تمهيد :
إن مهمة العاملين للإسلام على مدى العصور هي : الحفاظ على الإرث المحمدي صافياً نقياً ، متجدداً بواكب العالم والعصر ، وقد بشر المصطفى صلى الله عليه وسلم بذلك فقال :
" إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها " رواه ( أبو داوود والحاكم بإسناد صحيح ) .
من هنا نرى أن التجديد يعني الإحياء ، وتجديد الدين أي إحياؤه في نفوس المسلمين ، والعودة إلى ماكان عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، يقود الحياة ويهدي القلوب ويعمر الأرض .
ولكن من يقوم بهذه المهمة ؟
لقد ساد ردحاً من الزمن القول بأن الفرد الفذ هو الذي يتولى هذه المهمة ، بل وذكر بعض العلماء أسماء معينة جاءت على رأس كل مائة سنة قامت بهذه العملية ، غير أن اختلاف الآراء في هذا الأمر ، دفع آخرين إلى رأي آخر ألا وهو أن الجماعة من الناس هم الذين يقومون بمهمة التجديد . على أننا نرى أن متطلبات زمننا ، تقتضي منا أن نقول : بأن مجموع العاملين للإسلام أفراداً وجماعات بما يقومون به من عمل دائب ومن تكوين للفعاليات القادرة على إزالة العقبات من طريق التجديد والإحياء ، هي المعنية بهذه المهمة .
سؤال آخر : لأي أي أمر من أمور الدين يكون التجديد ؟
يكون التجديد في ثلاث مجالات :
الأول : في تجديد الايمان في النفوس ، ومن ثم جمع اولئك الذين تمثلت فيهم إرادة عازمة وتقوى دافعة ونشوة في تحقيق الهدف الأسمى ، جمعهم في بوتقة واحدة تكون القاعدة الصلبة التي يرتفع عليها البنيان ، والجذوة المتقدة التي تنشر رايات الحياة الاسلامية على مستوى الفرد والمجتمع .
الثاني : العمل على إعادة الحكم الاسلامي إلى مكانه الصحيح من خلال ايجاد تيار اسلامي معد وقوي ، يستطيع أن يجابه كل أصناف التحدي ، ويعمل على التزام حدود الله وتطبيق شريعته في كل مناحي الحياة لتحقيق كرامة الإنسان ، وليقوم بواجبات الاستخلاف الموكول إليه أمرها .
الثالث : إعادة الدور القيادي للأمة الاسلامية من خلال إبراز الوجوه الناصعة للحضارة الاسلامية ، وبعمارة الأرض وفق منهج الله ، الذي يحقق إنسانية الإنسان وبذلك تقوم الشهادة على الناس قاطبة .
وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ( البقرة : 143 ) .
أسس تربوية في عملية التجديد :
يعتبر التجديد حسب المصطلح النبوي الشريف مبدأ دينياً ينطوي على بُعدين تربويين :
الأول : بُعد فردي :
* باعتباره المنطلق الأساسي في عملية التجديد واللبنة الاولى في بنية الجماعة ، التي تتوجه إليها وبها العملية التربوية ، وعلى أساس أنها مقدمة لابد منها لتحقيق المطلوب ، بناء على الطرح الذي رجحناه ، وهو أن من يقوم بالتجديد هم الأفراد والجماعات معاً .
* وباعتبار النبوة حركة أفراد غيرت المجتمع والبيئة ، وذلك عن طريق تربية الأفراد وتكوين الجماعة وحمايتها ، لتصبح الخميرة الفاعلة في المجتمع الإسلامي المقصود .
* وباعتبار أن الهدف الأسمى للتربية الاسلامية هو إخراج الإنسان المسلم الذي يقوم بالعمل الصالح في كل أبعاده محققاً بذلك هدف الخلق : الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً ( الملك : 2 ) .
ولعل الأسس الضرورية التي يجب أن تتوفر في منهج التربية على مستوى الفرد – ولا غنى لنا عن واحدة منها – إذا أردنا القيام بعملية صحيحة في هذا النطاق هي :
1- الإرادة الجادة : ترحل بالإنسان في يوم من أيام العمر ، بل في ساعة من ساعات الوعي النافذ في صفحات الوجود ، من الهزل والضياع إلى الجد ، والهدف إرادة عمرية تنطلق من بيداء الحياة مقبلة على الرسالة المحمدية ، تدافع وتكافح وتنسلخ عن كل ترهات الحياة ، لتتوق إلى المنزلة التي ليس بعدها منزلة .. الجنة ، ولسان الحال يردد : إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله (هود 88 ) .
2- المحرك الدافع : يقود الإنسان المسلم في توحيد صادق لله ، متوازن الخطوات ، يجتاز الحياة وهو في حوار دائم ومتصل بين العقل والقلب ، لا انفصال ولا ازدواج بل تناغم وانسجام .. إنها التقوى التي تحرك المسلم من الداخل ، وتفعل في حركات قلبه وخفقات فؤاده ، ليفهم عن ربه ما دوره في هذه الحياة ، في حركة وجدانية دائبة الدفع والتقدم ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ( الحج :32 ) .
3- الهدف الأسمى : خلق الله تعالى السموات والأرض بالحق والعدل ، وبهما فجر الحياة ، وبعث فيها كل أصناف الكائنات ، إنها تتحرك بمشيئة الله القائمة على الحق والعدل . إذا انطلق الانسان ساعياً في تحقيق مرضاة الله وفق المعيار الرباني ، فلا بد من تسخير القدرات كلها في سبيل إنجاز الموعود . وهذا يستلزم قدرات عقلية ناضجة ، وخبرات مصقولة مربية ، تشمل مناحي الحياة كلها من عبادات ومعاملات ، ونظرة شاملة للكون والحياة والإنسان وتسخيرها في تحقيق الهدف الأسمى : ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال : إنني من المسلمين . ولاتستوي الحسنة ولا السيئة ، إدفع بالتي هي أحسن ، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ( فصلت : 32 ) .
الثاني : بُعد اجتماعي :
باعتباره المقصود النهائي من عملية التجديد ، وفيه تتجلى كنتيجة حتمية ، على أن هذا الأمر لايتأتى إلا بترسيخ معان تربوية تتبلور وفقها وهي :
الانتماء : ويقوم على ايمان الأفراد والتزامهم برسالة الاسلام ، وحمله في حياتهم وفق إرادة عازمة ، وحركة دائبة وقدرات متنامية . بدءاً بالايمان بالله وانتهاءً بأدق أدب من آداب الاسلام . مستشعرين في كل وقت وكل مكان قوله تعالى : وهو معكم أينما كنتم ( الحديد : 4 ) .
الجماعة : جمع المؤمنين في صعيد واحد وعمل مشترك لتحقيق الهدف الأسمى . كما فعل المصطفى صلى الله عليه وسلم ( عليكم بالجماعة واسمع والطاعة ...) .
العمل : أي استفراغ الطاقة لتحقيق الأهداف التي رسمها لنا بداية الاسلام ، في شتى مناحي الحياة وحقول النشاط الانساني من شؤون علمية أو عسكرية أو اجتماعية أو فكرية أو اقتصادية . كل فرد بقدر طاقته وقدرته في كل الأوقات ، في السلم والحرب وفي اليسر والعسر .
وفي الجهاد تتفجر الطاقات وييسر الله سبيل الهدى والرشاد ، وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ( الحج :78 ) والذين جاهدوا لنهدينهم سبلنا ( العنكبوت : 69 ) .
العالمية : وماأحرانا أن نفهم هذا البعد حق الفهم ، وخاصة في هذا العصر الذي تحولت فيه الكرة الأرضية كلها إلى قرية يسهل فيها معرفة كل شئ .
وفي كل مكان وبأسهل سبيل . وروح الرسالة الاسلامية في الأمة الحية الناشطة الواعدة تحول دون وضع الحواجز أو رسم القوانين المعيقة ، أو إفراز الأفكار الإقليمية أو العرقية أو الجنسية ، باعتبار أن جنسية المسلم هي عقيدته .وما مثال المدينة المنورة ، إلا الأنموذج الأسمى للمجتمع المثالي ، الذي فتح أبوابه كلها للمؤمنين دون تمييز . ولعل ترابط الدول وقيام التكتلات وسهولة الانتقال والاتصال، كل ذلك يجعل من التفكير العالمي نهجاً هاماً في تحديد هوية إخراج الأمة المسلمة وإحداث التغيير المشنود فيه . واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم ، وأيدكم بنصره ( الأنفال : 26 ) .
الالتزام : تنفيذاً لوعد الله سبحانه وتعالى : ياأيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ( محمد : 7 ) .
ويعني ذلك اتباع الاسلام والعمل على نشره وطاعة أوامره وتجنب معاصيه ، والدوران في فلكه ، ندور حيث دار ، ننصر الفكرة الاسلامية باعتبارها هي الرسالة التي تعبدنا الله بها ، ونبتعد عما سواها من الأشخاص والأشياء .
نلتزم العدل والحق ونجابه الطغيان والتسلط ، ندعو للحرية ونكره الاستعباد بكل صوره وأنواعه ، ونقدم صالح الأمة على مصلحة الفرد أو الأقلية ، ونحب العلماء – والعاملين منهم خاصة – نؤيدهم في مساعيهم في نصرة الحق والعدل ، نذود عن أمتنا كل خطر يداهمها خارجي أو داخلي .
إذا ماتحققت العوامل السابقة الذكر فإنها لاشك ستحدث التجديد أو التغيير ، بل ستثير انقلاباً في حياة الأمة وتخرجها إخراجاً جديداً لتقوم بواجب الشهادة على الناس وليصبح أفرادها بعضهم أولياء بعض .
إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا اولئك بعضهم أولياء بعض ( الأنفال : 72 ) .
* * *
قضايا لابد أن نضعها نصب أعيننا ونحن نعمل على تجديد الدين وإحيائه :
القضية الأولى : القائد المسلم .
رفض القول بان ، الذي تحتاجه الأمة في معاركها لكي تجدد أمر دينها ، وتقضي على التخلف من داخلها ، وتجابه القوى الطامعة من خارجها : هو قائد مسلم قد يستلهم روح الجهاد ، يعبئ الصفوف ويعلن المعركة . قائد : كصلاح الدين ، قائد : كالمهدي .
إن هذا الطرح يشكل خطراً على تفكيرنا في التجديد لعدة أسباب :
أولها : اصطدامه بالقانون الرباني ، لقوله تعالى : إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ( الرعد : 11 ) أي أن التغيير تغيير جماعي لا فردي .
ثانياً : هذا الفهم يكرس في الأمة القعود والكسل ، تنتظر مقدم القائد الملهم لتصفق وتهلل لأعماله الجليلة ، مما يزيد من مرضها وتخلفها .
ثالثاً : يفرز هذا التصور صورة مختلفة لدور القادة ودور الأمة في القيام بالواجبات ، مما يؤدي – لامحالة – لتعميق الفردية لدى القائد ، وتهميش دور الأمة وأفرادها فبالقيام بأداء الواجبات والمطالبة بالحقوق .
إن دور صلاح الدين لم يأت من فراغ ، بل من عملية جادة بذاتها . لقد قامت مدرسة الغزالي والجيلاني ، الأولى تكون العلماء والقادة ، والثانية تربي وتهذب الروح والنفس معاً في طبقات الشعب المختلفة ، حتى إذا ماأثمرت جهود المدرستين جاءت الدولة الزنكية فقطفت الثمار ، وجاهدت في الله حق الجهاد ، وسقط على الدرب شهداء كثر ، والكل يعمل بصبر حتى توحدت أجزاء الأمة المفتتة المبعثرة ، وعادت القدس على يدي صلاح الدين الذي استلم الراية من نور الدين ، وهذا من عماد الدين وهو من أبيه آق سنقر ، بل من الإمامين الجليلين الغزالي والجيلاني وتلاميذهما .
القضية الثانية : انحسار مفهوم الدين :
لقد انحسر مفهوم الدين عند المسلمين انحساراً شديداً ، وأصبح محصوراً في العبادات والعقائد القلبية ، ونتيجة لذلك فقد ظهرت اتجاهات تجديدية ضيقة ، تفهم التجديد على أنه في محاربة البدع . كما ذهب آخرون نحو السمو الروحاني باعتباره تجديداً في الدين ، ومحاولة لإعادة الأمة إلى دورها الطبيعي من خلاله ، غير أن اختزال العمل وقصره على الجانب الذوقي ( التصوف ) أفشل التوجه ، بل ولم يحدث أي تجديد يذكر .
ولعل عدم فهم روح التجديد فهماً سليماً غيب معه الأسس التي تقوم عليها نهضة الأمة ، باعتبار أن القوة في كل مفاهيمها هي التي يجب الأخذ بها تنفيذاً لأمر الله تعالى : وأعدوا لهم مااستطعتم من قوة ( الأنفال : 6 ) وللحصول على القوة يتطلب الأمر :
* الإعداد الداخلي بالقيام بحق المقومات الأساسية التي تنظم كيان مجتمع إسلامي قوي .
* معرفة العالم والعصر معرفة علمية واعية ، ودراسة كيفية التعامل معه باعتباره جزءاً لايتجزأ من مقومات التجديد .
* الاستفادة من كل ماأنتجه الإنسان من تقدم علمي وفني وتقني ، وتسخيره في مختلف العلاقات والنشاطات في تحديد الخطاب الإسلامي المناسب ، الذي يستطيع النفوذ إلى القلوب والأفئدة والبيوت والمصارف والمعامل وأجهزة الإعلام وسواها .
* لقد قامت حركات تجديدية اعتمدت القاعدة السياسية ، غير أنها لم تحقق الشروط الموضوعية التي يحتاج إليها التجديد ، فأصيبت بالفشل نظراً لمحدودية النطاق الذي استخدمته ، وتجاوزها للسنن العلمية والبشرية في التغيير .
وقامت الحركة السلفية المعاصرة بمقاومة البدع باعتبار هذا الأسلوب هو الكفيل بإخراج الأمة من وهدتها ، وتنوعت مدارسها وقياداتها وتباعدت في الزمان والمكان ، غير أنها كسابقتها لم تستوعب النموذج الشمولي في التغيير الإسلامي فلم تحقق مقصودها .
وأما الحركة الصوفية التي تتبنى النهج التربوي الصوفي ، فقد افتقرت منذ قيامها لعوامل تحقيق القوة ، إذ أنها طبقة نخبوية ، لاتستطيع النفوذ إلى قواعد الأمة التي يتحقق عبرها التغيير ، ولقد أصاب بعضها النجاح حين أكملت العدة ووسعت من نطاق النظرة التجديدية ، بحيث تخلت عن تجاهل السنن وأخذت بمبادئ القوة .
ونحن الآن نعيش في ظل حركة تجديدية معاصرة ، تتمثل في الحركات الإسلامية التي تنتهج التنظيم في عملها ، باعتباره السبيل الوحيد الذي سنه لنا النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي يوفر شروط التغيير والتجديد لاستناده للفكرة الرسالية ، ولقيامه بتوفير مقومات القوة التي ستستجيب للتحدي ، وتوقف المد المادي الذي يهدم أركان المجتمعات الاسلامية . ولأنه يسعى لتحقيق الوحدة الاسلامية التي ترأب الصدع وتبرز نموذج الأمة الإسلامية ، التي تتمتع بالخيرية بما تظهره من تمثل واضح لمعالم الفكرة ، ولما تتخذه بكل جدية من وسائل القوة وما ترسمه بحذر ودقة من مخططات وبرامج ، إنها الأمل المنشود .
القضية الثالثة : آليات الفهم وأصول الدين .
لقد فهم الصدر الأول من الصحابة ومن تبعهم بإحسان أصول الدين ، من الوحي القرآني وسنة المصطفى ، كما وعوا مقصود خطابهما ، فعملوا بمقتضاه ، ولقد تطورت العلوم وشحذت العقول فأنتجب خيراً وَفّى بحاجة الأمة على مدى العصور ثم جاء دور التقليد والركود فتوقفت عجلة التقدم وبدأ المنحى بالانحدار .
بل وجاء زمن تحول القرآن فيه من كتاب هداية وتنظيم إلى كتاب تراتيل يتلى للتبرك ويقرأ على الموتى في القبور . إننا بحاجة إلى عودة إلى روح القرآن الكريم والسنة النبوية . واختصار الزمن وذلك بعدم الدوران حول نتاج السلف الذي كان خاصاً بأجيال في قرون خلت . فنحن بأمس الحاجة لمن يجتهد في قضايا أجيالنا بما يناسب عصرنا وواقعنا .
لهذا فإن عصر المجتهد الفذ قد مضى وولى ، وجاء عصر الاجتهاد الجماعي الذي يقوم على التخصص في الجزئيات الدقيقة ، والتي تتجمع في بؤرة شاملة وهي تمارس في الحياة ، لاتنظر عن بعد إنما تتفاعل مع شرائح المجتمع واحتياجاته ، وتصدر ما يناسبه من اجتهادات تستوعب شؤونه ، وهكذا تصبح مجامع المجتهدين ضمير الأمة الذي تحيا فيه بوارق الأمل في التجديد والتغيير .
القضية الرابعة : دور الأقليات الاسلامية .
إن من خصوصيات زمننا هذا انتشار المسلمين في كافة بقاع المعمورة ، الأمر الذي أوجد أقليات إسلامية كبيرة أو صغيرة قوية أو ضعيفة ، تعيش في مجتمعات أخرى.
ونحن بحاجة إلى فقه جديد ، يلبي طموحات هذه الأقليات ويربطها بجسم الأمة ( البلدان الإسلامية ) بل ويجعلها تؤدي وظيفة خيرة في بناء جسور الحوار الحضاري ، خاصة وأن نخبة طيبة من أبناء المسلمين تدرس في جامعات هذه البلاد وتتقن لغتها وتدرك معايير التعامل فيها .
ولابد أمام هذه الأوضاع من الأخذ بالاعتبارات التالية :
1- اعتبار البلاد التي تعيش فيها الأقليات الاسلامية داراً للدعوة ، نظراً لوجود المعاهدات الدولية بين مختلف الدول الاسلامية وهذه الدول .
2- وهذا الاعتبار يوصلنا إلى ضرورة تحديد الخطاب الاسلامي الملائم لهذا الوسط ، وتدريب أبناء المسلمين عليه ، بحيث تنمو لديهم القدرة على التحدث به بكل اتقان وسهولة ، ودون تكلف أو تصنع .
3- على أن الأمر الأهم هو تجنب الأقليات الاسلامية مشكلات البلدان التي أتى منها أفراد هذه الأقلية وترسيخ دور الدعوة في الوسط الذي هم فيه .
4- إن وجود المسلمين خارج حدود بلادهم سينمو مع الزمن ، وهذه قاعدة مطردة بسبب دخول كثير من أهل البلاد – التي غالبية أهلها غير مسلمين – الإسلام ، وبسبب الهجرة المتنامية من بلاد المسلمين إلى البلاد الأخرى .
5- ومرة أخرى فإن وجود الأقليات الاسلامية سيساعد على توفير شروط التجديد بمعرفة المجتمعات الأخرى عن كثب ، وهذا الدور موكول أمره إلى الطبقة الواعية من هذه الأقليات ، لتنشط في القيام به على خير وجه .
المستقبل للإسلام :
إننا على يقين بأن الله سبحانه وتعالى ، سيحقق لدينه النصر الأكيد ، وهذا موعوده على لسان نبيه صلوات الله وسلامه عليه ، حيث قال مبشراً بأن المستقبل للإسلام :
( إن الله زوى ( أي جمع وضمّ ) لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها ، وإن أمتي سيبلغ ملكها مازوى لي منها ) .
( ليبلغنَّ هذا الأمر مابلغ الليل والنهار ، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين ، بعز عزيز ، أو بذل ذليل ، عزاً يُعز الله به الاسلام ، وذلاً يذل به الكفر ) .
فهيا لنكون من جنود التجديد ودعاته الأصلاء .
رياج ططــــري
No hay comentarios:
Publicar un comentario