domingo, 30 de septiembre de 2012

هزيمة بلا قاع


هزيمة بلا قاع



 ... في معركة حنين أمسك أبو سفيان بطنه ضحكاً على المسلمين، وهم يولون الأدبار، وقال مع قهقهة: لن يردهم سوى البحر ولغة أبو سفيان تلاقي نفس المصير اليوم؛ فهي تعاني من هزيمة بدون قاع.

 وأقرب الأشياء الثلاثة للإنسان هي: اسمه الذي به ينادى، ولغته التي بها ينطق، ودينه الذي به يعتقد، فهي أسوار الحماية الثلاثة.. والذي دفعني للكتابة أن المدير الطبي الهندي كان يتفقد ملفات المرضى عندي، فانزعج حين قرأ اللسان العربي في بلد عربي أمين، فأرسل لي يحذرني من ارتكاب مثل هذه الخطيئة الشنيعة مرة أخرى.

 وقلت في نفسي: تصور أن هذا الهندي الذي يرطن باللغة الإنجليزية المكسورة، كان في بلد آخر! تصور أنه في ألمانيا ويقول لطبيب ألماني أن يتجنب الكتابة باللغة الألمانية؟! في ألمانيا لم يكن يسمح لنا بلمس المريض (الألماني) قبل التمكن من اللغة الألمانية نطقاً وكتابة، وبالنسبة لي فقد أرسلوني إلى معهد (جوته) لتعلم اللغة الألمانية، على حسابي وليس حسابهم، فمن أراد قبض راتبه عليه أن ينطق لغتهم، أما عندنا فيُسخر من لغتنا وتنهب أموالنا! وهي ضريبة التخلف على كل حال، لأمة تعاني من الهزيمة حتى قاع اللاوعي! قصصنا مع الهنود والنيجيريين والطليان والفيليبينيين وأهل مدغشقر ونيبال…

 في أرض العروبة أكثر من أن تحصى. وأذكر العديد من الحالات، ونحن نفك الاشتباك بين طبيب نيجيري ومريض سعودي، حتى لا يصلح فتقاً في المكان الغلط، أو يستأصل مرارة بدون مبرر، أو يفتح على مكان الزائدة، والزائدة قد استؤصلت! وهي كوميديا تعجز عنها مسارح أثينا أيام سوفوكليس وصولون…

 وحين تبدأ الأمة تتكلم بغير لغتها، فهي تفقد ذاكرتها، كما قال توينبي عن كمال أتاتورك. قال توينبي: إن ذلك الرجل لم يفعل كما فعل النازيون مع الكتب في الساحات العامة، كما هو في ليلة برلين المشهورة مع اليهود عام 1938، أو كما فعل ملك إسبانيا فيليب مع الثقافة العربية؛ بل قام بما هو أدهى وأمر فقتل الحرف العربي بدون لمسه، حين قلب الحرف التركي من العربي إلى اللاتيني، وترك باقي المهمة للغبار والرفوف كي تلتهم كل التراث العثماني المخطوط بالحرف العربي في آلاف المجلدات خلال خمسة قرون، وبذلك أصبحت تركيا بين عشية وضحاها بدون ذاكرة! ولولا الروح الصوفية الذكية والتوقد الإيماني، لدخلت تركيا العلمانية وودعت الإسلام إلى غير رجعة، لكنها روح الإيمان التي تتقد من روح الله الذي لا تأخذه سنة ولا نوم

… وفي قناعتي أنه سوف يأتي اليوم الذي يبدأ الأتراك في مراجعة تاريخهم مع كارثة الانقطاع… ولنتصور أنفسنا اليوم ونحن نرطن باللغة الإنجليزية المكسرة، فتختنق الأفكار باختناق الكلمات، ونبقى بدون ذاكرة. إن اللغة هي ذاكرة الأمة، وهي اللاوعي العميق، وهي الذات… وصاحبنا الهندي لا يلام، لكن من يلام هو من استقدمه دون أن يشرط له استلام راتبه المغري بالنطق باللسان العربي.

 إنه حتى اللغة العبرية تم أحياؤها، في الوقت الذي تقتل فيه اللغة العربية، في خيانة ما بعدها خيانة. وابن خلدون تعرض لهذه الأزمة منذ أيامه، والفتح العربي يتقلص ويتراجع أمام حروب الاسترداد الإسبانية، فذكر أن المغلوب مولع بتقليد غالبه لاعتقاده بالكمال فيه، وهو ما يفعله الأطفال مع آبائهم، والعرب مع أميركا. واللغة هي لسان الأمة في التاريخ فإن هانت، هانت لغتها، وإن سمت وارتفعت انتشرت لغتها فقرأها قوم آخرون، حتى الجن الذين جاؤوا يوماً ينصتون للقرآن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به.. 

 ولولا القرآن لكان مصير العرب مثل مصير أهل الشيشان والدومينيكان، لكن القرآن منح الخلود للغة العربية، ولسوف تستعمل رغم تفاهة مناوئيها واضمحلال العقل العربي في بركة الضفادع… ويقول في هذا محمد إقبال إن من أراد أن يكتب وثيقة ويدفنها في الأرض فيقرأها الناس بعد ألف جيل، فليكتب باللغة العربية، فهي لغة الخلود من القرآن الخالد


lunes, 17 de septiembre de 2012

الثورة السورية


كيف يتعامل الغرب مع الثورة السورية؟

نتابع يوميا سيلا من التصريحات المتعلقة بالثورة السورية (الأزمة بحسب التعبير الدبلوماسي السائد)، يتطوع بإطلاقها حشد من الدبلوماسيين الأميركان والغربيين، وهو ما يثير حيرة المراقب العادي وأسئلته بشأن حقيقة موقف الغرب من الثورة السورية، لاسيما أن صراخ البعض وترديدهم لحكاية المؤامرة لا يكاد يتوقف.

بين يوم وآخر نسمع أحدهم يقول إن التدخل العسكري ضرورة، بينما يتطوع آخر برفض الفكرة، وثالث يقول إن الأمر قابل للتفكير، وهكذا دواليك.

يدينون المجازر بشكل شبه يومي ويكررون أن على النظام السوري أن يرحل، ثم يتحدثون عن الخلاف مع الموقف الروسي، لكنهم لا يقدمون أي شيء للثورة مما يمكن تقديمه دون قرار من مجلس الأمن، ذلك الذي يُتخذ ذريعة لرفض التدخل في الشأن السوري، الأمر الذي يمنح النظام فرصة الاستمرار في سياسة القتل والتدمير اليومية.
"
يذرف مسؤولون غربيون دموع التماسيح على الضحايا السوريين، ثم يشرعون في استعراض ما قدموه من دعم لهم. وحين تستمع إليهم لا يخطر ببالك غير أن تقول لكل واحد منهم "تبا لك، أهذه مساعدات تستحق الذكر؟

يتخذ الاتحاد الأوروبي قرارات يقول إنها تشدد العقوبات على نظام دمشق، في حين يعلم الجميع أنها لا تؤثر كثيرا عليه في ظل الدعم الإيراني السخي، ومعه الروسي، فضلا عن أن سياسة العقوبات هذه لم تجد نفعا مع إيران وقبلها العراق لكي تكون فاعلة في سوريا في ظل خطوط الإمداد الكثيرة، من دون أن يعني ذلك أنها لم تؤثر على الوضع الاقتصادي الذي يعاني الاختناق بفعل الكلفة الباهظة للمواجهة مع الثورة.

يذرف مسؤولون غربيون دموع التماسيح على الضحايا السوريين، ثم يشرعون في استعراض ما قدموه من دعم للسوريين. وحين تستمع إليهم لا يخطر ببالك غير أن تقول لكل واحد منهم "تبا لك، أهذه مساعدات تستحق الذكر؟!"، وهي التي لا تتعدى بضع عشرات من الملايين من الدولارات التي يسمع الناس بها ولا يرونها مع بعض أجهزة الاتصال كما يتردد دائما، وهي أجهزة تستخدم للمراقبة أكثر منها لدعم الثوار.

في ظاهر المواقف الغربية هناك قدر من التعاطف اللفظي، وهناك بعض فتات الدعم الذي يذهب الجزء الأكبر منه إلى اللاجئين (ما دفعته دول أوروبية لا يساوي أحيانا ما دفعه واحد من كبار المحسنين العرب للاجئين)، وهناك انتقاد دائم للمواقف الروسية والصينية والإيرانية وتحذير من استمرار الدعم العسكري (لاسيما الإيراني) مع إشارات لطبيعة ذلك الدعم وحجمه ونقاط مروره، وتحذير من بعضها كما هو حال الممر العراقي، لكن باطن تلك المواقف يبدو مختلفا إلى حد كبير، فثمة رفض قوي لأي شكل من أشكال التسليح الذي يعين الثورة على الحسم وليس مجرد الصمود.

لا نعني هنا بالرفض، رفض تزويد الثوار بالسلاح، بل عدم السماح للجهات الداعمة للثورة بتزويدها بالسلاح أيضا، أي أن هناك فيتو غربي على رفع سقف التسليح، وهذا الفيتو يكبل يد تركيا ويد بعض العرب أيضا، لأن أيا من هؤلاء لا يريد تحمل المسؤولية وإغضاب واشنطن والغرب.

لا يتوقف الأمر عند ذلك، بل يضاف إليه التركيز المفرط على مسألة الجهاديين في الثورة السورية. فبينما يتحدث العارفون عن نسبة لا تتجاوز خمسة في المائة في أعلى التقديرات (وهم مقاتلون متدينون ينتمي بعضهم للتيار السلفي الجهادي)، تصر الدوائر الغربية على رفعها إلى حد مذهل، حتى وصل الحال بجراح فرنسي إلى حد القول لوكالة رويترز إن نصف من عالجهم في حلب كانوا من الجهاديين.

ولا تكاد وسائل الإعلام الغربية تخلو في أي يوم من تقارير تركز على هذا الجانب، وبالطبع في سياق من تبرير رفض الدعم، بل في سياق من التخويف من الثورة ومآلاتها أيضا.

هناك إلى جانب ذلك العمل الاستخباري اليومي الذي تقوم به الأجهزة الأميركية والبريطانية لاختراق المجموعات العاملة في الثورة بدعوى تدريبها وتأهيلها لمرحلة ما بعد الأسد، وهناك بعض الاستقطابات التي تحول دون تشكيل قيادة موحدة للكتائب العاملة على الأرض، فكلما تحاور الغربيون مع ضابط كبير وأشعروه بالدعم "كبر رأسه" وفق التعبير الدارج وأصبح يتحدث كأنه زعيم الثورة.
"
هناك أيضا ذلك التركيز المفرط على مسألة السلاح الكيمياوي، وربما دخل هذا في الجانب المعلن من الدبلوماسية الغربية الذي يفضح عمليا نوايا الغرب حيال الثورة، والذي يركز على حماية الكيان الصهيوني أكثر من حماية الشعب السوري من المجازر والتدمير

في هذا السياق يأتي الإصرار الفرنسي على سبيل المثال على إيجاد دور لمناف طلاس رغم أنه لا يبدو أن هناك أحدا مقتنعا به في دوائر الثورة، مع أن الأمر لا يتعلق بشخصه، وإنما بعموم التدخلات التي تأتي بنية الاختراق أكثر من نية مساعدة الثوار.

هناك أيضا ذلك التركيز المفرط على مسألة السلاح الكيمياوي، وربما دخل هذا في الجانب المعلن من الدبلوماسية الغربية الذي يفضح عمليا نوايا الغرب حيال الثورة، والذي يركز على حماية الكيان الصهيوني أكثر من حماية الشعب السوري من المجازر والتدمير.

هذا هو البُعد الأهم، الذي تحدثنا عنه عشرات المرات، أعني البعد المتعلق بالمصلحة الصهيونية التي تركز على أسئلة المستقبل المتعلقة بسوريا، وحيث لا يريد الصهاينة مما يجري غير إطالة أمد المعركة من أجل تدمير البلد وإشغاله بنفسه لعقود.

لو أرادت واشنطن تغيير الموقف الروسي والصيني لما أعجزها ذلك، ولو أرادت مد الثورة بالأسلحة التي تعين على الحسم لما احتاجت إلى قرار من مجلس الأمن، ولكن مصلحتها في استمرار الوضع، أعني مصلحة الكيان الصهيوني التي تحكم قرار السياسة الخارجية في الولايات المتحدة.

من هنا يمكن القول إن تحولات موقف واشنطن والغرب مرتبطة بقراءتهم لتطورات الوضع على الأرض، إذ إن إمكانية تدخلهم المباشر في اللحظات الأخيرة للسيطرة على الأمور ليست مستبعدة، اللهم إلا إذا فاجأتهم الثورة بحسم سريع، أو فاجأهم النظام بانهيار مماثل أيضا.

لذلك كله تشعر بالازدراء من تلك الأصوات التي لا تزال تتحدث عن "المؤامرة الكونية" على نظام المقاومة في سوريا، لأن المؤامرة الحقيقية هي على سوريا بنية تدميرها. ومن يدمرها هو المسؤول وليس الشعب الذي خرج يطلب الحرية ويردد "سلمية"، "سلمية"، قبل أن يتساقط الآلاف من أبنائه شهداء في الشوارع والساحات، الأمر الذي اضطره إلى الدفاع عن نفسه بحمل السلاح.
ياسر الزعاترة

sábado, 15 de septiembre de 2012

شاهدت الفيلم


شاهدت الفيلم.. وهذه انطباعاتي .. 

بعد تردد طويل، قررت ان اشاهد مقاطع من فيلم الفتنة الذي يسيء الى الاسلام والرسول محمد صلى الله عليه وسلم، واعترف بأنني شعرت بالاشمئزاز والتقيؤ لما احتواه من تهجم رخيص، ولم اكن اتصور ان هناك انسانا يمكن ان يقدم على مثل هذا العمل، بغض النظر عن حجم احقاده على هذا الدين الحنيف ورسوله، الذي يجسد رمز التسامح والايمان واحترام ديانات الآخرين 
وانبيائها جميعا، الذين هم انبياؤنا ايضا.

لا اريد ان اكرر هنا البذاءات، والتطاول الهابط، خلقا وفنا، لهذا الفيلم المفبرك المستفز، وانا متأكد انه لو شاهده الملايين من المسلمين في مختلف انحاء العالم لكان رد الفعل الغاضب الذي شاهدناه في اليومين الماضيين من اقتحام للسفارات الامريكية وحرقها مجرد نزهة، واحتجاج ناعم.

من انتجوا هذا الفيلم يعرفون ماذا يفعلون، وخططوا للفتنة جيدا، وتوقعوا ردود الفعل الاسلامية والعربية الغاضبة، لأنهم درسوا النفسية الاسلامية، وحساسيتها تجاه هذا الأمر، مثلما وعوا جيدا مكانة الرسول لدى مليار ونصف المليار من اتباعه في مختلف ارجاء المعمورة.

الفتنة التي ارادوها، والضرر الذي خططوا لإلحاقه بالعالم الاسلامي ارتد عليهم، وعلى الولايات المتحدة الامريكية حاضنتهم، وعلى دبلوماسييها وسفاراتها في مختلف انحاء العالم.
' ' '
فإذا كان هدف هذه الفتنة احداث شرخ وصدامات بين المسلمين والمسيحيين في مصر وبلدان عربية اخرى، فما حدث هو العكس تماما، وشاهدنا الاشقاء المسيحيين يتقدمون المظاهرات الاحتجاجية امام السفارات الامريكية، جنبا الى جنب مع اشقائهم المسلمين، ولا نبالغ اذا قلنا ان بعضهم كان اكثر غضبا واستياءً.
ومن المفارقة ان هذا الفيلم المسيء والمقزز وحّد جميع ابناء الطوائف الاسلامية، وازال الخلافات والانقسامات التي استفحلت بينهم في الاشهر الاخيرة، على ارضية الأزمة السورية، والخلاف مع ايران. وكان لافتا ان العراقيين الأكثر انقساما، نزلوا الى الشوارع، سنة وشيعة، للتعبير عن غضبهم ضد الولايات المتحدة التي من المفترض ان تكون قد 'حررتهم' من الديكتاتورية.
احد حراس القنصلية الامريكية في بنغازي قال عندما سئل عن عدم دفاعه عنها والتصدي للمهاجمين الذين اقتحموها وقتلوا السفير وثلاثة من الدبلوماسيين الآخرين، انه كان متعاطفا مع هؤلاء، وانه عندما يكون خياره بين المهاجمين المسلمين الغاضبين المحتجين على اهانة الاسلام والسفير الامريكي وقنصليته، فإنه سيختار اشقاءه المسلمين، لان ولاءه الاول والاخير للرسول، وليس للقنصلية وسكانها.

ردة الفعل البسيطة العفوية هذه لا تفهمها السيدة هيلاري كلينتون، ولا معظم مراكز الابحاث والدراسات التي تزعم فهمها لشؤون الاسلام والشرق الاوسط، ولهذا كان استغرابها من ردة فعل الليبيين الذين 'حررتهم' قوات وطائرات بلادها وهجوم بعضهم على القنصلية مستغربا ايضا.

المسلمون شبعوا إهانات ولطمات حتى تورمت خدودهم، فتارة رواية، وتارة ثانية رسوم كارتونية، وثالثة حرق كتابهم المقدس، ورابعة التبول على جثامين قتلاهم وشهدائهم، وخامسة احتلال اراضيهم، وسادسة دعم تهويد أقصاهم، وسابعة الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة غاصبة محتلة فاجرة.

نأسف لوقوع قتلى بسبب الاحداث الدموية وردود الفعل الغاضبة، مثلما نشعر بالحزن والألم لاقتحام سفارات يجب ان تكون آمنة ومحمية وفق العهود والمواثيق الدولية، ولكن أليس احتلال الدول وقتل مئات الآلاف من ابنائها انتهاكا لهذه المواثيق ايضا؟
نحن لا نبرر القتل، ولا نشجع الفوضى، ونطالب بان تكون الاحتجاجات سلمية وحضارية في الوقت نفسه، ولكن كيف يتأتى ذلك عندما يكون جرح الاذلال عميقا غائرا نازفا، ويكون اهله من المؤمنين البسطاء المسحوقين الذين لا يجدون لقمة العيش لأطفالهم؟
' ' '
أليس من اللافت للنظر ان اعنف الهجمات على السفارات الامريكية وقعت في عواصم دول تحررت من الديكتاتوريات وانتخبت حكومات اسلامية، تعبيرا عن استيائها من سنوات القهر والهوان على يد حكام مدعومين من الولايات المتحدة الامريكية مثل الرئيس المصري حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي؟

هذا الفيلم البذيء، سيىء الاخراج والتمثيل، ربما يؤدي الى صياغة جديدة لمفاهيم قديمة حديثة، وتحالفات جديدة، ويضع قوى حاكمة امام اختبارات صعبة للغاية، وهي التي ما زال عودها طريا، وايامها في الحكم معدودة، وما زالت تتحسس طريقها وسط حقل من الالغام شديدة الانفجار، بعضها امني، وآخر اقتصادي، وثالث عقائدي.

لا احد يستطيع ان يتنبأ الى اين ستتطور الاحتجاجات، ومتى تتوقف، وحجم الخسائر السياسية والاقتصادية المترتبة عليها، ولكن ما يمكن التنبؤ به ان العالم الاسلامي لم يعد يسكت على الإهانات، فالشعوب الاسلامية يمكن ان تتحمل الجوع والبطالة، بل وحتى الحكام الديكتاتوريين الفاسدين، ولكنها لا يمكن ان تتحمل التطاول على دينها وعقيدتها ورسولها وصحابته الكرام.

وسط زلزال الكرامة هذا الذي يجتاح العالمين العربي والاسلامي، وتتصاعد فيه ألسنة اللهب من السفارات الامريكية والغربية، سيكتشف الحكام الاسلاميون الجدد ضخامة حجم مسؤولياتهم، وسيترحمون على ايامهم في المعارضة، فما اسهل المعارضة!

عبد الباري عطوان

miércoles, 12 de septiembre de 2012

الأقليات

        2012/09/09

لم تضطهد الأقليات السورية في الماضي. لو أخذنا الكرد لوجدناهم من مؤسسي الدولة السورية الوطنية، ومن الذين تولوا أعلى المناصب فيها: من أول رئاسة وزارة إلى أول رئاسة جمهورية وأول رئاسة أركان جيش. لم يتعرض الكرد للاضطهاد في بلاد تعرّب خلال تاريخها كرد كثيرون، كما تكرّد بالمقابل عرب كثيرون ضمتهم القبائل التي عرفت بالموالي. لكنهم عانوا الأمرين بدءا من عام 1963، عندما وضع النظام خطة بالغة اللؤم والإجرام قامت على فصل وتطويق مناطق يعيشون فيها عبر ما عرف بـ«الحزام العربي»، الذي أحل قبائل عربية محلهم، وبدل أسماء قراهم وبلداتهم، وجعلهم جسما غريبا ومعاديا في وطن كانوا دوما جزءا تكوينيا منه، خدموه بإخلاص وتفان كسائر المخلصين من أبنائه، بينما حرض بقية السوريين عليهم بذريعة أنهم غرباء غادرون يتحينون فرص الانقضاض على الوطن، ولا بد من تعريضهم لقمع مكثف ووقائي يسعى إلى الحد من أذاهم ويقضي على شرورهم.

مثلما حرض نظام العسكر البعثي الشعب ضد المواطنين الكرد من أبنائه، حرض جميع السوريين بعضهم ضد البعض الآخر، وأثار شكوكا مدروسة وموجهة بينهم، زرعت وعززت أحكاما مسبقة متنوعة ومؤثرة حيال الآخر، وسمت وعي العامة ولعبت دورا مهما في تكوين آرائهم ومواقفهم، التي صار من السهل على أهل النظام شحنها بأي قدر يريدونه من العداء حيال غيرهم من المواطنين. لم يستطع النظام كسب المواطنين، بعد دوره في هزيمة العرب وسوريا خلال عدوان يونيو (حزيران)، ولم يحقق أي وعد من وعوده بل حقق عكسها، فلعب لعبة «فرق تسد» الاستعمارية، ورسم استراتيجية كاملة لتمزيق المجتمع قامت على تأليب المواطنين بعضهم ضد بعض، واستغلال أي نقطة من نقاط الخلاف أو الاختلاف وجدها بينهم أو نجح هو في إحداثها، طائفية كانت أو طبقية أو فئوية أو مناطقية أو تاريخية، ولا غرض له غير تحويل مجتمع سوريا إلى جماعات متنافرة متصارعة يمنع عليها الالتقاء حول أي مبدأ جامع أو فكرة مشتركة غير تلك السخافات المتعلقة بصحة سياسات النظام وعبقرية وعصمة قائده الفريد من نوعه بين خلق الله، وحتمية الولاء له في سائر الظروف والأحوال، والانقياد له انقياد العميان باعتباره الأساسي والباقي الذي يدين الشعب الزائل والعديم الأهمية بذاته له بكل شيء، بما في ذلك وجوده.

هذه الاستراتيجية كانت جوهر سياسة النظام الداخلية خلال قرابة نصف قرن، وقد استمات لغرسها في وعي المواطنين بجميع وسائل السيطرة والتدجين، ليصير من الطبيعي أن يرى السوريون أي شيء يصدر عنه وكأنه أمر طبيعي لا يتسع عالم الواقع والاحتمالات لأي أمر طبيعي أو منطقي آخر سواه، بل إن سوريين كثرا صدقوا ما كان النظام يقوله عن خلود الأسد الأب، «قائدنا إلى الأبد»، وعندما مات مروا بأزمة حقيقية، أو أنهم لم يصدقوا أصلا أنه مخلوق يموت، واستمروا في الإيمان بخلوده، خاصة في بعض الأوساط التي كانت قريبة منه في الحرس الجمهوري، والتي كانت تسميه «المقدس».

حين بوغت النظام بوحدة الشعب خلال انتفاضته الأخيرة، لم يجد رأسمال قابلا للاستثمار غير ما زرعه فيه من فرقة وأحدثه من تمزق، فكان أول ما راهن عليه هو الطائفية، وقد تبين من أول يوم أنه رسم خطة محكمة الغرض لإثارة نعراتها، فكان يرسل الأمن إلى القرى المسيحية والعلوية لتخويفها من جيرانها السنة، ويرسل إلى القرى السنية من يخوفها من جيرانها العلويين والمسيحيين، ويعلن في الحالتين استعداده لحراسة الخائفين، أي لاحتلال قراهم وبلداتهم للسهر على إثارة عوامل التفجر والاقتتال بينهم. هذا ما فعله مثلا في الغاب، حيث خوف أهل الصقيلبية المسيحية من جيرانهم أهل قلعة المضيق السنة، وبالعكس، حين ذهب وفد من الصقيلبية إلى قلعة المضيق لاستيضاح الأمر، التقوا في الطريق بوفد من القلعة آت إليهم لمعرفة الأسباب التي تدفعهم إلى مهاجمة بلدتهم. عندما تبينت حقيقة ما جرى للوفدين، عاد كل منهم إلى بلدته محاولا التخلص من المخابرات التي انتشرت فيها.. وفي النهاية، عندما فشل النظام في إثارة الناس بعضهم ضد بعض، بطش بأهل القلعة، التي لم يجد قسم كبير منهم مكانا يذهبون إليه غير منازل إخوانهم وأصدقائهم مسيحيي الصقيلبية.

لم ينجح النظام في إثارة فتنة طائفية بين السوريين، رغم ما وزعه من سلاح ونشره من أكاذيب. في الآونة الأخيرة، بدأ خوف الناس من المستقبل يتراجع، ووقع تحول حقيقي في مواقفهم من السلطة وسياساتها، وصدرت مواقف واضحة عن جهات كنسية مهمة تدين العنف وتطالب بوقفه وبإيجاد حل يلبي مطالب الشعب، ونشرت أرقام فائقة الدلالة حول حجم مشاركة العلويين والمسيحيين والدروز في الحراك الثوري، وحصتهم الوازنة من قتل وقمع السلطة، وشروع بعضهم في تشكيل كتائب للجيش الحر أو للمقاومة الشعبية، ودورهم في إغاثة السكان داخل المناطق المنكوبة وخارجها، بينما انخرط أهل السلمية الإسماعيليون في الحراك بقوة وكثافة منذ بدايته، وتعرضوا لحملات قتل وقمع متتابعة، حتى إنهم تحركوا قبل مدينة حماه، ولعبوا دورا مهما في تحريكها.

يعرف السوريون اليوم فضائح وفظائع حقيقية عن سياسات النظام التمزيقية والتفريقية، ويشعرون بأهمية انتمائهم المشترك بالنسبة إلى نجاح مطالبتهم بالحرية أو إسقاط نظام العنف الفئوي، الذي ورط أبرياء من طوائف وفئات مختلفة في سياسات ألحقت بهم أفدح الضرر، لكنهم يكتشفون اليوم أن علاقاتهم وأحوالهم قبل النظام كانت أفضل بكثير منها بعده، وأنهم لم يكونوا مضطهدين قبل السلطة الحالية، وأن ظاهرة الطائفية كانت في طريقها إلى التلاشي والاختفاء أمام روح وطنية جامعة، في حين جعل هو الطائفية حامل نظامه وأداة لقتل أي وطنية عليا تضم الجميع تحت لوائها من دون تمييز أو تفرقة.

ليس تاريخ سوريا مع النظام غير تاريخ الاضطهاد الذي مارسه ضد جميع مكوناتها الوطنية والدينية والإثنية؛ تاريخ إحياء العصبيات المتخلفة والدنيا، التي كانت تتراجع وتذوب، فليس من الخطأ إطلاقا القول إن الأقليات لم تعرف الاضطهاد قبله، وإن اضطهادها سيزول بزواله، وإنه ستقوم بعده علاقات ندية بين المواطنين جوهرها احترام خياراتهم الشخصية وحمايتهم قانونيا وتربيتهم على خيارات عامة تحفظ النسيج الوطني وتعزز تماسكه.

سينتهي اضطهاد الأقليات بنهاية نظام الفتن الطائفية وتوريط السوريين في نزاعات وصراعات كانوا يتجاوزونها بنجاح، وإلا لما صار حافظ الأسد وأعداد هائلة من الشباب العلوي ضباطا في الجيش، ولما تمكنوا من المشاركة في قلب السلطة والاستيلاء على الحكم. وستنتهي الأقليات والطوائف، لأن النظم الديمقراطية لا تقر بوجود أقليات غير سياسية، وترى في الطائفية مجرد انتماء خاص إلى مذهب ينضوي تحت الانتماء العام إلى المجتمع والدولة ولا يحل محله أو يراه بدلالته. عندئذ، سيكون للمواطن الحق في أن يكون من طائفة معينة من دون أن يكون طائفيا، وستشرق شمس زمن سوري جديد لن يعرف التمييز بين المواطنين، وسيحمي القانون حقوق السوريين المتساوية مهما كانت خياراتهم الخاصة أو الذاتية، وستواصل سوريا مسيرتها نحو المجتمع الواحد، الحصين ضد الفرقة والتمييز والانقسام، وسينقلب ما فيها من تنوع إلى مصدر ثراء وطني لا ينضب. عندئذ، سيعرف السوريون أن نظام الأسد لم يحمهم بل عرضهم لأفظع الأخطار وتلاعب بحياتهم ومصالحهم، وأنهم لا حماية لهم خارج الحرية والعدالة والمساواة.



ميشيل كيلو

sábado, 1 de septiembre de 2012

وفاة كاردينال بارز


وفاة كاردينال بارز لدى الفاتكان دافع عن الإسلام من قلب الكنيسة


إيطاليا: عبد المجيد الفرجي
السبت 01 /08/ 2012



أعلنت وكالة الأنباء الإيطالية قبل قليل، نبأ وفاة الكاردنال كارلو ماريا مارتيني، أحد أبرز رجال الدين الكاثوليك بالفاتكان، والذي كان يدعو إلى تعزيز الحوار مع الإسلام، حيث كان يشرح تعاليمه للمسيحيين، بشكل "غير ملتبس"، بنظر مهتمين، وهو الأمر الذي يدفع البعض إلى الشك في اعتقاد الرجل بوحدانية الله، وإيمانه بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم خاتما للأنبياء والرسل، كما هو الشأن للبابا يوحنا الذي يظن البعض (كما عبر عن ذلك عالم من جامع الأزهر بمصر، حسب تعبيره الشخصي) أنه كان يخفي إعتقاده بوحدانية الله وبأن محمد رسول الله.

يشار أن الكاردنال كارلو ماريا الذي يمثل تيار الإصلاحيين بالكنيسة الكاثوليكية، كان من بين المنافسين على منصب البابوية لبنديكس السادس عشر، الذي يمثل تيار المحافظين بنظر عدد من المراقبين.
وكان لخطاب ألقاه الكاردينال كارلو ماريا بكاتيدرائية ميلانو في السادس من دجنبر 1990، وقع كبير في صفوف عدد من المسلمين، حينما تطرق في حديثه إلى التعريف بأركان الإسلام الخمسة، وسماحته، واعتبر "أن الجهاد ليس هو الحرب"، و"إنما جهاد النفس"، وأن "الشريعة قانون اجتماعي ومدني جزء لايتجزا من الدين"، حسب تعبير الكاردينال الراحل كارلو، الذي كان أحد الأصوات التي كانت تميز بين الإسلام كدين متكامل، وسلوكات المنتمين له كما هو ظاهر في إحدى مقالاته، الصادرة في أكتوبر 2009

وفي سياق متصل قال عبد الله مشنون، المغربي المقيم بإيطاليا، سفير السلام في قسم الأديان والحضارات التابع للأمم المتحدة، لـ هسبريس (قال) بعد تقديمه العزاء باسم الجالية المقيمة بشمال إيطاليا: " لم يثبت أبدا أن الكاردنال نعت الإسلام بدين تطرف، بل كان يؤكد دائما أن الإرهاب ليست له ملة أو لون"، مضيفا "كان دائم الحضور في موائد الحوار، ومن محبي السلام والتعايش مع الآخر".
وصرح المتحدث نفسه لـ هسبريس قائلا: "لقد فقدنا أحد أصدقاء المهاجرين والأجانب، بالنظر إلى مواقفه المشرفة اتجاه قضايا الهجرة".