|
||||||
محمد صفوان جولاق-كييف
يدخل عدد من المستشرقين في أوكرانيا الإسلام بعد التعمق في
دراسته ومعايشة المسلمين. ويحكي عدد من هؤلاء للجزيرة نت تجربته مع
الاستشراق وكيف انتهى به الحال لاعتناق الإسلام بعد فهم طبيعته وحقيقته.
ويذكر التاريخ أن العالم والمستشرق الأوكراني أغاتانغل
كريمسكي هو أول من أسس مدرسة لعلم الاستشراق في بدايات القرن الماضي، وسافر
إلى تركيا وعدة دول عربية وإسلامية ليتعمق بدراسة الإسلام والثقافات
الشرقية.
وتقول المستشرقة يانا كوروبكو للجزيرة نت -وهي أيضا ممثلة
لمنظمة اليونسكو في كل من باريس وكييف- إن كتب المستشرقين الغربيين تشير
إلى أن كريمسي اعتنق الإسلام تأثرا به، لكن الكتب الروسية السوفياتية لا
تشير إلى ذلك.
وأوضحت أن سلطات الاتحاد السوفياتي الشيوعي منعت الدين تعلما
وممارسة، ونفت كريمسكي وأغلقت مدرسته، "بعد أن فشلت بتسخيرها لإعداد مخبرين
ودبلوماسيين".
تأثر بالحقيقة
وكوروبكو واحدة ممن دفعهن الاستشراق إلى اعتناق الإسلام, وتروي قصتها الخاصة للجزيرة نت، فتقول إنها بدأت بدراسة اللغة العربية قبل نحو ثماني سنوات، وعندما لمح لها أحد أساتذتها إلى الإسلام آنذاك استغربت، ولم تكن تتخيل أنه من الممكن أن تتحول يوما عن دين آبائها.
وهناك
اطلعت أكثر على الإسلام وتعمقت بدراسته، حتى اعتنقته في المسجد الكبير
بالعاصمة باريس. وبعد هذه الخطوة، تقول كوروبكو للجميع إنها ولدت مسلمة،
لكنها عاشت بعيدا عن الإسلام بسبب طبيعة الوسط المحيط.
دين حضارة
أما المستشرقة أولها ريباتشوك فتقول إنها أحبت دراسة تاريخ وحضارة الشرق تأثرا بالقصص العالمية والأفلام حوله، لكنها فوجئت باختلاف الواقع عما تصوره القصص والأفلام وحتى الكتب، "فالإسلام دين منطق وحضارة وحريات".
وقالت للجزيرة نت إنها أحبت الإسلام لأنها شعرت بأنه مظلوم
ومشوه، وخاصة فيما يتعلق "باستعباد الرجل للمرأة"، ثم أعلنت اعتناقها له
بعد أن تعرفت على عرب ومسلمين وزارت المركز الثقافي الإسلامي في كييف.
حتمية الاعتناق
وترى كوروبكو أن الباحث "بصدق وإخلاص" عن الحقيقة في الإسلام وتاريخ الحضارة الإسلامية لا بد أن يتأثر به ويتحول إليه، مهما كانت خلفيته الدينية أو الفكرية. كما ترى أن الكثير من المستشرقين تحولوا إلى الإسلام بعد سنوات دراسة وبحث، وسفر للاطلاع عن قرب ولمس واقع المسلمين في مجتمعاتهم، بعيدا عن مصادر وكتب قد تحمل كثيرا من التشويه والنقص.
وتعتبر أن طريق الاستشراق ينتهي بالاعتناق حتما، إلا إذا خشي
المستشرق ردود فعل المحيطين، أو كان أسير "خوف داخلي" من الإقبال على هذه
الخطوة.
احترام أكيد
لكن مستشرقا وأستاذا في إحدى جامعات العاصمة كييف -رفض الكشف عن اسمه- قال للجزيرة نت إن اعتناق الإسلام ليس مصير جميع الباحثين فيه، "فهو يتطلب ما هو أكثر من الحقيقة، وإلا لآمن جميع من عرفوه".
ويضيف أن الكثيرين يتحولون إلى الإسلام في أوكرانيا وغيرها من
الدول، لكن الكثيرين أيضا يبقون على دياناتهم لقناعتهم وإيمانهم بها، أو
"خوفا من خيانتها وردود فعل المحيطين من اعتناق الإسلام".
وقال "الأكيد أن احترام الإسلام والحضارة الإسلامية سمة تجمع
معظم المستشرقين، وهي قد تؤثر على الكثير من تفاصيل حياتهم فتجعلها شبيهة
بحياة المسلمين، في المأكل والملبس والتعامل، إلا الحاقدين منهم، الذي
يتصيدون من المسلمين عيوبا ونواقص.
المصدر:الجزيرة
|
|
||||||||
محمد صفوان جولاق-كييف
تنتشر بين التتار في أوكرانيا وروسيا أسماء لا أصل لها في هويتهم
وثقافتهم التترية الإسلامية، ظهرت في أواسط القرن الماضي إبان الحقبة
السوفياتية، وارتبطت ارتباطا وثيقا بفكره الشيوعي.
ومن أشهر هذه الأسماء وأكثرها رواجا اسم "رينات" الذي فيه اختصار يجمع ثلاث كلمات كانت رمزا للشيوعية، وهي الثورة والعلم والعمل، وكذلك "لينور" الذي يجمع جزءا من اسم الزعيم السوفياتي لينين والاسم التتري الإسلامي نور، و"مرلين" الذي يجمع بين اسم مريم ولينين، إضافة إلى عدة أسماء أخرى. واللافت أن هذه الأسماء تنتشر فقط بين التتار وباتت خاصة بهم، في حين تنتشر بين أعراق وقوميات سوفياتية سابقة أسماء أخرى تحمل الطابع السوفياتي الشيوعي أيضا.
ولاء ونفاق
ويروي مفتي الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا "أمة" الشيخ سعيد إسماعيلوف للجزيرة نت ظروف ظهور وانتشار هذه الأسماء، فيشير إلى أنها عبرت عن ولاء التتار للاتحاد والحزب الحاكم آنذاك، إيمانا به، أو خوفا من بطشه وإقصائه. ويوضح الشيخ سعيد أن مناصب العمل الرفيعة كانت تمنح للأكثر ولاءً وقربا من الحزب، مما دفع الكثير من التتار لتغيير أسمائهم، وتسمية أبنائهم بأسماء تحمل الولاء، حتى لا يتعرضوا للتمييز في العمل أو الدراسة. ويشير إسماعيلوف إلى أن انتشار هذه الأسماء زاد كثيرا بعد الحرب العالمية الثانية، التي هجر خلالها تتار إقليم القرم جنوب أوكرانيا قسرا بدعوى الخيانة، وذلك خوفا من بطش النظام وتمييزه. وينبه أيضا إلى أن انتشار هذه الأسماء الأوسع كان بين التتار في روسيا، وبين تتار "كازان" في إقليم الدونباس شرق أوكرانيا.
تمسك بالهوية
ولم تمنع تلك الظروف التتار من التمسك بأسمائهم التترية الإسلامية، حتى إن كان لذلك تبعات اقتصادية واجتماعية قاسية، "فالدين والثقافة والهوية أثمن من أن تضيع أو تبدل بأسماء دخيلة أو مصالح ثانوية"، كما وصفها إسماعيلوف. ويعكس إسلام عماد الدينوف (43 عاما) هذا التمسك، ويستعرض للجزيرة نت، جانبا من حياة ومواقف أبيه، فيقول إنه ترك العمل في مناجم الفحم بإقليم الدونباس، وآثر العمل في زراعة الأرض على "النفاق والمداهنة"، ليحفظ لأسرته وأبنائه دينهم وهويتهم. ويضيف عماد الدينوف -الذي يترأس مؤسسة "أنصار فاونديشين" لترجمة وطباعة الكتب الإسلامية في أوكرانيا- أن والده والكثيرين غيره وقفوا ضد تذويبهم السلبي في المجتمع قدر المستطاع، ونجحوا رغم كل التبعات في الحفاظ على أجزاء كبيرة من الهوية. ويعيش عماد الدينوف اليوم مع أبنائه إبراهيم وأحمد وعبد الله وعلي، مؤكدا أنه فخور بأسمائهم، ويقدر "التضحيات" التي قدمها والده له ولإخوانه عندما كان لاختيار الأسماء تبعات اقتصادية واجتماعية وأمنية. واللافت بين التتار أن الكثيرين منهم يجهلون الخلفية التاريخية والفكرية لانتشار الأسماء التي لا تزال تطلق على مواليدهم الجدد، لأنهم يعتبرونها أسماء تترية خاصة. ويقول رينات طاهروفيتش، وهو إمام وخطيب مسجد مدينة كراسنولوتش في شرق أوكرانيا، إنه وباقي أئمة إقليم الدونباس يحثون المسلمين على تسمية أبنائهم بأسماء إسلامية تعبرعنهم لتدارك أخطاء الماضي، ويعتبر أن اسمه "رينات" دليل على حقبة ظلم واضطهاد بلغ حتى الأسماء. وأشار طاهروفيتش في حديثه للجزيرة نت إلى وجود حملة في الإقليم، أطلقها منذ عدة أعوام اتحاد المنظمات الاجتماعية "الرائد" -أكبر مؤسسة تعنى بشؤون الإسلام والمسلمين في أوكرانيا- لنشر اسم "محمد" بين مواليد التتار الجدد. يذكر أن مجتمع أوكرانيا يضم نحو مليوني مسلم من أصل نحو 46 مليونا، يشكل التتار نسبة تقارب 40% منهم، ويعيش معظمهم في إقليمي شبه جزيرة القرم جنوبا والدونباس شرقا.
المصدر:الجزيرة
|