martes, 19 de noviembre de 2013

عبد الرحمن: لا أرى بين المسلمين إلا فراغَ الفكر وقحطَ الروحِ



هسبريس - هشام تسمارت
الاثنين 18 نونبر 2013 - 14:45
رغمَ إقلالهِ عن الظُّهور منذ عودتهِ من رحلات العلاج بالولايات المتحدَة، لمْ يتخلفْ فيلسُوف الأخلاق المغربِي طه عبد الرحمن، أمسِ الأحد، عن حضور موعدٍ جمعهُ بثلَّة من الباحثِين ضواحيَ الربَاط، فِي ورشَة نظمهَا مركز مغارِب للدراسات فِي الاجتماع الإنسانِي.
صاحب "سؤال الأخلاق" لمْ يبدِ مرتاحًا لمَا آل إليه وضعُ الإنسان، الذِي تحول إلى آلة، مطلقًا تحذيرهُ ممَّا يرافق ذلك من تجلٍّ وَتجزيء، وخفضٍ للوجود الإنسانِي في صورة تسائلُ السبل الممكِنة لتجدِيد الإنسان وإحيائه، وإخراجهِ من وضعِ الآلة إلى نطاق الآية، يقول طهَ عبد الرحمن.
الفيلسوف المغربِي أوضحَ أنَّ نقل الإنسان من وضع الآلة، الذِي أضحَى عليه اليوم، يتمُّ على عدة مراحل أولها إخراج الإنسان من وضع السلعة إلى ما يناقضُها؛ باعتبارهِ هبة ذَات قيمةِ تحظَى بالتكرِيم، ثمَّ نقل الإنسان من وضع المعلومة إلى نقيضها، أيْ وضع النفخة التي مبناهَا الفطرة والحقيقة، على اعتبار أنَّ الأخذَ بتلكَ المعانِي، من شأنهِ أنْ يرفعَ الإنسانَ ووجودَهُ، لما يترتبُ عنهُ من تكامل.
المفكر ذاته رصدَ ما عرفهُ الإيمان فِي الحضارة الإنسانيَّة من تحول بانتقالهِ من رسمٍ إلى نقلٍ فَوهم، حيث يستغنِي الرسمُ بالقشور عن اللب، ويسوِي النقل بين الإيمان وعدمه، فيما يجعلُ الوهمُ الإيمانَ خاضعًا للهوَى، وهيَ عناصرٌ قال المتحدث إنهَا تعطلُ الحقيقة الإيمانيَّة.
الفيلسُوف المغربِي أوضحَ أنَّ التجديد يكونُ بإخراج الإيمان من الرسم إلى نقيضه، ممثلًا فِي الروح الوجودِي، وبإخراج الإيمان من وضع النقلِ من الأعمال إلى وضعِ الحاجة الإنسانيَّة، التِي لا محِيد عنها. وكذا إخراج الإنسان من وضعِ الوهم الزائف إلى الوضع الجماعِي، الذِي يتحققُ فيه الإيمان كقيمةٍ فِي الوُجود.
فِي المنحَى ذاته، زاد الأستاذ عبد الرحمن أنَّ هناك حاجةً إلى تجدِيد الإنسان بإنشاء الإنسان الموسع، موازاةً مع تحقيق إيمانٍ مشغل وفعال، ذاهبًا إلى أنَّ تحقيق الإنسان الموسع والإيمان المشغل، لا يتحققُ إلَّا بتحصيلِ يقظةٍ رُوحيَّة وفكريَّةٍ شاملة، "لكن، ويا للأسف لا نرى بين أضلعنَا نحن المسلمِين، إلَّا فراغًا فكريًّا وقحطًا روحيًّا.
عبد الرحمن أردفَ في سياقِ قراءته لما يعتملُ في الساحة، حاليا، أَنَّ خطاب الدعوة والفتوَى، اكتسحَ مجال الفكر والروح، وهو خطابٌ لا يمكنُ أنْ يواجهَ التحديات التي أفقرتْ الإنسان وعطلتْ الإيمان، ولا تأسيس فضاء فكرِي وروحِي يكون أوسع من الفكر المادِي الذِي أنتجَ تلك التحديات.
وفي مضمَارٍ ذِي صلة، أردف المفكر المغربيُّ، أنَّ الإشكال الكبير، في يومنا هذا، يكمنُ فِي كيفيَّة جعلِ إبداعنا الفكرِي والروحِي يوسعُ إنسانيتنَا، ويوسعُ الإنسانيَّة بوجهٍ عام، وكيفَ نجعلُ إبداعنا الفكرِي يشعلُ إيماننا من جهةٍ أخرى، لأنَّ الآفتين الخطيرتين المهددتين للإنسانية لا تخرجان عن الإيمان المعطل والإنسان المضيق.
في غضون ذلك، قال عبد الرحمن إنَّ هناكَ أربعة شروط ضرورية للإبداعِ، أولهَا أنَّ لا إبداع من غير تخلص الباحث من عقدة النقص، فِي احتقاره لنفسه وتعظيمه لغيرها، بحيث لا يمكن للإنسان أن يبدع دون أن يكون واثقًا من نفسه.
أمَّا الشرطُ الثانِي فيظهرُ أنَّ لا إبداع من غير أنْ ينمِّي الباحثُ أفكارهُ ونتائجه على قاعدة المجال التداولِي الذِي يختصُّ به، فِي عمدهِ إلى استنباطِ الاستدلالاتِ والإشكالات، انطلاقًا من حقله، بالنظر إلى كون الإنسان موصُولًا غيرَ مفصولٍ، فِي الوصلِ الذِي ينعكسُ على صلته بالآخرين.
ثالثُ تلك الشروط يقوم، فقَ عبد الرحمن، على ما مؤداهُ أنَّ لا إبداع من غير تجاوز الإحاطة بالمضامين الفكريَّة والمعرفيَّة المنقولة، والتمكن من الآليَّات التِي صيغتْ بها، على اعتبار أنَّ الأصلَ في النصِّ مفاهيمه واستدلالاته.
زيادةً على ذلك، يقول فيلسوف الأخلاق إنَّ الشرطُ الرابع يفرضُ تقديم بدائل، لأنَّ لا إبداع من دون القدرة على تصور الأخيرة، التي أضحَى تقديمها نادرًا اليوم، ضاربًا المثل بالإعلام، الذِي غالبًا ما يلجأ إلى محاكاةِ أفكار برامج أخرى، فِي سياقٍ أضحتْ سمته الجوهريَّة فقدان القدرة على التخيل، "ومشكلَة الأمَّة أننَا لمْ نعدْ نعرفُ طريقًا إلى الإبداع" يقول عبد الرحمن.
وعن كون العلمانيَّة متخفيَّة فِي العلم، قال عبد الرحمن إنَّ العلمَ انبنَى أساسًا على العلمانيَّة، لأنَّ أولَ من فصلَ بين العلم والإيمان هو ابن رشد، فأصبح العلمُ مستقلًا منذُ ذلك الحين عن الإيمان، وَأصبحنَا نسمعُ ما مفادهُ أنَّ لا أخلاقَ فِي العلم، فلمْ يعد العالم يشغل بالآيات بقدر ما يشغل بالظواهر، فوقعَ طلاقٌ مع المعالجة الآياتيَّة.
التصورُ المذكور ليسَ علميًّا حسب المفكر، وإنمَا تصورٌ إيديلوجِيٌّ، فضلًا عن كونه قرارًا تعسفيًا ينقطعُ عن مساءلَة ما وراء الظاهر ومخاصمة الحقيقة الإلاهية، بالرغم من الإقرار بوجود حاجةٍ لدى الباحث إلى الحديث عن مستويات الواقع.
إلى ذلك، خلُصَ المفكر إلَى أنَّ لا وجودَ لفكرٍ إسلامِيٍّ حديث، منبهًا إلى اعتبار البعض الإسلامَ مجردَ فقهٍ ودعوة، فيما يستدعِي الفكر خلقَ خطابٍ استدلالِي على القضَايَا العقديَّة.
"الموجود لا يتجاوز الخطاب الوعظِي الإرشادِي، القائم على دغدغة العاطفة، وهو ما لا يمكنُ أنْ يُسْتعان به لمواجهة الخصم، "الساحةُ أحوج إلى الفكر منها إلى الموعظة". يزيد المتحدث.
وبشأن ما يثارُ حول عودة الدين بقوة إلى الواجهة، لمْ يبد عبد الرحمن آبهًا، لما قالَ إنَّها روحانيَّات بلا إله فِي كثير من مناحيها، وانتشارٍ لجماعات متطرفة، فِي الوقتِ الذِي كان جديرًا بالمسلمِين أنْ يضعُوا تصورًا للإيمان يخرجُ الإنسانيَّة من التِيه الذِي تتخبطُ فيه، لوْ أنهم قعدُوا لنظريَّاتٍ أخلاقيَّة إسلاميَّة.

domingo, 24 de marzo de 2013

بيان إلى الشعب السوري العظيم



بيان إلى الشعب السوري العظيم

بسم الله الرحمن الرحيم

شعبَ سورية الصابرَ المجاهد .. سلام الله عليكم وبعد ؛
فإننا نُذبح تحت سمع العالم وبصره منذ عامين ، من قِبل نظام متوحش غير مسبوق.
كثيرون هم من قدَّموا يدَ عون إنسانية صرفة ، ونشكرهم جميعاً.
إلا أن هناك واقعا مراً وهو ترويض الشعب السوري وحصارُ ثورته ومحاولة السيطرة عليها.
كل ما جرى للشعب السوري من تدمير في بنيته التحتية ، واعتقال عشرات الألوف من أبنائه ، وتهجير مئات الألوف ، والمآسي الأخرى ليس كافياً كي يُتخَذ قرارٌ دولي بالسماح للشعب أن يدافع عن نفسه.

من هو مستعد للطاعة فسوف يدعمونه ، ومن يأبَ فله التجويع والحصار. ونحن لن نتسوّل رضا أحد ، وإن كان هناك قرار بإعدامنا كسوريين فلنَمُت كما نريد نحن، وإن باب الحرية قد فُتح ولن يُغلق ، ليس في وجه السوريين فقط بل في وجه كل الشعوب.
لقد أضاع النظام برعونته أثمن الفرص من أجل مصالحة وطنية شاملة ، وحاولت العديدُ من الجهات الدولية والإقليمية جرَّ المركب السوري إلى طرفها.

رسالتنا إلى الجميع أن القرار السوري سوف يتخذه السوريون ، والسوريون وحدَهم.
وكنتُ قد وعدت أبناء شعبنا العظيم ، وعاهدت الله أنني سأستقيل إن وصلت الأمور إلى بعض الخطوط الحمراء ، وإنني أبَرُّ بوعدي اليوم وأعلن استقالتي من الائتلاف الوطني ؛ كي أستطيع العمل بحرية لا يمكن توفرها ضمن المؤسسات الرسمية. وإننا لَنفهمُ المناصب وسائلَ تخدم المقاصد النبيلة ، وليست أهدافا نسعى إليها أو نحافظ عليها.

سنتابع الطريق مع إخواننا الذين يهدفون إلى حرية شعبنا ، وستكون هناك رسائل وتفاهمات مع كل الأطراف التي تشاركنا الآلآم والآمال.
قليلاً من الصبر يا شعبنا .. أليس الصبح بقريب ..

والسلام عليكم ورحمة الله

أحمد معاذ الخطيب

martes, 12 de marzo de 2013

الجاليات الاسلامية في الغرب



الجاليات الاسلامية في الغرب والأوضاع في العالم العربي
د. كمال الهلباوي

2012-12-30



سافرت الى أسبانيا يوم الجمعة 21.12.2012 لحضور مؤتمر إتحاد الجمعيات الاسلامية في فالينسيا ( بلنسية ). جاء سفري في اليوم السابق على الجولة الثانية من الاستفتاء على الدستور يوم السبت 22.12.2012.
وكنت قد استفتيت في الجولة الاولى في القاهرة في الاسبوع السابق.
قبل الحديث عن المؤتمر والأوضاع في مصر والعالم العربي أود أن أعبر عن شكري للدكتور باسم يوسف الناقد الفذ الذي يفضح التقصير والنفاق بروح مرحة وجميلة في مصر دون إنحياز أو تعصب أو خوف أو تردد.
وقد تألمت وأتألم إذ أن بعض الإسلاميين يظنون أن الأمر قد إستتب لهم بالإستفتاء على الدستور بكلمة نعم وإستكمال مجلس الشورى بالتعيين وتحويل مساره ليكون هيئة تشريعية ونقل سلطة التشريع له مؤقتاُ حتى يتم إنتخاب مجلس شعب (برلمان جديد) ولكن الأمر لن يستتب في مصر حقاً إلا إذا رجع الشعب إيد واحدة وساد الإنصاف والمساواة والحريات ومراعاة حقوق الإنسان كاملاً أياً كان إنتماء ذلك المواطن بعيداً عن الإتهامات الكاذبة والتعصب الأعمى والتصنيف الخاطئ في ظل التنوع والإختلاف.
الانقسام الحاد والاستقطاب لازال ظاهرة واضحة في المجتمع المصري وقد تستمر لعدة سنوات حتى تهدأ الأمور، ويدرك الجميع في السلطة وفي المعارضة، أن الوطن يستحق أداءً أفضل في ظل ديموقراطية واعية وتنافس سلمي على السلطة.
لم يهدم الصحابة ولا السلف الصالح - رضوان الله تعالى عليهم- في غزواتهم الكنائس ولا المعابد(لكم دينكم ولي دين) ولو أمنا بذلك حقاً لأحترمنا دور العبادة، ولأصبح الإخاء الإنساني حقيقة واسعة وكانت الحروب والصراع إستثناءاً ولتعمقت حقوق الإنسان ولأدركنا مغزى كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه (الناس إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق).
بعيداُ عما حدث في أسبانيا وبعيداُ عن ما حدث في الحروب الصليبية وما حدث في غيرها من حروب وأخطاء وقع فيها الجميع فإن ما يحدث في سورية اليوم من مجازر بين المسلمين أنفسهم وماقد يحدث أكثر بسبب الطائفية والعرقية- لا يكاد يصدقه عقل.
المواطنون يذبحون بعضهم بعضاُ من الوريد إلى الوريد وكأنهم طيور أو ماعز.
وما يحدث في الصومال منذ سنوات بين مواطنين مسلمين وبعضهم من الإسلاميين وتحت حكومة إسلامية لا يكاد يصدقه عقل. خشيتي على مصر والعالم العربي كبيرة رغم الفوارق الثقافية والحضارية ولكن معظم النار من مستصغر الشرر.
إن كل اللذين قالوا 'نعم' أو قالوا 'لا' لا يتجاوزون ثلث من يحق لهم التصويت.عجز الجميع عن تحريك الغالبية ولا ينبغي المقارنة في الإستفتاءات بين ماقبل الثورة ومابعدها.
أفيقوا أيها العقلاء.الشرعية التي تتكلمون عنها هي شرعية الأقلية التي عمقت الإنقسام المجتمعي في وطن جريح ظل ينزف بقوة 30 سنة أو أكثر.العقل العقل يامن قال نعم والصبر الصبر يا من قال لا، مصر أكبر من كل أولائك.والدين أكثر رحابة وسماحة مما يفعل بعضهم.
ومن الظواهر الشاذة والخطيرة التى تعد من الفوضى - وليس الحرية ـ أن تمتلك جماعات بشكل جماعي أسلحة ولو مرخصة، ومن ذلك حصار مدينة الإنتاج الاعلامي والدستورية، والاتحادية وما صاحب ذلك من أعمال عنف تصل الى حد الإرهاب، ومن ذلك ايضا إحراق مقرات الاخوان، وإحراق مقر حزب الوفد، ومحاصرة النائب العام الذى جاء تعيينه من رئيس السلطة التنفيذية، والاعتداء على المستشار الزند، وإستقالة النائب العام ثم تراجعه تحت ضغط ولكن للحفاظ على هيبة القضاء، ومن التحديات والفوضى ايضا استحلال هيبة الدولة أو غيابها، وتصريحات البرهامي ضد مواقف الازهر، ومن ذلك ايضا، تصريحات المرشد في الرسالة الاسبوعية التي أثارت ضجة في القوات المسلحة عندما قال: جنود مصر طيبون لكنهم يحتاجون الى قيادة رشيدة توعيهم بعد أن تولى أمرهم قيادات فاسدة.
فجاءت الردود قوية من وزير الدفاع مما أدى ببعض الاخوان المسئولين وبالمرشد نفسه ان يحاول الخروج من المأزق الذي وضع نفسه ووضع الجماعة فيه.
وعلى مستوى دول الخليج كان هناك مؤتمر القمة الخليجي الثالث والثلاثين في المنامة بالبحرين، وكم كانت صادمة تصريحات وزير الخارجية السعودي عندما قال: إن إيران لم تكف عن التدخلات في الشؤون الخليجية وفي الشؤون الداخلية للدول العربية لإثارة الفتنة، ولا يقبل أحد أي تدخل من إيران او غيرها في شؤون الدول الاخرى، ولكننا نسأل الامير فيصل عن الوجود الامريكي في الخليج بهذه الكثافة دون إشارة واحدة من مؤتمر القمة الخليجي الى ذلك الاحتلال وتلك القواعد العسكرية الامريكية ولا متى سترحل، ولكننا اعتدنا تلك التصريحات من وزير الخارجية السعودى في مثل هذه الأزمات عندما صرح بأن مواجهة حزب الله في لبنان لإسرائيل كانت من قبيل المغامرات غير المحسوبة.
وفي المملكة العربية السعودية أيضاً رأينا بعض المحتسبين والمنتسبين إلى هيئة كبار العلماء وهم يحذرون وزير العمل السعودي بالدعوة عليه شهراً كاملاً في الحرم وأن يصيبه الله تعالى بالسرطان إذا قام بتوظيف النساء حتى في محلات الملابس والأدوات النسائية ولم يمنعهم من العمل خشية التحرش بالزملاء من الرجال أو المشترين.
أما على الساحة العراقية فلا يزال الأمر خطيرا منذ الاحتلال الامريكي لبغداد في 2003 وإعدام صدام حسين الذى لم ينه التحديات ولا المشكلات، ولم يستتب معه الامن المنشود ولا الوحدة الوطنية المطلوبة، مما يشير الى خطورة الامر خصوصا عندما نتخلص من الديكتاتوريات العربية بمساعدة خارجية لدول لها مصالح في بلادنا.
والوضع في سورية حتى بعد زوال الاسد ونظامه بإذن الله تعالى، وقد يتم ذلك ـ للأسف ـ على اطلال بل وحطام سورية مما يجعل سورية كيانا ـ بعد التحرير ـ لا يستطيع حراكا حراً وكاملا، إذ ان جميع الاطراف خاسرون، والمستفيد فقط من الصراع هم أعداء الأمة.
ونحن نشهد صراعاً شبه عالمي في سورية بحضور روسي وأمريكي وكأن ذلك عودة إلى الحرب الباردة التى عانت منها الدنيا بأسرها.
هذا شيئا مما يدور على الساحة العربية والمصرية مما يدل على شئ وافر من الإفلاس السياسي والأخلاقي والوطني مما قد يمهد بشكل سريع للإفلاس الإقتصادي.
كان سفري إلى إسبانيا لحضور مؤتمر إتحاد الجمعيات الإسلامية في فيلنسيا ضمن إهتمامتي بالجاليات الإسلامية في الغرب منذ أوائل السبعينات.حضر المؤتمر في أسبانيا مجموعة من الضيوف منهم الشيخ الدكتور جمال عبد العزيز ـ مبعوث الأزهر إلى فالينسيا ـ وألقى محاضرة جميلة عن تفاعل الاسلام مع الحضارات والثقافات العالمية.حمدت الله تعالى أن يكون للأزهر و لمصر وللعالم الاسلامي مبعوثون وأئمة وخطباء على مستوى عال من العلم، للتعريف بالاسلام الوسطي.
ولزيادة الفائدة تمنيت ان يقوم الازهر بإعداد المبعوثين والائمة والخطباء وتعليمهم لغات البلاد التي يوفدون اليها بتعليمهم اللغة الاجنبية ولو لمدة سنة قبل البعثة، وذلك في كليات اللغات والترجمة والألسن حتى تكمل الفائدة، أو ان تقوم الجمعيات والمراكز الاسلامية في البلاد التى يوفدون اليها بتعليمهم اللغة الاجنبية لمدة سنة منذ البداية أو الوصول، حتى يتسلح الدعاة بسلاح اللغة في تلك البلاد فتزداد الفائدة.
وتمنيت أن يعتبر أولئك العلماء والائمة والدعاة تلك البعثات دعوة وليست وظيفة، فيكون لهم منهج تعليمى تربوي دعوي في المراكز والبلاد التي يوفدون اليها فضلا عن الإمامة والخطابة والمحاضرات العامة.
وقد تمنيت أن نهتم اهتماما بالغا بالمسلمين الجدد من الغربيين خصوصا لأنهم أعلم ببيئاتهم، بعد ان استمعت الى صرخة الشباب المسلم في الغرب وصرخة المسلمين الجدد بأن حاجتهم شديدة الى الإعداد التربوى والتكوين الشامل.
تذكرت الدورات التدريبية التى تعلمنا فيها القرآن على ايدي كرام الدعاة، والدعوة واساليبها، والحديث وعلومه، والفقه ومدارسه ومذاهبه، وأصول الفقه، والتاريخ الاسلامي والتحديات التى تواجه الاسلام والدعوة الاسلامية، ودراسة الحركات الهدامة والاستعمار والاستشراق....الخ.
تذكرت ذلك كله وأنا أدرك حاجة الشباب المسلم في الغرب ولو لمقدمات في تلك العلوم.
تناولت في محاضرتي ثم في الندوة التى شاركت فيها مع المسؤلين على الاتحاد في أسبانيا ومنهم الاستاذ رياج الططري والاستاذ إيهاب فهمي وغيرهم، التحديات والمشكلات التي تواجه دول الربيع العربى وخاصة مصر، ومنها الانقسام الحاد في المجتمع حتى بعد الجولة الثانية من الاستفتاء، الذي كان يجري في نفس يوم المؤتمر.
تقع مدينة فالينسيا في بلاد الأندلس التى حكمها المسلمون ثمانية قرون في جنوب شرق أسبانيا اليوم، وفي الوسط تقريبا بين ملقا وبين برشلونه المشهورة بكرة القدم.
كان الرومان في سنة 138 قبل الميلاد يسمون تلك المدينة فالينسيا ـ القلعة وكذلك الفأل الحسن -.
دخل الاسلام المنطقة في سنة 709 وبدأت الحروب ضد الاسلام في 1094، ثم نجح الملك جيمس الأول في سنة 1238 في إخضاع فالينسيا بعد خمسة اشهر من الحصار الشديد.
ثم جاء طرد الموريسكيين وحلت محلهم عائلات وأسر من مناطق أخرى معظمها من كاتالونيا التى تسعى للإنفصال حاليا وأراجون وكذلك تم إجبار من بقي من الموريسكيين على تغيير اسمائهم وإعتناق المسيحية في عهد فيليب الثالث وبقرار منه.
وقد اصبحت فالينسيا في عهد ألفونس المعظم إحدى أهم المدن الاوربية في القرن الخامس عشر لحضارتها وجمالها.
من سماحة الحكومة الاسبانية القائمة أنهم لم يزوروا هذا التاريخ بل لازالوا يكتبون ذلك التاريخ حتى في كتب وأدلة السياحة.
من أهم ما يشاهده الزائرون للمدينة برج ميكاليت الذي يزين كاتدرائية فالينسيا ويبلغ إرتفاعه 51 متراً.
والذي يمكن رؤيته من أى مكان في المدينة القديمة.أما الجدران والابراج والبوابات والتحصينات فمنها ما هو روماني ثم إسلامي موريسكي ثم غربي حديث.
وكل ذلك يذكرنا بالآثار الرومانية أو الاسلامية في البلاد التى فتحها الاسلام.
كانت هذه الكاتدرائية مسجداً من قبل وكانت كنيسة أيام الرومان قبل ان تكون مسجدا ايام المسلمين.هل نستقي دروساً مفيدة من ذلك التاريخ أن تستمر طرق التفكير السلبية ونحن نعالج قضايانا في العالم العربي وقضايا الجاليات المسلمة في الغرب.
وفي النهاية أخشى على دول الربيع العربي وفي مقدمتها مصر، أن تشهد ضغطاً من أصحاب الهيمنة العالمية، في مجالات عدة منها الأمنية والاقتصادية خصوصا وقد لا تستطيع معه ان تتحرك بحرية كاملة أو تحافظ على استقلالها التام.
وقد رأينا ضغوطا وتحزبا واستقطابا على الساحة العربية والاسلامية، نأمل الخير للجميع وبناء مستقبل يليق بالثورة المصرية السلمية الحضارية العظيمة.

' كاتب مصري