وسط جنون العالم أجد نفسي ضائعا فيما يسمى سياسة، سياسة دول خارجية وسياسة داخلية والكشف عن أوراق سياسية اندثر أصحابها فانكشفت أمور عجائبية وقبور جماعية وفظاعات لا أول لها من آخر، ولكن السياسة هي معرفة وعلم ولو كانت سياسة معلنة أو سياسة مخفية. وأظن أنّ من واجبنا البحث عن معنى هذا المصطلح وأنْ نعي تأثيره علينا سلبا وإيجابا علّنَا نخطو خطوة نحو الخلاص
لو أردنا البحث عن مفهوم السياسة عبر التاريخ لوجدنا أنّ هذا المفهوم أو العمل السياسي كان حكراً على طبقة معينة تندرج ضمن الفئة الحاكمة، وذلك ضمن ظروف تاريخية ذات صلة بالهيمنة الإمبراطورية والملكية، ومع تطور المجتمعات وانتشار المعرفة في طبقات أوسع من المجتمع مما أدى لنشوء فكر سياسي جديد تمثل في العديد من الثورات والتيارات الفكرية..نتحدث هنا عن تاريخ حديث نسبيا، فمما سلف نرى أن هذا التحول جرى في القرون الأخيرة ضمن قارة أوربا ثم صدّرت هذه المفاهيم لدول العالم كالاشتراكية والشيوعية وغيرها
ومع هذه الثورات الأوربية نشآت ظاهرة الاستعمار واستغلال الثروات والموارد الأرضية وإنشاء أسواق جديدة...تلك الثروات التي كانت ضمن بلاد عرفت فيما بعد ببلدان العالم الثالث ومنها عالمنا العربي
لقد رزح العالم العربي لفترة طويلة تحت نير التخلف والجهل ولا سيما في فترة السلطة العثمانية، و قد أصبح وضع العرب كوضع أوربا في عصر الظلمات؛ أي أنهم كانوا في حالة قابلية للاستعمار كما يقول المفكر الجزائري "مالك بن نبي"، وكان أمامهم مستعمر فتي ذو همة عالية وخصوصا بعد انهيار السلطنة العثمانية فلم يكن من الدول الاوربية إلا اقتسام هذه الدول فيما بينها، ورسم حدود جديدة وفق خطة طويلة الأمد. وكان ما كان وبعد سنوات من الاحتلال العسكري للبلاد أخذت البلاد العربية تنال أو تحصل أو تنتزع استقلالها من دول الاستكبار والاستعمار، وكانت الجزائر هي آخر بلد عربي يحتفل بعيد الاستقلال بعد ثورة سميت ثورة المليون شهيد
وهكذا انتقلنا من تسلط الاستعمار إلى جور الاستبداد وتحولت الأحزاب والفرق المناهضة للاستعمار والرجعية إلى سلطة حاكمة مستبدة، وأصبح حكامنا من أصحاب الأرقام القياسية في سجل غينيس، وذلك بأطول فترات حكم وجلوس على عرش السلطة.
لقد باتت السياسة في عصرنا الحالي في منعطف جديد؛ فقد كانت وسائل الاتصال هي وسيلة لنقل الأخبار ولربما كانت هذه الوسائل في عقود مضت عبارة عن تلقي سلبي من التلفاز والراديو، وتظهر الكثير من النظريات حول التلاعب من قبل الحكومات فيما يبث. ولكن الزمان اختلف وتوسعت دائرة المعرفة ليتاح لكل إنسان الوصول للمعلومة وإبداء الرأي في عالم افتراضي من إبداع العقل البشري
في عصرنا هذا باتت مسؤوليتنا أكبر لأن المعرفة باتت أقرب وفي متناول الجميع وكما يقول المفكر وداعية اللاعنف "جودت سعيد"...(الانسان كم معرفي كلما زادت معرفته زادت انسانيته
رياج ططري
No hay comentarios:
Publicar un comentario