تَحديان قائِمان : الوحدة والاتقان
أمران تعمل آلة السياسة وبعض أجهزة الأمن على إلصاقها بالمسلمين في هذا البلد .. تروج لها .. وتذكر خفية أحياناً وعلانية أحياناً أخرى .
أولها أن المسلمين منقسمون على بعضهم ، مختلفون فيما بينهم ويثيرون الحيرة لدى المسؤولين في كل مستوى ، عندما يحتاجون لمتكلم ناطق عنهم يمثلهم جميعاً .
وقراءة للواقع نجد بأن بعض هذا الأمر فعلاً قائم بين المسلمين ومرده المواقف المتعصبة لرأي أو لفئة أو لحساسية فكرية أو دفاعاً عن مصلحة خاصة ، تعمي صاحبها عن الأهداف السامية النبيلة ، حيث يتصور أحدهم بأن تحقيق مصلحته الخاصة هو تحقيق مصلحة الاسلام بعينها ..
لكل هذا فقد لجأ الاتحاد إلى نبذ هذه اللافتات التي تفرق صف المسلمين ، ووضع آلية سهلة الفهم ، سهلة التطبيق .. عن طريق تكوين الجمعية النواة باختيار طائفة تسهر على إدارتها وكذا وضع الشروط التي تتوفر في أعضائها والتي أولها حب الإسلام والعمل له .. ثانياً بذل المال والوقت والجهد في سبيل تحقيق مراد الجمعية كل حسب طاقته ، وكل مما آتاه الله من خير .
وبتلاؤم جهود الجمعيات قام الاتحاد ونما وتطور وأصبح مؤسسة تشمل كافة أقاليم إسبانيا دون استثناء ..
كانت هذه خطة الاتحاد في مواجهة ما يروج عن انقسام المسلمين وفرقتهم .. على أننا نود التنبيه بأن ممن يتهمون المسلمين بهذا السلوك هو من ينمي هذا الشقاق بحكم موقعه وما يمتلك من وسائل لتحقيق ذلك ، وقراءة للواقع تبين لنا المقصود بكل جلاء ووضوح .
أما الأمر الثاني فهو إلصاق تهمة عدم قدرتهم على التسيير .. تسيير أمورهم الإدارية ، والمالية وغيرها ..
وأيضاً نجد بأن النقص قائم في هذا المجال ولذا فقد نشط الاتحاد في تكوين الأطر الإدارية في الجمعيات وتدريبها على تسيير شؤون الجمعية في مختلف وجوه النشاط الذي تقوم به وخصوصاً إدارة الأمور الاقتصادية .
إلا أن الصعوبات مازالت قائمة ، منها : دوام التنقل بحثاً عن العمل لدى الناشطين في الجمعيات الاسلامية ، فكثيراً ما نرى خلو الإدارة من ممثليها المسجلين في سجل الهيئات الدينية ، بسبب رحيلهم عن البلد الذي يسكنون فيه بحثاً عن العمل الذي يسد رمقهم ورمق أسرتهم .
وكذلك تقاعس بعض المسؤولين عن المشاركة في الدورات التأهيلية التي ينظمها الاتحاد ، واعتمادهم على ما يعرفون من أمور واكتفائهم بها .
أيضاً .. يزهد الإخوة في الجمعيات في نقل تجربتهم للأجيال المولودة في هذه البلاد ، والتي تمتلك قدرة كبيرة في استخدام التقنية المعاصرة ، فهي تشكل جزءاً من حياتها نشأت معه واعتادت عليه .
وإغفال هذا السلوك بدمج الشباب في مسؤولية الجمعيات سيترك فراغاً عاجلاً أم آجلاً ، وسيبعد بالتالي الشباب عن مواصلة مسيرة آبائهم في تحمل الدعوة والالتزام بها ، ولا أظن أن أحداً من الاخوة العاملين يرغب بهذا الأمر .
على أنه يجب التنويه بأن الهجرة التي حصلت في العقدين الأخيرين بكثافة كبيرة ، لم تمكن الدولة من استيعابها بالشكل المطلوب والمفيد سواءً للمهاجرين أو للدولة المضيفة ..
ولم يشفع هذا للمسلمين من توجيه النقد لهم بأنهم لا يحسنون تسيير شؤونهم ومنها الشؤون الدينية، فيوجه إليهم النقد الشديد دون الأخذ بأي اعتبار يبرر هذا النقص .
فإلى إخواننا جميعاً نتوجه بقلب عامر بالحب والثقة بأن يولوا هذين الأمرين اهتمامهم ، أولاً: بابتعادهم الكلي عن الفرقة والخصام ، واعلموا أن وحدة المسلمين " فرض " أمرنا به الله .. ثانياً : إحسان العمل والبذل في سبيل ذلك الغالي والرخيص للرفع من سوية المسلمين في هذا البلد قلباً وقالباً وهذا مطلوب منا جميعاً لأن الله تعالى قال :
" وَقُلِ اعْمَلُوْا فَسَيَرَىْ الْلَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُوْلُهُ وَالْمُؤْمِنُوْنَ * وَسَتُرَدُّوْنَ إِلَىَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالَشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُوْنَ " ( سورة التوبة : الآية 105 "( .
No hay comentarios:
Publicar un comentario