الفساد دون شك . ولمن يعتقد بأن لديه الخبرة والكفاءة لأمر ما ، فما عليه إلا أن يرشح نفسه له  – لا أن يطلبه لذاته - ليخضع كما يخضع غيره لآلية الانتقاء التي يحددها المجلس .

- الشفافية :

سيعمد المجلس – بإذن الله – أن يكون شفافاً في أعماله كلها ، خطابه واضح يتوجه به للمسلمين والمجتمع على حد سواء .. خطاب وسطي مستلهم من روح الاسلام ونهجه وتعاليمه السمحة .

وستكون اجتماعاته مبرمجة ومعروفة المحتوى ، وتصدر عن مؤسساته البيانات التي تعبر عن رؤيته ومواقفه في القضايا التي يبدي الرأي فيها . ولن يعتمد المجلس إلا ما يصدر عنه ، أما الآراء والنقاشات التي تدور في اللقاءات الإدارية أو الفنية فتعبر عن رأي صاحبها لا رأي المجلس .. وإذا اتخذ المجلس رأياً ضمن الآليات المعمول بها فعلى الجميع تبنيها والعمل بها حفاظاً على وحدة الصف واجتماع الكلمة .

على أنه يجب التنويه بأن  " المجالس أمانات " ولا جدوى من نقل المناقشات التي تدور في اللقاءات خاصة وأن النقل يعبر عن فهم صاحبه للمسألة التي طرحت .. والذي يحفظ لنا سلامة القلب واللسان اللجوء إلى الوثيقة التي يصدرها المجلس يحدد فيها الاتفاقات التي اتخذها المجتمعون .

وأخيراً : لكي تكون الشفافية أمراً ملموساً والوضوح مسألة محسومة .. فعلى منسوبي المجلس أن يتقوا الله في أقوالهم وأفعالهم ، وأن يلتزموا بما اتفق عليه لأن  "المسلمين عند شروطهم " وأن يدعوا جانباً ما قد يفسد العلاقة بين أعضاء المجلس ، وأن يخلصوا للأهداف المتفق عليها ، والتي ينص عليها دستور المجلس ونظامه الداخلي .

فالأمل هو الذي يضيء لنا الطريق والعمل المخلص الدؤوب هو الذي سيفتح آفاق النجاح والخير للمسلمين كافة وللمجتمع الذي نعيش فيه ، ونحن جزء لايتجزأ منه ، والله الموفق .
  رياج ططري 

viernes, 3 de junio de 2011

التــنــظــيــم الإســــــــلامـي

 التــنــظــيــم الإســــــــلامـي
فوائده ومشروعيته
                                                                                                                                                                                                                   
يطلق على الجهد المبذول لدعوة الناس إلى الإسلام ، والالتزام بتعاليمه والعمل بمقتضى شرعه في الحياة الخاصة للأفراد والجماعات على حد سواء اسم " الدعوة إلى الله " ، كما يطلق على مجموع التنظيمات المختلفة سواء كانت حركات أو جماعات أو جمعيات أو أحزاب أو هيئات أو حتى مؤسسات وأفراد اسم " العمل الإسلامي " . والذي يقرأ كلام الله تعالى يستلهم من الآيات الكريمة في سورتي النحل والنمل معان كثيرة ، تدعو وتحث على التنظيم والعمل الجماعي المرتب :

1- قال الله تعالى : (وَأَوْحَىَ رَبُّكَ إِلَىَ الْنَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِيْ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوْتا وَمِنَ الْشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِّيَّ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا يَخْرُجُ مِنْ بُطُوْنِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَ فِيْهِ شِفَاءً لِلْنَّاسِ إِنَّ فِيْ ذَلِكَ لَآَيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُوْنَ) ( النحل : 68-69 ) .

2- ويقول عز وجل : (حَتَّىَ إِذَا أَتَوْا عَلَىَ وَادِ الْنَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا الْنَّمْلُ ادْخُلُوْا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُوْدُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُوْنَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكا مِّنَ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيْ أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِيْ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىَ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِيْ بِرَحْمَتِكَ فِيْ عِبَادِكَ الْصَّالِحِيْنَ) ( النمل: 18-19 ) .

ويتساءل قارئ هذه الآيات الكريمة عن علة اختيار السياق القرآني لهذه الكائنات الضعيفة من مخلوقات الله لضربها مثلاً .
وبقليل من التأمل والتفكير ، والنظر في حياة النمل ، يجدها مثال التنظيم ومنتهى ما يبتغي الإنسان في حياته الاجتماعية والجماعية من صور فيها التخصص والتنوع ، فيها الحماية وتوزع المسؤوليات ، وفيها تعدد الوظائف وتنوعها . أما حياة النمل فهي مثال التخطيط والتعاون ، والتناصر والحماية .. إنها أمم أمثالنا نحن بني الإنسان ، فهل نتفكر في هذه الكائنات الضعيفة التي ضربها الله لنا مثلاً في حياتنا الدعوية والتنظيمية ؟ .

إذا كانت الدعوة إلى الله واجباً على كل مسلم ، كل بقدر استطاعته ، فإن العمل الإسلامي المنظم ضرورة لتحقيق هذا الهدف ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وسواءً كان المسمى عاماً أو خاصاً ، فإنما يهمنا المحتوى بمعنى تنظيم العمل في سبيل الإسلام والدعوة إليه ، لذلك فعلينا أن نستعرض :

أولاً : مشروعية العمل الإسلامي المنظم .
ثانياً : فائدة العمل الإسلامي المنظم .

أما مشروعية التنظيم في العمل الإسلامي ، فإنها تكمن في أسلوب الدعوة إلى الإسلام ، فكل طريق يمكن بواسطته ايصال الإسلام إلى أكبر عدد من الناس ، نربيهم عليه ، تربية مركزة تدفعهم إلى القيام بما فرضه الله عليهم ، يجب علينا سلوكه لتحقيق هذا المقصد .

وبما أن الشرع الإسلامي لم يحدد لنا ، بل ولم يأمرنا باتباع أسلوب أو طريقة محددة في الدعوة والتبليغ والتغيير بها ، جاز لنا شرعاً ، اتخاذ أية طريقة نافعة في نشر الإسلام ومفاهيمه وقيمه ، وتغيير المجتمع بها ، شريطة البعد عن المحرمات الشرعية .

وأية حرمة شرعية في أن تتجمع فئة التي تدعو إلى الخير ، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر في جماعة أو هيئة . أو حزب أو جهاز ، وتكون كياناً موحداً منظماً فعالاً ومنتجاً في طريق الدعوة إلى الله تعالى .

إن تجميع الجهود من أجل الإسلام ، وتنسيقها بحكمة ، واختيار الطريقة الفضلى لتنظيمها ، ليس مجرد أمر مباح وجائز فحسب ، بل هو واجب ما دام يتوقف عليه تغيير المجتمع وتعبيده لله عز وجلّ ومجابهة الكفر المنظم تنظيماً دقيقاً .

أما فائدة العمل الإسلامي المنظم فنراها ماثلة أمامنا للعيان ، فقد أثبتت التجربة البشرية نجاح هذا الأسلوب ، بل واعتبرته مختلف الجهات الاجتماعية والتربيوية بل والاقتصادية الأسلوب الأنجع في تغيير المجتمعات باتجاه الخير أو الشر على حد سواء .

على أن هناك فروقاً جذرية بين التنظيم الإسلامي وغيره من التنظيمات ، وذلك نابع من طبيعة الاختلاف بين الإسلام والمبادئ الأخرى جوهرياً .

إن الصلة الروحية القائمة على أساس ايماني بين المسلمين ، التي تغشى تنظيمهم ، تختلف أصلاً وفرعاً عن التنظيمات الأخرى ، لأن غاية المسلمين مرضاة الله يعملون من أجل نوالها ، بينما يعمل غيرهم لمرضاة الناس . والمسلمون يحتسبون جزاءهم من الله تعالى ، بينما يطمع الآخرون بجزائهم من البشر .

وخاصية أخرى : في التنظيمات القائمة على الأفكار البشرية تتسلسل فيها الأفضلية حسب الرتبة في التنظيم وتصدر الأوامر فيها حسب الرتبة أيضاً .
أما الأفضلية في التنظيم الإسلامي فهي الأفضلية عند الله تعالى ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ) فلا يستطيع ذو رتبة أعلى في التنظيم أن يعتقد في نفسه أنه أفضل عند الله ممن هو أقل منه رتبة .

إن التنظيم الإسلامي هو : تجمع العاملين للإسلام في جماعة منظمة تعمل بتعاليم الإسلام وتجتهد جهدها في سبيل نشره والدعوة إليه بفعالية مؤثرة على المجتمع ، ضمن خطوط فكرية عقيدية وعملية واضحة توصلهم إلى الهدف المنشود ، هو نفس العملية التي قام بها الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الإسلام وإقامة دولته فوق الأرض .

ومسوغات التنظيم تقوم على مقدمات أساسية :

        أولاها : وجوب العمل لتطبيق الإسلام ، وهي مقدمة متحققة في مجموع التكاليف والأحكام التي أنزلها الله تعالى في كتابه الكريم ، ونفذها عملياً المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحبه من الرعيل الأول ، لكي يتمثلها المسلمون في حياتهم ، ودليله العقلي قائم منطقاً ، وإن القرآن الكريم صرح بذلك نصاً : ( شَرَعَ لَكُمْ مِّنَ الْدِّيْنِ مَا وَصَّىَ بِهِ نُوْحا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيْمَ وَمُوَسَى وَعِيْسَىْ أَنْ أَقِيْمُوْا الْدِّيْنَ وَ لَا تَتَفَرَّقُوٓا فِيْهِ ... ) الشورى: 12 .

وإن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وجهاده المتواصل في سبيل تحقيق الإسلام في مناحي الحياة المختلفة دليل كاف على ذلك .
       
        الثانية : عدم اختصاص هذا الوجوب بزمان أو مكان ، وهذه محققة أيضاً بالنص القرآني الكريم : ( هُوَ الَّذِيْ بَعَثَ فِيْ الْأُمِّيِّينَ رَسُوْلاً مِّنْهُمْ يَتْلُوْ عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيْهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوْا مِنْ قَبْلُ لَفِيْ ضَلَالٍ مُّبِيْنٍ * وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوْا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيْزُ الْحَكِيْمُ ) الجمعة :( 2-3 ) .
ومعنى ذلك بأن وجوب الدعوة يعم الزمان فليس هناك تحديد له ، ويعم المكان فلا تخصيص لمكان دون سواه ، وهذا الأمر نافذ إلى يوم القيامة .

        الثالثة : إن وجوب تطبيق الإسلام أصلاً متوقف على مجتمع ودولة لإقامة أحكام لا تمس الناحية الشخصية فحسب ، وإنما تشمل أحكام الإسلام وتنفيذ تعاليمه ، لأن هذه أحكام المجتمع والدولة ، ولا تقوم هذه الأحكام إلا بمؤسسات وأجهزة ةإدارة تنظم وتنسق لكي يسود الأمن والعدل بين الناس .

        الرابعة : أن يكون التظيم الإسلامي واجباٌ أو مقدمة مفوتة لواجبات تكليفية ، فالعالم الفقيه الذي يرى حرمة الخروج عن الجماعة وإن قلّت ، يقول بوجوب التنظيم . والذي لا يرى دلالة هذه الأدلة على الوجوب ، فيقول : بأن التنظيم مقدمة لتطبيق أحكام الإسلام فهو واجب .

أي إذا انحصر تطبيق الإسلام به ، فهو فرض عين ، وإن لم ينحصر به فهو فرض كفاية .
يقول ابن تيمية رحمه الله : " وكل ما أحبه الله  ورسوله من واجب ومستحب ، من باطن وظاهر ، فمن الدعوة إلى الله : الأمر به . وكل ما أبغضه الله ورسوله ، من باطن وظاهر ، فمن الدعوة إلى الله : النهي عنه . لا تتم الدعوة إلى الله إلا بالدعوة إلى أن يفعل ما أحبه الله ويترك ما أبغضه الله ، سواءً كان من الأقوال أو الأعمال الباطنة أو الظاهرة " ( مجموع الفتاوى 15/164 ) .


ثم يقول في شرعية العمل الجماعي : " وأما لفظ الزعيم " فإنه مثل لفظ الكفيل والقبيل والضّمين ، قال تعالى (وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيْرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيْمٌ ) ( يوسف : 72) ، فمن تكفل بأمر طائفة فإنه  يقال : هو زعيم . فإن كان قد تكفل بخير كان محموداً على ذلك ، وإن كان شراً كان مذموماً على ذلك .

وأما " رأس الحزب " فإنه رأس الطائفة التي تتحزب ، أي تصير حزباً ، فإن كانوا مجتمعين على ما أمر الله ورسوله من غير زيادة ولا نقصان فهم مؤمنون ، لهم ما لهم ، وعليهم ما عليهم ، وإن كانوا قد زادوا في ذلك ونقصوا ، مثل التعصب لمن دخل في حزبهم بالحق والباطل والإعراض عمن لم يدخل في حزبهم ، سواءً كان على الحق والباطل ، فهذا من التفرق الذي ذمّه الله تعالى ورسوله ، فإن الله ورسوله أمرا بالجماعة والائتلاف ، ونهيا عن التفرقة والاختلاف وأمرا بالتعاون على البر والتقوى ، ونهيا على التعاون على الإثم والعدوان " ( مجموع الفتاوى 11/92 ) .


 رياج ططري