خــــاطِـــرَة
قال : أوَ يجب على الأمير أن يتدخل في كل صغيرة وكبيرة ؟
قلت : ذلك واجبه ، إن كانت الصغيرة أو الكبيرة تَمس الجماعة من قريب أو
بعيد .
قال : ولكننا قِلّة ولا نحتاج لهذا التقييد الصارم .
قلت:أوَ ما سَمعتَ قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( إذا كُنْتُم ثَلاثة فأمِّروا أحدَكم ) ، وهذا في حال السفر ، حيث المدة وجيزة والحادثة طارئة ، فكيف في حال
الاستقرار والإقامة ، أفلا نكون أحوج إليها ؟
قال : وهل نقوم بما لايقوم به ، بل يتقاعس عنه المسلمون قاطبة ؟
قلت : وماذا تعني ؟
قال : إن المسلمين يفتقدون القيادة الصالحة ، القادرة على العمل الراشد .
قلت : إن المسلمين هم الذين يصنعون القيادة الصالحة ، ويُرَشِّدونها ، إذ
ليس هناك حجة لإنسان يَدّعي فقدان القيادة .
فما دام هناك مسلمون ، فإنهم يستطيعون أن يخرجوا من أنفسهم القيادة ، وإذا
كان في القيادة شيء من نقص أو قصور ، فما من شيء إلا ويمكن اكتسابه .
قال : إنك تدعو لأن نبدأ بأنفسنا .. ؟
قلت : نعم .. – إنّ أمامنا حَليْن ، إمّا أن يبقى المسلمون بدون قيادة بحجة
فقدان القيادة وانعدام الخلافة ، وهذا لا يجوز ، حيث يقول فقهاء الشافعية : "
إذا فقد الخليفة تنتقل أحكام الخلافة إلى أهل عِلم زمانه " وهذا يعني أن
المسلمين لا يصح أبداً أن يبقوا في حالة من الحالات بلا نظام ولا إمرة .. – وإما
أن نبدأ بتكوين الجماعة وإخراج القيادة من بيننا .
قال : ومَن مِنّا يستحق القيادة ؟
قلت : إن كنت تقصد باستحقاق القيادة أن يكون مَن يليها كاملاً .. فهذا حق
ليس مِنّا مَن يستحقها .. ولكن أن لا يوجد من بيننا مَن هُوَ الأفضل للقيادة ،
فذلك غير صحيح ، واعْلَم بأن التجربة مِحَك ، وعامل هام في تكوين الشخصية ،
والنواقص يمكن استكمالها إذا صَحّت النِيّة وعرف الطريق .. ولكن حَذارِ .. حَذارِ
من الترخيص بإعفاء أنفسنا من ايجاد القيادة .
قال : في حالنا هذا الذي نحن عليه .. إننا متساوون في الأعمار وفي الدراسة
، وحتى في الثقافة .. أفنخضع للأمير في كل شيء .. ؟
قلت : أفلا تذكر معي بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قد أمَّرَ أسامة
بن زيد رضي الله عنهما ، وعُمره سبعة عشر عاماً على جيشٍ ضَمّ كبار الصحابة رضوان
الله عليهم جميعا ؟
إذا ذكرت ذلك .. فاعلم بأن القيادة ليست مرهونة بِعُمر .. وإنما هي مقدرة
يهبها الله لِعبدٍ مِن عباده ، والقاعدة في ذلك أن يُؤَمّر الأحسن إسلاماً ..
لقوله صلى الله عليه وسلم :
( مَن استَعْمَلَ رجلاً على عصابة وفيهم مَن هو أرضى لله
منه ، فقد خانَ اللهَ ورسولَهُ وجماعة المُسلمين ) .
كما قال الرسول الكريم لأبي ذَر رضي الله عنه ، عندما سأله الامرة : ( إنكَ ضعيفٌ وإنها أمانَة ) ، ومنه ندرك أن الأقوى هو الذي ينبغي أن يُعطاها .
رياج ططري
No hay comentarios:
Publicar un comentario