رمضان وتجديد العهد
النسر هو الطائر الأكثر عمراً في صنفه يعيش حوالي سبعين عاماً .
ولكن لكي يبلغ هذا العمر ، عليه أن يتخذ قراراً جاداً ..
إذ أنه في الأربعين من عمره ، لم تعد أظافره المنحنية والمرنة قادرة على التقاط الفريسة التي يعيش عليها .
ومنقاره المدبب الطويل أخذ بالانحناء نحو صدره ، وجناحاه أصبحا يتجهان نحو صدره أيضاً ، أصابتها الشيخوخة فأصبحت ثقيلة نظراً لغلظة ريشها .. وأصبح الطيران صعباً بها .
عندها – أمام النسر حَلاّن فقط - : الموت .. أو مواجهة عملية مؤلمة لتجديد الحياة تدوم مئة وخمسين يوماً .
هذه العملية تكمن في الطيران نحو علو شاهق في جبل يأوي إليه في عش قريب من حائط بحيث لا يحتاج للطيران للوصول إليه .
وعندما يجد النسر ، هذا المكان ، يبدأ بضرب الحائط بمنقاره حتى يقتلعه ..
وعندما يزول المنقار القديم ، ينتظر حتى يولد المنقار الجديد ، وبه سيقتلع أظافره القديمة .
وعندما تبدأ أظافره الجديدة بالولادة ، يتابع إزالة ريشه القديم .
بعد خمسة أشهر فقط ، يخرج ظافراً في معركة تتجدد فيها الحياة ، وعندها فحسب يمنحه الله ثلاثين عاماً من الحياة .
لماذا علينا أن نتجدد ؟
في حياتنا ، في كثير من الأحيان ، نفكر في التجديد وخاصة عندما نخلو بأنفسنا بعض الوقت ، ولكننا نستنكف عن البدء بعملية التجديد ، لما تفرضه علينا هذه العملية من أمور شاقة .. لكن النتيجة أفضل وأسلم .
ولكي نبدأ من جديد بطيران المنتصر لا بُدّ لنا من أن نتخلص من كثير من العوائق والعلائق والعادات والتقاليد البالية من الماضي ..
عندها فقط نتخلص من ثقل الماضي وأعبائه ، ونستطيع إثر ذلك الاستفادة من النتيجة النافعة للحياة المتجددة .
نحن في رمضان .. وسنة الاعتكاف .. هي الفرصة التي يهبنا الله فيها مراجعة النفس للتوبة من الذنوب والتقصير ، ولشحذ الهمة والإرادة لما سيأتي من أيام هي مظنة الخير والصلاح إذا شفعت بنية الإقدام والجرأة على التجديد والإصلاح للانطلاق لما هو أفضل في مستوى الفرد والجماعة .
رياج ططري
No hay comentarios:
Publicar un comentario